تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-018-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

كتاب الحدود

وفيه مقاصد

٣٠١
٣٠٢

[المقصد] الأوّل : في حدّ الزنا

وفيه فصول :

[الفصل] الأوّل : في موجبه

وفيه ثلاثة عشر بحثا :

٦٧٣٠. الأوّل : الزّنا موجب للحدّ ، ونعني به إيلاج ذكر الإنسان في فرج امرأة قبل أو دبر محرّمة عليه من غير عقد ولا شبهة عقد ولا ملك ، ويكفي في تحقّقه غيبوبة الحشفة في القبل أو الدّبر.

ويشترط في إيجاب الحدّ العلم بالتحريم ، والاختيار ، والبلوغ ، فلو انتفى العلم بالتحريم ، أو أكره على الزّنا ، أو كان صبيّا ، لم يجب الحدّ.

ويشترط في الرجم زيادة على ما تقدّم الإحصان.

٦٧٣١. الثاني : لو تزوّج من يحرم عليه نكاحها ، كالأمّ ، والبنت ، والأخت ، والمرضعة ، وذات البعل ، والمعتدّة ، وزوجة الأب أو الابن ، كان العقد باطلا بالإجماع ، فإن وطئها مع علمه بالتحريم ، وجب عليه الحدّ ولا يكون العقد

٣٠٣

وحده شبهة في سقوط الحدّ ، (١) ولو وطئ جاهلا بالتحريم سقط الحدّ ، وهكذا كلّ نكاح أجمع على بطلانه ، كالخامسة ، والمطلّقة ثلاثا.

أمّا النكاح المختلف فيه ، كالمجوسيّة ، فإنّه لا حدّ فيه ، وكذا كلّ نكاح توهّم الواطئ الحلّ فيه.

ولو استأجرها للوطي ، وجب الحدّ ، ولم يسقط به ، إلّا أن يتوهّم الحلّ به.

ولو وجد على فراشه امرأة ، فظنّها (٢) زوجته ، فوطئها ، أو زفّت إليه غير زوجته ، فوطئها ظنّا أنّها زوجته ، أو تشبّهت عليه غير زوجته بها ، أو دعا زوجته أو جاريته فجاءته غيرها ، فظنّها المدعوّة ، فوطئها ، أو اشتبه عليه لعماه ، سقط الحدّ.

٦٧٣٢. الثالث : إذا تشبّهت الأجنبية بزوجته ، فوطئها مع الاشتباه ، حدّت هي خاصة ، وفي رواية : يقام عليها الحدّ جهرا ، وعليه سرّا (٣) وهي متروكة.

٦٧٣٣. الرابع : لو أباحته الوطء ، فتوهّم الحلّ ، سقط الحدّ ، ولو لم يشتبه لم يسقط ، ولو أكره على الزنا سقط الحدّ.

والإكراه يتحقّق في طرف الزّوجة ، وفي تحقّقه في طرف الرّجل إشكال ، أقربه الثبوت ، لأنّ التخويف بترك الفعل ، والفعل لا يخاف منه ، فلا يمنع الانتشار ، ويثبت للمكرهة على الواطئ مهر مثل نسائها.

__________________

(١) ردّ على أبي حنيفة حيث قال : اسم العقد يمنع من وجوب الحدّ ، وإذا وطئ أمّه ، أو أخته ، أو معتدّة ، بعقد نكاح لم يجب الحدّ على واحد منهما. لاحظ الحاوي الكبير : ١٣ / ٢١٧.

(٢) في «أ» : وظنّها.

(٣) الوسائل : ١٨ / ٤٠٩ ، الباب ٣٨ من أبواب حدّ الزنا ، الحديث ١.

٣٠٤

٦٧٣٤. الخامس : لو وطئ جارية مشتركة بينه وبين غيره ، فإن توهّم الحلّ فلا حدّ ، وإن كان عالما بالتحريم ، سقط عنه بقدر نصيبه ، وحدّ بنسبة نصيب الشريك.

ولو اشترى أمّه أو أخته من الرضاع ، ففي العتق قولان ، فإن قلنا بالعدم ، لم يبح له وطؤها ، فإن وطئ مع الشبهة فلا حدّ ، وإن وطئ مع علمه بالتحريم وجب الحدّ ، وكذا لو اشترى من ينعتق عليه.

ولو وطئ جارية غيره بغير إذنه ، حدّ مع العلم بالتحريم لا مع الشبهة.

٦٧٣٥. السّادس : الإحصان الّذي يجب به الرجم إنّما يتحقّق للبالغ العاقل الحرّ الواطئ لفرج مملوك بالعقد الدائم الصحيح ، أو الملك المتمكّن منه ، بحيث يغدو عليه ويروح.

فالبلوغ شرط إجماعا ، فلو وطئ الصبيّ زوجته ثمّ بلغ ، لم يكن محصنا.

وأمّا العقل ، فالّذي اختاره الشيخان رحمهما‌الله عدم اشتراطه ، فلو وطئ المجنون زوجته ثمّ عقل كان محصنا ، ولو وطئ المجنون عاقلة وجب عليه الحدّ رجما كان أو غيره عندهما. (١) والحقّ خلافه.

والحريّة شرط إجماعا ، فلو وطئ العبد ثمّ عتق ، لم يكن محصنا حتّى يطأ في حال حريّته ، سواء كانت تحته حرّة أو أمة.

والوطء لا بدّ منه ، فلو عقد البالغ الحرّ على امرأة ولم يدخل بها ، ثم زنى لم يكن محصنا ، ولا رجم عليه.

__________________

(١) المقنعة : ٧٧٩ ، النهاية : ٦٩٦.

٣٠٥

ودوام العقد شرط ، فلو وطئ متمتّعا بها ، لم يكن محصنا ، وملك اليمين يحصن كالزّوجة ولو وطئ زوجته أو مملوكته ، ثمّ غاب بحيث لا يتمكّن من الغدوّ عليه والرّواح ، خرج عن الإحصان ، أمّا لو غاب دون ذلك بحيث يتمكّن من الغدوّ عليه والرّواح ، فإنّه محصن.

ولو كان حاضرا في بلدها إلّا أنّه ممنوع منها بحبس وشبهه ، لم يكن محصنا.

ولا بدّ من كون العقد صحيحا ، فلو وطئ في نكاح فاسد لم يكن محصنا.

٦٧٣٦. السّابع : إحصان المرأة كإحصان الرّجل سواء ، لكن يعتبر في طرفها كمال العقل إجماعا ، فلا رجم ولا حدّ على مجنونة زنى بها عاقل حال جنونها وإن كانت محصنة.

٦٧٣٧. الثّامن : لا يشترط الإسلام في الإحصان ، فالذّميّان محصنان ، ولو كانت زوجة المسلم ذميّة تحصّنا معا.

٦٧٣٨. التاسع : لو طلّق زوجته بائنا ، خرجت عن الإحصان ، وكذا الزوج ، ولو راجع المخالع لم يجب عليه الرجم إلّا بعد الوطء في الرّجعة.

ولو أعتق المملوك (١) أو المكاتب لم يجب الرّجم إلّا أن يجامعا بعد العتق.

ولو طلّق الرّجل زوجته رجعيّا لم يخرجا عن الإحصان ، فإن تزوّجت بغيره عالمة بالتحريم ، كان عليها الحدّ تاما ، وكذا الزوج إن علم التحريم والعدّة ،

__________________

(١) في «أ» : المملوكة.

٣٠٦

ولو جهل أحدهما فلا حدّ ، ولو علم أحدهما خاصّة اختصّ بالحدّ التام دون الجاهل ، وتقبل دعوى الجهالة من أيّهما كان مع الإمكان.

٦٧٣٩. العاشر : المرتدّ إن كان عن فطرة خرج عن الإحصان ، لتحريم الزوجة عليه مؤبّدا ، وإن كان عن غير فطرة ، لم يخرج عن الإحصان ، لإمكان رجعته إلى الزوجة بالعود إلى الإسلام في العدّة ، فلو أسلم بعد ذلك كان محصنا ، ولو نقض الذّمي العهد ولحق بدار الحرب بعد إحصانه فسبي واسترقّ ، ثمّ أعتق ، خرج عن الإحصان.

٦٧٤٠. الحادي عشر : لو زنى وله زوجة ، له منها ولد ، فقال : ما وطئتها ، لم يرجم ، ولو كان لامرأة ولد من زوج ، فأنكرت وطأه لها ، لم يثبت إحصانها ، لأن الولد يلحق بإمكان الوطء ، والإحصان يعتبر فيه تحقّقه قطعا وإذا شهدت بيّنة الإحصان بالدخول كفى ، فلا يفتقر إلى لفظ المجامعة والمباضعة ، إلّا أن يشتبه عليهما الدخول بالخلوة (١) ولو قالا : جامعها ، أو وطئها أو ما أشبهه ، ثبت الإحصان ، دون «باشرها» و «مسّها» و «أتاها» و «أصابها» لاحتماله غير الوطء.

٦٧٤١. الثاني عشر : لو جلد الزاني على أنّه بكر فبان محصنا ، رجم إلّا أن يتوب.

٦٧٤٢. الثّالث عشر : إذا ادّعى الواطئ والموطوءة الزوجيّة ، سقط الحدّ ، ولا يكلّف المدّعي بيّنة ولا يمينا ، وكذا لو ادّعى ما يصلح شبهة بالنسبة إليه.

والأعمى يحدّ حدّا كاملا ، فإن ادّعى الشبهة ، قبل مع الاحتمال.

__________________

(١) في «ب» : بالدخول الخلوة.

٣٠٧

الفصل الثاني : فيما يثبت به الزنا

وهو قسمان :

[القسم] الأوّل : البيّنة

وفيه اثنا عشر بحثا :

٦٧٤٣. الأوّل : إنّما يثبت الزنا بأمرين : البيّنة والإقرار ، ويشترط في البيّنة شهادة أربعة رجال ، فيجب معه الرّجم بشرط الإحصان ، والجلد مع عدمه ، وكذا لو شهد به ثلاثة رجال وامرأتان.

ولو شهد به رجلان وأربع نسوة ، ثبت الزنا ، ولم يجب الرّجم ، بل الجلد وإن كان الزاني محصنا ، ولو شهد رجل وستّ نساء فما زاد ، لم يثبت ، ووجب عليهم حدّ الفرية.

ولا يثبت بشهادة النّساء منفردات وبما دون الأربع من الرجال ، والخناثى حكمهم حكم النساء في الشهادة.

٦٧٤٤. الثاني : يشترط في الشهود اتّفاقهم في الشهادة بالمعاينة لإيلاج في الفرج كالميل في المكحلة ، (١) فلو شهد بعض بالمعاينة وبعض لا بها ، حدّوا أجمع للفرية ، وكذا لو شهدوا بالزّنا ولم يعاينوا الإيلاج ، حدّوا للفرية ، ولا حدّ

__________________

(١) في مجمع البحرين : المكحلة بضمّتين : وعاء الكحل.

٣٠٨

على المشهود عليه ، نعم لو لم يشهدوا بالزنا بل شهدوا بالمضاجعة ، أو المعانقة ، أو الإصابة فيما دون الفرج ، سمعت شهادتهم ووجب على المشهود عليه التعزير.

٦٧٤٥. الثّالث : يشترط في شهادتهم بالزنا أن يقولوا : وطئها من غير عقد ولا شبهة عقد ولا ملك ، ويكفي أن يقولوا : لا نعلم بينهما سبب التحليل ، ولا يشترط في شهادتهم العلم بالنفي.

٦٧٤٦. الرابع : يشترط اتّفاق الشهود في القول الواحد ، والزمان الواحد ، والمكان الواحد ، فلو شهد بعض بالوطء قبلا ، أو في ضحوة النهار ، أو في زاوية معيّنة ، وشهد الباقون بخلاف ذلك ، لم يثبت وحدّوا أجمع للفرية.

ولو شهد اثنان بأنّه أكرهها ، وآخران بالمطاوعة ، سقط الحدّ عنها ، وهل يثبت على الزاني؟ وجهان : أحدهما السقوط ، لعدم كمال البيّنة على فعل واحد ، فإنّ فعل المطاوعة غير فعل المكرهة ، فهما فعلان ، ولم يكمل على كلّ واحد أربعة ، والثاني وجوب الحدّ لاتّفاق الأربعة على زناه ، والاختلاف إنّما هو في فعلها لا فعله.

ولو شهد اثنان بالزنا في زاوية بيت ، وشهد اثنان بالزنا في زاوية أخرى ، لم يثبت الزنا على ما قلناه ، سواء تباعدت الزاويتان أو تقاربتا ، وكذا لو اختلفا في الزمان المتقارب والمتباعد.

ولو شهد اثنان أنّه زنى بها في قميص أبيض ، وآخران في أحمر ، أو اثنان أنّه زنى في ثوب كتّان ، وآخران في ثوب خزّ ، ففي كمال الشهادة إشكال.

٦٧٤٧ الخامس : يشترط في إقامتهم للشهادة دفعة أو اجتماعهم لأدائها ، فلو

٣٠٩

شهد بعض قبل مجي‌ء الباقين حدّوا للقذف ، ولم ينتظر إتمام الشهادة ، لأنّه لا تأخير في حدّ ، نعم يستحبّ للحاكم تفريق الشّهود في الإقامة بعد الاجتماع ، وليس واجبا.

ولا يشترط اجتماعهم حال مجيئهم ، فلو جاءوا متفرّقين واحدا بعد واحد ، واجتمعوا في مجلس واحد ، ثمّ أقاموا الشهادة ، ثبت الزّنا.

٦٧٤٨. السّادس : لا يقدح تقادم الزّنا في الشهادة ، فلو شهدوا بزنا قديم وجب الحدّ ، وكذا الإقرار بالقديم يوجب الحدّ ، ولا يسقط الحدّ إذا شهدوا بالزنا فصدّقهم المشهود عليه.

ولو أقرّ مرّة أو دون الأربع ، لم يمنع ذلك سماع البيّنة والعمل بها ، ولو تمّت البيّنة عليه وأقرّ على نفسه إقرارا تامّا ، ثم رجع عن إقراره ، لم يسقط عنه الحدّ برجوعه ، وكذا لا تسقط الشهادة بتكذيبه.

ولو شهد شاهدان واعترف هو مرتين لم تكمل البيّنة ، ولم يجب الحدّ.

٦٧٤٩. السّابع : لو تاب قبل قيام البيّنة ، سقط عنه الحدّ ولو تاب بعد قيامها لم يسقط ، جلدا كان أو رجما ، ولو تاب بعد الإقرار تخيّر الإمام بين إقامته الحدّ عليه وعدمها ، رجما كان أو جلدا.

ولو أقرّ بما يوجب الرّجم ثمّ أنكر ، سقط الرّجم ، ولو أنكر حدّا اعترف به غير الرجم ، لم يسقط بالإنكار.

٦٧٥٠. الثّامن : لو شهد الأربعة ثمّ غابوا أو ماتوا ، حكم الحاكم ، وأقام الحدّ ، وتجوز الشهادة بالحدّ من غير مدّع ، ويستحبّ لمن شهد بالزنا عدم الإقامة ، وإذا

٣١٠

لم تكمل شهود الزنا ، وجب عليهم الحدّ ، وكذا لو كملوا أربعة غير مرضيّين كالعميان والفسّاق.

ولو رجع واحد منهم عن الشهادة حدّ خاصّة ، ولا يجب على الثلاثة ، ولو رجعوا أجمع حدّوا.

٦٧٥١. التّاسع : لو شهد أربعة بالزنا قبلا ، فادّعت البكارة ، وشهد لها أربع نسوة بها ، سقط عنها الحدّ ، وفي حدّ الشهود قولان : الأقرب السقوط ، لكمال النصاب مع احتمال صدقهم ، لإمكان عود البكارة بعد الوطء ، وكان ذلك شبهة ، ولو شهدن بأنّها رتقاء ، أو ثبت أنّ الرّجل مجبوب ، فالأقرب ثبوت الحدّ عليهم للعلم بكذبهم (١).

٦٧٥٢. العاشر : لو شهد أربعة على رجل بالزنا بامرأة ، وشهد أربعة أخرى على الشهود أنّهم الّذين زنوا بها ، فالأقرب ثبوت الحدّ على الأوّلين ، للزّنا والقذف.

لو شهدوا بالزّنا دبرا لم يقبل أقلّ من أربعة ، ولا يكفي فيه اثنان ، أمّا ما ليس بوطء في الفرجين ـ كما لو شهدوا بالتّفخيذ وشبهه ممّا يوجب التعزير ـ فإنّه يكفي فيه شاهدان.

٦٧٥٣. الحادي عشر : يجب على الحاكم إقامة حدود الله تعالى بعلمه ، أمّا حقوق النّاس فتقف إقامتها على المطالبة ، حدّا كان أو تعزيرا ، ويحكم بعلمه فيها أيضا.

__________________

(١) كذا في «أ» ولكن في «ب» : «فالأقرب ثبوت الحدّ على الأولين للزنا والقذف عليهم للعلم بكذبهم» والصحيح ما في المتن.

٣١١

وللسيّد إقامة الحدّ على عبده وجاريته ، وللأب إقامة الحدّ على ولده ، وللزّوج إقامة الحدّ على زوجته بعلمهم.

٦٧٥٤. الثّاني عشر : لو حبلت امرأة لا زوج لها ولا مولى ، لم يقم عليها الحدّ ، ولا تسأل عن ذلك ، فإن سئلت وادّعت الإكراه ، أو الوطء بالشبهة ، أو لم تعترف بالزنا ، فلا حدّ.

ولو استأجر امرأة لعمل شي‌ء فزنا بها ، أو استأجرها ليزني بها وفعل [ذلك] ، أو زنى بامرأة ثمّ تزوّجها ، وجب عليهما الحدّ (١).

ولو وطئ امرأة له عليها القصاص وجب عليه الحدّ.

القسم الثّاني : الإقرار وفيه اثنا عشر بحثا :

٦٧٥٥. الأوّل : إنّما يثبت الزنا بالإقرار أربع مرّات ، فلو أقرّ أقلّ منها لم يجب الحدّ ، ووجب التعزير.

ويشترط في الإقرار بلوغ المقرّ ورشده واختياره وحرّيته ، ولو كان يعتوره الجنون فأقرّ حال إفاقته أنّه زنى وهو مفيق ، أو قامت عليه بيّنة بذلك ، حدّ وان أقرّ حال إفاقته ولم يضفه إلى حال إفاقته ، أو قامت عليه البيّنة بالزنا ، ولم تضفه إلى حال إفاقته ، فلا حدّ ، لاحتمال وجوده حال جنونه.

__________________

(١) ردّ على أبي حنيفة حيث قال : لا حدّ عليهما في هذه المواضع ، لأنّ ملكه لمنفعتها شبهة دارئة للحد ، ولا يحدّ بوطء امرأة هو مالك لها. لاحظ المغني لابن قدامة : ١٠ / ١٩٤ ، والحاوي الكبير :

١٣ / ٢١٨ ـ ٢١٩.

٣١٢

٦٧٥٦. الثاني : النائم كالمجنون ، فلو زنى بنائمة ، أو استدخلت امرأة ذكر نائم ، فلا حدّ عليه ، ولو أقرّ حال نومه لم يلتفت إليه ولو أقرّ حال يقظته بزنا أضافه إلى نومه ، سقط عنه الحدّ.

أمّا السكران فإن أقرّ حال سكره لم يلتفت ، ولو زنى وهو سكران لم يجب الحدّ.

٦٧٥٧. الثّالث : يشترط في المقرّ إمكان صدور الفعل عنه ، فلو أقرّ المجبوب بالزنا ، فلا حدّ ، وكذا لو قامت به البيّنة ، للعلم بكذبها ، أمّا الخصيّ أو العنّين لو أقرّا فإنّهما يحدّان ، وكذا الشيخ الكبير ، لإمكانه في طرفه وإن بعد.

٦٧٥٨. الرابع : لو أكره على الإقرار بالزنا لم يثبت ، ولا يحدّ إجماعا والحرّيّة شرط ، فلو أقرّ العبد بالزنا ، لم يقبل منه ، نعم لو صدّقه مولاه ، وجب الحدّ ، وحكم المدبّر وأمّ الولد ومن عتق أكثره ، حكم الرّق ، ولا يثبت الزنا بإقرارهم ، ويثبت عليهم أجمع بالبيّنة.

٦٧٥٩. الخامس : قال الشيخ رحمه‌الله في الخلاف (١) والمبسوط (٢) : يشترط تعدّد المجالس ، فلو أقرّ أربعا في مجلس واحد لم يقبل ، وعندي فيه نظر ، والأقرب القبول.

ويستوي الرجل والمرأة في كلّ ما تقدّم من الإقرار وعدده ، وكذا الخنثى والبكر والثيّب.

٦٧٦٠. السّادس : يعتبر في صحّة الإقرار ذكر حقيقة الفعل لتزول الشبهات ،

__________________

(١) الخلاف : ٥ / ٣٧٧ ، المسألة ١٦ من كتاب الحدود.

(٢) المبسوط : ٨ / ٤.

٣١٣

فإن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لماعز : لعلّك قبّلت أو غمزت أو نظرت ، قال : لا ، قال : أفنكتها؟ ـ لا يكنّي ـ قال : نعم ، قال : حتّى غاب ذلك منك في ذلك منها؟ قال : نعم ، قال : كما يغيب المرود في المكحلة ، والرّشا في البئر؟ قال : نعم ، قال : هل تدري ما الزنا؟ قال : نعم أتيت منها حراما ما يأتي الرّجل من امرأته حلالا (١) ، فعند ذلك أمر برجمه.

والأخرس إن فهمت إشارته ، قامت مقام النطق ، وإن لم تفهم إشارته ، لم يتصوّر منه إقرار ، ولو قامت عليه البيّنة بالزنا حدّ.

٦٧٦١. السّابع : لو أقرّ أنّه زنى بامرأة أربع مرّات فكذّبته ، فعليه الحدّ دونها.

ولو أقرّ أنّه وطئ امرأة ، وادّعى أنّها امرأته ، فأنكرت المرأة الزوجيّة ، فان لم تقرّ المرأة بالوطء ، فلا حدّ عليه ، لعدم إقراره بالزنا ، ولا مهر لها ، لأنّها لا تدّعيه ، وإن اعترفت بوطئه لها ، وأقرّت بأنّه زنى بها مطاوعة ، فلا مهر عليه أيضا ، ولا حدّ على أحدهما إلّا أن يقرّ أربع مرّات ، وإن ادّعت الإكراه أو اشتبه عليها ، فعليه المهر ، لاعترافه بسببه ، ولا حدّ على أحدهما.

ولو قال : زنيت بفلانة لم يثبت الزنا في طرفه حتّى يقرّ أربعا ، وهل يثبت القذف للمرأة؟ فيه إشكال.

٦٧٦٢. الثّامن : لو أقرّ بحد ولم يبيّنه لم يطالب بالبيان ، وضرب حتّى ينهي عن نفسه ، قيل : ولا يتجاوز المائة ولا ينقص عن ثمانين (٢) وهو جيّد في طرف الكثرة لا القلّة.

__________________

(١) سنن أبي داود : ٤ / ١٤٥ ـ ١٤٨ ؛ سنن البيهقي : ٨ / ٢٢٧.

(٢) القائل هو الحلّي في السرائر : ٣ / ٤٥٥ ـ ٤٥٦.

٣١٤

وفي التقبيل ، والمضاجعة في إزار واحد ، والمعانقة ، التعزير.

٦٧٦٣. التّاسع : يستحبّ للحاكم التعريض بالرّجوع للمقرّ بالزنا إذا تمّ والوقوف عن إتمامه [إذا لم يتمّ] ، فإن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعرض عن ماعز حين أقرّ عنده ، ثمّ جاءه من الناحية الأخرى فأعرض عنه ، حتّى تمّم إقراره أربعا ، ثمّ قال : «لعلّك قبّلت ، لعلّك لمست» (١) وقال للّذي أقرّ بالسرقة عنده : «ما إخالك فعلت» (٢).

ويكره لمن علم حاله أن يحثّه على الإقرار فقد روي أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لهزال وقد كان قال لماعز : بادر إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل أن ينزل فيك قرآن : «ألا سترته بثوبك كان خيرا لك». (٣)

٦٧٦٤. العاشر : تقبل شهادة الأربعة على الزّاني والزانية ، ولا يفتقر في ذلك إلى زيادة ، وكذا تقبل شهادة الأربعة على أكثر من اثنين.

ولا يشترط حضور الشهود عند إقامة الحدّ ، فإن ماتوا أو غابوا لا فرارا أقيم الحدّ.

ويجب على الشهود الحضور موضع الرّجم ، لوجوب بدأتهم به ، خلافا للشيخ رحمه‌الله. (٤)

٦٧٦٥. الحادي عشر : لو شهد أربعة والزوج أحدهم ، فيه روايتان : إحداهما

__________________

(١) العزيز شرح الوجيز للرافعي : ١١ / ١٥١.

(٢) سنن ابن ماجة : ٢ / ٨٦٦ برقم ٢٥٩٧.

(٣) سنن أبي داود : ٤ / ١٣٤ ـ باب في الستر على أهل الحدود ـ برقم ٤٣٧٧ ؛ الحاوي الكبير : ١٣ / ٢١١.

(٤) الخلاف : ٥ / ٣٧٦ ، المسألة ١٤ من كتاب الحدود.

٣١٥

ثبوت الحدّ على الزوجة (١) والثانية سقوطه عنها وثبوت حدّ القذف في طرف الشهود وللزوج خاصّة إسقاط حدّه باللعان (٢) وجمع الشيخ رحمه‌الله بينهما بحمل الأولى على ما إذا لم يسبق من الزوج قذف مع حصول باقي الشرائط ، والثانية على ما إذا سبق قذف الزوج أو اختلّ بعض شرائط الشهادة (٣) وهو حسن.

٦٧٦٦. الثّاني عشر : إذا شهد أربعة فردّت شهادة بعضهم ، فإن ردّت بأمر ظاهر ، من تظاهر فسق أو كفر لا يخفى عن أحد ، حدّ الأربعة للفرية ، وإن ردّت بأمر خفيّ ، كفسق خفيّ لا يطّلع عليه أكثر النّاس ، حدّ المردود شهادته خاصة.

الفصل الثالث : في الحد

وفيه اثنان وعشرون بحثا :

٦٧٦٧. الأوّل : كان الحدّ في ابتداء الإسلام للثيّب الحبس حتّى يموت ، وللبكر أن يوبّخ عليه ويؤذى بالكلام حتّى يتوب ، ثم نسخ برجم الثيّب وجلد البكر.

وأقسام الحدّ خمسة : قتل ، ورجم ، وجلد ، و [جلد و] رجم معا ، وجلد وجزّ وتغريب.

والقتل يجب على من زنى بذات محرم ، كالأمّ ، والبنت ، والأخت ، وبنت

__________________

(١) الوسائل : ١٥ / ٦٠٦ ، الباب ١٢ من أبواب اللعان ، الحديث ١.

(٢) الوسائل : ١٥ / ٦٠٦ الباب ١٢ من أبواب اللعان ، الحديث ٢.

(٣) النهاية : ٦٩٠ ، ولاحظ الاستبصار : ٣ / ٣٦ ذيل الحديث ١١٩.

٣١٦

الأخ ، والعمّة ، والخالة ، والزاني بامرأة أبيه ، والذّمّيّ إذا زنى بمسلمة ، والزاني بامرأة مكرها لها.

سواء كان أحد هؤلاء محصنا أو غير محصن ، وسواء كان مسلما أو كافرا ، وسواء كان شابّا أو شيخا ، وحرّا كان أو عبدا ، ولو أسلم الذمّي الزّاني بالمسلمة قتل أيضا ، وأمّا المسلمة فإنّها تحدّ بالرجم أو الجلد على ما تستحقّه.

وقال ابن إدريس : إنّ هؤلاء إن كانوا محصنين جلدوا ثمّ رجموا ، وإن كانوا غير محصنين جلدوا ، ثمّ قتلوا بغير الرّجم ، جمعا بين الأدلّة. (١) وفي الرواية :

يضرب بالسيف (٢) وكذا المرأة إلّا المكرهة.

٦٧٦٨. الثاني : الرجم خاصّة يجب على الشابّ والشابّة إذا كانا محصنين ، ولو كان أحدهما محصنا دون الاخر ، رجم المحصن دون صاحبه وقال ابن إدريس : يجب عليه الجلد أوّلا ثمّ الرّجم (٣) ، وهو المشهور ، اختاره السيّد المرتضى (٤) والمفيد (٥) واختاره الشيخ رحمه‌الله في التبيان (٦) والأوّل قوله في النهاية. (٧)

٦٧٦٩. الثالث : الجلد والرّجم معا يجبان على الشيخ والشيخة إذا كان

__________________

(١) السرائر : ٣ / ٤٣٨.

(٢) الوسائل : ١٨ / ٣٨٥ ، الباب ١٩ من أبواب حد الزنا ، الحديث ١.

(٣) السرائر : ٣ / ٤٣٨ ـ ٤٣٩.

(٤) الانتصار : ٥١٦ ، المسألة ٢٨٤ ـ حيث أطلق القول بوجوبهما على المحصن ـ.

(٥) المقنعة : ٧٧٥.

(٦) التبيان : ٧ / ٤٠٥ في تفسير الآية الثانية من سورة النور.

(٧) النهاية : ٦٩٣.

٣١٧

محصنين إجماعا يبدأ بالجلد أوّلا ثمّ الرّجم ، والجلد مائة جلدة ، ولو كان أحدهما محصنا اختصّ بالحدّين ، وجلد الاخر خاصّة ، وروي أنّ من يجب عليه الحدّان ، يجلد مائة ثم يترك حتّى يبرأ جلده ، ثمّ يرجم. (١)

٦٧٧٠. الرابع : إنّما يجب الرّجم على المحصن بشرط أن يزني ببالغة عاقلة ، فلو زنى البالغ المحصن بالصبيّة غير البالغة أو بالمجنونة ، لم يجب الرّجم ، سواء كان شابّا أو شيخا ، بل يجلد مائة ، أمّا المرأة المحصنة فإذا زنى بها الصبيّ ، فإنّه يجب عليها الجلد خاصّة دون الرّجم ، ولو زنى المجنون بها وجب عليها الحدّ تامّا ، وفي ثبوته في طرف المجنون قولان ، أقربهما السقوط.

٦٧٧١. الخامس : الجلد خاصّة يجب على الزاني غير المحصن إذا لم يكن قد أملك ، سواء كان شابّا أو شيخا ، وكذا المرأة ، وقيل : يجب على الرّجل الجلد والتغريب وجزّ الشعر (٢) والمشهور الأوّل.

٦٧٧٢. السّادس : الجلد والتغريب والجزّ يجب على البكر الحرّ الذّكر غير المحصن ، والمراد بالبكر هو الّذي أملك ولم يدخل ، فإنّه يجب عليه جلد مائة ويجزّ رأسه ويغرّب عن مصره إلى غيره سنة ، ولا جزّ على المرأة ولا تغريب ، بل تجلد مائة لا غير ، والمملوك لا جزّ عليه ولا تغريب أيضا ، بل يجلد خمسين.

٦٧٧٣. السّابع : إذا اجتمع الجلد والرّجم بدئ بالجلد ثمّ الرّجم ، وفي تركه حتّى يبرأ جلده قولان نشأ من قصد الإتلاف وتأكيد الزّجر.

__________________

(١) لاحظ الوسائل : ١٨ / ٣٢٢ ، الباب ١٣ من أبواب مقدّمات الحدود ، الحديث ٦ ، ولاحظ النهاية للشيخ الطوسي : ٦٩٩.

(٢) ذهب إليه المحقق في الشرائع : ٤ / ١٥٥.

٣١٨

وكلّ حدّين اجتمعا ويفوت أحدهما بالآخر ، فإنّه يبدأ أوّلا بما لا يفوت معه الاخر.

٦٧٧٤. الثّامن : يجلد الزاني مجرّدا من ثيابه ، وقال الشيخ رحمه‌الله : يجلد على الحال الّتي وجد عليها قائما أشدّ الضرب (١) وروي متوسّطا (٢) والأوّل أقوى ، لقوله تعالى (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ) (٣) ويفرّق الجلد على جسده ويتّقى وجهه ورأسه وفرجه ، أمّا المرأة فإنّها تضرب جالسة قدر بطت عليها ثيابها.

٦٧٧٥. التاسع : يدفن المرجوم إلى حقويه والمرأة إلى صدرها ، ويرجم بالحجار الصّغار ، لئلّا يتلف سريعا ، من ورائه ، ويتقى وجهه إلى أن يموت ، ثمّ يدفن المرجوم بعد الصلاة عليه ، ويؤمر قبل رجمه بالاغتسال.

٦٧٧٦. العاشر : لو فرّ الرجل أو المرأة من الحفيرة ، فإن ثبت الزنا بالبيّنة أعيد ، وإن ثبت بالإقرار فقولان :

أحدهما أنّه لا يعاد مطلقا ، وهو اختيار المفيد (٤).

والثاني أنّه لا يعاد إن أصابه شي‌ء من الحجارة ، وإن لم يصبه الحجر أعيد ، اختاره الشيخ. (٥) ولو فرّ من يجب عليه الجلد أعيد مطلقا.

٦٧٧٧. الحادي عشر : الزنا إن ثبت بالشهود كان أوّل من رجمه الشهود وجوبا ،

__________________

(١) النهاية : ٧٠٠.

(٢) الوسائل : ١٨ / ٣٧٠ ، الباب ١١ من أبواب حدّ الزّنا ، الحديث ٦.

(٣) النور : ٢. وفي النسختين : (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ).

(٤) المقنعة : ٧٧٥.

(٥) النهاية : ٧٠٠.

٣١٩

ثمّ يرجمه الإمام ، ثمّ يرجم الناس ، وإن ثبت بالإقرار ، بدأ الإمام بالرّجم ، ثمّ يرجم الحاضرون.

وينبغي إعلام النّاس بذلك ليتوفّروا على حضوره ، وهل يجب حضور طائفة إقامة الحدّ ، أو يستحبّ؟ قولان (١) وفي أقلّ عدد الطائفة أقوال : قيل : واحد (٢) وقيل : عشرة (٣) وقيل : ثلاثة (٤).

ولا يرجمه من لله [تعالى] في قبله حدّ ، وهل على الكراهية أو التحريم؟ نظر. (٥)

٦٧٧٨. الثّاني عشر : لو عاد البكر من التغريب قبل الحول أعيد تغريبه حتّى يكمل الحول مسافرا ، ويبني على ما مضى ، وينبغي أن يغرّب عن بلده أو قريته إلى موضع آخر حسب ما يراه الإمام ، وليس للمسافة حدّ محدود ، فلو غرّبه إلى ما دون مسافة القصر جاز ، ولا يحبس في البلد الّذي ينفى إليه ، (٦) فإن زنى الغريب ، غرّب إلى بلد غير وطنه ، وإن زنى في البلد الّذي غرّب إليه ، غرّب منه إلى غير البلد الّذي غرّب منه.

__________________

(١) أمّا القول بالوجوب فذهب إليه المفيد في المقنعة : ٧٨٠ ؛ والحلّي في السرائر : ٣ / ٤٥٣ والحلبي في الكافي في الفقه : ٤٠٦ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٤١٢. وأمّا الاستحباب فهو خيرة المحقّق في الشرائع : ٤ / ١٥٧ ؛ والشيخ في النهاية : ٧٠١ ؛ والمبسوط : ٨ / ٨ ؛ والخلاف ٥ / ٣٧٤ ، المسألة ١١ من كتاب الحدود.

(٢) القائل الشيخ في النهاية : ٧٠١ ؛ والمحقق في الشرائع : ٤ / ١٥٧ ؛ واختاره المصنّف في القواعد : ٣ / ٥٣٠.

(٣) اختاره الشيخ في الخلاف : ٥ / ٣٧٤ ، المسألة ١١ من كتاب الحدود.

(٤) هو خيرة الحلّي في السرائر : ٣ / ٤٥٤.

(٥) لاحظ مسالك الأفهام : ١٤ / ٣٨٨ في الوقوف على وجه النظرين.

(٦) في «ب» : نفي.

٣٢٠