تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-018-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

لاحتمال الأبوّة في طرف كلّ واحد منهما ، فلا يتهجّم على الدّم مع الشبهة ، ولا يحكم بالقرعة.

أمّا لو لحق بأحدهما قبل القتل بالقرعة ، ثمّ قتلاه ، قتل الاخر ، وكذا لو قتله من ألحق به لم يقتل ، ولو قتله أحدهما قبل القرعة لم يقتل به ، لأحتمال أن يكون هو الأب ، ولو رجعا عن إقرارهما به ، لم يقبل رجوعهما ، لأنّ النّسب حقّ الولد ، وقد اعترفا به ، فلا يقبل رجوعهما ، كما لو ادّعاه واحد وألحق به ، ثمّ رجع عنه.

ولو رجع أحدهما خاصّة ، صحّ رجوعه ، وثبت نسبه من الاخر ، فإذا قتلاه ، قتل الرّاجع خاصّة ، وردّ عليه نصف الدّية من الاخر ، وعلى كلّ واحد كفّارة قتل العمد.

ولو قتله الرّاجع خاصّة ، قتل به ، ولو قتله الاخر لم يقتل به ، وأغرم الدية لورثة الولد غيره.

ولو اشترك اثنان في وطء امرأة بالشّبهة في طهر واحد ، وأتت بولد وتداعياه ، ثمّ قتلاه قبل القرعة ، لم يقتلا به ولا أحدهما ، لاحتمال الأبوّة في حقّ كلّ واحد منهما ، ولو رجع أحدهما ، ثمّ قتلاه ، أو قتله الرّاجع أو الاخر ، فلا قود أيضا في حقّ الراجع والاخر ، لأنّ البنوّة هنا ثبتت بالفراش لا بالدّعوى المجرّدة ، ورجوعه لا ينفي نسبه من طرفه ، لأنّ النّسب هنا إنّما ينتفي باللّعان.

٧٠٥٤. الرابع : كما لا يثبت للولد القصاص على والده بالأصالة فكذا بالتّبعيّة ، فلو قتل الأب الأمّ لم يكن للولد القصاص من الأب ، وله مطالبته بالدّية ، يأخذها منه أجمع ، سواء كان الولد ذكرا أو أنثى ، وسواء كان الولد واحدا أو أكثر.

ولو كان للزّوجة ولد آخر من غير الأب ، كان له أن يقتصّ ويردّ على الولد

٤٦١

منهما (١) نصف الدّية ، وكذا لو تعدّد الولد من الأب واتّحد الولد من غيره فإنّ له القصاص بعد ردّ نصيب الأولاد الآخر من الدّية.

وكذا لو قذف الأب زوجته لم يكن لولده منها المطالبة بالحدّ بعد موتها ، ولو كان لها ولد من غيره ، كان له المطالبة بالحدّ على الكمال.

٧٠٥٥. الخامس : لو قتل رجل أخاه ، (٢) فورثه ابن القاتل ، لم يجب القصاص ، لما تقدّم ، ولو قتل خال ابنه فورثت أمّ الابن القصاص ثمّ ماتت ، بقتل الزّوج أو غيره ، فورثها الابن ، سقط القصاص ، لأنّ ما منع مقارنا أسقط طارئا ، وتجب الدّية.

ولو قتل أبو المكاتب المكاتب أو عبدا له ، لم يجب القصاص ، لأنّ الوالد لا يقتل بالولد ولا بعبده ، فإن اشترى المكاتب أحد أبويه ثمّ قتله ، فلا قصاص ، لأنّ السيّد لا يقتل بعبده.

٧٠٥٦. السّادس : لو قتل أحد الولدين أباه ، ثمّ الاخر أمّه ، فلكلّ منهما على الاخر القود ، ويقرع في التقدّم في الاستيفاء إن تشّاحا فيه ، فإن بدر أحدهما فاقتصّ ، كان لورثة الاخر الاقتصاص منه.

ولو قتل أوّل الإخوة الأربعة الثّاني ، ثمّ الثّالث الرّابع ، وكلّ منهم غير محجوب عن ميراث صاحبه ، فللثّالث القصاص من الأوّل بعد ردّ نصف الدّية إليه ، لأنّ الرّابع يستحقّ نصف نفسه ، فلمّا قتله الثّالث لم يرثه ، وكان ميراثه للأوّل ، ورجع نصف قصاصه إليه ، ولورثة الأوّل إن كان قد قتل قبل قتل الثالث بالرّابع ، (٣) لأنّ ميراثه للأوّل خاصّة ، وإن لم يكن قبل ، كان له القصاص ، وإذا قتله

__________________

(١) في «ب» : منها.

(٢) كذا في «ب» ولكن في «أ» : لو قتل رجل رجلا أخاه.

(٣) أي في مقابل الرابع قصاصا.

٤٦٢

الأوّل ورثه ، لأنّه استيفاء لا ظلم ، ويرث ما يرثه عن أخيه الثّاني ، وإن عفا عنه على الدّية وجبت عليه بكمالها ، مقاصّة بنصفها. (١)

٧٠٥٧. السّابع : لو قتل زوجة الابن وكان الابن هو الوارث ، فلا قصاص وتجب الدّية.

ويجوز للجلّاد قتل أبيه ، وكذا للغازي بإذن الامام ، ولا يمنع من ميراثه ، لأنّه قتل سائغ.

الفصل الرابع : [في] كمال القاتل

وفيه تسعة مباحث :

٧٠٥٨. الأوّل : لا يقتل المجنون القاتل ، سواء قتل عاقلا أو مجنونا ، وتثبت الدّية على عاقلته ، سواء كان المجنون دائما أو أدوارا ، إذا قتل حال جنونه ، ولو قتل حال رشده ، لم يسقط القود باعتراض الجنون ، وكذا العاقل لو قتل ثمّ جنّ قتل ، ولا يسقط الجنون الطارئ القود.

٧٠٥٩. الثاني : الصبيّ كالمجنون في سقوط القود عنه ، وإن تعمّد القتل ، وعمده وخطاؤه واحد ، تؤخذ الدية فيهما من عاقلته ، سواء قتل صبيّا أو بالغا رشيدا ، وروي : انّه يقتصّ من الصّبي إذا بلغ عشر سنين. (٢) وفي رواية : إذا بلغ

__________________

(١) ولمزيد التوضيح في المسألة لاحظ المبسوط : ٧ / ١٢.

(٢) قال في جواهر الكلام : ٤٢ / ١٨٠ : لم نظفر بها كما اعترف به غير واحد من الأساطين.

وقال الشهيد في المسالك : والرواية الواردة بالاقتصاص من الصبيّ إذا بلغ عشرا لم نقف عليها بخصوصها. مسالك الأفهام : ١٥ / ١٦٢.

٤٦٣

خمسة أشبار وتقام عليه الحدود (١) والأقرب أنّ عمده خطأ محض يلزم العاقلة أرش جنايته حتّى يبلغ خمس عشرة سنة إن كان ذكرا ، وتسعا إن كان أنثى بشرط الرشد فيهما.

٧٠٦٠. الثالث : لو ادّعى الوليّ بلوغ الجاني ، وادّعى القاتل صغره حال القتل ، فالقول قول الجاني مع يمينه ، لقيام الاحتمال ، فلا يتهجّم على تفويت النّفس ، وتثبت الدّية في مال الصبيّ ، إلّا أن تقوم البيّنة بأنّ القتل وقع في الصغر ، فيجب على العاقلة.

ولو ادّعى الوليّ على من يعتوره الجنون القتل حال الإفاقة ، فادّعى الجاني القتل حالة الجنون ، فالقول قول الجاني مع يمينه وتثبت الدّية.

٧٠٦١. الرابع : كما يعتبر العقل في طرف القاتل ، كذا يعتبر في طرف المقتول ، فلو قتل العاقل مجنونا ، لم يقتل به وتثبت الدّية على القاتل إن كان عمدا أو شبيه العمد ، وإن كان خطأ ، فالدّية على العاقلة.

ولو قصد القاتل دفعه ، ولم يندفع إلّا بالقتل ، كان هدرا ، وروي أنّ الدّية في بيت المال (٢).

٧٠٦٢. الخامس : لو قتل البالغ الصّبيّ قتل به على الأصحّ ، سواء كان الصبيّ مميّزا أو غير مميّز إن كان القتل عمدا ، وإن كان شبيه عمد فالدّية كاملة في مال الجاني ، وإن كان خطأ فالدّية على العاقلة.

٧٠٦٣. السّادس : لا قود على النائم لعدم قصده ، وتثبت الدّية عليه ، لأنّه

__________________

(١) الوسائل : ١٩ / ٦٦ ، الباب ٣٦ من أبواب القصاص في النّفس ، الحديث ١.

(٢) الوسائل : ١٩ / ٥١ ، الباب ٢٨ من أبواب القصاص في النّفس ، الحديث ١.

٤٦٤

شبيه عمد ، وربما قيل : انّ الدّية تثبت على العاقلة ، لأنّه خطأ محض (١).

أمّا السّكران ، ففي ثبوت القود في طرفه إشكال ، أقربه السقوط ، لعدم تحقّق العمد منه ، وتثبت الدّية عليه في ماله إن لم يوجب القود عليه ، وإلحاقه بالصّاحي في الأحكام لا يخرج فعله عن وجهه.

ومن بنّج نفسه أو شرب مرقدا لا لعذر ، لا قصاص عليهما ، بل تجب الدّية.

٧٠٦٤. السّابع : ذهب الشيخ رحمه‌الله إلى أنّ عمد الأعمى خطأ محض يجب لقتله لغيره عمدا الدّية على العاقلة (٢) والحقّ عندي خلافه ، وانّ عمده عمد كالمبصر.

٧٠٦٥. الثامن : يشترط في القصاص كون المقتول محقون الدّم ، فلا يقتل المسلم بالمرتدّ ، وكذا كلّ من أباح الشرع قتله أو هلك بسراية القصاص أو الحدّ.

ولا يشترط التّفاوت في تأبّد العصمة ، فيقتل الذّمّي بالمعاهد (٣) لا الحربيّ.

٧٠٦٦. التاسع : لا يشترط التساوي في الذكورة ، فيقتل الذّكر بالأنثى بعد ردّ الفاضل وبالعكس ولا ردّ ، ولا يعتبر التفاوت بالعدد فيقتل الجماعة بالواحد بعد ردّ الفاضل من دياتهم عن جنايتهم ، ولا يشترط عدم مشاركة من لا يقتصّ منه ، كما لو شارك الخاطئ أو الأب أو الحرّ في العبد أو المسلم في الكافر أو السّبع ، بل يقتصّ من الشريك الّذي يقتصّ منه لو انفرد ، ويؤخذ من الاخر الدّية تردّ عليه.

__________________

(١) ذهب إليه الحلّي في السّرائر : ٣ / ٣٦٥.

(٢) النهاية : ٧٦٠.

(٣) وجهه أنّ اختلاف حرمة الذمّي والمعاهد في المدّة ـ حيث إنّ الأوّل محقون الدم على التأبيد والثاني إلى مدّة ـ لا يمنع من تساويهما في الحكم مع بقاء المدّة.

٤٦٥

المطلب الثّالث : فيما يثبت به

وفيه فصول :

[الفصل] الأوّل : في الدعوى

وفيه ثمانية مباحث :

٧٠٦٧. الأوّل : يشترط في المدّعي البلوغ ، وكمال العقل ، حالة الدّعوى ، ولا يضرّه لو أسند القتل إلى زمان كونه جنينا ، إذ يصحّ استناد الدّعوى إلى التّسامع. (١)

٧٠٦٨. الثاني : يشترط في صحّة الدّعوى تعلّقها بشخص معيّن أو بأشخاص معينين ، وأن يكون ممّن يصحّ منه مباشرة الجناية ، فلو ادّعى على جماعة يتعذّر اجتماعهم على القتل ، كأهل البلد ، أو على غائب لا يتصوّر منه مباشرة الجناية ، لم تسمع الدّعوى ، ولو رجع إلى الممكن قبلت دعواه.

ولو قال : قتله أحد هؤلاء العشرة ، ولا أعرف عينه ، وأريد يمين كلّ واحد ، أجيب إلى ذلك ، لتضرّره بالمنع ، وعدم تضرّرهم باليمين.

ولو أقام بيّنة ، سمعت لإثبات اللّوث إن لو خصّ الوارث أحدهم ، وكذا في

__________________

(١) قال المصنف في القواعد : ٣ / ٦١٠ : «فلو كان جنينا حالة القتل صحت دعواه ، إذ قد يعرف ذلك بالتّسامع».

٤٦٦

دعوى الغصب والسرقة والمعاملات ، وإن قصّر بنسيانه في المعاملات.

٧٠٦٩. الثالث : هل يشترط في الدّعوى التفصيل بتعيين القاتل ونوع القتل من كونه عمدا أو خطأ؟ قيل : نعم (١) فلو أجمل وادّعى القتل مطلقا لم تسمع ، وقيل : يستفصله القاضي في كونه عمدا أو خطأ ، ومنفردا قتل أو مشاركا ، وليس ذلك تلقينا بل تحقيقا للدّعوى (٢) وهو الأقرب.

ولو ادّعى عليه أنّه قتل مع جماعة لا يعرف عددهم ، سمعت دعواه ، ولا يقضى بالقود ولا بالدّية ، لعدم العلم بحصّة المدّعى عليه منها ، ويقضى بالصّلح حقنا للدّم.

٧٠٧٠. الرابع : لو ادّعى القتل ولم يبيّن العمد أو الخطأ ، والأقرب السماع ، ويستفصله الحاكم ، ولو لم يبيّن قيل (٣) : طرحت دعواه وسقطت البيّنة بذلك لو أقامها على هذه الدّعوى ، إذ الحكم بها متعذّر ، بعدم العلم بالمحكوم به ، وفيه نظر.

٧٠٧١. الخامس : يشترط كون المدّعى عليه مكلّفا ، فلو كان سفيها صحّ فيما يقبل إقرار السّفيه فيه ، وإن لم يقبل إقراره ، صحّ لأجل إنكاره حتّى يسمع البيّنة ويعرض اليمين عليه ، إذ الخصومة تنقطع بيمينه. (٤)

٧٠٧٢. السّادس : يشترط عدم تناقض الدّعوى ، فلو ادّعى على شخص أنّه

__________________

(١) ذهب إليه الشيخ في المبسوط : ٧ / ٢٣٠.

(٢) وهو خيرة المحقّق في الشرائع : ٤ / ٢١٧.

(٣) القائل هو الشيخ في المبسوط : ٧ / ٢٣٠.

(٤) قال في القواعد : ٣ / ٦١٠ : ويصحّ على السفيه ، ويقبل إقراره بما يوجب القصاص لا الدّية ، ولو أنكر صحّ إنكاره لإقامة البيّنة عليه ، ويقبل يمينه وإن لم يقبل إقراره ، لانقطاع الخصومة بيمينه.

٤٦٧

تفرّد بالقتل ، ثمّ ادّعى على غيره الشركة ، لم تسمع الدّعوى الثانية ، لأنّ الأولى مكذّبة لها ، سواء برّأ الأوّل أو شرّكه ، ولو أقر الثّاني كان له إلزامه عملا بإقراره.

٧٠٧٣. السّابع : لو ادّعى العمد ، ففسّره بالخطإ أو بالعكس ، لم يبطل أصل الدّعوى.

ولو قال : ظلمته بأخذ المال ، وفسّره بأنه كذب في الدّعوى ، استردّ منه المال ، ولو فسّر بأنّه حنفيّ لا يرى القسامة ، لم يستردّ ، لأنّ المعتبر رأي القاضي لا رأي الخصمين.

٧٠٧٤. الثامن : يثبت القتل بأمور ثلاثة : الإقرار ، والشّهادة ، والقسامة.

الفصل الثاني : [في] الإقرار

وفيه أربعة مباحث :

٧٠٧٥. الأوّل : يعتبر في الإقرار صدوره من بالغ ، عاقل ، مختار ، حرّ ، قاصد ، فلا يقبل إقرار الصبيّ ، ولا المجنون ، ولا السّكران ، ولا المكره ، ولا العبد ، ولا المدبّر ، ولا المكاتب المشروط ، ولا المطلق الّذي لم يؤدّ شيئا ، ولا أمّ الولد ، ولو انعتق بعضه قبل في نصيب الحرّيّة دون الرّقيّة ، ثمّ لا يجب وبه القود ، نعم لو لم يؤدّ الدّية حتّى تحرّر ، وجب القود.

ولا ينفذ إقرار النّائم ، ولا الساهي ، ولا الغافل (١).

٧٠٧٦. الثاني : يقبل إقرار المحجور عليه لفلس أو سفه بما يوجب القصاص

__________________

(١) كذا في «أ» ولكن في «ب» : ولا ينفذ إقرار النائم والساهي والغافل.

٤٦٨

كالعمد ، ويستوفى منه القصاص وإن كان الإقرار بالنّفس ، ولو أقرّ بما يوجب الدّية كالخطإ والمأمومة ، ثبت ولكن لا يشارك الغرماء.

٧٠٧٧. الثّالث : الأقرب الاكتفاء في الإقرار بالمرّة الواحدة ، والشيخ رحمه‌الله قال بالمرّتين (١) واختاره ابن إدريس (٢) والمعتمد الأوّل.

٧٠٧٨. الرابع : لو أقرّ واحد بأنّه قتله عمدا ، وأقرّ آخر بأنّه الّذي قتله خطأ ، تخيّر الوليّ في تصديق أيّهما شاء ، وليس له على الاخر سبيل.

ولو اتّهم رجل بالقتل ، فأقرّ به ، ثم جاء آخر فأقرّ أنّه هو القاتل ، ورجع الأوّل عن إقراره درئ عنهما القود والدّية ، وأخذت الدّية لأولياء المقتول من بيت المال ، وهي قضيّة الحسن عليه‌السلام في حياة أبيه عليه‌السلام. (٣)

الفصل الثالث : في البيّنة

وفيه تسعة مباحث :

٧٠٧٩. الأوّل : لا يثبت القتل الموجب للقصاص بشهادة النّساء منفردات ولا منضمّات ، وإنّما يثبت بشاهدين عدلين ، ولا يثبت أيضا بشاهد واحد ويمين المدّعي.

ويثبت بالشّاهد واليمين ، والشّاهد والمرأتين ما يوجب الدّية ، كعمد الخطأ ، والخطأ المحض ، والهاشمة ، والمنقّلة ، والمأمومة ، وكسر

__________________

(١) النهاية : ٧٤٢.

(٢) السرائر : ٣ / ٣٤١.

(٣) لاحظ الوسائل : ١٩ / ١٠٧ ، الباب ٤ من أبواب دعوى القتل ، الحديث ١.

٤٦٩

العظام ، والجائفة ، ولو رجع بالعفو إلى المال لم يثبت إلّا بعدلين.

ويقبل الشّاهد والمرأتان ، والشّاهد واليمين على قتل الأب ولده عمدا ، ولو كان القتل موجبا للقود عند الشهادة ، ثمّ رجع إلى المال ، لم يقبل ، لأنّها كانت باطلة.

ولو شهد رجل وامرأتان على هاشمة مسبوقة بإيضاح ، لم يقبل في الهاشمة في حقّ الأرش.

ولو شهدوا بأنّه رمى عمدا إلى زيد فمرق السهم وأصاب عمرا خطأ ، ثبت الخطأ ، لأنّ قتل عمرو منفصل عن قتل زيد ، فتغايرا (١).

أمّا الهشم فلا ينفصل عن الإيضاح ، فكانت الشهادة واحدة ، وقد سقط بعضها ، فيسقط الباقي على إشكال.

ولو قالوا : نشهد أنّه أوضح ثمّ عاد بعد ذلك وهشم ، أو ادّعى قتل عمرو خطأ ، فشهدوا وذكروا الكيفيّة ، قبلت ، ولا تثبت الموضحة ولا العمد بالتّبعيّة.

٧٠٨٠. الثاني : يشترط في الشهادة خلوصها عن الاحتمال ، مثل أن يقولوا :

ضربه بالسّيف فمات من الضربة ، أو ضربه فأنهر دمه فمات في الحال من ذلك ، أو ضربه فلم يزل مريضا من الضّربة حتّى مات ، وإن طالت المدّة.

فإن أنكر المدّعى عليه الموت بغير الجناية ، فالقول قوله مع يمينه.

ولو أنكر ما شهدت به البيّنة لم يلتفت إليه ، أمّا لو قالت البيّنة : نشهد أنّه جرح وأنهر الدّم لم يكف ما لم يشهدوا عليه القتل.

__________________

(١) في «ب» : مغايرا.

٤٧٠

ولو شهدوا بأنّه جرح وأنهر الدّم ، ومات المجروح ، لم يقبل ما لم يقل : قتله (١) ، لاحتمال الموت بسبب آخر عقيب الجراحة ، فانّ استناد الموت إلى الجراحة إنّما يعرف بقرائن خفيّة ، فلا بدّ من ذكر القتل.

ويحتمل القبول كما تكفي الشهادة على اليد والتصرّف في الملك ، والوجه الأوّل.

ولو قالوا : أوضح رأسه ، لم يكف حتّى يتعرّضوا للجراحة وإيضاح العظم ، ولو شهدوا بالجرح والإيضاح ، وعجزوا عن تعيين محلّ الموضحة ، لوجود موضحات متعدّدة في رأسه ، سقط القصاص ، لتعذّر معرفة محلّ الاستيفاء ، ويثبت الأرش.

٧٠٨١. الثّالث : لو شهدوا بأنّه قتله بالسّحر لم يقبل ، لعدم الرّؤية ، نعم لو شهدوا عليه بإقراره بذلك ، قبل.

ولو قال الساحر : أمرضته بالسّحر لكن مات بسبب آخر ، فهل يكون إقراره بالإمراض لوثا ، يثبت معه للوارث القسامة؟ فيه نظر ، وكذا لو أقرّ أنّه جرحه ومات بسبب آخر ، والأقرب أنّه ليس لوثا.

٧٠٨٢. الرابع : لو قال الشاهد : ضربه فأوضحه ، قبل في الموضحة ، ولو قال :

اختصما ، ثمّ افترقا وهو مجروح ، أو ضربه فوجدناه مشجوجا ، لم يقبل ، لاحتمال أن يكون ذلك من غيره ، وكذا لو قال : فجرى دمه.

ولو قال : فأجرى دمه قبلت ، ولو قال : أسأل دمه قبلت في الدّامية دون الزّائد.

__________________

(١) في «ب» : لم يقبل قتله.

٤٧١

ولو قال : قطع يده ، ووجدناه مقطوع اليدين ، وعجز الشّاهد عن التّعيين ، سقط القصاص وتثبت الدّية ، ولا يكفي قول الشاهد : جرحه فأوضحه ، حتّى يقول : هذه الموضحة ، لاحتمال غيرها.

٧٠٨٣. الخامس : يشترط ألا تتضمّن الشّهادة جرّا ولا دفعا ، فلو شهد على جرح المورث قبل الاندمال ، لم يقبل ، ويقبل بعد الاندمال ، ولو أقام قبل الاندمال فردّت ، ثمّ أعادها بعده قبلت ، ولو شهد بدين أو عين لمورّثه المريض ، قبلت.

ولو شهدا على الجرح وهما محجوبان ، ثمّ مات الحاجب ، فالأقرب القبول دون العكس.

ولو شهدت العاقلة على فسق بيّنة الخطأ لم يقبل وإن كانوا من فقراء العاقلة ، وإن كانوا من الأباعد الّذين لا يصلهم العقل مع وجود القريب ، قبلت.

ولو شهد اثنان على رجلين بالقتل ، فشهد المشهود عليهما على الشّاهدين بالقتل لمن شهد الأوّلان بقتله ، على غير وجه التبرّع (١) لم يقبل قول الآخرين ، لأنّهما دافعان ، فإن صدّق الولي الأوّلين ، حكم له وطرحت الشهادة الثّانية ، وإن صدّق الأخيرين أو الجميع ، سقط.

ولو شهد أجنبيّان على الشاهدين بالقتل ، على غير وجه التبرّع ، كان للوليّ الأخذ بأيّ الشهادتين أرادوا وليس له الجميع.

__________________

(١) في «أ» : «على وجه غير التبرّع» وفي الشرائع مكان قوله «على غير وجه التبرع» : على وجه لا يتحقّق معه التبرّع. شرائع الإسلام : ٤ / ٢٢٠. لاحظ في الوقوف على معنى هذا القيد المسالك :

١٥ / ١٨٦ ـ ١٨٧.

٤٧٢

٧٠٨٤. السّادس : يشترط اتّفاق الشّاهدين على القتل الواحد ، فلو شهد أحدهما انّه قتله غدوة ، أو بالسّكين ، أو في الدّار ، والاخر أنّه قتله عشيّة ، أو بالسّيف أو في السوق ، لم يثبت ، وهل يثبت اللوث؟

قال الشيخ في المبسوط : نعم (١) وفيه إشكال ينشأ من تكاذبهما ، ولو شهد أحدهما على الإقرار بالقتل المطلق ، وشهد الاخر على الإقرار بالقتل العمد ، ثبت أصل القتل ، والقول قول المدّعى عليه في نفي العمديّة ، ولو أنكر القتل ، لم يلتفت إليه ، لأنّه إكذاب للبيّنة ، ولو اعترف بالعمد ، حكم عليه ، وإن قال : خطأ وصدّقه الوليّ وجبت الدّية في ماله ، وإن كذّبه فالقول قول الجاني مع اليمين.

ولو شهد أحدهما أنّه أقرّ بقتله عمدا ، وشهد الاخر عليه انّه أقرّ بقتله خطأ ، قبلت الشهادة بمطلق القتل ، ولا يثبت العمد ، ولو شهد أحدهما أنّه قتل عمدا ، وشهد الاخر بالخطإ ، ففي ثبوت أصل القتل إشكال ، نعم تكون شهادة الواحد هنا لوثا ، ويثبت للوليّ دعواه بالقسامة معها.

٧٠٨٥. السّابع : لو شهد اثنان على رجل بالقتل ، وشهد آخران على غيره به ، سقط القصاص ، ووجبت الدّية عليهما نصفين ، لما عرض من الشبهة بتصادم البيّنتين ، وأفتى به الشيخ رحمه‌الله (٢) للرواية (٣) ويحتمل تخيّر الوليّ في تصديق أيّهما شاء ، كما لو أقرّ اثنان ، كلّ واحد [منهما] بقتله منفردا ، واختاره ابن ادريس ومنع من التشريك بينهما في الدّية (٤).

__________________

(١) المبسوط : ٧ / ٢٥٤.

(٢) النهاية : ٧٤٢.

(٣) قال الشهيد في المسالك : لم نقف عليها ، فوجب الرجوع إلى القواعد الكليّة في الباب. مسالك الأفهام : ١٥ / ١٩٢. وما في السرائر : ٣ / ٣٤١ من وروده في بعض الأخبار ناظر إلى كلام الشيخ في النهاية : ٧٤٢ ، لا أنّ هنا رواية وراء ذلك.

(٤) السرائر : ٣ / ٣٤١ ـ ٣٤٢.

٤٧٣

ولو كان القتل خطأ ، كانت الدّية على عاقلتهما.

٧٠٨٦. الثّامن : لو شهد اثنان على زيد بأنّه قتل [رجلا] عمدا ، وأقرّ آخر أنّه الّذي قتل ، وبرّأ المشهود عليه ، تخيّر الوليّ في الأخذ بقول البيّنة والمقرّ ، قال الشيخ رحمه‌الله : فللوليّ قتل المشهود عليه ويردّ المقرّ نصف ديته ، وله قتل المقرّ ولا ردّ ، لإقراره بالانفراد ، وله قتلهما بعد أن يردّ على المشهود عليه نصف الدّية دون المقرّ ، ولو طلب الدّية كانت عليهما نصفين ، (١) ودلّ على ذلك رواية زرارة عن الباقر عليه‌السلام (٢).

ومنع ابن إدريس من قتلهما معا أو إلزامهما بالدّية إلّا أن تشهد البيّنة بالتشريك ويقرّ المقرّ به ، أمّا مع الشهادة بالمنفرد (٣) وإقرار المقرّ به ، فلا تشريك (٤).

والأقرب تخيّر الوليّ في إلزام أيّهما شاء ، وليس له على الاخر سبيل ، ولا يردّ أحدهما على الاخر ، إلّا أنّ الرّواية مشهورة بين الأصحاب.

٧٠٨٧. التاسع : لو ادّعى قتل العمد ، فأقام شاهدا أو امرأتين ، ثمّ عفا ، قال الشيخ رحمه‌الله : لا يصحّ لأنّه عفا عمّا لم يثبت له (٥) والوجه الصحّة ، لأنّ العفو لا يستلزم الثّبوت عند الحاكم ، بل لو عفا قبل أن يشهد له أحد ، صحّ عفوه.

__________________

(١) النهاية : ٧٤٣.

(٢) الوسائل : ١٩ / ١٠٨ ، الباب ٥ من أبواب دعوى القتل ، الحديث ١.

(٣) في «ب» : المفرد.

(٤) السرائر : ٣ / ٣٤٢ ـ ٣٤٣.

(٥) المبسوط : ٧ / ٢٤٩.

٤٧٤

الفصل الرابع : في القسامة

والنّظر في أطراف

[الطرف] الأوّل : في مظنّته

وفيه سبعة مباحث :

٧٠٨٨. الأوّل : إنّما تثبت القسامة في القتل أو الجرح مع اللّوث ، فلا قسامة في المال ، ولا مع انتفاء اللّوث ، والمراد به قرينة حال تدلّ على صدق المدّعي ظنّا لا قطعا ، كقتيل في محلّة بينهم عداوة ، أو قتيل دخل [دارا] ضيفا (١) وتفرّق عنه جماعة محصورون ، أو قتيل في صفّ الخصم المقابل (٢) ، أو قتيل في الصّحراء وعلى رأسه رجل معه سكّين ، أو قتيل في قرية مطروقة ، أو خلّة (٣) من خلال العرب ، أو محلّة منفردة مطروقة ، بشرط العداوة في ذلك كلّه ، فإن انتفت فلا لوث.

أمّا لو وجد في محلّة منفردة عن البلد لا يدخلها غير أهلها ، أو في دار قوم ، أو وجد متشحّطا بدمه ، وعنده ذو سلاح عليه الدّم ، فإنّه لوث ، وإن لم يكن هناك عداوة.

__________________

(١) في «ب» : «دخل صفّا» وهو مصحّف. وفي المسالك : ١٥ / ١٩٩ في عداد طرق اللوث «ومنها تفرّق جماعة عن قتيل في دار قد دخل عليهم ضيفا».

(٢) وفي الشرائع مكان هذه العبارة «أو في صفّ مقابل للخصم بعد المراماة».

(٣) الخلّة : الطّريق بين الرملتين. لاحظ لسان العرب : ٤ / ٢٠٠.

٤٧٥

٧٠٨٩. الثاني : لو وجد قتيلا بين قريتين ، فاللّوث لأقربهما إليه ، فإن تساويا في القرب ، تساويا في اللّوث.

ولو وجد في زحام على قنطرة ، أو جسر ، أو مصنع ، أو سوق ، أو في جامع عظيم ، أو شارع ، ولم يعرف قاتله ، فالدّية على بيت المال ، وكذا لو وجد في فلاة ولا أحد عنده.

٧٠٩٠. الثالث : يثبت اللّوث بشهادة الواحد العدل ، وبإخبار جماعة يرتفع المواطاة بينهم قطعا أو ظنّا من الفساق أو النساء ، ولو أخبر جماعة من الصّبيان أو الكفّار ، فإن بلغ حدّ التّواتر تثبت الدّعوى وإلّا فلا ، ولو قيل إن أفاد خبرهم الظّنّ كان لوثا أمكن.

ولا يثبت اللوث بالكافر الواحد وإن كان أمينا في نحلته ، ولا الفاسق المنفرد ولا الصّبيّ ولا المرأة.

٧٠٩١. الرابع : إذا ارتفعت التّهمة فلا قسامة ، بل للوليّ إحلاف المنكر يمينا واحدة ، كغيرها من الدعاوي ، ولا يجب التغليظ ، ولو نكل قضي عليه بمجرّد النّكول عند قوم ، وبإحلاف المدّعي يمينا واحدة على رأي آخرين. (١)

٧٠٩٢. الخامس : قول الرّجل المجروح : «قتلني فلان» ليس بلوث ، ولو ادّعى القتل من غير وجود قتيل ولا عداوة ، فحكمها حكم سائر الدعاوى ، وكذا إن وجد القتيل وانتفت التّهمة ، فإن حلف المنكر ، وإلّا رددنا اليمين الواحدة على المدّعي ، ويثبت ما يدّعيه من قود إن كان القتل عمدا ، أو دية ان كان خطأ.

__________________

(١) مبنيّ على كفاية مجرّد النّكول في الحكم أو يحتاج إلى ردّ اليمين إلى المدّعي ، والمسألة معنونة في محلّها ، لاحظ الخلاف كتاب الشهادات المسألة ٣٩.

٤٧٦

ولو وجد قتيلا في قرية يخلطهم غيرهم نهارا ويفارقهم ليلا ، فإن وجد نهارا فلا لوث ، وإن وجد ليلا ثبت اللوث.

ولو وجد قتيلا في دار نفسه وفيها عبده كان لوثا ، وللورثة القسامة ، لفائدة التسلّط بالقتل ، أو لافتكاكه بالجناية من الرّهن [لو كان رهنا].

٧٠٩٣. السادس : يسقط اللّوث بأمور :

أحدها : تعذّر إظهاره عند القاضي ، فلو ظهر عند القاضي على جماعة فللمدّعي أن يعيّن ، فلو قال : القاتل واحد منهم ، فحلفوا ، ونكل واحد ، فله القسامة على ذلك الواحد ، لأنّ نكوله لوث ، ولو نكلوا جميعا ، فقال ظهر لي الآن لوث معيّن ، (١) وقد سبق منه دعوى الجهل ، احتمل تمكّنه (٢) من القسامة وعدمه.

٧٠٩٤. [الأمر] الثاني : ادّعاء الجاني الغيبة ، فإذا حلف سقط بيمينه اللّوث ، فإن ادّعى (٣) الوليّ أنّ واحدا من أهل الدّار الّتي وجد القتيل فيها قتله ، جاز إثبات دعواه بالقسامة ، فإن أنكر الغريم كونه فيها وقت القتل ، فالقول قوله مع يمينه ، ولم يثبت اللّوث ، لأنّ تطرّق اللّوث إنّما هو إلى من في الدار وذلك لا يثبت إلّا بالبيّنة أو الإقرار.

ولو أقام على الغيبة بيّنة بعد الحكم بالقسامة ، نقض الحكم.

ولو كان وقت القتل محبوسا أو مريضا ، واستبعد كونه قاتلا ، فالأقرب سقوط اللّوث في طرفه.

__________________

(١) في «أ» : متعيّن.

(٢) في «ب» : تمكينه.

(٣) في «ب» : فإذا ادّعى.

٤٧٧

٧٠٩٥. الثّالث : لو شهد الشاهدان انّ فلانا قتل أحد هذين المقتولين ، لم يكن لوثا ، ولو قال : قتل هذا القتيل أحد هذين ، فهو لوث ، لتعسّر تعيين القاتل ، ويحتمل انتفاء اللّوث فيهما.

٧٠٩٦. الرابع : عدم خلوص اللّوث عن الشكّ ، فلو وجد بالقرب من القتيل ذو سلاح ملطّخ بالدّم مع سبع من شأنه القتل ، بطل اللّوث.

٧٠٩٧. الخامس : تكذيب أحد الورثة ، فإنّه يعارض اللّوث في حقّ المكذّب خاصّة على الأقوى ، ولو قال أحدهما : القاتل زيد ، وقال الاخر : ليس القاتل زيدا ، فالأقرب انتفاء اللّوث في حقّ المكذّب خاصّة.

ولو قال أحدهما : القاتل زيد ، وآخر لا أعرفه ، وقال الثاني : القاتل عمرو وآخر لا أعرفه ، فلا تكاذب ، فلعلّ ما جهله هذا عيّنه ذاك ، (١) ثمّ معيّن زيد معترف بأنّ المستحقّ عليه نصف الدّية ، وحصّته منه الرّبع ، فلا يطالب إلّا بالرّبع ، وكذا معيّن عمرو.

٧٠٩٨. السّابع : ليس من مبطلات اللّوث ألا يكون على القتيل أثر جرح ، وتخنيق ولا عدم ظهور صفة القتل ، فلو ظهر اللّوث في أصل القتل دون كونه خطأ أو عمدا ، فللوليّ القسامة على ما يعيّنه ، ولو قال أحد الوارثين : القاتل زيد ، وقال الاخر : لا أعلم القاتل ، لم يبطل لوث مدّعي التعيين ، وكذا لو كان أحد الوليّين غائبا ، فادّعى الحاضر دون الغائب ، أو ادّعيا جميعا ونكل أحدهما عن القسامة ، أو قال أحدهما : قتله هذا ، وقال الاخر : قتله هذا وفلان ، فيحلفان في هذه الصورة على من اتّفقا عليه ، ويستحقّان نصف الدّية أو نصف النّفس ، ولا

__________________

(١) في «أ» : ذلك.

٤٧٨

يجب أكثر من نصف الدية عليه ، لأنّ أحدهما يكذّب الاخر في النصف الاخر ، فيبقى اللّوث في حقّه في نصف الدّم الّذي اتّفقا عليه ، ولم يثبت في النّصف الّذي كذّبه أخوه فيه ، ولا يحلف الاخر على الاخر لتكذيب أخيه له في دعواه عليه.

ولو شهدت البيّنة بغيبة المدّعى عليه يوم القتل غيبة لا تجامع القتل ، بطل اللّوث ، فإن شهدت البيّنة أنّه لم يقتل لم تقبل لأنّها شهادة على النفي.

ولو قالوا : ما قتله هذا بل هذا ، سمعت ، لأنّها شهدت بإثبات تضمّن النفي (١) وكذا لو قالوا : ما قتله ، لأنّه كان في بلد بعيد.

الطرف الثاني : في كيفيّة القسامة

وفيه أحد عشر بحثا :

٧٠٩٩. الأوّل : إذا ثبت اللّوث حلف المدّعي خمسين يمينا هو وقومه إن كانوا خمسين (٢) حلف كلّ واحد يمينا واحدة ، وإن نقصوا كرّرت عليهم الأيمان حتّى يتمّوا الخمسين.

ولو لم يحلف مع الولي أحد من قومه ، أو لم يكن له قوم كرّرت عليه خمسون يمينا ، وهل تجب الموالاة؟ فيه نظر ، فإن قلنا به ، فلو جنّ ثمّ أفاق بنى للعدد.

ولو عزل القاضي استأنف ، وكذا لو مات في أثنائه استأنف الوارث.

٧١٠٠. الثاني : اليمين خمسون في العمد والخطأ المحض والشّبيه بالعمد ،

__________________

(١) في «أ» : يضمن النفي.

(٢) في «أ» : إن بلغوا خمسين.

٤٧٩

وقيل : انّها في الخطأ المحض والشّبيه بالعمد خمس وعشرون يمينا ، (١) والأوّل أحوط.

٧١٠١. الثّالث : لو كان المدّعون جماعة ، قسّمت عليهم الخمسون بالسّويّة ، وتحتمل القسمة بالحصص ، ومع ثبوت الكسر يتمّم المنكسر اليمين كاملة ، ولو نكل البعض ، أو كان غائبا ، حلف الحاضر على قدر حصّته خمسين يمينا ، ولم يجب الارتقاب فإن كانوا ثلاثة حلف الأوّل خمسين ، وأخذ الثلث ، فإذا حضر الثاني حلف نصف الخمسين وأخذ الثلث ، فإذا حضر الثالث حلف ثلث الأيمان وأخذ الثلث ، وكذا لو كان صغيرا.

ولو أكذب أحد الوليّين صاحبه لم يقدح في اللّوث ، وحلف لإثبات حقّه خمسين يمينا.

ولو خلّف أخا خنثى لأب ، وأخا لأمّ ، حلف الخنثى خمسة أسداس الأيمان ، لاحتمال الذكوريّة ، وحلف الأخ ربع الأيمان ، لاحتمال الرّد ، هذا مع غيبة أحدهما في حقّه إذا حضر.

ولو مات الوليّ قامت ورثته مقامه ، وحلف كلّ واحد منهم قدر نصيبه من الأيمان ، فلو خلّف الميّت ذكرين ، ثمّ مات أحدهما ، وخلّف ذكرين ، حلف الباقي من الذكرين نصف القسامة ، وكلّ واحد من ولدي الولد الرّبع.

ولو مات الوليّ في أثناء الأيمان قال الشيخ رحمه‌الله : تستأنف الورثة الأيمان ، لأنّ الورثة لو أتمّوا لأثبتوا حقّهم بيمين غيرهم. (٢)

__________________

(١) ذهب إليه الشيخ في النهاية : ٧٤٠ ؛ الخلاف : ٥ / ٣٠٨ ، المسألة ٤ من كتاب القسامة.

(٢) المبسوط : ٧ / ٢٣٤.

٤٨٠