تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-018-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

٦٧٧٩. الثالث عشر : المملوك إذا زنى جلد خمسين جلدة ، محصنا كان أو غير محصن ، ذكرا كان أو أنثى ، ولا جزّ على أحدهما ولا تغريب.

ولو زنى عبد ثمّ عتق ، حدّ حدّ العبيد ، لأنّه إنّما يستوفى الحدّ الّذي وجب عليه ، ولو زنى الذّمي الحرّ ، ثمّ لحق بدار الحرب ، ثمّ استرقّ ، حدّ حدّ الأحرار.

ولو كان أحد الزّانيين حرّا والاخر مملوكا ، حدّ كلّ واحد منهما حدّه ، وكذا لو زنى بكر بثيّب حدّ كلّ واحد منهما حدّه ، ولو زنى بعد العتق وقبل العلم به ، حدّ حدّ الأحرار ، ولو أقيم عليه حدّ العبد قبل العلم بالحرّية تمّم عليه [حدّ الأحرار] ، ولو عفا السيّد عن عبده ، لم يسقط الحدّ عنه.

وللسيّد إقامة الجلد (١) على المملوك ذكرا كان أو أنثى وكذا المملوكة ، سواء كانت مزوّجة أو غير مزوّجة ، وسواء ثبت بالبيّنة أو الإقرار أو العلم ، ولا يفتقر في ذلك إلى إذن الإمام ، وكذا حدّ شرب الخمر ، وقطع السرقة ، وقتل الرّدّة.

ولو كان العبد مشتركا ، لم يكن لأحدهما الإقامة ، بل يجتمعان على ذلك ، ولو انعتق بعضه ، لم يكن للمولى حدّه ولا [الأمة] المرهونة ولا المستأجرة.

وللمولى سماع البيّنة والجرح والتعديل.

__________________

(١) لقد أشار من قوله هنا «إقامة الجلد» إلى قوله «ويشترط أن يكون المولى ثقة» إلى الشروط الأربعة أعني : ١ ـ إقامة الجلد ، لا الرجم ، ٢ ـ أن يكون ملكا طلقا ، ٣ ـ للمولى المقدرة على سماع البيّنة والجرح والتعديل ، ٤ ـ عارفا بالأحكام.

٣٢١

ويشترط أن يكون المولى ثقة عارفا بقدر الحدود ، فإن كان قويّا في نفسه فله إقامته بنفسه ، وإن كان ضعيفا أقام عوضه من يقيم الحدّ.

ولو كان السيّد فاسقا أو مكاتبا ، فالّذي قواه الشيخ رحمه‌الله جواز الإقامة لهما للعموم (١) ولو كان المولى صبيّا أو مجنونا لم يكن له الإقامة ولا لوليّهما.

ولو زنى بأمة ثمّ قتلها ، فعليه الحدّ وقيمتها.

والمكاتب المشروط والّذي لم يؤدّ شيئا وأمّ الولد والمدبّر كالقنّ ، أمّا من انعتق بعضه فإنّه يحدّ من حدّ الأحرار بنسبة ما انعتق منه ، ومن حدّ المماليك بنسبة ما فيه من الرقيّة ، فلو عتق نصفه وجب عليه خمس وسبعون جلدة ولا جزّ عليه ولا تغريب ولا رجم.

٦٧٨٠. الرابع عشر : إذا تكرّر الزّنا من الحرّ فأقيم عليه الحدّ مرّتين ، قتل في الثالثة ، وقيل (٢) : في الرابعة ، وهو أقوى ، ولو تكرّر من المملوك سبعا ، وأقيم الحدّ عليه في كلّ مرّة ، قتل في الثامنة ، وقيل (٣) : في التاسعة ، وهو أولى.

ولو تكرّر من الحرّ أو المملوك الزّنا مرارا كثيرة ، ولم يحدّ فيما بينها ، لم يجب سوى حدّ واحد.

وروى أبو بصير عن الباقر عليه‌السلام :

__________________

(١) أي لعموم الأخبار ، لاحظ المبسوط : ٨ / ١٢.

(٢) القائل هو الشيخ في النهاية : ٦٩٤ ؛ والمبسوط : ٨ / ١١ ؛ والشيخ المفيد في المقنعة : ٧٧٦ ؛ والسيد المرتضى في الانتصار : ٥١٩ ، المسألة ٢٨٥ ؛ والحلبي في الكافي في الفقه : ٤٠٧ ؛ والقاضي في المهذّب : ٢ / ٥٢٠ ؛ وابن حمزة في الوسيلة : ٤١١ ؛ واختاره المصنف في المختلف : ٩ / ١٥٥ ؛ وذهب الشيخ في الخلاف إلى أنّه يقتل في الخامسة بعد جلده أربع مرّات ؛ لاحظ الخلاف : ٥ / ٤٠٨ ، المسألة ٥٥ من كتاب الحدود.

(٣) القائل : الشيخ في النهاية : ٦٩٥ ؛ والقاضي في المهذب : ٢ / ٥٢٠.

٣٢٢

«إن زنى بامرأة واحدة مرارا فعليه حدّ واحد ، وإن زنى بنسوة فعليه في كلّ امرأة حدّ» (١).

وفي طريقها علي بن أبي حمزة ، وهو ضعيف.

٦٧٨١. الخامس عشر : الذّمّي إذا زنى بمسلمة قتل مطلقا ، وإن زنى بذميّة ، تخيّر الإمام بين إقامة الحدّ عليه بمقتضى شرع الإسلام ، وبين دفعه إلى أهل نحلته ، ليقيموا الحدّ عليه بمقتضى اعتقادهم ، ولا يتعيّن عليه الحكم بينهم ، أمّا لو تحاكم المسلم والذّمّي ، فإنّه يجب على الإمام الحكم بينهم ، وليس له دفعه إلى أهل الذّمّة.

٦٧٨٢. السّادس عشر : الحامل لا يقام عليها الحدّ ـ سواء كان جلدا أو رجما ـ حتّى تضع وترضع الولد إن لم تحصل له مرضع ، سواء كان الحمل من زنا أو غيره ، ولو لم يظهر الحمل ولم تدعه لم يؤخّر ، بل تحدّ في الحال ، ولا اعتبار بإمكان الحمل من الزنا ، نعم لو ادّعت الحمل قبل قولها.

٦٧٨٣. السّابع عشر : يرجم المريض والمستحاضة ولا يجلد أحدهما إذا لم يجب قتله ولا رجمه ، حذرا من السراية ، وينتظر بهما البرء ، ولو اقتضت المصلحة التعجيل ضرب بضغث فيه مائة شمراخ ، ولا يشترط وصول كلّ شمراخ إلى جسده.

ولا تؤخّر الحائض ، لأنّ الحيض ليس بمرض.

٦٧٨٤. الثّامن عشر : لو زنى العاقل ثم جنّ ، لم يسقط الحدّ ، بل يستوفى منه.

وإن كان مجنونا ، جلدا كان أو رجما ، لرواية أبي عبيدة الصّحيحة عن الباقر عليه‌السلام :

__________________

(١) الوسائل : ١٨ / ٣٩٢ ، الباب ٢٣ من أبواب حدّ الزنا ، الحديث ١.

٣٢٣

في رجل وجب عليه الحدّ فلم يضرب حتّى خولط ، فقال : إن كان أوجب على نفسه (الحدّ) (١) وهو صحيح لا علّة به من ذهاب عقله أقيم عليه الحدّ كائنا ما كان (٢).

وكذا لا يسقط الحدّ باعتراض الارتداد.

٦٧٨٥. التّاسع عشر : لا يقام الجلد على الزاني وغيره في شدّة البرد ، ولا شدّة الحرّ ، ويتوخّى [به] في الشتاء وسط النهار ، وفي الصيف طرفاه.

ولا يقام الحدّ في أرض العدوّ ، لئلّا يلحق المحدود الغيرة فيدخل أرض العدوّ.

٦٧٨٦. العشرون : لا يحدّ من التجأ إلى حرم الله ، أو حرم رسوله ، أو أحد الأئمّة عليهم‌السلام بل يضيّق عليه في المطعم والمشرب ليخرج ويستوفى منه الحدّ ، ولو أحدث ما يوجب الحدّ في الحرم ، حدّ فيه.

ولو زنى في شهر رمضان ليلا أو نهارا ، أو في مكان شريف ، أو زمان شريف ، عوقب زيادة على الحدّ بما يراه الإمام.

٦٧٨٧. الواحد والعشرون : لو وجد مع امرأته رجلا يزني بها ، ساغ له قتلهما معا ، ولا إثم ، وفي الظاهر يقتل إلّا أن يقيم البيّنة على دعواه ، أو يصدّقه الوليّ ، ولو افتضّ بكرا بإصبعه ، لزمه مهر نسائها ، وإن كانت أمة لزمه عشر قيمتها ، وقيل : يلزمه الأرش (٣).

__________________

(١) ما بين القوسين ليس بموجود في المصدر.

(٢) الوسائل : ١٨ / ٣١٧ ، الباب ٩ من أبواب مقدّمات الحدود ، الحديث ١.

(٣) القائل : هو الحلّي في السرائر : ٣ / ٤٤٩.

٣٢٤

ولو تزوّج أمة على حرّة مسلمة ، فوطئها قبل الإذن ، فعليه اثنا عشر سوطا ونصف : ثمن حدّ الزاني (١).

٦٧٨٨. الثّاني والعشرون : لا حدّ على الصّبي والصّبية إذا زنيا ، بل يؤدّبا ، أمّا المجنون والمجنونة فلا حدّ عليهما على الأقوى في طرف المجنون ، وأمّا في طرف المجنونة فلا خلاف ، ولا تأديب عليهما ، وحدّ البلوغ ما رواه الشيخ قدس‌سره عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب عن عبد العزيز العبدي عن حمزة بن حمران قال :

«سألت أبا جعفر عليه‌السلام متى يجب على الغلام أن يؤخذ بالحدود التّامّة ، وتقام (عليه) (٢) ويؤخذ بها؟ فقال : إذا خرج عنه اليتم وأدرك ، قلت : فلذلك حدّ يعرف؟ قال : إذا احتلم أو بلغ خمس عشرة سنة ، أو أشعر ، أو أنبت قبل ذلك ، أقيمت عليه الحدود التّامّة ، وأخذ بها ، وأخذت له ، قلت : فالجارية متى يجب عليها الحدود التّامة وأخذت بها ، وأخذت لها؟ قال : إنّ الجارية ليست مثل الغلام ، إنّ الجارية إذا تزوّجت ودخل بها ـ ولها تسع سنين ـ ذهب عنها اليتم ، ودفع إليها مالها ، وجاز أمرها في الشراء والبيع ، وأقيمت عليها الحدود التّامّة ، وأخذ لها وبها ، قال : والغلام لا يجوز أمره في الشراء والبيع ، ولا يخرج من اليتم حتّى يبلغ خمس عشرة سنة ، أو يحتلم ، أو يشعر ، أو ينبت قبل ذلك» (٣).

وفي طريقه عبد العزيز العبدي وفيه ضعف ، ونحوه [ما] رواه يزيد الكناسي عن الباقر عليه‌السلام. (٤)

__________________

(١) إنّ حدّ الزّاني هو مائة جلدة ، وثمنه اثنا عشر سوطا ونصف.

(٢) ما بين القوسين ليس بموجود في المصدر.

(٣) التهذيب : ١ / ٣٧ برقم ١٣٢ ـ الباب ١ من كتاب الحدود ـ.

(٤) التهذيب : ١٠ / ٣٨ برقم ١٣٢ ـ الباب ١ من كتاب الحدود ـ.

٣٢٥

خاتمة

الزنا من أعظم الكبائر قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«لن يعمل ابن آدم عملا أعظم عند الله عزوجل من رجل قتل نبيّا ، أو هدم الكعبة الّتي جعلها الله قبلة لعباده ، أو أفرغ ماءه في امرأة حراما» (١).

وقال عليه‌السلام :

«الزنا يورث الفقر ، ويدع الدّيار بلاقع» (٢).

وقال عليه‌السلام :

«ما عجّت الأرض إلى ربّها عزوجل كعجيجها من ثلاث : من دم حرام يسفك عليها ، أو اغتسال من زنا ، أو النّوم عليها قبل (٣) طلوع الشّمس» (٤).

وعن الصّادق عليه‌السلام عن أبيه عليه‌السلام قال :

__________________

(١) الفقيه : ٤ / ١٢ ، برقم ١٠ ـ باب ما جاء في الزنا ـ.

(٢) الفقيه : ٤ / ١٣ ، برقم ١١ ـ باب ما جاء في الزنا. في مجمع البحرين : البلقع : الأرض القفراء الّتي لا شي‌ء فيها. والمراد انّ الزنا يصير سببا لفنائهم حتّى لا يبقى منهم أحد على وجه الأرض.

(٣) هكذا في المصدر ولكن في النسختين «إلى قبل».

(٤) الفقيه : ٤ / ١٣ ، برقم ١٢ ـ باب ما جاء في الزنا ـ.

٣٢٦

«قال يعقوب لابنه يوسف عليه‌السلام : يا بنيّ لا تزن فإنّ الطّير لو زنى لتناثر ريشه» (١).

وعن الباقر عليه‌السلام قال :

«كان فيما أوحى الله تعالى إلى موسى بن عمران عليه‌السلام : يا موسى بن عمران من زنى زني به ولو في العقب من بعده ، يا موسى بن عمران عفّ تعفّ أهلك ، يا موسى بن عمران إن أردت أن يكثر خير أهل بيتك فإيّاك والزنا ، يا موسى بن عمران كما تدين تدان» (٢).

وصعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المنبر فقال :

«ثلاثة لا يكلّمهم الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليهم ، ولا يزكّيهم ، ولهم عذاب أليم : شيخ زان ، وملك جبّار ، ومقلّ مختال» (٣).

وسأل عبد الله بن مسعود رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : أيّ الذّنب أعظم؟ فقال :

«أن تجعل لله ندّا وهو خلقك».

قال قلت : ثمّ أيّ؟ قال :

«أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك».

قال قلت : ثم أيّ؟ قال :

«أن تزني بحليلة جارك». (٤)

__________________

(١) الفقيه : ٤ / ١٣ ، برقم ١٣ ـ باب ما جاء في الزّنا ـ.

(٢) الفقيه : ٤ / ١٣ ، برقم ١٤ ـ باب ما جاء في الزّنا ـ.

(٣) الفقيه : ٤ / ١٣ ، برقم ١٥ ـ باب ما جاء في الزّنا ـ.

(٤) صحيح البخاري : ٩ / ٢ ـ كتاب الديات ـ ؛ مسند أحمد بن حنبل : ١ / ٣٨٠ و ٤٣١ ؛ تفسير نور الثقلين : ٤ / ٣١ رقم الحديث ١١١ نقلا عن صحيحي البخاري ومسلم ؛ كنز العمال : ١٦ / ٤٦ برقم ٤٣٨٦٩. وفي هذه المصادر : «أن تزاني» وما في المتن مطابق للنسختين.

٣٢٧
٣٢٨

المقصد الثاني : في حدّ اللّواط والسّحق والقيادة

وفيه فصول :

[الفصل] الأوّل : في اللواط

وفيه عشرة مباحث :

٦٧٨٩. الأوّل : اللّواط من أعظم الكبائر ، وهو عندنا أفحش من الزنا ، ذمّه الله تعالى في عدّة مواضع ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«لعن الله من عمل عمل قوم لوط لعن الله من عمل عمل قوم لوط ، لعن الله من عمل عمل قوم لوط» (١).

وروى ابن بابويه قال : يصلب اللائط يوم القيامة على شفير جهنّم ، حتّى يفرغ الله من حساب الخلق ، ثمّ يلقيه في النّار فيعذّبه بطبقة طبقة حتّى يرد إلى أسفلها ولا يخرج منها ، وحرمة الدّبر أعظم من حرمة الفرج ،

__________________

(١) السنن الكبرى للبيهقي : ٨ / ٢٣١ ؛ مسند أحمد بن حنبل : ١ / ٣٠٩.

٣٢٩

لأنّ الله عزوجل أهلك أمّة لحرمة الدّبر ، ولم يهلك أحدا لحرمة الفرج (١).

٦٧٩٠. الثاني : اللّواط هو وطء الذّكران ، سواء كان بإيقاب أو بغيره ، وهو قسمان :

الأوّل الإيقاب ، ويجب فيه القتل على الفاعل والمفعول ، مع بلوغهما ورشدهما ، سواء كانا حرّين أو عبدين ، ومسلمين أو كافرين ، ومحصنين أو غير محصنين ، أو بالتفريق.

والثاني ما ليس فيه إيقاب ، كالتفخيذ أو بين الأليتين ، وفيه قولان : أحدهما جلد مائة مطلقا ، (٢) والثاني ما اختاره الشيخ وهو الرجم إن كان محصنا ، وجلد مائة إن لم يكن (٣) والأوّل أقوى ، وروي في الإيقاب الرجم مع الإحصان والجلد مع عدمه (٤) والمشهور ما قدّمناه.

٦٧٩١. الثّالث : لا فرق في قسمي اللّواط بين الحرّ والعبد ، والمسلم والكافر ، والمحصن وغيره ، خلافا للشيخ في المحصن مع عدم الايقاب (٥) ولو لاط البالغ بالصّبيّ فأوقبه ، قتل البالغ وأدّب الصّبيّ ، وكذا لو لاط بمجنون ، ولو لاط

__________________

(١) مستدرك الوسائل : ١٤ / ٣٤٢ ، الباب ١٥ من أبواب النكاح المحرّم ، الحديث ٤ (عن فقه الرضا عليه‌السلام) باختلاف قليل. ولاحظ المقنع : ٤٣٠.

(٢) وهو خيرة المفيد في المقنعة : ٧٨٥ ؛ وسلّار في المراسم : ٢٥٣ ؛ والحلبي في الكافي في الفقه : ٤٠٨ ؛ والحلّي في السرائر : ٣ / ٤٥٨ ، والسيد المرتضى في الانتصار : ٥١٠ ، المسألة ٢٧٨.

(٣) النهاية : ٧٠٤ ؛ والتهذيب : ١٠ / ٥٥ في ذيل الحديث ٢٠٣ ، وهو خيرة ابن البراج في المهذّب : ٢ / ٥٣٠.

(٤) لاحظ الوسائل : ١٨ / ٤١٨ ، الباب ١ من أبواب حدّ اللّواط.

(٥) النهاية : ٧٠٤.

٣٣٠

بعبد قتلا مع الإيقاب ، وجلدا مع عدمه ، سواء كان العبد ملكه أو غير ملكه ، ولو ادّعى العبد الإكراه درئ عنه الحدّ دون مولاه.

٦٧٩٢. الرابع : لو لاط المجنون بعاقل ، حدّ العاقل قتلا مع الإيقاب ، وجلدا مع عدمه ، وهل يثبت في طرف المجنون؟ الأقرب من القولين السقوط.

ولو لاط الذّمّي بالمسلم ، قتل مطلقا ، سواء أوقب أو لم يوقب ، ولو لاط بمثله تخيّر الإمام بين إقامة الحدّ عليهم بموجب شرع الإسلام ، وبين دفعهم إلى أهل نحلتهم ليقيموا الحدّ عليهم بمقتضى شرعهم.

٦٧٩٣. الخامس : حدّ الإيقاب القتل ، ويتخيّر الإمام في قتله بين ضربه بالسّيف ، وتحريقه ، ورجمه ، وإلقائه من شاهق ، وإلقاء جدار عليه ، ولو قتله بغير النار جاز له إحراقه بعد ذلك بالنار.

٦٧٩٤. السّادس : لو تكرّر الفعل من اللائط بغير الإيقاب فحدّ مرتين ، قتل في الثالثة ، وقيل : في الرابعة (١) وهو أقرب ، ولو لم يحد لم يجب سوى الجلد مائة وإن تكرّر منه كثيرا.

٦٧٩٥. السّابع : المجتمعان في إزار واحد مجرّدين ، وليس بينهما رحم ، يعزّران من ثلاثين سوطا إلى تسعة وتسعين ، فإن تكرّر منهما ذلك ثلاث مرّات ، وتخلّل التعزير ، حدّا في الثّالثة.

٦٧٩٦. الثّامن : يثبت اللواط ـ سواء كان بإيقاب أو بدون إيقاب ـ بالإقرار أربع مرّات أو شهادة أربع رجال بالمعاينة ، ويشترط في المقرّ البلوغ ،

__________________

(١) ذهب إليه الأكثر ، لاحظ تعليقتنا ذيل المسألة ١٤ من الفصل الثالث في حدّ الزنا.

٣٣١

والعقل ، والحرّيّة ، والاختيار ، سواء كان فاعلا أو مفعولا ، فإن أقرّ دون الأربع ، عزّر ولم يحدّ.

ولو شهد دون أربعة رجال ، حدّوا للفرية ، ولم يثبت على المشهود عليه حدّ ولا تعزير.

ولا تقبل فيه شهادة النّساء منفردات ولا منضمّات.

ويحكم الحاكم بعلمه إماما كان أو غيره على الأقوى.

٦٧٩٧. التاسع : إذا تاب اللائط قبل قيام البيّنة ، سقط الحدّ ، وإن تاب بعده لم يسقط ، ولو تاب بعد إقراره أربعا ، تخيّر الإمام في العفو والاستيفاء ، ولو تاب ثمّ أقرّ ، فلا حدّ عليه ولا تعزير.

٦٧٩٨. العاشر : التقبيل للغلام بشهوة حرام ، فقد روي :

«أنّ من قبّل غلاما بشهوة ، لعنته ملائكة السماء ، وملائكة الأرض ، وملائكة الرّحمة ، وملائكة الغضب ، وأعدّ له جهنم وساءت مصيرا» (١).

وفي حديث آخر :

«من قبّل غلاما بشهوة ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار» (٢).

إذا ثبت هذا فإذا قبّل غلاما ليس له بمحرم بشهوة ، عزّر بحسب ما يراه الإمام.

__________________

(١) مستدرك الوسائل : ١٤ / ٣٥١ ، الباب ١٨ من أبواب النكاح المحرّم ، الحديث ٣.

(٢) الوسائل : ١٤ / ٢٥٧ ، الباب ٢١ من أبواب النكاح المحرّم ، الحديث ١.

٣٣٢

الفصل الثاني : في السّحق

وفيه تسعة مباحث :

٦٧٩٩. الأوّل : السّحق هو دلك فرج امرأة بفرج أخرى ، وهو محرّم بالإجماع ، روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :

«إذا أتت المرأة المرأة ، فهما زانيتان» (١).

وروى هشام وحفص بن البختري : أنّه دخل نسوة على أبي عبد الله عليه‌السلام فسألته امرأة منهنّ عن السّحق ، فقال : حدّها حدّ الزاني ، فقالت المرأة : ما ذكر الله تعالى ذلك في القرآن ، فقال : بلى ، فقالت : أين هو؟ (٢) قال : هنّ أصحاب الرسّ». (٣)

٦٨٠٠. الثاني : حدّ السّحق جلد مائة ، حرّة كانت أو أمة ، مسلمة كانت أو كافرة ، محصنة كانت ، أو غير محصنة ، فاعلة كانت ، أو مفعولة ، وقال الشيخ قدس‌سره : ان كانت محصنة رجمت ، وإن كانت غير محصنة حدّت مائة سوط. (٤) والأقرب الأوّل.

__________________

(١) السنن الكبرى للبيهقي : ٨ / ٢٣٣ ؛ كنز العمال : ٥ / ٣٣٥ برقم ١٣١٠٣.

(٢) في المصدر : «وأين هنّ».

(٣) الوسائل : ١٨ / ٤٢٤ ، الباب ١ من أبواب حد السحق ، الحديث ١.

(٤) النهاية : ٧٠٦.

٣٣٣

٦٨٠١. الثّالث : إذا تكرّرت المساحقة مع إقامة الحدّ ثلاثا ، قتلت في الرابعة ، ولو تكرّرت ولم يقم الحدّ ، فحدّ واحد.

٦٨٠٢. الرابع : إذا تابت المساحقة قبل قيام البيّنة ، سقط الحدّ ، وإن تابت بعد قيام البيّنة لم يسقط ، ولو تابت قبل الإقرار سقط ، ولو تابت بعده ، تخيّر الإمام بين إقامة الحدّ وإسقاطه.

٦٨٠٣. الخامس : تعزّر الأجنبيّتان إذا وجدتا تحت إزار واحد مجرّدتين بما دون الحدّ ، فإن تكرّر الفعل والتعزير مرّتين أقيم الحدّ عليهما في الثالثة ، فإن عادتا ، قال الشيخ قدس‌سره : قتلتا (١) والأقرب التعزير.

٦٨٠٤. السّادس : لو وطئ زوجته فساحقت بكرا فحملت ، قال الشيخ قدس‌سره :

وجب على المرأة الرّجم ، وعلى الجارية إذا وضعت جلد مائة ، وألحق الولد بالرّجل ، وألزمت المرأة المهر للجارية (٢) وأنكر ابن إدريس الرّجم وإلحاق الولد ، لأنّه غير مولود على فراشه ، وإيجاب المهر ، لأنّ المرأة مطاوعة (٣) أمّا إنكار الرّجم فجيّد ، لأن الأقرب في حدّ السحق جلد مائة مطلقا ، سواء كانت محصنة أو غير محصنة.

وأمّا إنكاره لإلحاق الولد فليس بجيّد ، لأنّه ماء غير زان ، وقد تخلّق منه الولد ، فيلحق به.

وأمّا إنكاره المهر ، فليس بجيّد أيضا ، لأنّها سبب في إذهاب العذرة ، وديتها

__________________

(١) النهاية : ٧٠٧.

(٢) النهاية : ٧٠٧.

(٣) السرائر : ٣ / ٤٦٥.

٣٣٤

مهر نسائها ، وليست كالزّانية المطاوعة ، لأنّ الزانية أذنته في الافتضاض ، بخلاف هذه.

٦٨٠٥. السّابع : لا كفالة في حدّ ، ولا تأخير فيه مع الإمكان وانتفاء الضّرر بإقامته ، ولا شفاعة في إسقاطه.

٦٨٠٦. الثّامن : إنّما يثبت السحق بشهادة أربعة رجال عدول ، ولا يثبت بشهادة النساء منفردات ولا منضمّات وإن كثرن ، أو الإقرار من البالغة الرشيدة الحرّة المختارة أربع مرّات.

٦٨٠٧. التاسع : لو ساحقت المرأة جاريتها وجب على كلّ واحدة منهما مائة سوط ، ولا ينتصف في حقّ الأمة ، لأنّ الحرّة والأمة سواء في حدّ السّحق ، ولو ادّعت الجارية الإكراه ، قبل منها.

والمجنونة إذا ساحقت لم يجب عليها الحدّ ، سواء كانت فاعلة أو مفعولة ، وقال الشيخ قدس‌سره : تحدّ الفاعلة المجنونة دون المفعولة المجنونة (١) وليس بجيّد.

ولو ساحقت المسلمة الكافرة ، حدّت كلّ واحدة منهما.

ولو تساحقت الذمّيتان تخيّر الإمام في إقامة الحدّ عليهما بمقتضى شرع الإسلام ، وفي دفعهما إلى أهل ملّتهما.

ولو ساحقت (٢) البالغة الصبيّة حدّت البالغة كملا ، وأدّبت الصبيّة.

ولو تساحقت الصّبيّتان ، ادّبتا.

__________________

(١) النهاية : ٧٠٦ والكلام منقول بالمعنى.

(٢) كذا في «ب» ولكن في «أ» : تساحقت.

٣٣٥

الفصل الثالث : في القيادة

القوّاد هو الجامع بين الرّجال والنّساء للزّنا ، أو بين الرّجال والرّجال للّواط ، وحدّه ثلاثة أرباع حدّ الزاني : خمسة وسبعون سوطا ، قال الشيخ قدس‌سره : ويحلق رأسه ويشهّر في البلد ، وينفى عنه إلى غيره من الأمصار (١) من غير حدّ لمدّة نفيه ، سواء كان حرّا أو عبدا مسلما كان أو كافرا.

وقال المفيد قدس‌سره بذلك إلّا النفي ، فإنّه لم يوجبه بالمرّة الأولى بل بالثّانية (٢).

أمّا المرأة فإذا فعلت ذلك ، فإنّها تضرب العدد المذكور ، ولا يحلق رأسها ولا تشهّر ولا تنفى.

وتثبت بشهادة عدلين أو الإقرار مرّتين.

ويشترط في المقرّ البلوغ ، والعقل ، والحرّيّة ، والاختيار ، والقصد ولو أقرّ مرّة واحدة عزّر.

ومن رمى غيره بالقيادة ، كان عليه التعزير بما دون حدّ الفرية.

__________________

(١) النهاية : ٧١٠.

(٢) المقنعة : ٧٩١.

٣٣٦

المقصد الثالث : في وطء الأموات والبهائم وما يتبع ذلك

وفيه ثمانية مباحث :

٦٨٠٨. الأوّل : من وطئ امرأة ميّتة ، كان حكمه حكم من وطئ الحيّة ، في تعلّق الإثم والحدّ واعتبار الإحصان وعدمه ، فلو كانت أجنبيّة ، ولا شبهة هناك وكان الرّجل محصنا ، رجم ، وإن كان شيخا جلد أوّلا ثم رجم ، وإن كان مملكا (١) جلد مائة وحلّق رأسه ونفي ، وإن لم يكن مملكا ، جلد خاصّة ، وحكمه حكم الزّاني بالحيّة من غير فرق ، إلّا أنّه هنا تغلظ عليه العقوبة ، لانتهاكه حرمة الأموات بما يراه الإمام ، ولو كانت الميّتة زوجته أو أمته ، عزّر وسقط الحدّ للشبهة.

٦٨٠٩. الثاني : يثبت الزنا بالميّتة بشاهدين أو الإقرار مرّتين من العاقل المختار الحرّ ، قاله الشيخ قدس‌سره (٢) ، لأنّها شهادة على واحد بخلاف الزّنا بالحيّة ، واختار ابن إدريس أنّه لا يثبت إلّا بشهادة أربعة رجال أو الإقرار أربع مرّات ، (٣) لأنّه زنا ، ولأنّ شهادة الواحد قذف فلا يندفع الحدّ إلّا بتكميله الأربعة ، (٤) وهو أقرب.

__________________

(١) أي عاقدا ولم يدخل بعد.

(٢) النهاية : ٧٠٨.

(٣) السرائر : ٣ / ٤٦٨.

(٤) في «أ» : بتكملة الأربعة.

٣٣٧

٦٨١٠. الثّالث : حكم المتلوّط بالأموات حكم المتلوّط بالأحياء ، إلّا أنّ العقوبة هنا أغلظ ، فلو حدّ بغير القتل عزّر زيادة على الحدّ بما يراه أردع.

٦٨١١. الرابع : إذا وطئ بهيمة وكان بالغا رشيدا عزّر بما يراه الإمام.

وروي : أنّه يقتل (١).

وفي رواية : يحدّ (٢) وفي أخرى : يضرب خمسة وعشرين سوطا (٣).

ثمّ ينظر في الدّابّة فإن كانت مأكولة اللّحم ، كالشّاة والبقرة ، حرم لحمها ولبنها ولحم نسلها ، ووجب ذبحها وإحراقها بالنار ، ويغرم ثمنها لمالكها ان لم تكن له.

وإن كانت غير مأكولة اللحم بالعادة ، كالخيل والبغال والحمير ، فإنّها وإن كانت مذكّاة إلّا أنّ المقصود منها الظّهر ، أو كانت محرّمة بالشرع ، لم تذبح ، بل يغرم الواطئ ثمنها لصاحبها إن لم تكن له ، ثمّ تخرج من البلد الّذي وقعت فيه تلك الجناية وتباع في غيره.

قال المفيد قدس‌سره : ثمّ يتصدّق بثمنها الّذي بيعت به (٤) وقيل : يعاد على الغارم. (٥)

ولو كانت الدّابّة له ، بيعت في غير البلد ، ودفع الثمن إليه عند بعض علمائنا (٦). وتصدّق به عند آخرين. (٧)

__________________

(١) الوسائل : ١٨ / ٥٧٢ ، الباب ١ من أبواب نكاح البهائم ، الحديث ٦.

(٢) الوسائل : ١٨ / ٥٧٢ ، الباب ١ من أبواب نكاح البهائم ، الحديث ٨.

(٣) الوسائل : ١٨ / ٥٧٠ ، الباب ١ من أبواب نكاح البهائم ، الحديث ١.

(٤) المقنعة : ٧٩٠.

(٥) ذهب إليه الحلّي في السرائر : ٣ / ٤٦٨.

(٦) كابن إدريس في السرائر : ٣ / ٤٦٩.

(٧) منهم الشيخ المفيد في المقنعة : ٧٩٠.

٣٣٨

٦٨١٢. الخامس : وجوب ذبح المأكولة تعبّدا أو احترازا من شياع نسلها ، وإحراقها لئلّا يشتبه لحمها بالمحلّلة ، وأمّا بيع غير المأكولة ، فإمّا تعبّدا أو لئلّا يعيّر الواطئ بها.

٦٨١٣. السّادس : يثبت هذا الفعل بشهادة رجلين عدلين ، ولا يثبت بشهادة النّساء انفردن أو انضممن إلى الرّجال ، ويثبت أيضا بالإقرار ولو مرّة واحدة إن كانت الدّابة له ، وإن كانت لغيره يثبت التعزير خاصّة دون ذبح دابّة الغير ، وإخراجها من بلدها ، وقال بعض علمائنا يثبت بالإقرار مرّتين لا مرّة واحدة (١) وليس بجيّد.

ولو تكرّر التّعزير ثلاثا لتكرّر الفعل ، قتل في الرابعة ، وقال ابن إدريس : في الثالثة. (٢)

٦٨١٤. السّابع : لو اشتبهت الموطوءة بغيرها ، قسم ما وقع فيه الاشتباه قسمين ، وأقرع بينهما ، فما وقعت القرعة عليه ، قسم من رأس بقسمين ، وأقرع بينهما ، وهكذا إلى ألا تبقى إلّا واحدة ، فتؤخذ ويصنع بها ما يجب من إحراق أو بيع ، وليس ذلك على جهة العقوبة لها ، بل لما تقدّم من الفائدة أو المصلحة اللطفيّة.

٦٨١٥. الثّامن : من استمنى بيده حتّى أنزل ، عزّر بما يراه الإمام ، وروي :

«أنّ عليّا عليه‌السلام ضرب يده حتّى احمرّت ، وزوّجه من بيت المال» (٣).

__________________

(١) ذهب إليه الحلّي في السرائر : ٣ / ٤٧٠.

(٢) السرائر : ٣ / ٤٧٠.

(٣) الوسائل : ١٨ / ٥٧٤ ، الباب ٣ من أبواب نكاح البهائم ، الحديث ١.

٣٣٩

ويثبت الاستمناء بشهادة عدلين أو الإقرار ولو مرّة ، وقيل : إنّما يثبت بالإقرار مرّتين لا مرّة واحدة (١) وليس بمعتمد.

__________________

(١) هو خيرة الحلّي في السرائر : ٣ / ٤٧١.

٣٤٠