تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-018-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

الفريضة فتأخذ لها ثلث التركة ، وللأب سهم فتأخذ له سدس التركة.

وإن شئت قسّمت التركة على الفريضة ، فما خرج بالقسمة ضربته في سهام كلّ واحد (منهما) (١) فما بلغ فهو نصيبه ، مثلا التركة أربعة وعشرون ، والفريضة ستّة كما تقدّم ، تقسّم التركة على ستّة أسهم ، يخرج أربعة لكلّ سهم ، يضرب الخارج وهو أربعة في سهام كلّ وارث ، فالمرتفع نصيبه ، فإذا ضربت أربعة في ثلاثة سهام الزوج حصل اثنا عشر ، فيكون للزوج اثنا عشر دينارا ، ويضرب أربعة في اثنين سهام الأمّ يكون ثمانية ، فيحصل لها ثمانية دنانير ، ويضرب أربعة في واحد سهم الأب يكون أربعة ، فيكون للأب أربعة دنانير.

وهاهنا طريق آخر ، وهو أنّ التركة إن كانت صحاحا ، فحرّر العدد الّذي تصحّ منه الفريضة ، ثمّ خذ ما حصل لكلّ وارث واضربه في التركة ، فما حصل فاقسمه على العدد الّذي صححت منه الفريضة ، فما خرج فهو نصيب الوارث ، كزوج وأبوين وبنت ، والتركة عشرون دينارا ، أصل الفريضة اثنا عشر (٢) للزوج ثلاثة تضربها في عشرين يبلغ ستّين ، تقسمها على اثني عشر يخرج خمسة ، فيكون للزوج خمسة دنانير ، وللأب سهمان يضربان في عشرين يبلغ أربعين ، تقسمها على اثني عشر ، يخرج ثلاثة وثلث ، فيكون للأب ثلاثة دنانير وثلث دينار ، وكذا للأمّ ، وللبنت خمسة ، تضرب في عشرين يكون مائة تقسم على اثني

__________________

(١) ما بين القوسين يوجد في «أ» : ولعلّه زائد.

(٢) فرض الزوج ٤ / ١ وفرض الأبوين ٦ / ٢ ، وبين العددين (٤ و ٦) التوافق بالنصف ، فيضرب نصف أحدهما في الاخر ٢ * ٦ ١٢ ، نصيب الزوج منها ١٢ * ٤ / ١ ٣ ، ونصيب الأبوين ١٢ * ٦ / ٢ ٤ ، والباقي للبنت (٥). واعلم أنّ هذا الطريق متوقّف على ضرب النصيب في مقدار التركة وتقسيم الحاصل على عدد الفريضة.

١٠١

عشر تخرج ثمانية وثلث فيكون للبنت ثمانية دنانير وثلث دينار.

وإن كان فيها (١) كسر فابسط التركة من جنس ذلك الكسر ، بأن تضرب مخرج ذلك الكسر في التركة ثمّ تضيف الكسر إلى المرتفع ، وتعمل ما عملت في الصحاح ، فما اجتمع للوارث قسمته على ذلك المخرج ، مثلا. كانت التركة فيما فرضناه أوّلا عشرين دينارا ونصفا ، فابسط التركة انصافا يكون أحدا وأربعين ، فاعمل فيه كما عملت في الصحاح ، فما خرج لكلّ واحد من الورثة من العدد المبسوط ، فاقسمه على اثنين ، فما خرج نصيبا للواحد فهو نصيب الواحد من الجنس الّذي يريده ، ولو كان الكسر ثلاثا قسمت التركة على ثلاثة ، وهكذا إلى العشر ، تقسم على عشرة.

ولو كانت المسألة عددا أصمّ (٢) فاقسم التركة عليه ، فإن بقي ما لم يبلغ دينارا فابسطه قراريط واقسمه ، وإن بقي ما لا يبلغ قيراطا ، فابسطه حبّات واقسم ، وإن بقي ما لا يبلغ حبّة ، فابسطه أرزات واقسمه ، فإن بقي ما لا يبلغ أرزة فانسبه بالأجزاء إليها (٣) ، وعليك بالتحفّظ من الغلط ، فاجمع ما يحصل للوارث ، فإن ساوى المجموع التركة ، فالقسمة صواب وإلّا فلا.

__________________

(١) أي التركة.

(٢) عدد أصمّ : أي خال من الكسور التسعة كأحد عشر وثلاثة عشر.

(٣) واعلم أنّ كل دينار عشرون قيراطا ، والقيراط ثلاث حبّات ، والحبّة أربع أرزات ، وليس بعد الأرزة اسم خاصّ. لاحظ الجواهر : ٣٩ / ٣٦١.

١٠٢

كتاب القضاء

١٠٣
١٠٤

وفيه مقدّمة وفصول

أمّا المقدّمة :

ففيها أربعة مباحث :

٦٤١٢. الأوّل : القضاء سائغ بالنصّ والإجماع ، قال الله تعالى : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) (١).

وقال تعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (٢).

وذمّ من أعرض عن الحكم وقد دعي إليه ، فقال تعالى : (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ) (٣).

ومدح من أجاب إليه بعد الدعاء فقال : (إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٤).

__________________

(١) المائدة : ٤٩.

(٢) النساء : ٦٥.

(٣) النور : ٤٨.

(٤) النور : ٥١.

١٠٥

وبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّا عليه‌السلام قاضيا إلى اليمن. (١)

وبعث عليّ عليه‌السلام عبد الله بن العباس قاضيا إلى البصرة (٢).

وأجمع المسلمون كافّة على مشروعيّة نصب القضاء بين الناس والحكم بينهم.

٦٤١٣. الثاني : القضاء من فروض الكفايات ، إذا قام به البعض سقط عن الباقين ، وإن أخلّوا به أجمع استحقّوا بأسرهم العقاب ، لما فيه من القيام بنظام العالم والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر والانتصاف للمظلوم.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«إنّ الله لا يقدّس أمّة ليس فيهم من يأخذ للضّعيف حقّه» (٣).

وللفوائد الحاصلة منه ، تولّاه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤) والأنبياء من قبله ، فكانوا يحكمون لأممهم.

٦٤١٤. الثالث : وفي القضاء خطر عظيم وإثم كبير لمن لم تجتمع فيه الشرائط ، ودرجة القضاء عالية ، وشروطه صعبة جدّا ، ولا يتعرّض له أحد حتّى يثق من نفسه بالقيام به (٥) ، وإنّما يثق بذلك إذا كان عارفا بالكتاب وناسخه ومنسوخه وعامّة وخاصّه وندبه وإيجابه ومحكمه ومتشابهه ، عارفا بالسنّة وناسخها ومنسوخها ، عالما باللغة ، مضطلعا بمعاني كلام العرب ، بصيرا بوجوه الإعراب ،

__________________

(١) السنن الكبرى : ١٠ / ٨٦.

(٢) نقله الشيخ في المبسوط : ٨ / ٨٢.

(٣) السنن الكبرى : ١٠ / ٩٣ ، ولاحظ نهج البلاغة الرقم ٥٢ من الكتب.

(٤) في «أ» : بولاة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

(٥) في «أ» : القيام بذلك.

١٠٦

ورعا عن محارم الله ، زاهدا في الدنيا ، متوفّرا على الأعمال الصالحة ، مجتنبا للذّنوب والسّيّئات ، شديد الحذر من الهوى ، حريصا على التقوى ، هذه عبارة الشيخين رحمهما‌الله (١).

وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :

«من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين» (٢).

وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام :

«القضاة أربعة ثلاثة منهم في النّار وواحد في الجنّة ، قاض قضى بالباطل وهو يعلم أنّه باطل ، فهو في النار ، وقاض قضى بالباطل وهو لا يعلم أنّه باطل ، فهو في النّار ، وقاض قضى بالحقّ وهو لا يعلم أنّه حقّ ، فهو في النار ، وقاض قضى بالحقّ وهو يعلم أنّه حقّ فهو في الجنّة». (٣)

وقال الصادق عليه‌السلام :

«الحكم حكمان : حكم الله عزوجل ، وحكم أهل الجاهليّة ؛ فمن أخطأ حكم الله عزوجل حكم بحكم أهل الجاهليّة ، ومن حكم بدرهمين بغير ما أنزل الله عزوجل فقد كفر بالله تعالى». (٤)

__________________

(١) المقنعة : ٧٢١ ، والنهاية : ٣٣٧.

(٢) الوسائل : ١٨ / ٨ ، الباب ٣ من أبواب صفات القاضي الحديث ٨.

(٣) نقله المفيد في المقنعة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ونقله في الوسائل عن أبي عبد الله عليه‌السلام. لاحظ المقنعة : ٧٢٢ ؛ الوسائل : ١٨ / ١١ الباب ٤ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٦.

(٤) الوسائل : ١٨ / ١٨ ، الباب ٥ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٦.

١٠٧

وعنه عليه‌السلام :

«أيّ قاض قضى بين اثنين فأخطأ سقط أبعد من السماء». (١)

وعن الباقر عليه‌السلام :

«من حكم في درهمين فأخطأ كفر». (٢)

وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :

«يؤتى بالقاضي العدل يوم القيامة فمن شدّة ما يلقاه من الحساب يودّ أن لم يكن قضى بين اثنين في تمرة». (٣)

٦٤١٥. الرابع : القضاء قد يجب على الشخص بأن يكون من أهله ، جامعا لشرائطه ، وليس هناك غيره ، فيتعيّن على الإمام نصبه ، ويجب عليه القبول ، فإن لم يعلم الإمام بحاله وجب عليه أن يأتي الإمام ويعرّفه نفسه ، ليولّيه القضاء.

أمّا لو كان هناك غيره ممّن جمع الشرائط ، فإنّه يجب على كلّ واحد منهم على الكفاية على ما تقدّم ، ولو عيّن الإمام أحدهم تعيّن ووجب عليه ، وقال الشيخ في المبسوط : لا يجب (٤).

ثمّ إن لم يكن له كفاية استحبّ له أن يليه لما فيه من طلب رزق مباح على فعل طاعة ، وهو أولى من طلبه على فعل مباح وإن كان ذا كفاية ، فإن كان مشهورا بالعلم معروفا به ، يقصده الناس ويستفتونه ويتعلّمون منه ، فالمستحبّ

__________________

(١) الوسائل : ١٨ / ١٨ ، الباب ٥ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤.

(٢) الوسائل : ١٨ / ١٨ ، الباب ٥ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٥.

(٣) السنن الكبرى : ١٠ / ٩٦ ، ورواه الشيخ في المبسوط : ٨ / ٨٢.

(٤) المبسوط : ٨ / ٨٢.

١٠٨

له الترك ، لأنّ التدريس والتعليم طاعة وعبادة مع السلامة وأمن من ضرر القضاء وإن كان خامل الذكر لا يعرف علمه ، ولا يعلم فضله ، ولا ينتفع الناس بعلمه ، استحبّ له التولية ، ليدلّ على نفسه ، ويظهر فضله ، وينتفع الناس به ، وليس له بذل المال على ذلك ، وما ذكرناه نحن أوّلا أقرب.

وأمّا الجاهل بالأحكام الشرعية ومأخذها فانّه يحرم عليه التولية وان كان ثقة مأمونا ، وكذا العالم بالأحكام وطرقها القادر على استنباط المسائل من مظانّها إذا كان فاسقا ، ولا ينفذ أحكام أحدهما.

الفصل الأوّل : في التولية والعزل

وفيه سبعة عشر بحثا :

٦٤١٦. الأوّل : قد بيّنا استحباب تولّي القضاء لمن يثق من نفسه القيام بشرائطه ، ويجب على الكفاية وإذا علم الإمام خلوّ بلد عن قاض وجب عليه نصب قاض به ، فإن منعوه (١) أهل البلد أثموا وحلّ قتالهم طلبا للإجابة ، لاحتياج أهل كلّ بلد إلى حاكم يفصل قضاياهم ، ولا يمكنهم المضيّ إلى بلد الإمام ، ومن يمكنه (٢) ذلك فربّما شقّ عليه ، فوجب اغناؤهم عنه.

وعلى الإمام البحث والسؤال لأهل المعرفة بأحوال الناس إن لم يعرف من

__________________

(١) في «أ» : فإن امتنعوه.

(٢) في «أ» : ومن تمكّنه.

١٠٩

يصلح للقضاء ، فإن ذكر له رجل لا يعرفه أحضره وسأله ، فإذا عرف اجتماع شرائط الحكم فيه ولّاه ، وإلّا طلب غيره.

ولو امتنع الجامع للشرائط لم يجبر مع وجود مثله إلّا ان يلزمه الإمام فيجب عليه.

٦٤١٧. الثاني : يشترط في القاضي البلوغ والعقل والإيمان والعدالة وطهارة المولد والعلم والذكورة والحرّية على إشكال ، والبصر كذلك ، والمعرفة بالكتابة على تردّد ، فلا ينعقد القضاء للصبيّ وإن كان مراهقا ، ولا للمجنون سواء كان جنونه مطبقا أو أدوارا ، ولا لغير المؤمن ، لأنّه ليس أهلا للأمانة ، ولا للفاسق لذلك أيضا ، ولا لولد الزّنا لنقصه وعدم صلاحيّته للإمامة وعدم قبول شهادته في الأشياء الجليلة ، ولا لغير العالم المستقلّ بأهلية الفتوى البالغ رتبة الاجتهاد.

ويشترط في معرفة الأحكام العلم بستّة أشياء : الكتاب ، والسنّة ، والإجماع ، والاختلاف ، والقياس ، ولسان العرب.

أمّا الكتاب فيحتاج في معرفته إلى عشرة أشياء : الخاصّ ، والعامّ ، والمقيّد ، والمطلق ، والمحكم ، والمتشابه ، والمجمل ، والمبيّن ، والناسخ ، والمنسوخ ، لا في الكتاب أجمع بل في الآيات المتعلّقة بالأحكام ، وهي نحو من خمسمائة آية.

وأمّا السنّة فيحتاج إلى معرفة ما يتعلّق منها بالأحكام ، دون سائر الأخبار ، ويفتقر إلى أن يعرف منها ما يعرف من الكتاب وزيادة معرفة التواتر ، والآحاد ، والمرسل ، والمتّصل ، والمسند ، والمنقطع ، والصحيح ، والضعيف ، ويحتاج إلى معرفة المجمع عليه والمختلف فيه ، وشرائط الإجماع.

١١٠

وأمّا القياس فقد أجمع علماؤنا على أنّه ليس بحجّة في الأحكام إلّا ما نصّ على علّته ، فإنّ في هذا النوع من القياس خلافا ، والأقرب عندي العمل به ، فعلى هذا يجب أن يكون عارفا بكيفية شرائطه والاستنباط منه.

ويجب أن يعرف من النّحو واللّغة والتصريف ما يتعلّق بالأحكام من الآيات والأخبار الواردة عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة المعصومين عليهم‌السلام.

ويجب أن يعرف شرائط الاستدلال وكيفيّة تركيب البراهين والترجيح وشرائطه ، ولا يشرط في ذلك البلوغ إلى الغاية ، فإنّ حصول ذلك متعذّر في أكثر الحكّام ، بل المعتبر أصول الأحكام بحيث يتمكّن من الاستنباط واستخراج ما يرد عليه من الفروع ، فإنّ المسائل الفرعيّة فرّعها المجتهدون في كتبهم ، فلا يكون شرطا في الاجتهاد.

وهل يتجزّى الاجتهاد أم لا؟ الأقرب نعم ، لما روي عن الصادق عليه‌السلام انّه قال :

«إيّاكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور ، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضائنا ، (١) فاجعلوه بينكم ، فإنّي قد جعلته قاضيا ، فتحاكموا إليه». (٢)

نعم يشترط أن يكون عارفا بجميع ما وليه ، ولا يكفيه فتوى العلماء.

٦٤١٨. الثالث : لا ينعقد القضاء للمرأة في الحدود وغيرها ، ولا للعبد ، لأنّ

__________________

(١) في المصدر «من قضايانا».

(٢) الوسائل : ١٨ / ٤ ، الباب ١ من صفات القاضي ، الحديث ٥.

١١١

القضاء من المناصب الجليلة ، فلا يليق به ، وحكم المدبّر والمكاتب المطلق وإن أدّى شيئا من مال الكتابة وتحرّر بعضه حكم القنّ ، وفيه نظر.

وأمّا الأعمى ، فالّذي ذكره الشيخ رحمه‌الله أنّه لا ينعقد قضاؤه ، لعدم تمييزه بين المقرّ والمقرّ له ، وما يكتبه كاتبه بين يديه. (١) وهو حسن.

وهل ينعقد قضاء الأمّي؟ فيه نظر ، ينشأ من شدّة الحاجة إلى الضبط الّذي لا يتيسر بغير الكتابة ، ومن كون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أوّل أمره خاليا عن الكتابة ، وهو سيّد الحكّام ، (٢) والأقرب الاشتراط ، وقوّة التمييز في النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يحصل لأحد غيره.

والأقرب انعقاد القضاء للأخرس والأصمّ.

٦٤١٩. الرابع : ينبغي أن يكون الحاكم قويّا من غير عنف ، لينا من غير ضعف ، لئلّا يطمع القويّ في باطله ، ولا ييأس (٣) الضعيف من عدله ، حليما ، بصيرا بمزايا الأمور ، (٤) ذا فطنة وقّادة ، لا يؤتى من غفلة ، ضابطا ، صحيح السمع ، قويّ البصر والبصيرة ، عارفا بلغات أهل ولايته ، شديد العفّة ، كثير الورع ، نزها بعيدا من الطمع ، صادق اللهجة ، ذا رأي سديد ، ليس بجبّار ولا عسوف ، فقد روي عن

__________________

(١) المبسوط : ٨ / ١٠١.

(٢) قال الشيخ في المبسوط : ٨ / ١٢٠ : والنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عندنا كان يحسن الكتابة بعد النبوّة ، وانّما لم يحسنها قبل البعثة.

وقال الشهيد الثاني قدس‌سره بعد نقل كلام الشيخ من المبسوط : «والأظهر خلافه». لاحظ المسالك : ١٣ / ٣٢٩. وقد بسط شيخنا السبحاني الكلام في ذلك الموضوع في كتاب «مفاهيم القرآن» الجزء الثالث فلاحظ.

(٣) في «أ» : ولا يئس.

(٤) في «أ» : «بصيرا مميّزا بالأمور» ولعلّه مصحّف.

١١٢

عليّ عليه‌السلام انّه قال : «لا ينبغي أن يكون القاضي قاضيا حتّى يكون فيه خمس خصال : عفيف ، حليم ، عالم بما كان قبله ، يستشير ذوي الألباب ، لا يخاف في الله لومة لائم». (١)

ويجوز له أن يحضر الولائم ، لما فيها من الترغيب ، فإن كثرت ولم يتمكّن من الجميع ترك الجميع ، ولا يخصّص أحدا بالحضور إلّا أن يكون في أحدها (٢) ما يمنعه كالمنكر أو يكون بعيدا.

وله عيادة المرضى ، وشهادة الجنائز ، وإتيان القادم ، وزيارة الإخوان والصالحين.

٦٤٢٠. الخامس : لا تجوز الولاية إلّا من الإمام المعصوم أو من فوّض إليه الإمام ، ثمّ الإمام إن كان ظاهرا كان أمر التولية إليه ، ولا يجوز لغيره تولية أحد القضاء إلّا بإذنه.

ولو استقضى أهل البلد قاضيا وتحاكموا إليه لم ينفذ حكمه ، ولم تثبت ولايته ، ولو تراضى خصمان بواحد من الرعيّة وترافعا إليه فحكم ، لم يلزمهما الحكم ، وإن كان غائبا نفذ قضاء الفقيه المأمون من فقهاء أهل البيت عليهم‌السلام الجامع لشرائط الفتوى ، لقول الصادق عليه‌السلام :

«فاجعلوه قاضيا فإنّي قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه» (٣).

__________________

(١) نقله البهوتي في كشّاف القناع : ٦ / ٣١٠ ـ باب آداب القاضي ـ وابن قدامة في المغني : ١١ / ٣٨٥ ، والشرح الكبير : ١١ / ٣٧٥ و ٣٩٤.

(٢) الضمير يرجع إلى «الولائم».

(٣) الوسائل : ١٨ / ٤ ، الباب ١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٥.

١١٣

«ولا يجوز العدول عنه إلى قضاة الجور ، فمن عدل إليهم كان فاسقا مأثوما».

لما رواه عبد الله بن سنان في الصحيح عن الصادق عليه‌السلام قال :

«أيّما مؤمن قدّم مؤمنا في خصومة إلى قاض أو سلطان جائر فقضى عليه بغير حكم الله تعالى فقد شركه في الإثم» (١).

وفي الصحيح عن أبي بصير عن الصادق عليه‌السلام انّه قال :

«أيّما رجل كان بينه وبين أخ مماراة في حقّ فدعاه إلى رجل من إخوانكم ليحكم بينه وبينه فأبى إلّا أن يرافعه إلى هؤلاء ، كان بمنزلة الّذين قال الله عزوجل : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ). (٢) (٣)

٦٤٢١. السادس : إذا ولي من يتعيّن عليه القضاء ، فإن كان ذا كفاية حرم عليه أخذ الرزق على القضاء ، لأنّه يؤدّي فرضا ، ولما رواه عبد الله بن سنان في الصّحيح قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن قاض بين قريتين يأخذ من السّلطان على القضاء الرزق ، فقال :

«ذلك سحت». (٤)

__________________

(١) الوسائل : ١٨ / ٢ ـ ٣ ، الباب ١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١.

(٢) النساء : ٥٩.

(٣) الفقيه : ٣ / ٣ ، الباب ١ من أبواب القضاء ، برقم ٥ ؛ والوسائل : ١٨ / ٣ ، الباب ١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢.

(٤) الوسائل : ١٨ / ١٦١ ـ ١٦٢ ، الباب ٨ من أبواب آداب القاضي ، الحديث ١.

١١٤

وإن لم يكن ذا كفاية جاز له أخذ الرزق عليه ، لأنّ بيت المال للمصالح ، وهذا من أعظمها.

وإن لم يتعيّن عليه القضاء ، وكان ممّن يجوز له القضاء ، فإن كان ذا كفاية استحبّ له أخذ الرزق وإن أخذ جاز ، وإن لم يكن ذا كفاية جاز له أخذ الرزق عليه إجماعا.

أمّا أخذ الأجرة عليه ، فإنّه حرام بالإجماع ، سواء تعيّن عليه أو لم يتعيّن ، وسواء كان ذا كفاية أو لا.

وليس له أخذ الجعل من المتحاكمين ، سواء كان القضاء متعيّنا عليه أو لا ، وسواء كان محتاجا أو لا.

وكذا لا يجوز للشاهد أخذ الأجرة على الشهادة تحمّلا وأداء ، سواء تعيّن عليه أو لا ، وسواء كان محتاجا أو لا ، وكذا المؤذّن.

نعم يجوز للشاهد والمؤذّن إذا كانا محتاجين أخذ الرزق من بيت المال ، وكذا يجوز للقاسم وكاتب القاضي والمترجم وصاحب الديوان ووالي بيت المال ومن يكيل للنّاس ويزن وينتقد ويعلّم القرآن والآداب أخذ الرزق من بيت المال.

أمّا الرشوة فانّها حرام على آخذها ويأثم الدافع لها إن توصّل بها إلى الحكم بالباطل ، ولو توصّل إلى الحقّ لم يأثم ، ويأثم المرتشي على التقديرين ، ويجب عليه دفع الرشوة إلى صاحبها ، سواء حكم له أو عليه ، ولو تلفت ضمنها.

أمّا الهديّة فإن كانت ممّن له عادة بقبول الهديّة منه ، فلا بأس ، إلّا أن

١١٥

يفعل ذلك لأجل الحكم ، فتحرم ، وإن كانت ممّن لا عادة له بالإهداء فالوجه تحريمها ، لأنّه كالرشوة.

٦٤٢٢. السابع : إذا وجد اثنان متساويان في الشرائط ، تخيّر الإمام في نصب أيّهما شاء ، إن تساويا في الفضيلة ، ولو تفاوتا فيها بأن يكون أحدهما أفضل من صاحبه أو أزهد منه ، فالوجه وجوب تقديم الفاضل على المفضول ، ويحتمل جواز تقديم المفضول ، لأن نقصه ينجبر بنظر الإمام بخلاف الرئاسة العامّة.

٦٤٢٣. الثامن : إذا أذن الإمام له في الاستخلاف جاز ، وإن منعه لم يجز له الاستنابة ، وإن أطلق ، فإن كان هناك أمارة تدلّ على تسويغ الاستنابة جازت ، وإلّا فلا ، كما لو اتّسعت الولاية ، والعادة قاضية بكثرة النواب فيها وعجزت اليد الواحدة عنها.

٦٤٢٤. التاسع : ولاية القضاء تتجزّأ (فيه) (١) فلو استنابه في الحكم بين الرجال خاصّة ، لم يكن له الحكم بين النساء ، ولا بينهنّ وبين الرجال ، وبالعكس ، وكذا لو استنابه في القضاء في الأموال دون النفوس ، أو بالعكس ، لم تعمّ الولاية ، ولو استثنى شخصا عن ولايته سقطت عنه.

٦٤٢٥. العاشر : يجوز نصب قاضيين في بلد واحد ، بأن يخص كلّ واحد منهما بطرف ، ولو أثبت لكلّ واحد منهما الاستقلال في جميع البلد ، فالأقرب الجواز ، ولو نصبهما على ألا يستقلّ أحدهما دون الاخر ، لم يجز ، لكثرة الاختلاف في الاجتهاد ، فيؤدّي إلى بقاء الخصومات.

__________________

(١) ما بين القوسين يوجد في «أ».

١١٦

٦٤٢٦. الحادي عشر : لا تجوز تولية من لا يصلح للقضاء ، وإن اقتضت المصلحة توليته ففي انعقاد ولايته نظر ، أقربه المنع ، وتولية عليّ عليه‌السلام لمن لا يرتضيه ليس بحجة ، لأنّه كان يشاركه فيما ينفذه ، فيكون هو الحاكم في تلك الواقعة بالحقيقة (١).

٦٤٢٧. الثاني عشر : إذا استخلف القاضي نائبا شرط فيه ما يشترط في القاضي من بلوغ رتبة الاجتهاد إلّا أن يخصّه بالنظر في التزكية ، وتعيين الشهود ، وسماع البيّنة ، فالوجه اشتراط علمه بما يحتاج إليه في ذلك دون اشتراط منصب الاجتهاد ، وليس له أن يشترط على النائب الحكم بخلاف اجتهاده أو بخلاف اعتقاده.

٦٤٢٨. الثالث عشر : لا ينفذ حكم من لا تقبل شهادته على المحكوم عليه ، كالولد على الوالد ، والعبد على المولى ، والعدوّ على عدوّه ، وإن كان بالبيّنة ، لأنّ له الاستقصاء في دقائق أداء الشهادة والردّ بالتهمة ، وله التسامح.

ولو تولّى وصيّ اليتيم القضاء فهل يقضي له؟ فيه نظر ، ينشأ من كونه خصما في حقّه كما في حقّ نفسه ، ومن أنّ كلّ قاض فهو وليّ الأيتام.

٦٤٢٩. الرابع عشر : إذا ولّاه الإمام قضاء بلد ، فإن كان نائيا بعيدا لا يشيع خبر توليته إليهم سيّر الإمام معه شاهدين ، وأشهدهما على نفسه بالتولية ، وكذا لو كان البلد قريبا ولم يستفض خبره ، أمّا لو كان البلد قريبا يمكن استفاضة الخبر إليه ، فإنّه تثبت ولايته بالاشتهار والاستفاضة ، وكذا يثبت بالاستفاضة النسب ، والملك

__________________

(١) كما ورد لمّا ولى عليّ عليه‌السلام شريحا القضاء (شرط عليه ألا ينفذ القضاء حتّى يعرضه عليه) ، لاحظ الوسائل : ١٨ / ٦ ، الباب ١ من أبواب صفات القاضى ، الحديث ١.

١١٧

المطلق ، والموت ، والنكاح ، والوقف ، والعتق ، ولا تثبت الولاية بدون هذين الشيئين ، ولا يجب على أهل البلد قبول قوله المجرّد عن أحدهما ، وإن شهدت له الأمارات المفيدة للظنّ.

٦٤٣٠. الخامس عشر : إذا حدث بالقاضي ما يمنع الانعقاد ، انعزل وإن لم يشهد الإمام بعزله ، كالجنون والفسق والنسيان ، ولو جنّ ثمّ أفاق لم تعد ولايته ، ولا ينعزل بالسهو السّريع زواله مع تمكّنه من الضبط ، ولو حكم من عرض له المانع لم ينفذ حكمه ، وإن لم يعزله الإمام.

ولو لم يحدث به مانع لكن رأى الإمام تولية غيره أولى ، أو كان عزله مصلحة ، كان له عزله تحصيلا للمصلحة الزائدة ، ولو لم يكن هناك مصلحة زائدة ، ولا حضر من هو أولى منه ، ففي جوار عزله اقتراحا نظر ، أقربه الجواز ، لأنّها ولاية تثبت بنظر الإمام ، فيتّبع (١) اختيار المنوب.

ولو حصلت ريبة عند الإمام من القاضي. جاز له عزله وكفاه غلبة الظنّ في ذلك.

وكلّ موضع يجوز عزله مع جواز إبقائه ، هل ينعزل بالعزل أو يتوقّف على سماعه؟ الأقرب الثاني ، لما فيه من الضرر.

ولو كتب إليه : إذا قرأت كتابي هذا ، فأنت معزول ، انعزل مع قراءته أو القراءة عليه.

٦٤٣١. السّادس عشر : إذا مات الإمام انعزل القضاة أجمع ، وهو أحد قولي

__________________

(١) في «ب» : فينبغي.

١١٨

الشيخ رحمه‌الله (١) ولو مات القاضي الأصلي ، ففي انعزال نائبه نظر ، وإذا عزله الإمام بعد سماع البيّنة ثمّ ولى وجبت الاستعادة ، ولو خرج من ولايته ثمّ عاد لم يحتج إلى الاستعادة.

٦٤٣٢. السّابع عشر : إذا اتّفق في البلد فقيهان في حال غيبة الإمام عليه‌السلام وكلّ منهما له أهليّة الفتوى والحكم ، كان الخيار للمدّعي في رفعه إلى من شاء منهما ، وكذا لو تعدّدوا ، ولو رضيا بالفقيهين واختلف الفقيهان ، نفذ حكم الأعلم الأزهد ، لما رواه داود بن الحصين عن الصادق عليه‌السلام في رجلين اتّفقا على عدلين جعلاهما بينهما في حكم وقع بينهما فيه خلاف ، فرضيا بالعدلين ، واختلف (٢) العدلان بينهما ، عن قول أيّهما يمضى الحكم؟

قال : «ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا ، وأورعهما ، فينفذ حكمه ، ولا يلتفت إلى الاخر» (٣).

وعن داود بن الحصين عن عمر بن حنظلة عن الصادق عليه‌السلام قال قلت : في رجلين اختار كلّ واحد منهما رجلا فرضيا أن يكونا النّاظرين في حقّهما ، فاختلفا فيما حكما ، وكلاهما اختلفا في حديثنا؟

قال : «الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث ، وأورعهما ، ولا يلتفت إلى ما يحكم به الاخر».

قال : قلت : فإنّهما عدلان ، مرضيّان عند أصحابنا ، ليس يتفاضل واحد منهما على صاحبه؟

__________________

(١) ذهب إليه في المبسوط : ٨ / ١٢٧.

(٢) في المصدر : فاختلف.

(٣) الفقيه : ٣ / ٥ ، برقم ١٧ ، والوسائل : ١٨ / ٨٠ الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٠.

١١٩

قال : فقال : ينظر إلى ما كان من روايتهما عنّا في ذلك الّذي حكما به المجمع عليه أصحابك ، فيؤخذ به من حكمنا ، ويترك الشّاذ الّذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فإنّ المجمع عليه حكمنا لا ريب فيه ، وإنّما الأمور ثلاثة : أمر بيّن رشده فمتّبع ، وأمر بيّن غيه فمتجنب ، وأمر مشكل يردّ حكمه إلى الله عزوجل ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«حلال بيّن ، وحرام بيّن ، وشبهات بين ذلك ، فمن ترك الشبهات نجا من المحرّمات ، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرّمات وهلك من حيث لا يعلم».

قلت : فإن كان الخبران عنكم مشهورين ، قد رواهما الثقات عنكم؟

قال : ينظر فما وافق حكمه الكتاب والسّنة وخالف العامّة أخذ به.

قلت : جعلت فداك وجدنا أحد الخبرين موافقا للعامّة والاخر مخالفا لها بأيّ الخبرين يؤخذ؟

قال : بما يخالف العامّة ، فإنّ فيه الرشاد.

قلت : جعلت فداك فإن وافقهما الخبران جميعا؟

قال : ينظر إلى ما هم إليه أميل حكامهم وقضاتهم ، فيترك ويؤخذ بالآخر.

قلت : فإن وافق حكّامهم وقضاتهم الخبران جميعا؟

قال : إذا كان كذلك فارجه حتّى تلقى إمامك ، فإنّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في المهلكات. (١)

__________________

(١) الفقيه : ٣ / ٥ ـ ٦ ، برقم ١٨ نقلناها عن الفقيه ، لأنّ صاحب الوسائل جزّأها ونقلها في مواضع مختلفة. لاحظ الوسائل : ١٨ / ٧٥ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١.

١٢٠