تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-018-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٥٨

المقصد الرابع : في حدّ المسكر والفقاع

وفيه عشرون بحثا :

٦٨١٦. الأوّل : الخمر حرام بالنّص والإجماع ، قال الله تعالى : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ) (١) وهو الخمر ، قال تعالى (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ) (٢) وقال الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) ـ إلى قوله ـ (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (٣) وفيه عشرة أدلّة على التحريم.

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«كلّ شراب مسكر فهو حرام» (٤).

وقال عليه‌السلام :

__________________

(١) الأعراف : ٣٣.

(٢) البقرة : ٢١٩.

(٣) المائدة : ٩٠ ـ ٩١ وفي الآيتين عشرة أدلّة على تحريم الخمر فصّلها الشيخ في المبسوط : ٨ / ٥٧ ـ ٥٨.

(٤) سنن البيهقي : ٨ / ٢٩١. ولاحظ الوسائل : ١٧ / ٢٦٤ ـ ٢٦٥ ، الباب ١٥ من أبواب الاشربة المحرّمة.

٣٤١

«الخمر شرّ الخبائث ، من شربها لم يقبل الله صلاته أربعين يوما ، فإن مات وهي في بطنه مات ميتة جاهليّة» (١).

ولعن في الخمر عشرة فقال :

«لعن الله الخمر ، وعاصرها ، ومعتصرها ، وبائعها ، ومشتريها ، وحاملها ، والمحمولة إليه ، وساقيها ، وشاربها ، وآكل ثمنها» (٢).

وروى ابن بابويه قال : حرّم رسول الله كلّ شراب مسكر ، ولعن الخمر وغارسها ، وحارسها ، وحاملها ، والمحمولة إليه ، وبائعها ، ومشتريها ، وآكل ثمنها ، وساقيها ، وعاصرها ، وشاربها (٣).

وروي : «أنّ شارب الخمر كعابد الوثن» (٤).

وقال الصادق عليه‌السلام :

«لا تجالسوا شرّاب الخمر فانّ اللعنة إذا نزلت عمّت من في المجلس» (٥).

وقال عليه‌السلام :

«شارب الخمر إن مرض فلا تعودوه ، وإن مات فلا تشهدوه ، وإن

__________________

(١) نقله الشيخ في المبسوط : ٨ / ٥٨ ؛ والحلّي في السرائر : ٣ / ٤٧٣.

(٢) الوسائل : ١٧ / ٣٠٠ ـ ٣٠١ ، الباب ٣٤ من أبواب الأشربة المحرّمة.

(٣) الفقيه : ٤ / ٤٠ ، في ذيل الحديث ١٣١.

(٤) مستدرك الوسائل : ١٧ / ٤٧ ، الباب ٥ من أبواب الأشربة المحرّمة ، الحديث ١٣ ، ولاحظ الوسائل : ١٧ / ٢٥٥ ، الباب ١٣ من أبواب الأشربة المحرّمة ، الحديث ١٢.

(٥) الفقيه : ٤ / ٤١ ، رقم الحديث ١٣٢.

٣٤٢

شهد فلا تزكّوه ، وان خطب إليكم فلا تزوّجوه ، فإنّ من زوّج ابنته شارب خمر فكأنّما اقادها الى النار (١) ، ومن زوّج ابنته مخالفا له على دينه ، فقد قطع رحمها ، ومن ائتمن شارب خمر لم يكن له على الله تبارك وتعالى ضمان» (٢).

والأحاديث في ذلك كثيرة.

٦٨١٧. الثّاني : يجب الحدّ بتناول المسكر والفقّاع من العالم بالتّحريم ، المختار في التناول ، العالم بالمسكر ، البالغ الرشيد ، سواء تناول بشرب ، أو اصطباغ ، (٣) أو مزجه بالغذاء والدواء ، وكيف كان.

والمراد بالمسكر هنا ما من شأنه أن يسكر ، سواء أسكر أو لا لقلّته ، فإنّ القطرة يجب بتناولها الحدّ ، كما يجب بتناول الكثير ، وسواء كان المسكر خمرا ـ وهو المعتصر من العنب ـ أو نقيعا ـ وهو المتّخذ من الزبيب ، أو بتعا ـ وهو المتّخذ من العسل ـ أو مزرا ـ وهو المتّخذ من الشعير أو الحنطة أو الذّرّة ـ أو نبيذا ـ وهو المتّخذ من التمر ـ وكذا المعمول من جنسين فما زاد.

٦٨١٨. الثالث : العصير من العنب إذا غلا حرم ، وكان حكمه حكم الخمر في تعلّق الحدّ بتناوله ، سواء غلى من نفسه أو بالنّار ، وحدّ الغليان أن ينقلب أسفله أعلاه وإن لم يقذف بالزبد ، ويستمرّ تحريمه إلى أن يذهب ،

__________________

(١) وفي بعض الأحاديث «الى الزنا» كما في «ب».

(٢) الفقيه : ٤ / ٤١ ، رقم الحديث ١٣٣ ، الوسائل : ١٧ / ٢٤٩ ، الباب ١١ من أبواب الأشربة المحرمة ، الحديث ٧.

(٣) في مجمع البحرين : الصّبغ بكسر الصاد : ما يصبغ به من الإدام ، أي يغمس فيه الخبز ويؤكل ، ويختصّ بكلّ أدام مائع كالخل ونحوه.

٣٤٣

ثلثاه ، أو ينقلب خلًّا ، ولا يحرم بمرور ثلاثة أيّام عليه إذا لم يغل.

أمّا غير عصير العنب فإنّما يحرم إذا حصلت فيه الشّدّة المسكرة.

والتّمر إذا غلى ولم يبلغ حدّ الإسكار ، فالأقرب بقاؤه على التّحليل حتّى يبلغ الشّدّة المسكرة ، وكذا الزبيب إذا نقع بالماء فغلى من نفسه أو بالنار.

٦٨١٩. الرابع : حكم الفقّاع حكم المسكر في التحريم والحدّ بالتّناول شربا أو اصطباغا ، وتداويا ، مع الاختيار ، والعلم بالتحريم ، والبلوغ ، والرّشد ، وليس بمسكر وإنّما أجمع أصحابنا كافّة على إلحاقه بالمسكر في أحكامه أجمع.

٦٨٢٠. الخامس : لا حدّ على من أكره على الشّرب ، سواء خوّف حتّى شرب ، أو وجر في حلقه ، ولا على من جهل التحريم أو جهل المشروب.

ويثبت الحدّ على من شربه في دواء كالتّرياق ، أو يتناوله بغير الشرب وإن قصد الدواء ما لم يبلغ التلف ، على ما سبق البحث فيه.

٦٨٢١. السّادس : يثبت هذا الفعل بشهادة عدلين ذكرين ، أو الإقرار مرّتين ، ولا تكفي المرّة الواحدة ، ولا يفتقر مع الإقرار إلى وجود الرّائحة ، ولا يثبت بشهادة النساء منفردات ولا منضمّات.

ولو شهدا بشربها ، أو شهد أحدهما بشربها والاخر بقيئها ، أو شهدا بقيئها ، ثبت الحدّ.

ولو ادّعى الإكراه أو الجهل بالتحريم مع إمكانه أو بالمسكر ، قبل منه.

ويشترط صدور الإقرار من البالغ العاقل الحرّ المختار.

٣٤٤

٦٨٢٢. السّابع : حدّ المسكر ثمانون جلدة ، سواء شربه ، أو تناوله بغير الشرب ، وسواء شرب القليل ولو قطرة ، أو الكثير ، وسواء انفعل عنه أو لا ، وسواء كان المتناول رجلا أو امرأة ، حرّا كان أو عبدا ، وفي رواية : «يحدّ العبد أربعين جلدة» (١) وهي مطّرحة ، هذا إذا كان الشارب مسلما فإن كان كافرا وتظاهر بالشرب ، أو خرج بين المسلمين سكران ، جلد ثمانين جلدة ، وإن استتر في منزله أو بيعته أو كنيسته بالشرب ، ولم يخرج سكران بين المسلمين ، لم يحدّ.

٦٨٢٣. الثّامن : يجلد الشارب عريانا على ظهره وكتفه ، ويتّقى وجهه وفرجه ، ولا يقام الحدّ عليه حتّى يفيق ، فإن تكرّر الحدّ مرتين ، قتل في الثالثة ، وقيل : لا يقتل حتّى يحدّ ثلاث مرّات ، فيقتل في الرابعة (٢).

ولو تكرّر الفعل منه ولم يحدّ كفى حدّ واحد.

٦٨٢٤. التّاسع : لو شرب الخمر مستحلّا ، قتل إن كان عن فطرة ، وإن لم يكن عن فطرة استتيب ، فإن تاب ، وإلّا قتل ، وقيل : يستتاب مطلقا ، سواء كان عن فطرة أو عن غيره ، فإن تاب ، وإلّا قتل (٣) والأوّل أقوى ، وإذا تاب أقيم عليه الحدّ.

ولو شرب ما عداه من المسكرات مستحلّا لم يقتل ، لوقوع الخلاف بين المسلمين ، بل يقام الحدّ عليه ، سواء شربها مستحلّا أو محرّما.

ولو باع الخمر مستحلّا استتيب ، فإن تاب ، وإلّا قتل ، ولو لم يكن مستحلّا

__________________

(١) الوسائل : ١٨ / ٤٧٢ ، الباب ٦ من أبواب حد المسكر ، الحديث ٧.

(٢) هو خيرة الشيخ في المبسوط : ٨ / ٥٩ والخلاف : ٥ / ٤٧٣ ، المسألة ١ من كتاب الأشربة ، ورجّحه فخر المحقّقين في الإيضاح : ٤ / ٥١٥.

(٣) ذهب إليه الشيخ في النهاية : ٧١١ ـ ٧١٢ ؛ والمفيد في المقنعة : ٧٩٩ ؛ والقاضي في المهذّب :

٢ / ٥٣٥.

٣٤٥

عزّر ، وما عدا الخمر إذا باعه مستحلّا يستتاب ، ولا يقتل مع امتناعه بل يؤدّب.

٦٨٢٥. العاشر : لو تاب قبل قيام البيّنة ، سقط الحدّ ، وإن تاب بعدها لم يسقط ، ولو ثبت الحدّ بإقراره وتاب ، تخيّر الإمام بين الإقامة والعفو ، وقيل يتحتّم هنا الاستيفاء (١) وهو أقوى.

٦٨٢٦. الحادي عشر : لا ينبغي للمسلم أن يجالس شرّاب شي‌ء من المسكرات ، ولا أن يجلس على مائدة يشرب عليها شي‌ء من ذلك ، خمرا كان أو غيره ، وكذا الفقّاع ، فمن فعل ذلك أدّب حسب ما يراه الإمام.

٦٨٢٧. الثّاني عشر : كلّ من استحلّ شيئا من المحرّمات المجمع على تحريمها ، كالميتة ، والدّم ، ولحم الخنزير ، والربا ، كان مرتدّا ، فإن كان مولودا على الفطرة قتل ، وإلّا استتيب ، فإن تاب وإلّا ضربت عنقه ، وإن تناول شيئا من ذلك محرّما له ، كان عليه التعزير ، فإن عاد بعد ذلك عزّر ، وغلظ عقابه ، فإن تكرّر منه ، فعل به كما فعل أوّلا ، ويغلظ زيادة ، فإن عاد في الرابعة قتل.

ويعزّر آكل الجرّي ، والمارماهي ، والزمار ، ومسوخ السمك ، ومسوخ البرّ ، وسباع الطير ، والطحال ، وغير ذلك ، ممّا يحرم أكله ، فإن عاد ثانية عزّر.

قال ابن إدريس : فإن استحلّ شيئا من ذلك قتل (٢) وعندي فيه نظر.

وإذا تاب من وجب عليه التعزير قبل قيام البيّنة ، سقط عنه ، فإن تاب بعدها لم يسقط ، وإن تاب بعد الإقرار قبل أن يرفع إلى الحاكم ، سقط الحدّ ، وإن تاب بعد إقراره عند الحاكم ، أقيم الحدّ عليه.

__________________

(١) ذهب إليه الشيخ في المبسوط : ٨ / ٤ ؛ والحلّي في السرائر : ٣ / ٤٧٨.

(٢) السرائر : ٣ / ٤٧٨.

٣٤٦

٦٨٢٨. الثّالث عشر : لو شرب المسكر في شهر رمضان ، أو موضع شريف أو زمان شريف ، أقيم عليه الحدّ ، وأدّب بعد ذلك بما يراه الإمام.

٦٨٢٩. الرابع عشر : من قتله الحدّ أو التعزير فلا دية له ، ولا كفّارة في قتله ، وقال الشيخ رحمه‌الله في المبسوط : الّذي يقتضيه مذهبنا أنّه تجب الدّية في بيت المال (١) وليس بجيّد.

ولو مات المحدود بالحدّ فبان فسق الشاهدين ، كانت الدية على بيت المال ، لأنّه من خطأ الحاكم (٢).

ولو أنفذ الحاكم إلى امرأة حامل لإقامة حدّ ، فأجهضت (٣) فزعا منه ، فخرج الجنين ميّتا ، فعلى الحاكم الضمان ، ومحلّ الضمان قال الشيخ رحمه‌الله : في بيت المال لأنّه من خطاء الحاكم (٤) وقال ابن إدريس : يكون على عاقلة الإمام ، والكفّارة في ماله ، واستدلّ على ذلك بقضيّة عمر بن الخطّاب حيث بعث إلى امرأة فأجهضت ، وأشكل عليه الحال ، فأفتاه أمير المؤمنين عليه‌السلام بوجوب الدية على العاقلة (٥). والأوّل أقوى ، لأنّ عمر ليس حاكما عنده عليه‌السلام في نفس الأمر.

ولو أمر الحاكم بضرب المحدود زيادة على الحدّ فمات ، فإن كان الحدّاد جاهلا ، فعلى الحاكم نصف الدّية في ماله ، لأنّه شبيه العمد ، وإن كان سهوا ،

__________________

(١) المبسوط : ٨ / ٦٣.

(٢) في «ب» : لأنّه من خطاء الحكّام.

(٣) أي أسقطت ما في بطنها.

(٤) المبسوط : ٨ / ٦٤.

(٥) السرائر : ٣ / ٤٨٠ ، ولاحظ الوسائل : ١٩ / ٢٠٠ ، الباب ٣٠ من أبواب موجبات الضمان ، الحديث ١ و ٢.

٣٤٧

فالنصف على بيت المال ، ولو كان الحدّاد عالما ، فعليه القصاص ، لأنّه مباشر للإتلاف.

ولو أمره الحاكم بالاقتصار على الحدّ ، فزاد الحدّاد عمدا ، اقتصّ منه ، وإن زاد سهوا ، فالنّصف على عاقلته ، سواء غلط في حساب الأسواط أو لا.

٦٨٣٠. الخامس عشر : قد بيّنا أنّ من تناول المسكر حدّ ، سواء شربه ، أو ثرد في الخمر ، أو اصطبغ به ، أو طبخ به لحما فأكل من مرقته ، أو لتّ (١) به سويقا فأكله ، ولو عجن به دقيقا ، ثمّ خبزه ، احتمل سقوط الحدّ ، لأنّ النّار أكلت أجزاء الخمر ، نعم يعزّر ، ولو قلنا بحدّه كان قويّا.

ولو احتقن بالخمر لم يحدّ ، لأنّه لم يشرب ولم يأكل ، ولو أسعط (٢) به حدّ ، لأنّه وصل إلى باطنه من حلقه.

ولو شربها مكرها لم يحدّ ، ولو اضطرّ إليها ، بأن لم يجد دافعا للغصّة سواها ، وكذا لو خاف التلف من العطش ، وليس له التّداوي بها.

٦٨٣١. السّادس عشر : لا يكفي في الحدّ وجود الرائحة في فيه ، لاحتمال المضمضة والإكراه وشرب ما يحصل به مثل تلك الرائحة ، كربّ التفّاح.

ولو وجد سكران أو تقيّا ، فالأقرب سقوط الحدّ ، لاحتمال الإكراه والجهل ، ولا ينسحب ذلك على إذا ما شهد واحد بشربها وآخر بقيئها.

وإذا شهد العدلان بأنّه شرب مسكرا ، حدّ ولا يحتاجان إلى بيان نوعه ولا

__________________

(١) في مجمع البحرين : اللّتّ : هو إلزاق الشي‌ء بالشي‌ء وخلط بعضه في بعض ، دقيق ملتوت بالزيت أي مخلوط به.

(٢) في مجمع البحرين : سعطه الدواء كمنعه ونصره : أدخله في أنفه.

٣٤٨

إلى ذكر عدم الإكراه أو ذكر علمه بأنّه مسكر ، لأن الظاهر الاختيار والعلم.

٦٨٣٢. السّابع عشر : إذا زاد على الحدّ ، فعليه نصف الضمان ، ولا تقسط الدّية على الأسواط.

٦٨٣٣. الثّامن عشر : يضرب الشارب قائما ، ليأخذ كلّ عضو منه حصّته من الضرب ، ويتّقى وجهه وفرجه ورأسه ، لأنّها مقاتل ، ويكثر من الضرب في مواضع اللحم كالأليتين والفخذين ، ولا يمدّ ولا يربط ، ويضرب بالسّوط ، ولا يقوم مقامه الأيدي والنّعال (١).

وتضرب المرأة جالسة وقد ربطت عليها ثيابها ، لئلّا تنكشف.

ولا يقام الحدّ في المساجد.

٦٨٣٤. التاسع عشر : إذا انقلب الخمر خلًّا حلّت ، سواء انقلبت بعلاج أو من قبل نفسها ، وسواء عولجت بإلقاء شي‌ء فيها ، أو بنقلها من الشمس إلى الظّلّ وبالعكس.

٦٨٣٥. العشرون : التعزير يكون بالضرب ، أو الحبس ، أو التوبيخ ، أو بما يراه الإمام ، (٢) وليس فيه قطع شي‌ء منه ، ولا جرحه ، ولا أخذ ما له.

والتعزير فيما يسوغ فيه التعزير واجب ، ولا يجب ضمانه لو تلف بالتعزير السائغ.

__________________

(١) ردّ لما نقل عن بعض فقهاء أهل السنّة من أنّه يقام الحدّ بالأيدي والنعال وأطراف الثياب. لاحظ المغني لابن قدامة : ١٠ / ٣٣٧.

(٢) كذا في «أ» : ولكن في «ب» : أو التوبيخ بما يراه الإمام.

٣٤٩
٣٥٠

المقصد الخامس : في حدّ السّرقة

وفيه فصول :

[الفصل] الأوّل : [في] السّارق

وفيه أربعة عشر بحثا :

٦٨٣٦. الأوّل : يشترط في السارق البلوغ ، والعقل ، وارتفاع الشبهة والشركة ، وهتك الحرز ، والإخراج سرّا ، وانتفاء الأبوّة والعبوديّة ، فلو سرق الطفل لم يحدّ ، ويؤدّب ، وإن تكرّرت سرقته ، قال في النهاية : يعفى عنه أوّل مرّة ، فإن عاد أدّب ، فإن عاد حكّت أنامله حتّى تدمى ، فإن عاد قطعت أنامله ، فإن عاد قطع كما يقطع الرجل ، (١) للرّواية (٢).

ولو سرق المجنون لم يجب الحدّ لسقوط التكليف عنه ، قيل (٣) : ويؤدّب.

__________________

(١) النهاية : ٧١٦.

(٢) بل الروايات ، لاحظ الوسائل : ١٨ / ٥٢٢ ، الباب ٢٨ من أبواب حدّ السرقة.

(٣) القائل هو المحقّق في الشرائع : ٤ / ١٧٢.

٣٥١

٦٨٣٧. الثّاني : يشترط في الحدّ ارتفاع الشبهة ، فلو توهّم الملك في المسروق ، فبان غير مالك ، سقط الحدّ ، وكذا لو كان المال مشتركا وأخذ منه ما يظنّ أنّه قدر نصيبه ، فبان أنّه أخذ زيادة عليه بقدر النصاب.

٦٨٣٨. الثّالث : يشترط ارتفاع الشركة ، فلو سرق الشريك من المال المشترك بقدر نصيبه ، حمل على قسمة فاسدة ، ولم يقطع ، وإن زاد بقدر النصاب قطع.

ولو سرق من مال الغنيمة ما يزيد عن نصيبه بقدر النصاب قطع ، وإلّا فلا ، وفي رواية : لا قطع مطلقا. (١)

٦٨٣٩. الرابع : يشترط في الحدّ هتك الحرز منفردا أو مشاركا ، فلو هتك غيره وأخرج هو ، فلا قطع على أحدهما ، ولو لم يكن المال محرزا لم يجب القطع ، والحرز لم ينصّ الشارع على تعيينه ، وإنّما ردّهم فيه إلى العرف فكلّ ما عدّ في العرف حرزا ، فهو حرز ، كالمحرز بقفل ، أو غلق ، أو دفن.

وقال الشيخ رحمه‌الله : إنّه كلّ موضع ليس لغير مالكه الدّخول إليه إلّا بإذنه (٢) وهو يختلف باختلاف الأموال ، فالذّهب والفضّة والجواهر تحرز في صندوق مقفّل ، أو بيت مغلق ، والإبل في الساحة والرحبة بشرط أن يكون عليها حائط وغلق ، والثياب في الدّار والدّكان ، والضابط في ذلك ما قدّمناه من القفل والغلق والدّفن.

٦٨٤٠. الخامس : يشترط أن يخرج المتاع بنفسه أو مشاركا ، سواء باشر

__________________

(١) الوسائل : ١٨ / الباب ١٢ من أبواب حدّ السرقة ، الحديث ٣ ولاحظ الباب ٢٤ من هذه الأبواب الحديث ١.

(٢) المبسوط : ٨ / ٢٢.

٣٥٢

الإخراج أو أخرجه بالسّبب ، بأن يشدّه بالحبل ثمّ يجذبه من خارج الحرز (١) أو يضعه على دابّة ، أو على جناح طائر من شأنه العود إليه ، أو يأمر صبيّا غير مميّز بإخراجه ، لأنّه كالآلة ، أمّا لو كان مميّزا فإنّه ليس كالآلة ، فلا قطع على الامر ولا على الصبيّ ، لعدم التكليف.

ولو اشترك رجلان في النّقب ، ودخل أحدهما فأخرج المتاع وحده ، أو أخذه وناوله الاخر خارجا من الحرز ، أو رمى به إلى خارج الحرز فأخذه الاخر ، فالقطع على الدّاخل وحده.

٦٨٤١. السّادس : يشترط انتفاء الأبوة ، فلا يقطع الأب لو سرق من مال ولده وإن نزل ، ويقطع الولد لو سرق من مال والده ، وكذا تقطع الأمّ وإن علت إذا سرقت من مال الولد وبالعكس ، وكذا جميع الأقارب يثبت الحدّ عليهم وإن كانوا ذوي رحم يحرم بينهم التّناكح.

٦٨٤٢. السّابع : يشترط انتفاء العبوديّة للمالك ، فلا قطع على العبد لو سرق من مال مولاه ، والمدبّر وأمّ الولد والمكاتب المشروط كالقنّ ، وكذا المطلق وإن تحرّر بعضه ، ويقطع هؤلاء كلّهم إذا سرقوا من غير المالك ولا يقطع المولى لو سرق من مال مكاتبه.

٦٨٤٣. الثّامن : يشترط أن يأخذ سرّا ، فلو هتك الحرز ظاهرا قهرا وأخذ المال لم يقطع ، وإنّما يقطع إذا أخذ المال على وجه الخفية والاستتار ، ولا يقطع المستأمن لو خان ، ولا المختطف ، ولا المستلب ، ولا المختلس ، ولا جاحد العارية ، ولا جاحد الوديعة وغيرهما من الأمانات.

__________________

(١) كذا في «ب» ولكن في «أ» : ثمّ يأخذ به من خارج الحرز.

٣٥٣

٦٨٤٤. التاسع : لا فرق بين أن يكون السارق مسلما أو كافرا ، حرّا أو عبدا ، ذكرا أو أنثى ، فيقطع كلّ واحد منهم.

ويقطع الآبق إذا سرق من غير مال سيّده ، ولا يقطع بسرقة نفسه ، لأنّه لا قطع على العبد إذا سرق من مال مولاه.

والحربيّ إذا دخل مستأمنا إلينا فسرق قطع ، ويقطع المرتدّ إذا سرق وكذا يقطع المسلم إذا سرق من مال الذّمّي وبالعكس ، ولا يقطع المرتدّ إذا سرق من مال الحربيّ ، ولا يقطع عبد الغنيمة اذا سرق منها ، بل يؤدّب.

٦٨٤٥. العاشر : لا يقطع الرّاهن إذا سرق الرهن من المرتهن ، وإن استحقّ المرتهن إمساكه ، ولا الموجر إذا سرق العين المستأجرة من المستأجر.

ويقطع المسلم إذا سرق من بيت المال ، إلّا أن يكون له فيه حقّ ، فيقطع إن سرق أكثر من حقّه بقدر النصاب ، وكذا لو سرق من الغنيمة من يستحقّ الخمس قبل إخراج الخمس ، أو سرق أبو الغانم أو سيّده.

٦٨٤٦. الحادي عشر : الأجير إن سرق من مال الموجر وقد أحرز عنه ، قطع ، وفي رواية : لا يقطع (١) وهي محمولة على حالة الاستئمان.

وفي الضّيف قولان : أحدهما لا قطع عليه مطلقا (٢) وهو المرويّ (٣)

__________________

(١) الوسائل : ١٨ / ٥٠٥ ، الباب ١٤ من أبواب حدّ السّرقة ، أحاديث الباب.

(٢) ذهب إليه الشيخ في النهاية : ٧١٧ ؛ والحلّي في السرائر : ٣ / ٤٨٨.

(٣) الوسائل : ١٨ / ٥٠٨ ، الباب ١٧ من أبواب حدّ السرقة ، الحديث ١ ، ولاحظ الحديث ٥ من الباب ١٤ من هذه الأبواب.

٣٥٤

والاخر يقطع إن أحرز من دونه ، وهو أقوى ، وسواء منعه المضيّف قراه (١) فسرق بقدره ، أو لم يمنعه.

ولو أضاف الضّيف ضيفا فسرق الثاني قطع.

٦٨٤٧. الثاني عشر : إذا سرق أحد الزّوجين من صاحبه وكان قد أحرز دونه بقفل أو غلق أو دفن ، قطع ، وإن لم يحرز من دونه فلا قطع.

٦٨٤٨. الثالث عشر : إذا أحرز المضارب مال المضاربة ، أو أحرز المودع مال الوديعة ، أو المستعير العارية ، أو الوكيل المال الموكّل فيه ، فسرقه أجنبيّ قطع ، لأنّه ينوب مناب المالك في الإحراز.

ولو غصب عينا أو سرقها وأحرزها ، فسرقها سارق ، لم يجب عليه القطع ، ويحتمل القطع.

ولو سرق نصابا أو غصبه ، وأحرزه فهتك المالك الحرز ، وأخذ ماله ، فلا قطع فيه إجماعا ، ولو سرق غير ماله ، فإن اشتبه عليه بماله ، أو اشتبه عليه فظنّ أنّ هتك الحرز بالنسبة إلى ماله يسوّغ له غير ماله ، لم يقطع ، وإن لم يشتبه قطع على إشكال ، من حيث تمكن الشبهة باعتبار أنّ له هتك هذا الحرز ، وأخذ مال السّارق مع عدم عينه ، وكذا البحث لو أخذ ماله وأخذ من غيره بقدر النّصاب متميّزا عن ماله ، وإن لم يكن متميّزا عن ماله فلا قطع عليه ، ولو سرق منه مالا آخر من غير الحرز الّذي فيه ماله ، أو كان له دين على إنسان فسرق من ماله قدر دينه من حرزه ، فإن كان الغاصب أو الغريم باذلا لما عليه ، أو قدر المالك على أخذ ماله

__________________

(١) القرى : الضيافة ، وفيه ردّ على ما قاله بعض أهل السنة من التفصيل بين منع المضيّف قرى الضيف فلا يقطع وعدمه فيقطع. لاحظ المغني لابن قدامة : ١٠ / ٢٥٧.

٣٥٥

فتركه ، وسرق مال الغاصب أو الغريم ، قطع لانتفاء الشبهة ، وإن عجز ، فلا قطع.

٦٨٤٩. الرابع عشر : لو أخرج المتاع فقال صاحب المنزل : سرقته ، وقال الاخذ : وهبتنيه أو أذنت لي في إخراجه ، فلا حدّ ، والقول قول صاحب المنزل في بقاء المال عليه مع يمينه ، وكذا لو قال الاخذ : المال لي ، وأنكر صاحب المنزل ، فالقول قوله مع يمينه ، ويغرم المخرج ، ولا قطع للشّبهة.

الفصل الثاني : [في] المسروق

وفيه أربعة عشر بحثا :

٦٨٥٠. الأوّل : لا قطع إلّا فيما بلغ ربع دينار ، ذهبا ، خالصا ، مضروبا عليه بسكّة المعاملة ، أو ما بلغ قيمته ذلك قطعا ، لا باجتهاد المقوّم ، ولا قطع فيما دون ذلك وإن بلغت قيمته ثلاثة دراهم ، ولا يشترط بلوغ دينار أو عشرة دراهم (١).

ولو كان فيه غشّ أو تبر يحتاج إلى تصفيته ، لم يجب القطع حتّى يبلغ ما فيه من الذّهب ربع دينار.

ولو سرق ربع دينار قراضة أو تبرا خالصا ، أو حليّا ونقص عن ربع دينار خالصا ، فلا قطع ، ولو بلغ ربع دينار خالصا ، ونقص عن ربع دينار مضروب ، فلا قطع ، وقوّى الشيخ رحمه‌الله عدم اشتراط الضرب (٢).

__________________

(١) ردّ على عطاء وأبي حنيفة حيث قالا : لا تقطع اليد إلّا في دينار أو عشرة دراهم. لاحظ المغني لابن قدامة : ١٠ / ٢٤٢ ـ ٢٤٣.

(٢) المبسوط : ٨ / ١٩.

٣٥٦

ويقطع في خاتم وزنه سدس دينار ، وقيمته ربع ، والدينار هو المثقال من مثاقيل الناس الآن لم يتغيّر.

٦٨٥١. الثّاني : يشترط في المسروق الماليّة ، فلو سرق ما ليس بمال كالحرّ ، فلا قطع فيه ، صغيرا كان أو كبيرا ، بل يقطع إذا سرق حرّا صغيرا وباعه ، ليرتدع وينزجر هو وغيره في المستقبل ، (١) ولو كان (٢) على الحرّ ثياب أو حليّ بقدر النّصاب.

ولو سرق عبدا صغيرا فعليه القطع ، ولو كان كبيرا نائما أو مجنونا أو أعجميّا لا يميّز سيّده عن غيره في الطاعة ، قطع سارقه ، لأنّه كالصّغير ، ولو كان كبيرا مميّزا فلا قطع.

ولو كانت المجنونة أو النائمة أمّ ولد قطع سارقها كالقنّ ، وكذا المدبّر والمكاتب المشروط.

ولو سرق من مال المكاتب ، قطع إن لم يكن سيّده ، ولو سرق نفس المكاتب فلا قطع عليه ، لأنّ ملك سيّده ليس بتامّ عليه ، فإنّه لا يملك منافعه ولا استخدامه ولا أخذ أرش الجناية عليه.

٦٨٥٢. الثالث : كلّ ما يعدّ مالا يقطع سارقه ، سواء كان طعاما ، أو ثيابا ، أو حيوانا ، أو أحجارا ، أو صيدا ، (٣) أو نورة ، أو زرنيخا ، وسواء كان الطعام رطبا يسرع الفساد إليه كالفاكهة والطبائخ أو لا ، (٤) وكذا يقطع لو سرق ما كان أصله

__________________

(١) يقطع لغاية العبرة ، حتّى لا يقوم به غيره لا من حيث سرقته للمال.

(٢) وصليّة راجعة إلى قوله «فلا قطع» وإن كان على الحرّ ...

(٣) في «أ» : أو عبدا.

(٤) ردّ على الحنفيّة حيث قالوا : لا قطع على سارق الطعام الرطب الّذي يتسارع إليه الفساد. لاحظ المغني لابن قدامة : ١٠ / ٢٤٧ ـ ٢٤٨.

٣٥٧

مباحا في دار الإسلام ، كالصّيد والخشب ، وإن لم يكن ساجا ولا أبنوسا (١) ولا صندلا ولا قنا (٢) ولا معمولا من الخشب ، وكذا يقطع لو سرق النّورة ، والجصّ ، والزرنيخ ، والملح ، والحجارة ، واللّبن ، والفخّار ، والزّجاج ، والقرون.

لو سرق ماء محرزا فبلغت قيمته النّصاب قطع ، وكذا التّراب ، والطين الأرمني ، وغيره.

ويقطع سارق المصحف.

ولو سرق عينا موقوفة ، فإن قلنا بانتقال الوقف إلى الموقوف عليه ، قطع ، وإلّا فلا.

وفي الطّير ، وحجارة الرّخام رواية (٣) بسقوط الحدّ.

٦٨٥٣. الرابع : يشترط في الحدّ أخذ المسروق من حرز ، فلا قطع على من سرق من الأرحية ، والحمّامات ، والمواضع المأذون في غشيانها كالمساجد.

وهل يصير حرزا بمراعاة المالك لها؟

قال الشيخ رحمه‌الله في الخلاف (٤) والمبسوط (٥) : نعم ومنع ابن إدريس من ذلك (٦) ويلوح من كلامه في النهاية المنع ، فإنّه قال : فأمّا المواضع الّتي يطرقها

__________________

(١) الآبنوس : شجر من فصيلة الابنوسيّات ، يعيش في البلدان الحارّة ، خشبه ثمين ، أسود اللون. المنجد.

(٢) القنا بالقصر جمع القناة وهي الرّمح. مجمع البحرين.

(٣) الوسائل : ١٨ / ٥١٦ ، الباب ٢٢ و ٢٣ من أبواب حد السّرقة.

(٤) الخلاف : ٥ / ٤٢٠ ، المسألة ٦ من كتاب السرقة.

(٥) المبسوط : ٨ / ٢٤ و ٣٦.

(٦) السرائر : ٣ / ٥٠٢.

٣٥٨

النّاس كلّهم ، وليس يختصّ بواحد دون غيره ، فليست حرزا ، كالخانات والحمّامات والمساجد والأرحية وما أشبه ذلك من المواضع ، فإن كان الشّي‌ء في أحد هذه المواضع مدفونا ، أو مقفّلا عليه ، فسرقه إنسان ، كان عليه القطع ، لأنّه بالقفل والدّفن قد أحرزه. (١)

٦٨٥٤. الخامس : يشترط في القطع السرقة من حرز ، فلا بدّ من الشرطين : السرقة والحرز ، فلو سرق من غير حرز ، أو انتهب من حرز فلا قطع ، والأقوى عندي ما اختاره ابن إدريس ، وهو أنّ الحرز واحد في جميع الأموال ، وقال الشيخ رحمه‌الله : إنّه يختلف فما كان حرزا لمثله ففيه القطع ، وما لم يكن حرزا لمثله في العرف فلا قطع ، فحرز البقل والخضروات في دكّان من وراء شريجة (٢) يغلق أو يقفل عليها ، وحرز الذّهب الفضّة والجوهر والثّياب ، في الأماكن الحريزة في الدّور الحريزة ، وتحت الأغلاق الوثيقة ، وكذا الدّكاكين والخانات الحريزة ، فمن جعل الجوهر في دكّان البقل ، تحت شريجة (قصب) (٣) فقد ضيّع ماله (٤) ثمّ قوّى الشيخ بعد هذا ما اخترناه من تساوي الحرز بالنسبة إلى الجميع. (٥)

٦٨٥٥. السّادس : قال الشيخ رحمه‌الله : الإبل إذا كانت راعية ، فحرزها بنظر الرّاعي إليها مراعيا لجميعها ، بأن يكون على نشز مثلا أو على موضع مستو من الأرض ، ولو كان خلف جبل ينظر إلى البعض خاصّة ، لم يكن الاخر محرزا ، وإن كانت

__________________

(١) النهاية : ٧١٤ ـ ٧١٥.

(٢) في مجمع البحرين : الشريجة ككريمة : ما يضمّ من القصب يجعل على الحوانيت ، وشي‌ء ينسج من سعف النخل ونحوه يحمل فيه البطيخ ونحوه.

(٣) ما بين القوسين أثبتناه من المصدر.

(٤) المبسوط : ٨ / ٢٢.

(٥) المبسوط : ٨ / ٢٢.

٣٥٩

باركة ، فحرزها نظر المالك أو الّذي (١) هي في يده ، وإن لم يكن ناظرا إليها ، فإنّما تكون محرزة بشرطين : أن تكون معقولة ، وأن يكون معها وإن كان نائما ، فإن لم تكن معقولة ، أو كانت وليس عندها ، لم تكن محرزة ، وإن كانت مقطرة ، فإن كان سائقا ينظر إليها ، فهي محرزة ، وإن كان قائدا فإنّما تكون في حرز (٢) بشرطين : كونه بحيث إذا التفت إليها شاهدها أجمع ، وكثرة الالتفات إليها والمراعاة ، قال : وكلّ موضع هي في حرز بالنسبة إليه ، فالمتاع المحمول عليها في حرز أيضا ، فإن سرق الجمل وحمله ، قطع ، فإن كان صاحبه نائما عليه ، فلا قطع ، لعدم خروج يد المالك عنه. (٣)

٦٨٥٦. السّابع : لو كان معه ثوب ففرشه ونام عليه ، أو اتّكأ إليه ، أو توسّده ، فهو في حرز في أيّ موضع كان في بلد أو بادية ، قال الشيخ رحمه‌الله : فإن تدحرج عن الثوب زال الحرز ، وإن كان بين يديه متاع كالثياب بين يدي البزّاز ، فحرزها النظر إليها ، فإن سرق من بين يديه وهو ينظر إليه ، ففيه القطع ، وإن سها أو نام عنه زال الحرز (٤) وعندي في ذلك كلّه نظر.

٦٨٥٧. الثّامن : إذا ضرب فسطاطا أو خيمة ، وشدّ الأطناب ، وجعل متاعه فيها ، فإن لم يكن معها ، فليست في حرز ، وإن كان معها نائما أو غير نائم قال الشيخ : فهو وما فيها في حرز ، فإن سرق (سارق) (٥) قطعة منها فبلغ نصابا ، أو سرق من جوفها ، ففيه القطع ، لأنّ الخيمة حرز لما فيها ، وكلّ ما كان حرزا لما فيه ، فهو حرز في نفسه (٦) وعندي في ذلك نظر.

__________________

(١) في «ب» : والّذي.

(٢) في «أ» : في حرزه.

(٣) المبسوط : ٨ / ٢٣.

(٤) المبسوط : ٨ / ٢٤.

(٥) ما بين القوسين يوجد في المصدر.

(٦) المبسوط : ٨ / ٢٤.

٣٦٠