تعليقة على معالم الاصول - ج ٧

السيّد علي الموسوي القزويني

تعليقة على معالم الاصول - ج ٧

المؤلف:

السيّد علي الموسوي القزويني


المحقق: السيد علي العلوي القزويني
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-470-753-2
الصفحات: ٧١٥

ولا يشكل الحال في المخصّصات المتّصلة الاخر كالصفة والشرط والغاية وبدل البعض فيما لو ورد : « أكرم العلماء العدول » أو « أكرم العلماء إن كانوا عدولا » أو « أكرم العلماء إلى أن يفسقوا » أو « أكرم العلماء عدولهم » ثمّ ورد قوله : « لا تكرم الاصوليّين » بتقريب : أنّ « العدول » أو « إلى أن يفسقوا » في هذه الأقسام قيد مأخوذ مع العامّ وهو بمفهومه أعمّ من وجه من « الاصوليّين » كما قد يسبق إلى الوهم أيضا ، لأنّ التقييد بأحد الوجوه المذكورة يفيد كون المراد من « العلماء » في الجميع مصاديق العدل وقوله : « لا تكرم الاصوليّين » أيضا يفيد كون المراد به من حين صدوره مصاديق غير الاصوليّين.

غاية الأمر لزوم خروج الاصولي الغير العادل من العلماء بعد ورود التخصيصين عليه بالاعتبارين وهذا ممّا لا ضير فيه.

فتلخّص من جميع ما ذكرناه : أنّ العامّ إذا تعقّبه مخصّصان منفصلان لفظيّان أو لبّيان أو مختلفان وكان بينه وبين كلّ مخصّص عموما وخصوصا مطلقا ، فإذا خصّص بمخصّص لبّي كالإجماع أو غيره أو لفظي لم يوجب ذلك إنقلاب النسبة المذكورة إلى العموم من وجه ، ولا أنّه مستلزم لتعارض ظاهرين كما في العامّين من وجه ، لأنّ هذا الخاصّ إمّا أن يلاحظ في مقابلة مدلول المخصّص اللبّي أو في مقابلة مدلول العامّ أو في مقابلة المجموع من مدلولي العامّ والمخصّص اللبّي ، ولا يصحّ التعارض في شيء من هذه الصور بينه وبين ما يفرض مقابلا له.

أمّا الصورة الاولى : فلموافقة الخاصّ والمخصّص اللبّي في الحكم والمحمول من حيث الإيجاب والسلب مع تعدّد موضوعيهما والتعارض في مثله غير معقول بل هما بالقياس إلى مادّة الاجتماع وهو العالم النحوي الاصولي في المثال المتقدّم يوجبان تأكّد الحكم وثبوته له من جهتين ، لقضائهما بحرمة إكرامه من جهة انتسابه إلى النحويّة ومن جهة انتسابه إلى الاصوليّة.

وأمّا الصورة الثانية : فلأنّ حصول التعارض بين مدلول العامّ ومدلول الخاصّ إنّما يستقيم إذا صلح كلّ منهما قرينة على صرف الآخر عن ظاهره على وجه البدليّة كما في العامّين من وجه ، وهذا واضح البطلان لما ستعرف من أنّ أصالة الحقيقة في العامّ لا تقاوم أصالة الحقيقة في الخاصّ ، بل سند الخاصّ مع ما فيه من أصالة الحقيقة ينهض قرينة كاشفة عن أنّ المراد من العامّ ما عدا هذا الفرد ، فيتعدّد بذلك موضوعا الحكمين ولا يعقل معه التعارض.

وأمّا الصورة الثالثة : فلأنّ انقلاب النسبة الموجبة للتعارض مبنيّة على كون المجموع

٧٠١

من مدلول العامّ والمخصّص اللبّي عنوانا برأسه ملحوظا لتعليق الحكم به من حيث هو ، وهذا هو مبنيّ على كون مرجع التخصيص بذلك المخصّص إلى تخصيص المادّة في العامّ الّتي ورد عليها الهيئة المفيدة للعموم باعتبار وضعها لغة أو عرفا ، وهذا غلط لأنّ التخصيص المذكور لا يفيد إلاّ خروج الفرد عن مدلول الهيئة ولا يوجب تقييد المادّة ، بل قد عرفت أنّ المخصّصين في الكشف عن إرادة المتكلّم في مرتبة واحدة ولا ترتّب بينهما ، ضرورة أنّ « أكرم العلماء » قبل الاطّلاع عليهما كان شاملا للاصوليّين بجميع أفراده شموله للنحويّين بجميع أفراده.

بتقريب : أنّ المادّة في « العلماء » اخذت مطلقة والهيئة اعتبرت في المادّة المطلقة فأفادت العموم في أفراد كلّ من الصنفين فإذا حصل الإجماع على حرمة إكرام النحويين كشف عن خروج أفراد هذا الصنف عن مدلول الهيئة ، لا أنّه يوجب تقييدا في المادّة مستلزما لورود الهيئة من أوّل الأمر على المقيّد ، وإذا ورد الخاصّ الآخر في قوله : « لا تكرم الاصوليّين » كشف أيضا عن خروج أفراد هذا الصنف أيضا من مدلول الهيئة ، فهما معا كاشفان عمّا هو المراد من « العلماء » من حين صدوره من معناه المجازي ، لا أنّ الأوّل يوجب تقييدا فورد الثاني على المقيّد ، كيف ولو صحّ احتمال التقييد هنا فهو متساوي النسبة إلى كلّ منهما حيث لا ترتّب بينهما ، فيوجب كلّ منهما تقييدا بحسبه ، وقضيّة الجمع بين التقييدين كون المراد من العامّ « العلماء الغير النحويّين والاصوليّين » فلم يحصل هناك مفهومان متنافيان ، وهكذا يقال أيضا فيما لو خصّ بمتّصل كالاستثناء ثمّ ورد عليه مخصّص منفصل آخر بالبيان المتقدّم وإن كان طريق توهّم التقييد هنا أوضح.

وثانيهما : أن تكون النسبة بين المتعارضات مختلفة ، بأن يكون بين أحدها وآخر عموم مطلق ثمّ بينه وبين الثالث عموم من وجه وهكذا ، ويسهّل العلاج هنا بأن تلاحظ المتعارضات فإن كان فيها ما يقدّم على بعض منها إمّا لمزيّة في الدلالة كالنصّ والظاهر أو الأظهر والظاهر أو لمرجّح آخر قدّم ما حقّه التقديم ، ثمّ يلاحظ مع ثالث فإن كانت النسبة الاولى باقية عمل بحسبها من الجمع أو الترجيح أو الوقف ، وإن كانت منقلبة عمل بحسبها أيضا من أحد الوجوه المذكورة ، فقد لا تكون منقلبة كـ « أكرم العلماء » و « يستحبّ إكرام الاصوليّين » و « لا تكرم الفسّاق » فإذا خصّص الأوّل بالثاني كان النسبة بين العلماء بعد إخراج الاصوليّين منه وبين الفسّاق أيضا عموما من وجه ، إذ كما أنّ العالم المطلق أعمّ من وجه من الفاسق

٧٠٢

فكذلك العالم الغير الاصولي أيضا ، فيتعارضان في العالم الفاسق الّذي لم يكن اصوليّا فإمّا أن يرجع التخصيص إلى الفسّاق لكونه أكثر أفرادا من العلماء خصوصا بعد إخراج الاصوليّين منه أو إلى العلماء لكونه عامّا مخصّصا.

وقد تكون منقلبة كما لو ورد « أكرم العلماء » و « لا تكرم فسّاقهم » و « يستحبّ إكرام العدول » فإنّه إذا خصّ العلماء بعدولهم يصير أخصّ مطلقا من العدول فيخصّص العدول بغير علمائهم ، إذ لو لا الترتيب في العلاج لزم إلغاء النصّ أو الأظهر المنافي للعامّ.

ومن أمثلته ما لو ورد : « أكرم العلماء » و « لا تكرم الفسّاق » و « يستحبّ إكرام الشعراء » فإذا فرضنا أنّ الفسّاق أكثر أفرادا من العلماء ، خصّ بغير العلماء فيخرج العالم الفاسق عن الحرمة ويبقى الفرد الشاعر من العلماء الفاسق منه مردّدا بين الوجوب والاستحباب.

ثمّ إذا فرضنا أنّ الفسّاق بعد إخراج العلماء أقلّ فردا من العلماء خصّ الشعراء به فالفاسق الشاعر غير مستحبّ الإكرام ، فإذا فرضنا صيرورة الشعراء بعد التخصيص بالفسّاق أقلّ موردا من العلماء خصّ دليل العلماء بدليله فيحكم بأنّ مادّة الاجتماع بين الكلّ أعني العالم الشاعر الفاسق مستحبّ الإكرام.

وعلى قياس ما ذكرناه صور وجود المرجّح من غير جهة الدلالة لبعضها على بعض ، فليتأمّل في المقام فإنّه من مزالّ الأقدام.

المطلب الثاني

قد ذكرنا مرارا أنّ مرجّح الدلالة مقدّم على سائر المرجّحات كائنة ما كانت ولا يوجد فيها ما يساويه ويكافؤه.

وليعلم أنّ الترجيح بما يرجع إلى الدلالة يتأتّى في تعارض الظاهرين إذا كان أحدهما أظهر ، ولا يتأتّى في النصّ والظاهر لعدم تعارض بينهما بحسب الواقع بالمعنى المتقدّم مرارا في شرح التعارض وهو تنافي مدلولي الدليلين ، إذ لا دلالة للظاهر مع وجود النصّ في مقابله.

والسرّ فيه : أنّ أصالة الحقيقة في الظاهر مع سنده لا يعقل كونها قرينة على التأويل في النصّ الّذي لا يحتمل غير معناه ، لعدم تطرّق التأويل إليه بحيث يكون المعنى المؤوّل إليه صحيحا مقبولا عند العرف ، فيلزم من إرجاع نحو هذا التأويل إليه طرحه وترك العمل به رأسا ، لأنّه ليس من الأخذ بحقيقة الدليل ولا بمجازه.

٧٠٣

أمّا الأوّل : فواضح.

وأمّا الثاني : فلأنّه ليس من المجاز الّذي ساعد عليه القرينة أو فهم العرف بملاحظة الأقربيّة ، فالأمر في الحقيقة دائر بين طرح سند النصّ ودلالة الظاهر ، والأوّل خروج من أدلّة حجّيّة السند بلا جهة وداع فليس بسائغ ، فيكون سند النصّ مع أصالة الحقيقة فيه قرينة على أنّ المراد من الظاهر خلاف ظاهره ، فلا يبقى في طرفه أصالة حقيقة تصلح لمعارضة مثلها في طرف النصّ.

نعم يصحّ التعارض بين الظاهرين وبين الأظهر والظاهر ، فإنّ أصالة الحقيقة في الأظهر لا تنهض قرينة على خلاف ظاهر الظاهر لكونها معارضة بمثلها في جانب الظاهر ، فلا بدّ في تقديم إحداهما على الاخرى من مرجّح وليس إلاّ أظهريّة الأظهر وكونه أقرب بمراد المتكلّم ، فلو قال : « رأيت أسدا يرمي » ودار الأمر بين كون المراد بالأسد خلاف ظاهره وهو الرجل الشجاع أو من « يرمي » خلاف ظاهره وهو رمي التراب إلى الهواء ونحوه كان أصالة الحقيقة في الأوّل مشغولة بمعارضتها في الثاني ، ولا تصلح الاولى قرينة على طرح الثانية ولا الثانية قرينة على طرح الاولى ، غير أنّها في الثاني تقدّم عليها في الأوّل ، لكون « الأسد » أقرب بكونه مرادا به معناه المجازي عند العرف ، ولأجل ذا صار « يرمي » أظهر منه في الدلالة.

ولعلّ ذلك من جزئيّات قولهم المعروف من : « أنّه إذا تعذّرت الحقيقة فأقرب المجازات أولى » فإنّ أظهر مجاري هذه القاعدة وإن كان هو اللفظ إذا تعذّر حمله على حقيقته وتردّد بين مجازاته غير أنّها تجري في اللفظ المركّب أيضا ، كما لو كان كلام تعذّر حمله على حقيقة معناه بحسب أوضاع مفرداته كـ « أسد يرمي » حيث يتعذّر فيه الأخذ بحقيقة كلّ من « الأسد » و « يرمي » فلا بدّ حينئذ من تجوز إمّا في « الأسد » أو في « يرمي » فلا بدّ من الأخذ بما هو الأقرب منهما وهو التجوّز في الأسد ، وهذا هو معنى ما يقال من : « أنّه إذا تعارض الأظهر والظاهر يقدّم الأظهر على الظاهر » والدليل عليه بناء العرف وطريقة أهل اللسان وهو الحجّة في المقام بدلالة قوله عزّ من قائل : ( وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسانِ قَوْمِهِ ) والمقام من أظهر أفراد مورد الآية.

هذا كلّه كلام في كبرى القياس ولا إشكال فيها بعد إحراز الصغرى وتشخيص الأظهر من الظاهر ، وإنّما الإشكال في الصغرى وتشخيص أحد العنوانين من الآخر.

٧٠٤

فنقول : إنّ الترجيح بالأظهريّة قد يكون منوطا بالأشخاص والخصوصيّات الّتي تختلف باختلاف الموارد والمقامات والأحوال والأزمنة والأمكنة وغيرها من طوارئ الاستعمال ، وقد يكون منوطا بالأنواع والكلّيات كنوع التخصيص والمجاز وغيرهما إذا دار الأمر بينهما ونحو ذلك ممّا يذكر مفصّلا ، ولا كلام لنا في القسم الأوّل لأنّ الأشخاص والخصوصيّات الموجبة للرجحان والمرجوحيّة والظهور والأظهريّة غير منضبطة ولا محصورة ، فليست قابلة لأن يتكلّم عنها في المسألة العلميّة ، فانحصر موضوع البحث هنا في القسم الثاني ، وهذا يتضمّن مقامين لأنّ المتعارضين بحسب النوع إمّا أن يكونا من سنخ واحد كمجازين أو تخصيصين أو إضمارين ، أو يكونا من سنخين كمجاز وتخصيص ، ومجاز وإضمار ، وتخصيص وإضمار ، وقد جرت العادة بتسمية الثاني بتعارض الأحوال ، وكون المتعارضين من نوع واحد خارج عن هذا العنوان بحسب الاصطلاح وإن دخل فيه بحسب المفهوم.

ثمّ إنّ الأحوال الّتي ذكروها في باب تعارض الأحوال ترد على قسمين :

أحدهما : ما يرجع إلى وضع اللفظ وتشخيص حاله من حيث نوعه لا من حيث وروده في كلام متكلّم خاصّ كالنقل والاشتراك إذا دار الأمر بينهما.

وثانيهما : ما يرجع إلى استعمال اللفظ وتشخيص المراد منه من حيث وروده في كلام متكلّم خاصّ كالمجاز والإضمار مثلا.

والبحث في المقام إنّما هو في الثاني لأنّه الّذي يناسب ذكره في باب التعارض بمعنى تنافي مدلولي الدليلين ، والأحوال الراجعة إلى اللفظ من حيث تشخيص المرادات منحصرة في الخمس المعروفة : المجاز والإضمار والتخصيص والتقييد والنسخ ، والإضمار ليس قسما من المجاز كما توهّم وإطلاق المجاز عليه مجاز إذ لا يستعمل معه لفظ في غير معناه ، ضرورة أنّ « القرية » في « اسئل القرية » بناء على احتمال الإضمار لم يرد منها إلاّ معناها الحقيقي.

نعم يعرب معه لفظ بإعراب لفظ آخر محذوف في الكلام ، ولذا قد يعبّر عنه بالمجاز في الأعراب ، هذا إذا قلنا إنّ ما في القرية من الإعراب ليس إعرابه الأصلي حتّى يكون من باب الإضمار ، وأمّا إن قلنا بأنّه إعرابه الأصلي فحينئذ إن اريد بها غير معناها كمعنى « الأهل » كان مجازا في اللفظ وهو المجاز المصطلح ، وإلاّ لا مناص من التزام المجاز في الإسناد.

ثمّ إنّ كلاّ من الحالات الخمس المذكورة يرد في الكلام على خلاف الظاهر حسبما يقتضيه قرينة المقابلة ، فإنّ هاهنا بحسب النوع ظهورات خمس ، أي أنواع خمس من

٧٠٥

الظهور يرد كلّ واحد من هذه الأحوال في مقابل واحد من تلك الظهورات : ظهور اللفظ في إرادة معناه الحقيقي فيكون التجوّز على خلاف هذا الظهور ، وظهور الكلام باعتبار هيئته التركيبيّة في عدم الحذف فيكون الإضمار على خلافه ، وظهور العامّ في تمام الأفراد فيكون التخصيص المخرج لبعض الأفراد على خلافه ، وظهور المطلق في الإطلاق فيكون التقييد على خلافه ، وظهور الخطاب بنفسه أو باعتبار قرينة المقام أو اقترانه بما يفيد العموم الأزماني في دوام الحكم واستمراره فيكون النسخ الرافع له على خلافه.

ولا يخفى أنّ هذه الظهورات مختلفة في القوّة والضعف ، ولذلك يرجّح بعض الأحوال المتعارضة على بعض باعتبار رجحان الظهور المقابل لمعارضه على الظهور المقابل له.

وأقوى هذه الأنواع في مرتبة الظهور ظهور العامّ في العموم الأزماني ، ولذا صار النسخ في أعلى مراتب المرجوحيّة ، وأضعفها ظهور العامّ في العموم الأفرادي فلذا صار التخصيص في أعلى مراتب الرجحان.

ومن هنا يرجّح التخصيص على النسخ عند وقوع التعارض بينهما ، بأن يرد في الكلام عامّ أفرادي وعامّ أزماني وتعذّر الأخذ بعموم كليهما وانحصر المناص في طرح أحد الظهورين إمّا بالتخصيص أو بالنسخ فيقدّم التخصيص لكونه أقوى وأرجح ، ومرجعه إلى تقديم العموم الأزماني على العموم الأفرادي ، ومدركه الغلبة فإنّ التخصيص أغلب بمراتب شتّى من النسخ وإنّ النسخ في غاية الندرة ، حتّى أنّه في الندرة بمكانة أنكر بعض وقوعه في الشريعة ، والتخصيص في الكثرة والشيوع بمثابة قيل : « ما من عامّ إلاّ وقد خصّ منه » وربّما يقع الإشكال في أنّ العموم الأزماني الراجح على العموم الأفرادي هل هو من مقتضيات اللفظ أو خارج اللفظ من قرينة مقام ونحوه؟

والحقّ أنّ الموارد مختلفة في ذلك ، فقد يكون من مقتضيات اللفظ كما لو قال : « افعل كذا في كلّ وقت وكلّ حين ، أو كلّ زمان ، أو ما دمت حيّا ، أو كلّما كان كذا افعل كذا » أو نحو ذلك ممّا يؤدّي هذا المؤدّى من ألفاظ العموم الأزماني ، وقد يكون من مقتضيات المقام كما لو ورد الخطاب في مقام تشريع الحكم واتّخاذه عند الجعل والإنشاء شريعة لنفسه ودينا لرعيّته ، فإنّ كون الشيء من الشريعة والدين ممّا يقتضي استمراره ، كما يرشد إليه الوجدان ويساعد عليه طريقة العرف وأهل اللسان.

٧٠٦

وبالجملة مرجع تعارض الأحوال إلى تعارض الظهورات وصور تعارض بعضها لبعض كثيرة بالغة إلى عشرة أوردناها في الجزء الأوّل من الكتاب من المبادئ اللغويّة وترجيح بعضها على بعض على حسبما بيّنّاه ثمّة ولا حاجة إلى الإعادة هنا (١).

[ وهذا آخر ما ظفرنا عليها من هذه التعليقة المباركة وهنا جفّ قلمه الشريف وياليت امتدّت مدى الليالي والأيّام. ]

__________________

(١) لقد بذلنا غاية الجهد في تحقيق هذه الموسوعة الاصوليّة القيّمة وتصحيحها طبقا للنسخة الفريدة بخطّ المؤلّف قدّس الله نفسه الزكيّة ، وكان الفراغ من تصحيحهها وتنميقها في ليلة ميلاد الإمام أمير المؤمنين وإمام المتّقين ويعسوب الدين وقائد الغرّ المحجّلين عليّ بن أبي طالب عليه أفضل صلوات المصلّين ، في الثالثة عشر من شهر رجب الأصبّ من شهور سنة الخامس والعشرين وأربعمائة بعد الألف (١٤٢٥) من الهجرة النبويّة على هاجرها الألف ألف سلام وتحيّة.

نسأل الله تعالى أن يجعل هذا ممّا ينتفع به الباحثون فيصير ذخرا ليوم لا ينفع مال ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم ، وأنا العبد الضعيف.

حفيد المؤلّف

السيّد على العلوي القزويني

٧٠٧
٧٠٨

فهرس المحتوى

تعليقة : في الاجتهاد والتقليد............................................................... ٣

في تعريف الاجتهاد....................................................................... ٤

تعليقة : في إثبات إمكان المجتهد المطلق..................................................... ٢١

تعليقة : وجوب العمل بمؤدّى الاجتهاد.................................................... ٢٤

دفع أدلّة الأخباريّين على عدم مشروعيّة الاجتهاد.......................................... ٥٦

تقرير إجمالي لدليل الانسداد............................................................. ٦٦

دفع الإيرادات الواردة على دليل الانسداد................................................. ٧٧

الإجماعات المنقولة على حجّيّة ظنّ المجتهد.................................................. ٨٨

الاستدلال بالروايات على مرجعيّة الكتاب والسنّة......................................... ١٠٠

في مشروعيّة الاجتهاد.................................................................. ١٠٤

نقل مقالة الاسترآبادي................................................................. ١٠٦

دفع مقالة الاسترآبادي................................................................ ١١٠

عدم مشروعيّة التقليد للمجتهد المطلق................................................... ١١٧

تعليقة : عدم جواز التقليد لمن تمكّن من الاجتهاد.......................................... ١٢٠

إثبات عدم جواز التقليد لمن تمكّن من الاجتهاد بدليل الانسداد............................. ١٣٠

حجّة القول بجواز التقليد لمن تمكّن من الاجتهاد........................................... ١٣٤

خاتمة : الاجتهاد بالنسبة إلى البالغ رتبته واجب مطلق وبالنسبة إلى غيره واجب مشروط...... ١٤٥

٧٠٩

تعليقة : التجزّي في الاجتهاد........................................................... ١٤٥

في إمكان تجزّي الاجتهاد............................................................... ١٥٠

حجّة القول بقبول الاجتهاد للتجزّي..................................................... ١٥٠

حجّة القول بالمنع من التجزّي........................................................... ١٥٥

أدلّة القول المختار..................................................................... ١٥٦

في حجّيّة ظنّ المتجزّي................................................................. ١٥٦

وجوه تقرير الدور..................................................................... ١٦٩

حجج القول بحجّيّة ظنّ المتجزّي........................................................ ١٨٧

أدلّة القول بعدم جواز التجزّي في الاجتهاد............................................... ٢٠٤

شروط الاجتهاد...................................................................... ٢٠٩

اشتراط علم اللغة في الاجتهاد.......................................................... ٢١٢

حدّ ما يعتبر في معرفة اللغة............................................................. ٢١٤

عدم توقّف الاجتهاد على علمي المعاني والبيان............................................ ٢١٦

من شروط الاجتهاد معرفة الكتاب...................................................... ٢١٩

من شروط الاجتهاد معرفة السنّة........................................................ ٢٢٢

من شروط الاجتهاد معرفة علم الرجال.................................................. ٢٢٢

دفع شبهات الأخباريّة في نفي الحاجة إلى علم الرجال..................................... ٢٢٨

في مستند القول بقطعيّة الكتب الأربعة................................................... ٢٥١

في تحقيق أنّ مجرّد موافقة الشهرة لا تكفي في حجّيّة الخبر.................................. ٢٥٤

توقّف الاجتهاد على العلم باصول الفقه.................................................. ٢٥٨

اشتراط علم المنطق في الاجتهاد......................................................... ٢٦٧

اشتراط الاجتهاد بالقوّة القدسيّة........................................................ ٢٦٨

اشتراط الاجتهاد بمعرفة علم الكلام..................................................... ٢٧٨

اشتراط الاجتهاد بمعرفة فروع الفقه..................................................... ٢٨٢

تعليقة : التخطئة والتصويب............................................................ ٢٨٥

٧١٠

التخطئة والتصويب في المسائل العقليّة الكلاميّة............................................ ٢٨٥

التخطئة والتصويب في المسائل الاصوليّة.................................................. ٣١٨

التخطئة والتصويب في العقليّات الفروعيّة................................................ ٣٢١

التخطئة والتصويب في الشرعيّات الضروريّة.............................................. ٣٢٢

التخطئة والتصويب في الأحكام الظاهريّة................................................. ٣٢٩

التخطئة والتصويب في الموضوعات الخارجيّة.............................................. ٣٣٠

أدلّة القول بالتخطئة................................................................... ٣٣٦

أدلّة القول بالتصويب.................................................................. ٣٤٢

ثمرات البحث عن التخطئة والتصويب................................................... ٣٤٤

تعليقة : في وجوب تجديد النظر وعدمه.................................................. ٣٤٦

أدلّة القول بعدم وجوب تجديد النظر.................................................... ٣٤٨

أدلّة القول بوجوب تجديد النظر مطلقا................................................... ٣٥١

أدلّة القول بوجوب التجديد عند نسيان دليل المسألة...................................... ٣٥٢

أدلّة القول بوجوب التجديد مع ازدياد قوّة الاستنباط...................................... ٣٥٢

تنبيهات وجوب تجديد النظر وعدمه..................................................... ٣٥٣

تعليقة : في التقليد..................................................................... ٣٥٦

معنى التقليد لغة وعرفا................................................................. ٣٥٨

مشروعيّة التقليد...................................................................... ٣٦٣

تنبيهات التقليد :

التنبيه الأوّل : في موضوع التقليد....................................................... ٣٧٧

التنبيه الثاني : في اشتراط حجّيّة قول المجتهد للمقلّد بإفادته الظنّ وعدمه...................... ٣٧٨

التنبيه الثالث : في من يشرع له التقليد.................................................. ٣٨٤

التنبيه الرابع : في مشروعيّة الاحتياط لتارك طريقي الاجتهاد والتقليد........................ ٣٨٦

بعض الفروعات المرتبطة بالتنبيه الرابع................................................... ٣٩٣

تعليقة : في عبادات الجاهل الغير المراعي للاحتياط......................................... ٣٩٨

٧١١

حجّة القائلين بعدم معذوريّة الجاهل..................................................... ٤٠٦

حجّة القائلين بمعذوريّة الجاهل مطلقا.................................................... ٤٠٩

حجّة بعض الأعلام على معذوريّة الجاهل في العبادات..................................... ٤١٢

تنبيه : في المراد بـ « الواقع » في مسألة سقوط الإعادة والقضاء........................... ٤١٤

في بعض الفروع المرتبطة بالمقام......................................................... ٤١٧

منع التقليد في اصول الدين............................................................. ٤١٩

في إثبات جواز النظر في اصول العقائد................................................... ٤٢٧

أدلّة القول بوجوب النظر في اصول العقائد............................................... ٤٣٠

أدلّة المنكرين لوجوب النظر في اصول العقائد............................................. ٤٣٢

اشتراط القطع في اصول الدين وعدم كفاية الظنّ.......................................... ٤٣٥

كفاية الجزم المطابق للواقع الحاصل بالتقليد في المعارف مطلقا............................... ٤٣٧

القول بالعفو عمّن أخذ المعارف بطريق التقليد وعدمه..................................... ٤٣٩

ختم المسألة بذكر امور................................................................ ٤٤٣

شرائط المفتي / الشروط الوفاقيّة......................................................... ٤٤٥

شرائط المفتي / الشروط الخلافيّة ، الأعلميّة.............................................. ٤٥٧

حجّة القول بجواز تقليد المفضول........................................................ ٤٦٨

ختم المسألة برسم امور مهمّة :

الأمر الأوّل : الشكّ في اختلاف المجتهدين مع إحراز التفاضل بينهما......................... ٤٧٨

الشكّ في تفاضل أحد المجتهدين على الآخر بالأعلميّة...................................... ٤٨١

الأمر الثاني : في بيان مفهوم « الأعلم »................................................. ٤٨٣

الأمر الثالث : في ما يتوقّف عليه « الأعلميّة »........................................... ٤٨٥

الأمر الرابع : في صور الأورعيّة وحكمها................................................ ٤٨٧

الأمر الخامس : في جواز الترافع إلى المفضول مع وجود الأفضل............................. ٤٨٩

الأمر السادس : عدم اشتراط الأعلميّة في سائر الولايات العامّة............................. ٤٩٣

الأمر السابع : في مشروعيّة تقليد غير الأعلم بتقليد الأعلم................................. ٤٩٦

٧١٢

الأمر الثامن : تعيّن العدول إلى من ظهر كونه أفضل وعدمه................................ ٤٩٨

تعيّن العدول إلى من ظهر كونه أفضل................................................... ٤٩٩

عدم تعيّن العدول إلى الأفضل حينما زال العسير أو العذر.................................. ٥٠٠

عدم جواز العدول إلى من صار أفضل من الآخر.......................................... ٥٠١

تعليقة : في العدول عن التقليد.......................................................... ٥٠٢

جواز التبعيض في التقليد............................................................... ٥٠٥

تذنيب : فيما إذا اشتبه الحال في المسائل المقلّد فيها........................................ ٥٠٨

فرع : لو قلّد مجتهدا في مسألة فنسي أصل التقليد......................................... ٥٠٩

عدم جواز تقليد الميّت................................................................. ٥١٠

أدلّة القول بجواز تقليد الميّت............................................................ ٥٢١

عدم الفرق في المنع من تقليد الميّت بين الابتداء والاستدامة................................. ٥٣٠

بعض الفروع المرتبطة بمسألة تقليد الميّت................................................. ٥٣٨

تعليقة : في بقايا أحكام المقلّد فيه والامور المعتبرة فيه....................................... ٥٤٥

وجوب نقض الآثار المترتّبة على الفتوى المعدول عنه وعدمه................................ ٥٤٩

جواز نقض الفتوى وعدمه في العبادات.................................................. ٥٦٣

جواز نقض الفتوى وعدمه في المعاملات.................................................. ٥٦٥

نقض الفتوى وعدمه في الوقائع المرتبطة بالمجتهد أو المقلّد في الطهارة والحلّيّة وغيرهما........... ٥٦٨

تذنيب : إذا علم ببطلان حكم الحاكم أو بطلان طريقه................................... ٥٦٨

تعليقة : في التعادل والترجيح التعادل والترجيح

في بيان معنى التعارض لغة وعرفا........................................................ ٥٧٠

عدم التعارض بين الوارد والمورود....................................................... ٥٧٠

عدم التعارض بين الأدلّة الاجتهاديّة والاصول العمليّة...................................... ٥٧٣

٧١٣

عدم التعارض بين الحاكم والمحكوم عليه.................................................. ٥٧٤

الفرق بين الحكومة والتخصيص والحاكم والمخصّص...................................... ٥٧٦

جريان قاعدة الورود والحكومة فيما بين الاصول اللفظيّة والنصوص القطعيّة أو الظنّيّة......... ٥٧٧

عدم التعارض بين دليلين قطعيّين ولا بين ظنّيّين ولا بين قطعي وظنّي........................ ٥٧٨

قاعدة أولويّة الجمع بين الدليلين......................................................... ٥٨٠

عدم أولويّة الجمع في تعارض البيّنات.................................................... ٥٩٢

المقام الثاني في التعادل.................................................................. ٥٩٦

مقتضى الأصل في المتعادلين............................................................. ٥٩٧

مقتضى الأدلّة الخاصّة في المتعادلين...................................................... ٦٠٦

التنبيه على امور :

التنبيه الأوّل : حكم التعادل في الأمارتين القائمتين بغير الأحكام............................ ٦٠٨

التنبيه الثاني : هل يجوز للمجتهد العدول عن الاختيار الأوّل إلى الاختيار الثاني؟.............. ٦٠٨

التنبيه الثالث : حكم التعادل للمجتهد في عمل نفسه وعمل غيره........................... ٦٠٩

المقام الثالث في التراجيح............................................................... ٦١١

وجوب الترجيح وتعيّن العمل بالراجح................................................... ٦١٢

أدلّة القول بعدم وجوب الترجيح بالمرجّحات............................................. ٦١٤

تذنيب : وجوب الفحص عن المرجّح أو عن فقده عند البناء على الترجيح أو التخيير.......... ٦١٨

المطلب الأوّل : بيان المرجّحات المنصوصة................................................ ٦١٩

شرح فقرات مقبولة عمر بن حنظلة..................................................... ٦٢٣

جهات المعارضة بين المقبولة ومرفوعة زرارة.............................................. ٦٤٠

تعارض الأخبار العلاجيّة............................................................... ٦٤٣

القصر على الترجيح الدلالي............................................................ ٦٤٣

الترجيح بالأحدثيّة..................................................................... ٦٤٤

المطلب الثاني : جواز التعدّي من المرجّحات المنصوصة إلى غيرها............................ ٦٤٧

٧١٤

المطلب الثالث : بقايا أحكام المرجّحات.................................................. ٦٥١

بقايا أحكام المرجّحات / المرجّحات الداخليّة............................................. ٦٥٢

ما يتعلّق بمرجّحات الصدور ومرجّحات جهة الصدور..................................... ٦٥٤

التعارض بين مرجّح الصدور ومرجّح جهة الصدور....................................... ٦٥٧

تذنيب : مقتضى الأصل في التعارض بين مرجّح الصدور ومرجّح جهة الصدور.............. ٦٦٧

ما يتعلّق بتعارض مرجّح جهة الصدور لمرجّح الدلالة...................................... ٦٦٩

المرجّحات الخارجيّة................................................................... ٦٨٢

المرجّحات الخارجيّة / موافقة الكتاب البالغ حدّ الحجّيّة.................................... ٦٨٢

المرجّحات الخارجيّة / موافقة الأصل البالغ حدّ الحجّيّة..................................... ٦٨٦

المرجّحات الخارجيّة الّتي لم تكن بنفسها حجّة............................................ ٦٩٠

التعارض بين المرجّحات الخارجيّة والداخليّة.............................................. ٦٩٢

الخاتمة / التعارض بين أكثر من دليلين................................................... ٦٩٣

الخاتمة / انقلاب النسبة................................................................ ٦٩٥

تقدّم مرجّحات الدلالة على سائر المرجّحات............................................. ٧٠٣

٧١٥