مستمسك العروة الوثقى - ج ٩

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٩

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٦٣٥

بالإخراج على الأقوى [١]. وإن كان السقوط حينئذ لا يخلو عن وجه.

( مسألة ٣ ) : تجب الفطرة عن الزوجة سواء كانت دائمة أو متعة ـ مع العيلولة لهما ، من غير فرق بين وجوب النفقة عليه أولا [٢] لنشوز أو نحوه. وكذا المملوك وإن لم تجب نفقته عليه. وأما مع عدم العيلولة فالأقوى عدم الوجوب عليه [٣] وإن كانوا من واجبي النفقة عليه. وان كان الأحوط‌

______________________________________________________

لأصالة البراءة. إذ لا مجال للأصل مع عموم الأدلة ، المقتصر في تخصيصها على خصوص صورة اجتماع شرائط الوجوب في المعيل ، لأنها مورد نصوص التخصيص. اللهم إلا أن يدعى : أنها يستفاد منها عدم الفطرة على المعال كلية. لكنها ممنوعة جداً.

[١] لعدم الدليل على السقوط به ، وقاعدة الاشتغال تقتضي عدمه. لكن عرفت في الحاشية السابقة : أن الأقرب السقوط. كما تعرف منه أيضاً : أنه لا تنافي بين الوجوب على العيال والاستحباب على المعيل. ولا حاجة إلى تكلف ما عن البيان ، من أن استحباب إخراج المعيل عن العيال مختص بالعيال الفقير ولا يشمل الغني. فلاحظ.

[٢] بلا خلاف ولا إشكال. كل ذلك لإطلاق الأدلة. وكذا المملوك.

[٣] أما مع عدم وجوب النفقة في الزوجة فهو المشهور. وعن الحلي الوجوب ، مدعياً عليه الإجماع والعموم ، من غير تفصيل من أحد من أصحابنا. وفيه : منع الإجماع ، بل عن المدارك : « صرح الأكثر بأن فطرة الزوجة إنما تجب إذا كانت واجبة النفقة .. ». وعن المعتبر : « ما عرفنا أحداً من فقهاء الإسلام ـ فضلا عن الإمامية ـ أوجب الفطرة‌

٤٠١

الإخراج ، خصوصاً مع وجوب نفقتهم عليه. وحينئذ ففطرة الزوجة على نفسها [١] ، إذا كانت غنية ، ولم يعلها الزوج‌

______________________________________________________

عن الزوجة من حيث هي ، بل ليس تجب فطرة إلا عمن تجب مئونته أو تبرع بها عليه .. ».

نعم قد يوهم ذلك إطلاق بعض النصوص ، مثل موثق إسحاق : « عن الفطرة؟ قال (ع) : الواجب عليك أن تعطي عن نفسك وأبيك وأمك وولدك وامرأتك وخادمك » (١). لكنه ـ بقرينة اشتماله على الوالد والولد ـ يمتنع الأخذ بإطلاقه ، وإلا يلزم أن تكون فطرة كل من الوالد والولد على الآخر وعلى نفسه. وأما ما في صحيح ابن الحجاج المتقدم ، من قوله (ع) : « العيال الولد والمملوك والزوجة وأم الولد » (٢) فأولى أن يكون قاصر الدلالة ، فإنه ـ بقرينة سياقه ـ في مقام تمييز العيال عن غيرهم مع كون الجميع ممن ينفق عليهم ، لا في مقام الحكم تعبداً بأن الولد والزوجة عيال مطلقاً. فلاحظ.

وأما مع وجوب النفقة على الزوجة والمملوك فالمنسوب إلى المشهور وجوب فطرتهما على الزوج والسيد ، لأنها تابعة لوجوب الإنفاق. ولإطلاق النصوص. لكن الأول مصادرة ، والثاني غير ظاهر ، إذ ليس ما يتوهم منه الإطلاق إلا الخبرين المذكورين ، وقد عرفت الاشكال فيهما. مع أنه لو تمَّ إطلاقهما لم يفرق بين الزوجة والمملوك وغيرهما مما ذكر في الخبرين ، فلا يختص الحكم بهما. ولذا كان ظاهر ما عن المبسوط والمعتبر عموم الحكم لمطلق واجب النفقة.

[١] هذا تفريع على ما قواه ، لا على ما هو الأحوط.

__________________

(١) الوسائل باب : ٥ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٤.

(٢) لاحظ المسألة : ١ من هذا الفصل.

٤٠٢

ولا غير الزوج أيضاً. وأما إن عالها ـ أو عال المملوك غير الزوج والمولى ـ فالفطرة عليه [١] مع غناه.

( مسألة ٤ ) : لو أنفق الولي على الصغير أو المجنون من مالهما سقطت الفطرة عنه وعنهما [٢].

( مسألة ٥ ) : يجوز التوكيل في دفع الزكاة إلى الفقير من مال الموكل [٣] ، ويتولى الوكيل النية. والأحوط نية الموكل أيضاً ، على حسب ما مر في زكاة المال. ويجوز توكيله في الإيصال ، ويكون المتولي حينئذ هو نفسه. ويجوز الاذن في الدفع عنه أيضاً ـ لا بعنوان الوكالة ـ وحكمه حكمها ، بل يجوز توكيله أو إذنه في الدفع من ماله ، بقصد الرجوع عليه بالمثل أو القيمة. كما يجوز التبرع به من ماله بإذنه أو لا بإذنه ، وإن كان الأحوط عدم الاكتفاء في هذا وسابقة.

( مسألة ٦ ) : من وجب عليه فطرة غيره لا يجزيه إخراج ذلك الغير عن نفسه [٤] ، سواء كان غنياً ، أو فقيراً وتكلف بالإخراج. بل لا تكون حينئذ فطرة ، حيث أنه غير مكلف بها. نعم لو قصد التبرع بها عنها أجزأه على الأقوى‌

______________________________________________________

[١] بلا إشكال. لإطلاق ما دل على وجوب الفطرة عمن يعول به.

كما لا إشكال عندنا في سقوطها عن الزوج والسيد ، كما في الجواهر.

[٢] أما الأول فلعدم كونهما عيالا له. وأما الثاني فلما سبق : من عدم وجوب الفطرة عليهما.

[٣] تقدم الكلام في هذه المسألة في زكاة المال فراجع.

[٤] قد عرفت تقريب الاجزاء في المسألة الثانية. فراجع.

٤٠٣

وإن كان الأحوط العدم.

( مسألة ٧ ) : تحرم فطرة غير الهاشمي على الهاشمي [١] كما في زكاة المال ، وتحل فطرة الهاشمي على الصنفين. والمدار على المعيل لا العيال [٢] ، فلو كان العيال هاشمياً دون المعيل لم يجز دفع فطرته الى الهاشمي ، وفي العكس يجوز.

______________________________________________________

[١] العمدة فيه : الإجماع. والا فيمكن المناقشة في إطلاق الزكاة ، أو الزكاة المفروضة ، أو الصدقة الواجبة على الناس بنحو يشمل الفطرة. ولا سيما بملاحظة ما في خبر الشحام ، من تفسير الممنوع إعطاؤها لبني هاشم بالزكاة المفروضة المطهرة للمال.

[٢] لأنه الذي وجبت عليه واشتغلت بها ذمته على ما عرفت ، فان كان هاشمياً كانت صدقة هاشمي فتحل للهاشمي ، وإن كان عياله غير هاشمي وان لم يكن هاشمياً كانت صدقة غير هاشمي ، فلا تحل للهاشمي وإن كان عياله هاشمياً. وكونها صدقة عن العيال لا يجعل المدار على العيال ، لأن المراد بصدقة الهاشمي أو غير الهاشمي الصدقة التي تجب على الهاشمي ، وتشتغل بها ذمته أو غير الهاشمي ، لا من وجبت عنه ، فان عيال الإنسان كماله ، تجب على الإنسان الصدقة عنه كما تجب عليه الصدقة عن ماله. والمدار في المنع والجواز المخاطب ، لا من تكون عنه. ومن ذلك يظهر لك ضعف ما في الحدائق : من أن الاعتبار بالمعال ، لأنه هو الذي تضاف إليه الزكاة ، فيقال : فطرة فلان ، فان هذه الإضافة ـ نظير إضافة الزكاة إلى المال أو التجارة أو نحوهما ـ ليست موضوعاً للحكم جوازاً ومنعاً.

هذا كله على المشهور من اختصاص الوجوب بالمعيل. أما بناء على ما قربناه من الوجوب عليهما على نحو الوجوب الكفائي ، فإذا كان أحدهما هاشمياً دون الآخر يصدق أنها فطرة الهاشمي ، كما يصدق أنها فطرة غير‌

٤٠٤

( مسألة ٨ ) : لا فرق في العيال بين أن يكون حاضراً عنده ـ وفي منزله أو منزل آخر ـ أو غائباً عنه [١] ، فلو كان له مملوك في بلد آخر ، لكنه ينفق على نفسه من مال المولى يجب عليه زكاته. وكذا لو كانت له زوجة أو ولد كذلك. كما أنه إذا سافر عن عياله ، وترك عندهم ما ينفقون به على أنفسهم يجب عليه زكاتهم. نعم لو كان الغائب في نفقة غيره لم يكن عليه ، سواء كان الغير موسراً ومؤدياً أولا. وإن كان الأحوط ـ في الزوجة والمملوك ـ إخراجه عنهما ، مع فقر العائل ، أو عدم أدائه. وكذا لا تجب عليه إذا لم يكونوا في عياله ولا في عيال غيره ، ولكن الأحوط ـ في المملوك والزوجة ما ذكرنا ، من الإخراج عنهما حينئذ أيضاً.

( مسألة ٩ ) : الغائب عن عياله الذين في نفقته يجوز أن يخرج عنهم ، بل يجب. إلا إذا وكلهم أن يخرجوا من‌

______________________________________________________

الهاشمي ، فلا مجال للرجوع إلى الدليلين معاً ، فيكون المرجع إطلاقات الجواز. اللهم إلا أن يقال : التعليل : بأن الزكاة أوساخ أيدي الناس ، يناسب كون المدار على المعال به لأنها فداء عنه ، لا عن المعيل.

[١] لما عرفت ، من إطلاق النصوص الدالة على وجوبها على المعيل.وحكم بقية المسألة يظهر مما عرفت ، من أن المدار العيلولة ، من دون فرق بين حضور المعيل أو المعال وعدمه. وفي صحيح جميل : « لا بأس أن يعطي الرجل عن عياله وهم غيب عنه ، ويأمرهم فيعطون عنه وهو غائب عنهم » (١). ومن ذلك تعرف وضوح الحكم في المسألة التاسعة.

__________________

(١) الوسائل باب : ١٩ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ١.

٤٠٥

ماله الذي تركه عندهم [١] ، أو آذن لهم في التبرع عنه.

( مسألة ١٠ ) : المملوك المشترك بين مالكين زكاته عليهما بالنسبة إذا كان في عيالهما معاً [٢] ، وكانا موسرين ،

______________________________________________________

[١] مجرد التوكيل غير كاف في سقوط الوجوب. نعم إذا وثق بأنهم يؤدون كفى ذلك.

[٢] كما عن الأكثر. واستدل له ـ مضافاً إلى إطلاق ما دل على أن فطرة العيال على من يعول به ، الشامل لصورة وحدة العائل وتعدده ـ : بمكاتبة محمد بن القاسم بن الفضيل إلى أبي الحسن الرضا (ع) : « يسأله عن المملوك يموت عنه مولاه وهو عنه غائب في بلدة أخرى ، وفي يده مال لمولاه ، ويحضر الفطر ، أيزكي عن نفسه من مال مولاه وقد صار لليتامى؟ قال (ع) : نعم » (١). وفيه : أن المكاتبة غير معمول بها عندهم على ظاهرها. وحملها على صورة موت المولى بعد الهلال ـ كما في الوسائل ـ موجب لخروجها عن صلاحية الدليلية في المقام. فالعمدة : الإطلاق.

إلا أن يقال : لو تمَّ الإطلاق تعين الخروج عنه بخبر زرارة عن أبي عبد الله (ع) : « قلت : عبد بين قوم ، عليهم فيه زكاة الفطرة؟ قال (ع) : إذا كان لكل إنسان رأس فعليه أن يؤدي فطرته ، وإذا كان عدة العبيد وعدة الموالي سواء ، وكانوا جميعا فيهم سواء أدوا زكاتهم ، لكل واحد منهم على قدر حصته. وإن كان لكل إنسان منهم أقل من رأس فلا شي‌ء عليهم » (٢). وعمل به الصدوق ، وتبعه في ظاهر الوسائل. وفيه : أنه ضعيف السند ، غير مجبور بعمل. واعتماد الصدوق عليه لا يعارض إعراض الأصحاب عنه.

__________________

(١) الوسائل باب : ٤ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ١٨ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ١.

٤٠٦

ومع إعسار أحدهما تسقط وتبقى حصة الآخر [١] ، ومع إعسارهما تسقط عنهما. وإن كان في عيال أحدهما وجبت عليه مع يساره ، وتسقط عنه وعن الآخر مع إعساره [٢] ، وإن كان الآخر موسراً. لكن الأحوط إخراج حصته. وإن لم يكن في عيال واحد منهما سقطت عنهما أيضاً ، ولكن الأحوط الإخراج مع اليسار ، كما عرفت مراراً. ولا فرق ـ في كونهما عليهما مع العيلولة لهما ـ بين صورة المهاياة وغيرها ، وإن كان حصول وقت الوجوب في نوبة أحدهما [٣] ، فإن المناط‌

______________________________________________________

[١] يجري فيه الاشكال ـ المتقدم في العبد الذي تحرر منه شي‌ء ـ من عدم ظهور الأدلة في ثبوت الحكم للعيلولة بلحاظ البعض.

[٢] أما عنه فللاعسار. وأما عن الآخر فلعدم كونه ممن يعول به على ما عرفت من اختصاص الوجوب بالعيلولة ، ولا يكفي مجرد الملكية أو وجوب النفقة. ومن ذلك تعرف الوجه فيما بعده.

[٣] كما نص عليه في الجواهر : « لعدم صدق إطلاق : أنه من عياله ، وإن صدق عليه : أنه منهم مقيداً بذلك الوقت. والمدار على الأول لا مطلق العيال ولو بالتقييد .. » وفيه : أن الظاهر من النصوص الاكتفاء بالعيلولة وقت الهلال ، ولا حاجة الى صدقها مطلقاً. ولا سيما بالإضافة إلى الأفراد التي يغلب عليها تناوب الأحوال ، مثل العبد الذي يكون في أيدي التجار للاتجار به. ويشير إلى ذلك الصحيح الوارد في الضيف (١). وأما ما في المتن : من أن المناط العيلولة المشتركة بينهما في الفرض ، ففيه : أنه مع المهاياة لا اشتراك فيها ، بل هي نظير القسمة التي مرجعها‌

__________________

(١) تقدم ذلك في أول الفصل.

٤٠٧

العيلولة المشتركة بينهما بالفرض ـ ولا يعتبر اتفاق جنس المخرج من الشريكين [١] ، فلأحدهما إخراج نصف صاع من شعير والآخر من حنطة. لكن الاولى ـ بل الأحوط ـ الاتفاق.

( مسألة ١١ ) : إذا كان شخص في عيال اثنين بأن عالاه معاً ـ فالحال كما مر في المملوك بين شريكين [٢] ، إلا في مسألة الاحتياط المذكور فيه [٣]. نعم الاحتياط بالاتفاق في جنس المخرج جاز هنا أيضاً [٤]. وربما يقال بالسقوط عنهما [٥]. وقد يقال بالوجوب عليهما كفاية [٦]. والأظهر ما ذكرنا.

______________________________________________________

إلى تمييز الحقوق المشتركة وتعيينها في المعين. إلا أن يكون المراد المهاياة في المنافع مع الاشتراك في العيلولة. لكنه خلاف الظاهر.

[١] كما في الجواهر ، حاكياً التصريح به عن بعض. لإطلاق الأدلة لكنها إنما يتم لو جاز التلفيق مع اتحاد المعيل ، أما مع عدمه فلا فرق بينه وبين المقام ، لأن الاتفاق على هذا يكون شرطاً في الفطرة مطلقاً فلاحظ. وسيأتي الكلام في جواز التلفيق.

[٢] لأجل أن العمدة ـ فيما سبق في المملوك ـ هو الإطلاق لم يفرق فيه بين المملوك المشترك العيلولة وغيره.

[٣] لاختصاصه بصورة عدم عيلولة الموسر ـ أحدهما كان أو كلاهما ـ وهو خلاف فرض العيلولة منهما معاً في هذه المسألة.

[٤] قد عرفت أنه الأقوى.

[٥] قد عرفت وجهه.

[٦] بدعوى : كون المعيل ملحوظاً بنحو الطبيعة السارية ، فيكون‌

٤٠٨

( مسألة ١٢ ) : لا إشكال في وجوب فطرة الرضيع على أبيه [١] إن كان هو المنفق على مرضعته ، سواء كانت أماً له أو أجنبية ، وإن كان المنفق غيره فعليه [٢]. وإن كانت النفقة من ماله فلا تجب على أحد [٣].

______________________________________________________

كل واحد موضوعاً للحكم ، ولأجل أن الفطرة واحدة لا تقبل التعدد يكون الوجوب الوضعي كفائياً ، كما في الأيدي المتعاقبة على مال الغير ، فان كل واحد من ذوي اليد ضامن لذلك المال ، وبأداء واحد تفرغ ذمة الجميع عنه ، وإن جاز الرجوع من السابق على اللاحق بمناط آخر. لكن الظاهر كونه ملحوظاً بنحو صرف الوجود ، كما هو مقتضى إطلاقه ، فينطبق على الفردين كما ينطبق على الفرد الواحد. ومقتضاه التوزيع ، فيكون هنا اشتغال واحد لمجموع الذمم الذي لا يعقل فيه الا التوزيع ، كما لو أتلف جماعة مال الغير.

[١] لا إشكال في وجوب الفطرة عن الرضيع ، وادعي عليه الإجماع. ويقتضيه ـ مضافاً إلى العمومات ـ رواية إبراهيم بن محمد الهمداني ، المصرح فيها بالفطيم والرضيع ، وأن فطرتهما على من يعول بهما (١). ولا ينبغي التأمل في كونه عيالا للأب إذا كان الإرضاع بالأجرة. أما لو أرضعته أمه أو غيرها مجاناً ، فكونه عيالا عرفاً على من يعول بأمه أباً كان أم غيره ـ كما هو ظاهر المتن ـ للتبعية لا يخلو من إشكال ، وان كان هو الأقرب. ولا سيما مع ملاحظة الأب إرضاع الطفل سبباً للعيلولة بها.

[٢] قد عرفت أنه إذا كانت الأم مستأجرة للأب على الإرضاع فهو عيال لأبيه لا لمن عال بأمه.

[٣] لصغره المانع من وجوبها عليه. ولعدم عيلولة أحد به كي تجب على غيره.

__________________

(١) الوسائل باب : ٧ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٤.

٤٠٩

وأما الجنين فلا فطرة له [١] ، إلا إذا تولد قبل الغروب. نعم يستحب إخراجها عنه إذا تولد بعده الى ما قبل الزوال ، كما مر.

( مسألة ١٣ ) : الظاهر عدم اشتراط كون الإنفاق من المال الحلال [٢] ، فلو أنفق على عياله من المال الحرام ـ من غصب أو نحوه ـ وجب عليه زكاتهم.

( مسألة ١٤ ) : الظاهر عدم اشتراط صرف عين ما أنفقه أو قيمته [٣] بعد صدق العيلولة ، فلو أعطى زوجته نفقتها وصرفت غيرها في مصارفها وجب عليه زكاتها ، وكذا في غيرها.

( مسألة ١٥ ) : لو ملك شخصاً مالا ـ هبة. أو صلحاً أو هدية ـ وهو أنفقه على نفسه لا يجب عليه زكاته ، لأنه لا يصير عيالا له بمجرد ذلك [٤]. نعم لو كان من عياله عرفاً ووهبه ـ مثلا ـ لينفقه على نفسه ، فالظاهر الوجوب.

( مسألة ١٦ ) : لو استأجر شخصاً ، واشترط في ضمن العقد أن يكون نفقته عليه ،

______________________________________________________

[١] إجماعاً. لعدم دخوله في موضوعها المستفاد من النصوص. بل هو ظاهر نصوص اعتبار العيلولة ، وصريح النصوص النافية لها عمن ولد ليلة الفطر.

[٢] لصدق العيلولة بالإنفاق من الحرام.

[٣] لإطلاق وجوب أداء الفطرة عمن يعول به.

[٤] لما أشرنا إليه سابقاً ، من اعتبار نحو من التابعية والمتبوعية في صدق العيلولة ، الغير الحاصل بمجرد الهبة والهدية ونحوهما من أسباب التمليك.

٤١٠

لا يبعد وجوب إخراج فطرته [١]. نعم لو اشترط عليه مقدار نفقته ، فيعطيه دراهم مثلا ينفق بها على نفسه لم تجب عليه. والمناط الصدق العرفي في عده من عياله وعدمه.

( مسألة ١٧ ) : إذا نزل عليه نازل قهراً عليه ومن غير رضاه ، وصار ضيفاً عنده مدة ، هل تجب عليه فطرته أم لا؟ إشكال. وكذا لو عال شخصاً بالإكراه والجبر من غيره [٢]. نعم في مثل العامل الذي يرسله الظالم لأخذ مال منه ، فينزل عنده مدة ظلماً وهو مجبور في طعامه وشرابه ، فالظاهر عدم الوجوب ، لعدم صدق العيال [٣] ، ولا الضيف عليه.

( مسألة ١٨ ) : إذا مات قبل الغروب من ليلة الفطر لم يجب في تركته شي‌ء ، وإن مات بعده وجب الإخراج من تركته عنه وعن عياله. وإن كان عليه دين وضاقت التركة‌

______________________________________________________

[١] كما اختاره شيخنا الأعظم (ره) في رسالته ، حاكياً له عن غير واحد من معاصريه. لصدق كونه عيالا ، أو منضما إلى العيال. خلافاً للفاضلين وشيخنا في المسالك ، فجعلوه من قبيل الأجرة. وفيه : أن كونه كذلك لا يمنع من صدق موضوع الوجوب.

[٢] كأن منشأه : انصراف الإطلاق إلى صورة الرضا والاختيار. لكن الإطلاق محكم. اللهم إلا أن يقال : مقتضى حديث : « رفع الإكراه » (١) عدم سببية العيلولة عن إكراه للوجوب ، كما في أمثاله من الموارد.

[٣] كأنه لعدم تحقق التابعية فيه. فتأمل.

__________________

(١) الوسائل باب : ٥٦ من أبواب جهاد النفس.

٤١١

قسمت عليهما بالنسبة [١].

( مسألة ١٩ ) : المطلقة رجعياً فطرتها على زوجها [٢] دون البائن ، إلا إذا كانت حاملا ينفق عليها.

( مسألة ٢٠ ) : إذا كان غائباً عن عياله ، أو كانوا غائبين عنه ، وشك في حياتهم فالظاهر وجوب فطرتهم ، مع إحراز العيلولة على فرض الحياة [٣].

______________________________________________________

[١] لأنها ـ كسائر الديون ـ تتعلق بالتركة على نحو واحد.

[٢] لوجوب نفقتها كالزوجة ، لما ورد : من أن المطلقة رجعياً زوجة. وعليه يختص الحكم بصورة العيلولة بها ، كما في الزوجة. وكذا الحال في البائن الحامل ، فإنها وإن وجبت نفقتها على الزوج ، لكن عرفت أن المدار على العيلولة لا وجوب النفقة. ومنه يظهر الإشكال في إطلاق كلامهم : أن فطرتها على المطلق ، وكذا في بناء العلامة (ره) ذلك على كون النفقة للحامل. وأما لو كانت للحمل فلا تجب فطرتها عليه ، فان ذلك خلاف ما عرفت من أن المدار في الوجوب على العيلولة.

[٣] لما عرفت أن المدار على العيلولة ، تعين ـ عند الشك فيها ، أو في حياة المعال ـ الرجوع إلى الأصول. واستصحاب الحياة أو العيلولة أو هما مقدم على أصالة براءة الذمة من وجوب الفطرة ، لأنه أصل موضوعي حاكم على الأصل الحكمي. لكن لما كانت العيلولة خارجاً مشروطة بالحياة فلو شك في الحياة لم يجد استصحابها في إثبات العيلولة. إلا بناء على الأصل المثبت.

نعم لا مانع من استصحاب الحياة مع العيلولة ، فيقال : كان الحي ـ بوصف كونه عيالا ـ موجوداً ، وهو على ما كان. وعليه ولو شك في العيلولة على تقدير الحياة كان الحال كذلك ، فيجري استصحاب الحي العيال‌

٤١٢

فصل في جنسها وقدرها

والضابط في الجنس : القوت الغالب لغالب الناس [١]

______________________________________________________

أيضاً. وما يظهر من المتن ، من اختصاص وجوب الفطرة بصورة إحراز العيلولة على تقدير الحياة ، فلا يجب لو شك فيها على تقدير الحياة ، غير ظاهر. ونظير المقام : ما لو شك في حياة المجتهد مع إحراز عدالته على تقدير الحياة ، أو مع الشك فيها. فتأمل جيداً.

فصل في جنسها وقدرها‌

[١] قد اختلفت كلمات الأصحاب في تعيين الجنس اختلافاً كثيراً ، فعن الصدوقين والعماني : الاقتصار على الأربعة الأولى ، وعن الإسكافي والحلبي والحلي : إضافة الذرة إليها ، وفي المدارك : إضافة الأقط وفي الذخيرة : إضافة الأرز والأقط ، وعن المبسوط والخلاف وغيرهما : إضافة الأرز والأقط واللبن ، بل عنه : دعوى الإجماع ونفي الخلاف في إجزائها. وعن كثير : أنه القوت الغالب. قال في المعتبر : « والضابط : إخراج ما كان قوتاً غالباً ، كالحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب ، والأرز والأقط ، واللبن. وهو مذهب علمائنا .. ». وقال في المنتهى : « الجنس ما كان قوتاً غالباً ، كالحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب ، والأقط ، واللبن. ذهب إليه علماؤنا أجمع .. ».

وكأن منشأ ذلك : اختلاف النصوص ، إذ هي ما بين مقتصر على الحنطة والشعير ، ومضيف إليهما الأقط ، ومضيف إليهما التمر ، ومضيف‌

٤١٣

______________________________________________________

إليهما التمر والزبيب ، ومضيف إلى الأول التمر ، ومضيف إليه التمر والزبيب ، ومضيف إلى الثاني التمر والزبيب ، ومضيف إليه التمر والزبيب والذرة ، ومضيف إليه التمر والزبيب والأقط ، وغير ذلك. والمستفاد منها : الاجتزاء بالأربعة الأولى ـ التي تضمنتها أكثر النصوص ـ وبالأرز لأهل طبرستان ، كما في مكاتبة إبراهيم بن محمد الهمداني (١) ، وبالأقط مطلقاً ، كما في صحيح عبد الله بن المغيرة (٢) ، أو لأهل الإبل والبقر والغنم ، كما في صحيح معاوية بن عمار (٣) ، وقريب منه ما في مكاتبة الهمداني (٤) وباللبن ، كما في مصحح زرارة وابن مسكان الآتي ، وبالذرة مطلقاً ، كما في صحيح أبي عبد الرحمن الحذاء (٥) وكذا خبر ابن مسلم ، مع إضافة السلت والسويق (٦) أو إذا لم يجد الحنطة والشعير ـ كما في صحيح ابن مسلم وغيره ـ بإضافة السلت والقمح والعلس (٧).

وهناك نصوص أخرى تضمنت القوت الغالب ، كمصحح زرارة وابن مسكان عن أبي عبد الله (ع) : « الفطرة على كل قوم مما يغذون عيالهم من لبن ، أو زبيب ، أو غيره » (٨) ، ومرسل يونس عن أبي عبد الله (ع) : « الفطرة على كل من اقتات قوتاً فعليه أن يؤدي من ذلك القوت (٩) ، ومكاتبة إبراهيم بن محمد الهمداني عن أبي الحسن العسكري : « إن الفطرة صاع من قوت بلدك ، على أهل مكة واليمن والطائف وأطراف الشام واليمامة‌

__________________

(١) المراد هي المكاتبة الآتية في التعليقة قريباً.

(٢) الوسائل باب : ٦ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٣.

(٣) الوسائل باب : ٦ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٢.

(٤) المراد هي المكاتبة الآتية في التعليقة قريباً.

(٥) الوسائل باب : ٦ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ١٠.

(٦) الوسائل باب : ٦ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ١٧.

(٧) الوسائل باب : ٦ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ١٣.

(٨) الوسائل باب : ٨ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ١.

(٩) الوسائل باب : ٨ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٤.

٤١٤

______________________________________________________

والبحرين والعراقين وفارس والأهواز وكرمان تمر ، وعلى أهل أوساط الشام زبيب ، وعلى أهل الجزيرة والموصل والجبال كلها بر أو شعير ، وعلى أهل طبرستان الأرز ، وعلى أهل خراسان البر ، إلا أهل مرو والري فعليهم الزبيب ، وعلى أهل مصر البر. ومن سوى ذلك فعليهم ما غلب قوتهم ، ومن سكن البوادي من الأعراب فعليهم الأقط » (١).

ثمَّ إن الظاهر من صدر مصحح زرارة وابن مسكان المتقدم : اعتبار كونه قوتاً غالباً في ذلك القطر ، لكن ـ بقرينة قوله (ع) : « من لبن أو زبيب .. » ـ يكون ظاهراً فيما يكون قوتاً في الجملة غالباً ـ لكثرة وجوده واستعماله ـ وإن لم يقتصر عليه في القوت ، إذ ليس اللبن والزبيب مما يقتصر عليه في القوت إلا نادراً لبعض الناس ، وإن كان هو قوتاً يكثر استعماله ، وعليه يحمل المرسل. وأما مكاتبة إبراهيم فظاهر التفصيل فيها عدم اشتراك الأقطار المذكورة فيها في الأجناس الخمسة ، واختصاص كل منها بجملة من الأقطار ، بحيث لا يجوز لهم دفع غيره. وذلك مما لا يظن الالتزام به. بل تعين التمر لما ذكر من الأقطار الأول خلاف الضرورة. وحمله على الرخصة بعيد جداً. وحمله على الاستحباب لا يظن القول به ، وإن كان أقرب.

ثمَّ إن ظاهر مكاتبة الهمداني الاعتبار في كون الشي‌ء قوتاً بالبلد. ولا يبعد كونه المراد من المصحح والمرسل ، فالاعتبار يكون به لا بقوت المكلف نفسه.

هذا وبين هذه النصوص والنصوص السابقة عموم من وجه ، إذ ليس كل من الأجناس المذكورة في النصوص السابقة قوتاً غالباً بالمعنى المتقدم كما أن القوت الغالب ـ بذلك المعنى ـ قد لا يكون من الأجناس المذكورة كالتين ، والباقلاء ، والحمص وغيرها. وحينئذ يدور الأمر في الجمع بينها :

__________________

(١) الوسائل باب : ٨ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٢.

٤١٥

وهو : الحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب ، والأرز ، والأقط ، واللبن ، والذرة ، وغيرها. والأحوط الاقتصار على الأربعة الأولى [١] ، وإن كان الأقوى ما ذكرناه. بل يكفي الدقيق ، والخبز ، والماش ، والعدس [٢]. والأفضل إخراج التمر [١] ،

______________________________________________________

بين الأخذ بإطلاق كل منهما ، وبين تقييد الأول بالأخيرة ، وبين العكس وبين تقييد كل منهما بالآخر. والأقرب الثاني ، بقرينة ذكر اللبن في المصحح وعدم ذكره في تلك النصوص ، الموجب لعدم كونها في مقام الحصر ، وبقرينة ذكر الزبيب فيه أيضاً بما أنه القوت الغالب ، المشعر بأن ذكره في غيره من النصوص بما أنه كذلك ، لا بما هو ، فيكون المدار في الحكم على العنوان المذكور. والمتحصل : أن كل ما كان قوتاً ـ في الجملة ـ غالباً شائعاً جاز إخراجه ، وإن لم يكن من الأجناس المذكورة ، وما لم يكن لا يجوز وإن كان منها. والجمع الأخير أحوط.

[١] للقول بالاختصاص بها. لكن الأحوط على ما ذكرنا اعتبار كونها قوتاً بالمعنى المتقدم.

[٢] للعمومات في الجميع. وأما ما في مصحح عمر بن يزيد : « سألت أبا عبد الله (ع) تعطى الفطرة دقيقاً مكان الحنطة؟ قال (ع) : لا بأس ، يكون أجرة طحنه بقدر ما بين الحنطة والدقيق » (١) فظاهره كون الدقيق قيمة لا أصلا ، وإلا لم يجز دفع ما ينقص وزناً عن الصاع ، إجماعاً.

[٣] كما عن الأكثر. للنصوص المتضمنة لذلك ، كخبر ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) : « عن صدقة الفطرة. فقال (ع) : التمر أحب‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٩ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٥.

٤١٦

ثمَّ الزبيب [١] ، ثمَّ القوت الغالب [٢]. هذا إذا لم يكن هناك‌

______________________________________________________

الي ، فان لك بكل تمرة نخلة في الجنة » (١). وفي خبر ابن المبارك عن أبي إبراهيم ـ في حديث الفطرة ـ قال (ع) : « صدقة التمر أحب إلي ، لأن أبي كان يتصدق بالتمر. ثمَّ قال : ولا بأس أن يجعلها فضة ، والتمر أحب إلي » (٢). وفي خبر الشحام : « قال أبو عبد الله (ع) : لأن أعطي صاعاً من تمر أحب إلي من أن أعطي صاعاً من ذهب في الفطرة » (٣). وفي صحيح هشام عن الصادق (ع) : « التمر في الفطرة أفضل من غيره لأنه أسرع منفعة. وذلك إنه إذا وقع في يد صاحبه أكل منه » (٤). ونحوها غيرها.

[١] كما عن الأكثر. للتعليل في صحيح هشام. وهو وإن كان يقتضي المساواة بينه وبين التمر في الفضل ـ كما عن ابن حمزة ـ إلا أن اختصاص التمر ببعض النصوص الأخر ـ الدالة على خصوصية فيه ، حتى بالإضافة إلى الزبيب ـ يوجب كونه أفضل من جهة أخرى. نعم مقتضى التعليل مساواة مثل التين للزبيب في الفضل.

[٢] لنفسه ، كما عن الأكثر. واستدل له : بأخبار القوت المتقدمة. لكن عرفت المراد منها ، وأنها محمولة على ظاهرها من الوجوب. مع أن الالتزام باستحباب إخراج قوت نفسه مطلقاً ولو كان من أردأ الأجناس بعيد. ولو أريد القوت الغالب في البلد ، فقد عرفت أنه واجب ، لا أنه أفضل ، فضلا عن كونه متأخراً في الفضل عن التمر والزبيب.

__________________

(١) الوسائل باب : ١٠ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٥.

(٢) الوسائل باب : ١٠ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ١٠ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٦.

(٤) الوسائل باب : ١٠ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٨.

٤١٧

مرجح ، من كون غيرها أصلح بحال الفقير وأنفع له [١]. لكن الأولى والأحوط حينئذ دفعها بعنوان القيمة [٢].

( مسألة ١ ) : يشترط في الجنس المخرج كونه صحيحاً [٣] فلا يجزي المعيب. ويعتبر خلوصه ، فلا يكفي الممتزج بغيره [٤] من جنس آخر أو تراب أو نحوه. إلا إذا كان الخالص منه بمقدار الصاع ، أو كان قليلا يتسامح به.

( مسألة ٢ ) : الأقوى الاجتزاء بقيمة أحد المذكورات [٥]

______________________________________________________

[١] كما يشير إليه صحيح هشام المتقدم ، ومصحح إسحاق بن عمار الصيرفي : « قلت لأبي عبد الله (ع) : جعلت فداك ، ما تقول في الفطرة يجوز أن أؤديها فضة بقيمة هذه الأشياء التي سميتها؟ قال (ع) : نعم ، إن ذلك أنفع له يشتري ما يريد » (١). وكأنه إلى هذه النصوص نظر سلار ـ فيما حكي عنه ـ حيث جعل العبرة في الندب بعلو القيمة ، وإلا فلم يعرف له شاهد.

[٢] لاحتمال أن فيه الجمع بين الوجهين الذاتي والعرضي. لكن قد يظهر من خبر الشحام ـ المتقدم في أولوية التمر ـ ترجح الجهة الذاتية على العرضية ، وأن الفضيلة مختصة بالعين ولا تشمل القيمة. فتأمل.

[٣] كما عن الدروس ، واستظهره في الجواهر. للانسباق. وفيه تأمل الظاهر.

[٤] لفقد الاسم ، المتوقف عليه الامتثال.

[٥] بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه ، بل المحكي منه فوق الاستفاضة كالنصوص ، كذا في الجواهر. ويشهد له خبر ابن المبارك‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٩ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٦.

٤١٨

من الدراهم والدنانير ، أو غيرهما من الأجناس الأخر [١]. وعلى هذا فيجزي المعيب والممزوج ونحوهما بعنوان القيمة ، وكذا كل جنس شك في كفايته فإنه يجزي بعنوان القيمة.

( مسألة ٣ ) : لا يجزي نصف الصاع مثلا من الحنطة الأعلى ، وإن كان يسوي صاعاً من الأدون أو الشعير ، مثلا ، إلا إذا كان بعنوان القيمة [٢].

______________________________________________________

ومصحح إسحاقالمتقدمان (١). وفي موثق الثاني : « لا بأس بالقيمة في في الفطرة » (٢). ونحوها غيرها.

[١] لإطلاق الموثق ونحوه. اللهم إلا أن يدعى انصرافه إلى الدراهم أو الدنانير. ودعوى : أن الظاهر منه أنه لا بأس بإخراج الشي‌ء بقيمة الأصول ، فيكون ظاهراً في غير الدراهم والدنانير ، لا أنه لا بأس بإخراج نفس القيمة ، غير الظاهرة ، وإن ادعاها شيخنا الأعظم (ره). فالعمدة ـ في عموم الحكم لغير الدراهم والدنانير ـ ما دل على جواز إعطاء القيمة من غير النقدين في زكاة المال ، بناء على عدم الفرق بينها وبين المقام. أو يستفاد من التعليل في بعض النصوص : بأنه أنفع : فتأمل.

[٢] كما عن المختلف. للإطلاق المتقدم. لكن في الجواهر. « الأصح عدم الاجزاء ، وفاقاً لبيان والمدارك ، لظهور كون قيمة الأصول من غيرها. وليس في الأدلة التخيير بين الصاع من كل نوع وقيمته حتى يدعى ظهوره في تناول القيمة للنوع الآخر ، وإنما الموجود فيها ما عرفت ، مما هو ظاهر فيما ذكرنا .. ».

وهو في محله ، لو لا ما يستفاد من مصحح عمر بن يزيد المتقدم في‌

__________________

(١) تقدم ذكرهما قريباً في أول الفصل.

(٢) الوسائل باب : ٩ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٩.

٤١٩

( مسألة ٤ ) : لا يجزي الصاع الملفق من جنسين [١] بأن يخرج نصف صاع من الحنطة ونصفاً من الشعير مثلا ـ إلا بعنوان القيمة.

______________________________________________________

الدقيق (١) ، فان مقتضى التعليل فيه التعدي عن مورده إلى غيره مما يكون صاعاً كيلا لا وزناً ، مع وجود صفة فيه يتدارك بها النقص ، وحينئذ لا تنافي الأخبار الدالة على عدم جواز نصف صاع حنطة ، المساوي قيمة لصاع الشعير. وإن كان الإنصاف : أن حمل المصحح على القيمة بعيد جداً ، فاما أن يطرح ، أو يعمل به في مورده. فلاحظ.

[١] كما في الجواهر. لخروجه عن كل من الأصول. ودعوى : أن الأصل هو الجامع بين الأجناس المذكورة ، وهو كما ينطبق على غير الملفق ، ينطبق على الملفق ، غير ظاهرة ، فإن الإطلاق المذكور مقيد بما دل على أنها صاع من حنطة أو صاع من شعير وغير ذلك ، فلا مجال للأخذ بإطلاقه كي يجتزأ بالملفق. ولذلك يظهر الاشكال فيما عن المختلف : من أن جوازه أقرب.

وقد عرفت في المسألة العاشرة من الفصل السابق : عدم الفرق بين المقام وبين فطرة العبد المشترك ، وأنه لا يجوز التلفيق هناك ، إذ ليس هناك دليل بالخصوص يتضمن أن على كل من المالكين نصف صاع مثلا ، كي يتمسك بإطلاقه على جواز التلفيق ، وإنما هو الدليل في المقام ، بناء على شموله للمالك الواحد والمتعدد. فاذا كان الواحد لا يجوز له التلفيق ، لا يجوز للمتعدد لاتحاد المراد في المقامين. وأما خبر زرارة ـ الوارد في العبيد المشتركين المتقدم في تلك المسألة (٢) ـ فلو أمكن العمل به ، لا إطلاق له يتعرض لهذه الجهة ، فاللازم جعل المسألتين من باب واحد.

__________________

(١) تقدم ذكره قريبا في أول الفصل.

(٢) لاحظ المسألة : ١٠ من فصل من تجب عليه الفطرة.

٤٢٠