مستمسك العروة الوثقى - ج ٩

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٩

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٦٣٥

إذ المفروض تحققها حين الإخراج والعزل [١].

الخامسة والثلاثون : إذا وكل شخصاً في إخراج زكاته وكان الموكل قاصداً للقربة وقصد الوكيل الرياء ، ففي الإجزاء إشكال [٢] ، وعلى عدم الاجزاء يكون الوكيل ضامناً.

السادسة والثلاثون : إذا دفع المالك الزكاة إلى الحاكم الشرعي ليدفعها للفقراء فدفعها لا بقصد القربة ، فإن كان أخذ الحاكم ودفعه بعنوان الوكالة عن المالك أشكل الاجزاء [٣] ، كما مر. وإن كان المالك قاصداً للقربة حين دفعها للحاكم ـ وإن كان بعنوان الولاية على الفقراء ـ فلا إشكال في الاجزاء إذا كان المالك قاصداً للقربة بالدفع إلى الحاكم ، لكن بشرط أن يكون إعطاء الحاكم بعنوان الزكاة. وأما إذا كان لتحصيل الرياسة فهو مشكل. بل الظاهر ضمانه حينئذ ، وإن كان‌

______________________________________________________

[١] لكن ظاهر المستند الإجماع على الاعتبار النية في العزل والدفع معاً. ولعله ظاهر غيره.

[٢] إذا كان الوكيل وكيلا في الإخراج ـ كما هو المفروض ـ فمقتضى ما سبق عدم الاجزاء ، لعدم وقوعه عن نية. نعم إذا كان وكيلا في الإيصال محضاً أمكن القول بالاجزاء. فراجع المسألة الاولى من الفصل السابق. نعم قد يقال : الرياء في النيابة فلا ينافي التقرب في المنوب فيه ، وتقرب المنوب عنه لا يتنافى مع عدم تقرب النائب. نعم إذا كان في نفس المنوب فيه توجه الاشكال.

[٣] التفصيل المتقدم في المسألة السابقة جار فيه.

٣٨١

الآخذ فقيراً [١].

السابعة والثلاثون : إذا أخذ الحاكم الزكاة من الممتنع كرها يكون هو المتولي للنية. وظاهر كلماتهم الاجزاء [٢] ، ولا يجب على الممتنع بعد ذلك شي‌ء ، وإنما يكون عليه الإثم من حيث امتناعه [٣]. لكنه لا يخلو عن اشكال ـ بناء على اعتبار قصد القربة ـ إذ قصد الحاكم لا ينفعه فيما هو عبادة واجبة عليه [٤]

______________________________________________________

[١] إذا تعينت زكاة بقبض الحاكم بعنوان الولاية على الفقراء فلا وجه للإشكال في صحة دفعها إلى الفقير بأي عنوان كان ، لما تقدم منه : من جواز دفع المالك لها إلى الفقير رياء إذا كانت معزولة ، فجواز ذلك من الحاكم بطريق أولى.

[٢] لقيام الحاكم مقامه في الواجب الجامع للشرائط ، التي منها النية فإذا تحقق الواجب ـ ولو من الولي ـ أجزأ. هذا بناء على كون موضوع الوجوب الإيتاء المضاف إلى المالك. إما إذا كان نفس الإيتاء ولو من غيره غاية الأمر أنه لا ولاية لغيره على الإخراج ، فالولي الشرعي وإن كان إيتاؤه ليس بعنوان النيابة عن المالك ، لكنه لما كان إيتاء للزكاة كان مفرغاً لذمة المالك وماله ، لوصول الحق إلى أهله ، فلا بد أن يجزي ولا حاجة الى الإعادة. بل لا معنى للإعادة ، إذ هي من قبيل الامتثال بعد الامتثال. نعم لا يكون فعل الولي مقرباً للمالك ، وان كان مجزياً بنحو لا مجال للفعل ثانياً.

[٣] إذا بني على الاجزاء بفعل الحاكم ـ لأنه ولي الممتنع ـ فالإثم يكون من قبيل الإثم على التجري. اللهم إلا أن يكون قد أخرها في صورة لا يجوز له التأخير ولو لطلب الحاكم ، فتكون المعصية من جهة مخالفة الفورية.

[٤] هذا إذا لم تشريع النيابة فيه. أما مع البناء على المشروعية فيكون‌

٣٨٢

الثامنة والثلاثون : إذا كان المشتغل بتحصيل العلم قادراً على الكسب إذا ترك التحصيل ، لا مانع من إعطائه من الزكاة إذا كان ذلك العلم مما يستحب تحصيله [١] ، وإلا فمشكل.

التاسعة والثلاثون : إذا لم يكن الفقير المشتغل بتحصيل العلم الراجح شرعاً قاصداً للقربة لا مانع من إعطائه الزكاة [٢] وأما إذا كان قاصداً للرياء أو للرئاسة المحرمة ففي جواز إعطائه إشكال من حيث كونه إعانة على الحرام [٣].

______________________________________________________

كما لو فعل المنوب عنه ، فلا مجال للإشكال المذكور.

[١] فيكون الإعطاء من سهم سبيل الله. أما لو لم يكن العلم مستحب التحصيل فلا وجه لإعطائه ، كما سبق في فصل المستحقين. فراجع.

[٢] يعني : من سهم سبيل الله. لأن طلب العلم مأمور به شرعاً ومحبوب لله تعالى ، فيكون من القرب. وعدم نية الطالب للقربة إنما يمنع من تقربه نفسه ، لا من كون الفعل مأموراً به ، ومما يترتب على وجوده غرض شرعي مطلقاً لكونه توصلياً ، نظير تزويج العزاب ، والدفاع عن بيضة الإسلام نعم إذا كان الفعل المأمور به شرعاً عبادياً ، لا يصح صرف السهم المذكور فيه إذا لم يؤت به بقصد القربة ، لعدم كونه محبوباً لله تعالى حينئذ ، ولا مقرباً للباذل ، ولا مما يترتب عليه أثر محبوب. فمصرف سهم سبيل الله قسمان ، أحدهما : ما هو مقرب للفاعل ، مثل الحج ونحوه. وثانيهما : ما يترتب عليه أثر محبوب الله تعالى وإن لم يكن مقرباً للفاعل ، مثل تزويج العزاب ، وتعليم الأحكام ، والدفاع عن بيضة الإسلام.

[٣] هذا يتم إذا كان قصد الإعانة غير معتبر في صدقها. وإلا فلا تصدق مع عدم قصد الباذل لها ، فلا إثم.

٣٨٣

الأربعون : حكي عن جماعة عدم صحة دفع الزكاة في المكان المغصوب ، نظراً إلى أنه من العبادات فلا يجتمع مع الحرام. ولعل نظرهم إلى غير صورة الاحتساب على الفقير من دين له عليه ، إذ فيه لا يكون تصرفاً في ملك الغير ، بل إلى صورة الإعطاء والأخذ ، حيث أنهما فعلان خارجيان. ولكنه أيضاً مشكل من حيث أن الإعطاء الخارجي مقدمة للواجب ، وهو الإيصال ـ الذي هو أمر انتزاعي معنوي [١] فلا يبعد الإجزاء.

الحادية والأربعون : لا إشكال في اعتبار التمكن من التصرف في وجوب الزكاة فيما يعتبر فيه الحول كالأنعام والنقدين ـ كما مر سابقاً. وأما ما لا يعتبر فيه الحول ـ كالغلات ـ فلا يعتبر التمكن من التصرف فيها قبل حال تعلق الوجوب بلا إشكال. وكذا لا إشكال في أنه لا يضر عدم التمكن بعده إذا حدث التمكن بعد ذلك ، وإنما الاشكال والخلاف في اعتباره حال تعلق الوجوب. والأظهر عدم اعتباره [٢] ، فلو غصب زرعه غاصب ، وبقي مغصوباً إلى وقت التعلق ، ثمَّ رجع اليه بعد ذلك وجبت زكاته.

______________________________________________________

[١] يريد به الاستيلاء على العين ، الذي هو من مقولة الجدة. لكن في كونه انتزاعياً إشكال ظاهر ، لأنه أمر خارجي ، لكنه عرض لا جوهر.

[٢] تقدم في المسألة السابعة عشرة الاشكال منه. كما تقدم : أن مقتضى إطلاق بعض النصوص ومعاقد الإجماع اعتباره ، كما فيما يعتبر فيه الحول. وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ كما هو أهله.

٣٨٤

فصل في زكاة الفطرة‌

وهي واجبة إجماعاً من المسلمين [١].

ومن فوائدها : أنها تدفع الموت في تلك السنة عمن أديت عنه. ومنها : أنها توجب قبول الصوم ، فعن الصادق (ع) أنه قال لوكيله : « اذهب فأعط من عيالنا الفطرة أجمعها ، ولا تدع منهم أحداً ، فإنك إن تركت منهم أحداً تخوفت عليه الفوت. قلت : وما الفوت؟ قال (ع) : الموت » (١). وعنه (ع) : « أن من تمام الصوم إعطاء الزكاة. كما أن الصلاة على النبي (ص) من تمام الصلاة ، لأنه من صام ولم يؤد الزكاة فلا صوم له إذا تركها متعمداً ، ولا صلاة له إذا ترك الصلاة على النبي (ص) إن الله تعالى قد بدأ بها قبل الصلاة ، وقال ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى ) [٢].

______________________________________________________

فصل في زكاة الفطرة‌

[١] إلا من شذ من بعض أصحاب مالك ، كما في الجواهر. وحكي فيها القول بسقوطها عن البادية عن عطاء وعمر بن عبد العزيز وربيعة. ثمَّ قال : وهو غلط.

[٢] هذا الحديث ـ على ما في الوسائل ـ رواه الصدوق (ره) عن أبي بصير وزرارة ، قالا : « قال أبو عبد الله (ع) : إن من تمام الصوم إعطاء‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٥ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٥.

٣٨٥

والمراد بالزكاة في هذا الخبر : هو زكاة الفطرة ، كما يستفاد من بعض الأخبار المفسرة للآية [١]. والفطرة ، إما بمعنى الخلقة ، فزكاة الفطرة أي زكاة البدن ، من حيث أنها تحفظه عن الموت ، أو تطهره عن الأوساخ. وإما بمعنى الدين أي زكاة الإسلام والدين. وإما بمعنى الإفطار ، لكون وجوبها يوم الفطر. والكلام في شرائط وجوبها ، ومن تجب عليه ، وفي من تجب عنه ، وفي جنسها ، وفي قدرها ، وفي وقتها ، وفي مصرفها. فهنا فصول :

______________________________________________________

الزكاة ، يعني : الفطرة. كما أن الصلاة .. » (١). وقوله : « يعني الفطرة » من كلام الراوي ، أو الصدوق.

[١] ففي مرسل الفقيه عن قول الله عز وجل ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى ) قال (ع) : « من أخرج الفطرة » (٢). ونحوه ما عن تفسير القمي. وقد صرح في جملة من النصوص : بأن زكاة الفطرة مرادة من الزكاة المأمور بإيتائها في الكتاب (٣) وفي صحيح هشام : « نزلت الزكاة وليس للناس أموال وإنما كانت الفطرة » (٤).

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٥.

(٢) الوسائل باب : ١٢ من أبواب زكاة الفطرة ملحق حديث : ٦.

(٣) الوسائل باب : ١ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٩ ، ١٠ ، ١١.

(٤) الوسائل باب : ١ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ١.

٣٨٦

فصل في شرائط وجوبها

وهي أمور :

الأول : التكليف ، فلا تجب على الصبي والمجنون [١]

______________________________________________________

فصل في شرائط وجوبها‌

[١] بلا خلاف ظاهر. وعن غير واحد : الإجماع عليه. واستدل له : بحديث رفع القلم عنهما (١) ، وتكليف الولي لا دليل عليه ، والأصل ينفيه. واشكاله ظاهر ، فان الحديث ظاهر في رفع الوجوب ، فلا يصلح للحكومة على ما دل على اشتغال الذمة بها. وحينئذ يجب على الولي أداؤها ـ كسائر أموال الناس ـ حسبما يقتضيه دليل الولاية. نعم يشهد له في الصبي الصحيح عن محمد بن القاسم بن الفضيل : « أنه كتب إلى أبي الحسن الرضا (ع) يسأله عن الوصي يزكي زكاة الفطرة عن اليتامى إذا كان لهم مال ، فكتب (ع) : « لا زكاة على يتيم » (٢).

وقد يستدل بما عن المقنعة روايته عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله (ع) : « تجب الفطرة على كل من تجب عليه الزكاة » (٣). لكنه يتوقف على ثبوت المفهوم له ولو بلحاظ كونه في مقام التحديد ، أو على حجية العام في عكس نقيضه وكلاهما غير ظاهر. ولأجل ذلك يشكل نفيها‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٤ من أبواب مقدمة العبادات حديث : ١١.

(٢) الوسائل باب : ٤ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ٤ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ١.

٣٨٧

ولا على وليهما أن يؤدي عنهما من مالهما. بل يقوى سقوطها عنهما بالنسبة إلى عيالهما أيضاً [١].

الثاني : عدم الاغماء [٢] ، فلا تجب على من أهل شوال عليه وهو مغمى عليه.

الثالث : الحرية [٣] ، فلا تجب على المملوك وإن قلنا‌

______________________________________________________

عن المجنون ، إلا أن يكون للإجماع.

[١] كما في الجواهر. ويقتضيه : إطلاق الصحيح السابق. لكن في ذيله : أنه كتب إليه (ع) : « عن المملوك يموت عنه مولاه وهو عنه غائب في بلدة أخرى ، وفي يده مال لمولاه ، ويحضر الفطر ، أيزكي عن نفسه من مال مولاه وقد صار لليتامى؟ قال (ع) : نعم » (١). وحمله في الوسائل على موت المولى بعد الهلال. وهو كما ترى. وفي الجواهر : « لم أجد عاملا به ، فلا يصلح دليلا لما خالف الأصول .. ».

[٢] بلا خلاف أجده فيه. بل في المدارك : « إنه مقطوع به في كلام الأصحاب .. » ، كذا في الجواهر. ثمَّ حكى عن المدارك : « أنه مشكل على إطلاقه. نعم لو كان الغماء مستوعباً لوقت الوجوب اتجه ذلك. وأورد عليه : بكفاية الأصل ، بعد ظهور الأدلة في اعتبار حصول الشرائط عند الهلال. وفيه : أن كون عدم الاغماء من الشرائط ـ كي يكفي انتفاؤه عند الهلال. في انتفائه أولا ـ محل الكلام. بل يشكل استثناء المدارك صورة استيعاب الاغماء للوقت ، بأنه يتوقف على القول بسقوط القضاء لو فات لعذر ، وإلا فلا موجب للسقوط ، كما هو ظاهر.

[٣] بلا خلاف ظاهر ، بل عن جماعة : الإجماع عليه. وهو واضح ـ بناء على عدم ملكه ـ لفوات شرط الغني. أما بناء على أنه يملك فوجهه‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٤ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٣.

٣٨٨

أنه يملك ، سواء كان قناً أو مدبراً أو أم ولد أو مكاتباً [١] مشروطاً أو مطلقاً ولم يؤد شيئاً ، فتجب فطرتهم على المولى. نعم لو تحرر من المملوك شي‌ء وجبت عليه وعلى المولى بالنسبة [٢] ، مع حصول الشرائط.

الرابع : الغنى [٣] ، وهو أن يملك قوت سنة ـ له‌

______________________________________________________

غير واضح. وكون الإنفاق عليه بإذن المولى ، فيكون كعيال عليه ، كما ترى. فالعمدة فيه : الإجماع ، كما اعترف به في الجواهر.

[١] خلافاً للصدوق (ره) ، فعليه الفطرة. وتبعه عليه جماعة على ما حكي. ويشهد له صحيح ابن جعفر (ع) : « عن المكاتب هل عليه فطرة شهر رمضان أو على من كاتبه ، وتجوز شهادته؟ قال (ع) : الفطرة عليه ، ولا تجوز شهادته » (١).

ولا يقدح فيه اشتماله على نفي قبول شهادته ، لإمكان التفكيك بين الفقرات في الحجية. على أن المحكي عن الصدوق : حمله على الإنكار لا الاخبار. كما لا يصلح لمعارضة النصوص المتضمنة : أن فطرة العبد على سيده ، ولا رواية حماد بن عيسى عن أبي عبد الله (ع) : « يؤدي الرجل زكاة الفطرة عن مكاتبه ، ورقيق امرأته وعبده النصراني والمجوسي ، وما أغلق عليه بابه » (٢). لظهورها ، أو اختصاصها بصورة العيلولة به.

[٢] كما نسب إلى الأكثر. عملا بالجهتين معاً. وفيه : أن إطلاق وجوب الفطرة محكم. وإطلاق معقد الإجماع على اشتراط الحرية غير شامل للمورد. كإطلاق ما دل على أن فطرة العبد على سيده.

[٣] إجماعاً بقسميه ، كما في الجواهر. وعن ابن الجنيد : أنها تجب‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٧ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ٥ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ١٣.

٣٨٩

ولعياله ـ زائداً على ما يقابل الدين ومستثنياته ، فعلا ، أو قوة بأن يكون له كسب يفي بذلك. فلا تجب على الفقير ـ وهو من لا يملك ذلك ـ وإن كان الأحوط إخراجها إذا كان مالكاً لقوت السنة ، وإن كان عليه دين ، بمعنى : أن الدين لا يمنع‌

______________________________________________________

على من فضل من مئونته ومئونة عياله ليومه وليلته صاع ، وعن الخلاف : نسبته إلى كثير من أصحابنا. ويشهد للأول : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) : « سئل عن رجل يأخذ من الزكاة ، عليه صدقة الفطرة؟ قال (ع) : لا » (١) ، وخبر النهدي عنه (ع) : « عن رجل يقبل الزكاة ، هل عليه صدقة الفطرة؟ قال (ع) : لا » (٢). ونحوهما غيرهما.

نعم قد تعارض بمصحح زرارة : « قلت : الفقير الذي يتصدق عليه ، هل عليه صدقة الفطرة؟ قال (ع) : نعم ، يعطي مما يتصدق به عليه » (٣) ، وخبر الفضيل : « قلت لأبي عبد الله (ع) : أعلى من قبل الزكاة زكاة؟ فقال (ع) : أما من قبل زكاة المال فان عليه زكاة الفطرة. وليس عليه لما قبله زكاة. وليس على من يقبل الفطرة فطرة » (٤). ونحوهما غيرهما.

لكن يتعين حملها على الاستحباب ، جمعاً عرفياً بينها وبين ما سبق. ولو فرض استقرار المعارضة تعين طرحها ، لإعراض الأصحاب عنها. بل لم يعرف القول بها حتى من ابن الجنيد ، لعدم مطابقتها لدعواه. مضافاً إلى الإشكال في سند بعضها ، ودلالة آخر. فلاحظ.

__________________

(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٢ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٥.

(٣) الوسائل باب : ٣ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٢.

(٤) الوسائل باب : ٢ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ١٠.

٣٩٠

من وجوب الإخراج [١] ، ويكفي ملك قوت السنة. بل الأحوط الإخراج إذا كان مالكاً عين أحد النصب الزكوية أو قيمتها [٢] وإن لم يكفه لقوت سنته. بل الأحوط إخراجها إذا زاد على مئونة يومه وليلته صاع [٣].

( مسألة ١ ) : لا يعتبر في الوجوب كونه مالكاً مقدار الزكاة زائداً على مئونة السنة ، فتجب وإن لم يكن له الزيادة على الأقوى [٤] والأحوط.

______________________________________________________

[١] هذا مبني على أن الدين ـ الذي يعجز عن أدائه ـ لا ينافي صدق الغنى ، إذا كان يملك قوت السنة له ولعياله. لكن عرفت ـ في حكم الغارمين ـ ضعف ذلك.

[٢] لما سبق ـ في معنى الفقر والغنى ـ من القول بوجوب الفطرة على من ملك ذلك. وتقدم وجهه وضعفه. فراجع.

[٣] لما سبق عن ابن الجنيد ، الذي لم يعرف له شاهد.

[٤] كما في الجواهر ، ناسباً له إلى إطلاق النص والفتوى ، وعن الشهيد الثاني الجزم به لذلك. وعن الفاضلين والشهيد والمحقق الثاني ـ في حاشية الشرائع ـ وغيرهم : اعتبار الزيادة المذكورة. قيل : « لأنه لو وجبت مع عدمها انقلب فقيراً ، فيلزم منها انتفاء موضوعها .. » وهو كما ترى لأن الفقر ـ لأجل وجوبها ـ لا ينافي الغنى المأخوذ شرطاً في وجوبها ، لاختلافهما مرتبة.

ومثله : ما يقال : من أنه لو وجبت حينئذ لجاز أخذها لتحقق شرط المستحق ، فيلزم أن يكون ممن يأخذها وممن حلت عليه ، مع ما ورد : من أنه إذا حلت له لم تحل عليه ومن حلت عليه لم تحل له. فإنه ـ أيضاً ـ

٣٩١

( مسألة ٢ ) : لا يشترط في وجوبها الإسلام ، فتجب على الكافر [١] ، لكن لا يصح أداؤها منه [٢] ، وإذا أسلم بعد الهلال سقط عنه [٣]. وأما المخالف إذا استبصر بعد الهلال فلا تسقط عنه [٤].

______________________________________________________

يظهر اندفاعه مما سبق. مضافاً إلى أنه لو لم تجب عليه لحلت له ، ولا يظن الالتزام به. ومثله : دعوى : أن حدوث الفقر مانع عنها كوجوده. إذ فيه : امتناع أن يكون معلول الشي‌ء علة لعدمه ومانعاً من وجوده.

وعن المبسوط والدروس وغيرهما : التفصيل بين الغني فعلا فتجب عليه ، والغني بالقوة فلا تجب عليه. لأنها لو وجبت عليه لزم إما تقديمها على القوت ، أو الاستدانة لها. والأول ممنوع ، والثاني خلاف الأصل. وهو ـ مع أنه غير مطرد ـ لا يصلح لمعارضة الإطلاق.

[١] لعدم الفرق بينها وبين زكاة المال وغيرها ـ من الواجبات المالية والبدنية ـ في كون مقتضى الإطلاق وجوبها على الكافر كالمسلم.

[٢] لاعتبار التقرب فيها ـ كزكاة المال ـ وهو غير ممكن بالنسبة إلى الكافر.

[٣] لحديث الجب ـ أو غيره ـ على ما عرفت في أوائل كتاب زكاة المال. فراجع. مضافاً إلى صحيح معاوية بن عمار : « سألت أبا عبد الله (ع) عن مولود ولد ليلة الفطر ، عليه فطرة؟ قال (ع) : لا ، قد خرج الشهر. وسألته عن يهودي أسلم ليلة الفطر ، عليه فطرة؟ قال (ع) : لا » (١).

[٤] أما إذا لم يؤدها فظاهر ، لعدم الموجب للسقوط. وإما إذا أداها فلما عرفت في زكاة المال ، من النصوص المعللة عدم السقوط : بأنه وضعها في غير أهلها.

__________________

(١) الوسائل باب : ١١ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٢.

٣٩٢

( مسألة ٣ ) : يعتبر فيها نية القربة [١] كما في زكاة المال ، فهي من العبادات ، ولذا لا تصح من الكافر.

( مسألة ٤ ) : يستحب للفقير إخراجها أيضاً [٢]. وإن لم يكن عنده إلا صاع ، يتصدق به على عياله [٣] ، ثمَّ يتصدق به على الأجنبي [٤] بعد أن ينتهي الدور. ويجوز أن يتصدق به على واحد منهم أيضاً ، وإن كان الأولى والأحوط الأجنبي [٥]. وإن كان فيهم صغير أو مجنون يتولى الولي له الأخذ له والإعطاء عنه [٦]. وإن كان الأولى والأحوط أن‌

______________________________________________________

[١] إجماعاً ظاهراً ، وهو العمدة.

[٢] إجماعاً ، كما عن غير واحد ، وفي الجواهر : الإجماع بقسميه عليه. ويشهد له النصوص المتقدمة ، بعد حملها على الاستحباب جمعاً.

[٣] كما عن جمع التصريح به. ويشهد له موثق إسحاق بن عمار : « قلت لأبي عبد الله (ع) : الرجل لا يكون عنده شي‌ء من الفطرة إلا ما يؤدي عن نفسه من الفطرة وحدها ، أيعطيه غريباً ، أو يأكل هو وعياله؟ قال (ع) : يعطي بعض عياله ، ثمَّ يعطي الآخر عن نفسه ، ويرددونها فتكون عنهم جميعاً فطرة واحدة » (١).

[٤] كما عن الشهيد في البيان. وعن المدارك : « أن الظاهر من الترديد الرد الى المصدق الأول .. » قلت : ظاهر الرواية الرد إلى بعضهم ، سواء أكان الأول أم غيره ، فلا تخرج الفطرة عنهم.

[٥] إذ لا يحتمل اعتبار الرد على بعضهم في تحقق الاحتيال عن إعطاء الفطرة عن جميعهم ، وإن كان ظاهر الرواية جوازه.

[٦] قد يشكل ذلك : بأن إعطاء الولي عنه خلاف المصلحة ، والأصل‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٣.

٣٩٣

يتملك الولي لنفسه ثمَّ يؤدي عنهما.

( مسألة ٥ ) : يكره تملك ما دفعه زكاة [١] وجوباً أو ندباً ، سواء تملكه صدقة أو غيرها ، على ما مر في زكاة المال.

( مسألة ٦ ) : المدار في وجوب الفطرة إدراك غروب ليلة العيد جامعاً للشرائط ، فلو جن أو أغمي عليه أو صار فقيراً قبل الغروب ـ ولو بلحظة ـ بل أو مقارناً للغروب ـ لم تجب عليه. كما أنه لو اجتمعت الشرائط ـ بعد فقدها قبله ، أو مقارناً له ـ وجبت ، كما لو بلغ الصبي ، أو زال جنونه ولو الأدواري ، أو أفاق من الإغماء ، أو ملك ما يصير به غنياً أو تحرر وصار غنياً ، أو أسلم الكافر ، فإنها تجب عليهم [٢]

______________________________________________________

عدم جوازه. ويدفع ـ كما في المسالك ـ : « بأن النص يقتضي جوازه. ولثبوت مثله في الزكاة المالية .. ». اللهم إلا أن يمنع الإطلاق ، لعدم ورود النص بلحاظ هذه الجهة.

وفي الجواهر دفعه : « بأن غير المكلف ملكه على هذا الوجه ـ أي على أن يخرج عنه صدقة ـ لظهور النص في بيان الحيلة للمعيل في إخراج مقدار الفطرة الواحدة عنه وعن عياله .. ». وفيه تأمل ظاهر. وإلا لوجب على كل واحد ممن أخذه أن يفعل ذلك ، وهو كما ترى. وبذلك تظهر قوة ما عن المدارك : من أن الأصح اختصاص الحكم بالمكلفين.

[١] كما عن المدارك. لما سبق في زكاة المال.

[٢] إجماعاً بقسميه ، كما في الجواهر. ويشهد له صحيح معاوية المتقدم (١). وأوضح منه : ما رواه في الفقيه بطريق صحيح أو موثق عنه : « في المولود يولد‌

__________________

(١) لاحظ المسألة : ٢ من هذا الفصل.

٣٩٤

ولو كان البلوغ أو العقل أو الإسلام مثلا بعد الغروب لم تجب نعم يستحب إخراجها [١] إذا كان ذلك بعد الغروب إلى ما قبل الزوال من يوم العيد.

______________________________________________________

ليلة الفطر ، واليهودي والنصراني يسلم ليلة الفطر ، قال (ع) : ليس عليهم فطرة. ليس الفطرة إلا على من أدرك الشهر » (١). فان الظاهر منه وجوبها بمجرد حصول الشرائط آناً ما في الشهر ، مستمرة الى أن يهل الهلال ومن ذلك يشكل الوجوب إذا لم يحصل الإدراك ، وإن كان اجتماعها مقارناً للغروب. وكيف كان فظاهر قوله (ع) : « ليس الفطرة إلا على من أدرك الشهر ». أن وقت وجوبها وقت الإدراك عند الغروب ، فاذا تخلفت الشرائط بعد ذلك لم يسقط الوجوب.

[١] كما عن الأكثر. لما رواه محمد بن مسلم في الفطرة ، من قول الباقر (ع) : « تصدق عن جميع من تعول ـ من حر أو عبد ، صغير أو كبر ـ من أدرك منهم الصلاة » (٢) ، والمرسل : « من ولد له قبل الزوال يخرج عنه الفطرة ، وكذلك من أسلم قبل الزوال » (٣) المحمولين على الاستحباب ، لما سبق.

__________________

(١) الوسائل باب : ١١ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٥ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٦.

(٣) الوسائل باب : ١١ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٣.

٣٩٥

فصل فيمن تجب عنه

يجب إخراجها ـ بعد تحقق شرائطها ـ عن نفسه ، وعن كل من يعوله [١] ، حين دخول ليلة الفطر. من غير فرق بين واجب النفقة عليه وغيره ، والصغير والكبير ، والحر

______________________________________________________

فصل فيمن تجب عنه‌

[١] بلا خلاف ولا إشكال ، بل عن غير واحد : الإجماع عليه. وفي الجواهر : الإجماع بقسميه عليه. ويشهد له كثير من النصوص ، كصحيح عمر ابن يزيد : « سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يكون عنده الضيف من إخوانه ، فيحضر يوم الفطر ، يؤدي عنه الفطرة؟ فقال (ع) : نعم ، الفطرة واجبة على كل من يعول ، من ذكر أو أنثى ، صغير أو كبير ، حر أو مملوك » (١) ، ومصحح ابن سنان : « كل من ضممت إلى عيالك ـ من حر أو مملوك ـ فعليك أن تؤدي الفطرة عنه » (٢) ، وفي صحيح الحلبي : « صدقة الفطرة على كل رأس من أهلك » (٣) ، وفي خبر حماد ابن عيسى : « يؤدي الرجل زكاة الفطرة عن مكاتبه ، ورقيق امرأته ، وعبده النصراني والمجوسي ، وما أغلق عليه بابه ، » (٤). ونحوها غيرها.

__________________

(١) الوسائل باب : ٥ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٥ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٨.

(٣) الوسائل باب : ٥ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ١٠.

(٤) الوسائل باب : ٥ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ١٣.

٣٩٦

والمملوك ، والمسلم والكافر ، والأرحام وغيرهم ، حتى المحبوس عنده ولو على وجه محرم [١]. وكذا تجب عن الضيف ، بشرط صدق كونه عيالاً له [٢] ، وإن نزل عليه في آخر يوم من رمضان ، بل وإن لم يأكل عنده شيئاً. لكن بالشرط المذكور ، وهو صدق العيلولة عليه عند دخول ليلة الفطر ، بأن يكون بانياً على البقاء عنده مدة. ومع عدم الصدق تجب على نفسه ، لكن الأحوط أن يخرج صاحب المنزل عنه أيضاً حيث أن بعض العلماء اكتفى ـ في الوجوب عليه ـ مجرد صدق اسم الضيف ، وبعضهم : اعتبر كونه عنده تمام الشهر ، وبعضهم : العشر الأواخر ، وبعضهم : الليلتين الأخيرتين ، فمراعاة الاحتياط أولى. وأما الضيف النازل بعد دخول الليلة‌

______________________________________________________

[١] كما صرح به غير واحد. لإطلاق النصوص.

[٢] قد اختلفت كلماتهم فيه ، فعن الشيخ والسيد : اعتبار الضيافة طول الشهر ، وعن المفيد : الاكتفاء بالنصف الأخير ، وعن جماعة : الاجتزاء بالعشر الأخيرة ، وعن الحلي : الاجتزاء بالليلتين الأخيرتين ، وعن العلامة : الاجتزاء بالليلة الأخيرة ، وعن ابن حمزة : الاجتزاء بمسمى الإفطار في الشهر وعن جماعة ـ منهم الشهيد الثاني ـ : الاجتزاء بصدق الضيف في جزء من الزمان قبل الهلال ، وعن بعض : اعتبار صدق العيلولة عرفاً. وأكثر الأقوال غير ظاهر الوجه.

نعم كأن مستند الأخير : ما في الصحيح الأول ، من قوله (ع) : « نعم الفطرة .. » بدعوى : ظهوره في تقييد الوجوب عن الضيف بكونه ممن يعوله ، كما هي غير بعيدة ، بل لا يبعد دخول ذلك في مفهوم‌

٣٩٧

فلا تجب الزكاة عنه ، وإن كان مدعواً قبل ذلك.

( مسألة ١ ) : إذا ولد له ولد ، أو ملك مملوكاً ، أو تزوج بامرأة قبل الغروب‌

______________________________________________________

الضيف. ولا ينافيه وضوح عدم صدق العيال عليه ، لأن موضوع الحكم أن يكون ممن يعوله ولو في وقت ، لا كونه من العيال. وفرق بين العنوانين فإنه يكفي في صدق الأول البناء على الإنفاق عليه ولو مدة يسيرة ، ولا يكفي ذلك في الثاني. ومن المعلوم : أن مبنى الضيافة الاستمانة والتعيش من المضيف مدة ما ولو كانت قصيرة ، فلو كان من نية الضيف الأكل من متاعه ـ لا من طعام صاحب المنزل ـ لا يعد ضيفاً. ولعل ذلك موجب لرجوع القولين الأخيرين إلى قول واحد. كما أن منه يظهر لزوم تقييد عبارة المتن بالبقاء عنده مدة كأحد عياله يعيش بنفقته ، ولا يكفي نية البقاء عنده محضاً ـ فضلا عن النزول عليه قبل الهلال وبقائه إلى أن يهل ـ إذ لا يصدق عليه حينئذ الضيف ولا من يعول به ، ولا من ضم الى عياله ولا غير ذلك من العناوين المذكورة في النصوص موضوعاً للفطرة. وإغلاق الباب في المرفوع كناية عن أن يعول به ، لا أنه موضوع للحكم إجماعاً.

ثمَّ إن الظاهر أنه يعتبر في العيلولة نحو من التابعية والمتبوعية » بحيث يعد المعال تابعاً للمعيل ومن متعلقيه في شؤون معاشه ، فلا يكفي مجرد إعطاء المال لشخص ، أو اباحته له بمقدار نفقته في صدق كونه عيالا للمعطي. ولعله إلى ذلك أشير في صحيح ابن الحجاج : « عن رجل ينفق على رجل ليس من عياله إلا أنه يتكلف له نفقته وكسوته ، أتكون عليه فطرته؟ قال (ع) : لا ، إنما تكون فطرته على عياله صدقة دونه. وقال (ع) : العيال : الولد ، والمملوك ، والزوجة ، وأم الولد » (١).

ومنه يظهر الوجه في عدم وجوب الفطرة عمن يدعى للعشاء أو الإفطار‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٥ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ٣.

٣٩٨

بامرأة ، قبل الغروب من ليلة الفطر ـ أو مقارناً له ـ [١] ، وجبت الفطرة عنه إذا كان عيالاً له. وكذا غير المذكورين ممن يكون عيالاً ، وإن كان بعده لم تجب. نعم يستحب الإخراج عنه [٢] إذا كان ذلك بعده وقبل الزوال من يوم الفطر.

( مسألة ٢ ) : كل من وجبت فطرته على غيره سقطت عن نفسه [٣] ، وإن كان غنياً وكانت واجبة عليه لو انفرد ، وكذا لو كان عيالا لشخص ثمَّ صار وقت الخطاب عيالا لغيره.

______________________________________________________

في الوليمة ، وإن حضر عند الغروب أو قبله ، إذ ليس له نحو من التابعية بخلاف الضيف النازل في ذلك الوقت ، فان له ذلك النحو من التابعية. وأيضاً الضيف يتعهد به المضيف من جميع جهات المعاش وليس كذلك المدعو فإن الداعي إنما يتعهد بخصوص طعامه وشرابه دون بقية الجهات. وعلى هذا فلا إشكال في أن الدعوة إلى الوليمة لا تستوجب أداء الفطرة. فتأمل جيداً.

[١] قد عرفت الإشكال في الاكتفاء بالمقارنة ، فإنه خلاف ظاهر جملة من فقرات صحيح معاوية المتقدم (١)

[٢] كما سبق.

[٣] بلا خلاف معتد به أجده ، بل في المدارك نسبته إلى قطع الأصحاب ، بل عن شرح الإرشاد لفخر الإسلام : أنه إجماع. نعم في البيان : ظاهر ابن إدريس وجوبها على الضيف والمضيف ، كذا في الجواهر. وفيه : أنه خلاف ما دل على أن فطرة الضيف على المضيف ، فان ظاهره أنها فطرة واحدة على المضيف ، فيخصص به ما دل على وجوب فطرة كل إنسان على نفسه.

__________________

(١) لاحظ المسألة : ٢ من فصل شرائط وجوب الفطرة.

٣٩٩

ولا فرق في السقوط عن نفسه [١] بين أن يخرج عنه من وجبت عليه أو تركه عصياناً أو نسياناً ، لكن الأحوط الإخراج عن نفسه حينئذ [٢]. نعم لو كان المعيل فقيراً والعيال غنياً فالأقوى وجوبها على نفسه [٣] ، ولو تكلف المعيل الفقير‌

______________________________________________________

[١] كما عن جماعة التصريح به ، بل ربما نسب إلى المشهور ، كذا في الجواهر. لظهور الأدلة في الوجوب على المعيل لا غير.

[٢] بل ظاهر قوله في الإرشاد : « وتسقط عن الموسرة والضيف الغني بالإخراج .. » عدم السقوط بدونه ، واحتمله في المسالك. وكان وجهه : إما دعوى أن مفاد الأدلة أن المعيل مكلف بدفع الفطرة الثابتة على المعال عنه ، فالتكليف يكون بالإسقاط وإفراغ ذمة العيال. ولكنه خلاف الظاهر. ولا سيما بملاحظة عدم اشتغال الذمة في جملة من أفراد المال كالصبي والعبد والمصرح بهما في النصوص. أو دعوى : أن الجمع بين دليل وجوب الفطرة على المعيل ، ودليل وجوب الفطرة على العيال الجامع للشرائط ، بضميمة ما يستفاد : من أن لكل إنسان فطرة واحدة ، أن يكون الوجوب عليهما من قبيل الوجوب الكفائي ، الذي تحقق في محله : أن الواجب فيه واحد ، والواجب عليه متعدد. إذ لا مانع من اشتغال ذمم متعددة بواجب واحد ، لأن الوجود الذمي اعتباري ، ولا مانع من أن يكون للواحد وجودات متعددة اعتبارية. وارتكاب هذا الحمل أولى من ارتكاب التقييد في دليل الوجوب على العيال. فاذاً القول بتوقف السقوط عن العيال على أداء المعيل ـ كالعكس ـ في محله. فلاحظ.

[٣] كما عن الحلي القطع به ، وعن المعتبر : أنه قوي. ولعدم المخصص لعموم وجوب الفطرة على كل إنسان. وبذلك يظهر ضعف ما عن الشيخ والفخر : من عدم وجوبها على الزوجة الموسرة إذا كان الزوج معسراً ،

٤٠٠