مستمسك العروة الوثقى - ج ٩

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٩

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٦٣٥

______________________________________________________

الضمان ، بالإرسال أو غيره ، مثل الصحيح عن حريز عن عبيد بن زرارة عنه (ع) : إذا أخرجها من ماله فذهبت ولم يسمها لأحد فقد برئ منها » (١) ، وموثق بكير بن أعين عن أبي جعفر (ع) : « عن الرجل يبعث بزكاته فتسرق أو تضيع. قال (ع) : ليس عليه شي‌ء » (٢). ونحوهما غيرهما.

لكن النصوص المذكورة ـ مع أنها غير ظاهرة في التفصيل بين التفريط وعدمه ـ موردها صورة تلف نفس الزكاة ، بأن يتعين التالف كونه زكاة قبل التلف ، ولو كان من غير النصاب أو من غير جنس الفريضة ، فلا تشمل صورة تلف النصاب أو بعضه. وحينئذ إلحاق صورة تلف أحدهما بمورد النصوص لا يخلو عن إشكال. نعم في مرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله (ع) : « في رجل يكون له إبل ، أو بقر ، أو غنم ، أو متاع ، فيحول عليه الحول ، فتموت الإبل والبقر والغنم ، ويحترق المتاع. قال (ع) : ليس عليه شي‌ء » (٣). وإطلاقه يقتضي نفي الضمان ولو مع التفريط ، فيقيد بالإجماع.

أما القواعد الأولية فإنما تقتضي نفي الضمان مع عدم التفريط ، لو بني على تعلقها بالعين بنحو الجزء المشاع. أما لو بني على كونه من قبيل تعلق الكلي في المعين ، أو الفرد المردد ، أو تعلق أرش الجناية فالقاعدة تقتضي الضمان ، إلا أن يتلف الجميع. ولو بني على كونه من قبيل تعلق حق الرهان كان مقتضاها الضمان ولو تلف الجميع ، لاشتغال الذمة به حينئذ كالدين.

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٩ من أبواب مستحقي الزكاة حديث : ٤.

(٢) الوسائل باب : ٣٩ من أبواب مستحقي الزكاة حديث : ٥.

(٣) الوسائل باب : ١٢ من أبواب زكاة الأنعام حديث : ٢.

١٠١

وإن كان بتفريط منه ـ ولو بالتأخير [١] ، مع التمكن من الأداء ـ ضمن بالنسبة. نعم لو كان أزيد من النصاب ، وتلف منه شي‌ء ، مع بقاء النصاب على حاله لم ينقص من الزكاة شي‌ء ، وكان التلف عليه بتمامه مطلقاً ، على إشكال [٢].

( مسألة ١١ ) : إذا ارتد الرجل المسلم ، فاما أن يكون عن ملة ، أو عن فطرة. وعلى التقديرين ، إما أن يكون في أثناء الحول أو بعده ، فان كان بعده وجبت الزكاة [٣] ، سواء كان عن فطرة أو ملة. ولكن المتولي لإخراجها الإمام (ع) ، أو نائبه [٤]. وإن كان في أثنائه ، وكان عن فطرة‌

______________________________________________________

وبالجملة : إذا تلف من النصاب شي‌ء من غير تفريط ، فورود النقص على مقدار الزكاة وعدمه يختلف باختلاف المباني المتقدمة ، ولا يطرد في الجميع على نسق واحد. فالبناء على ورود النقص على الزكاة مطلقاً لا بد أن يكون من جهة الإجماع الذي حكاه غير واحد. وإن كان ذكرهم للنصوص السابقة دليلا للحكم ربما يوهن الإجماع المذكور ، ويمنع من الاعتماد عليه. فلاحظ.

[١] قد عرفت الاشكال فيه ، لعدم وضوح مأخذه ، لما سبق : من اختصاص نصوص الضمان بالتأخير بصورة تلف ما تعين كونه زكاة. فتأمل.

[٢] ينشأ : من احتمال كون ثبوت النصاب في المجموع الزائد عليه من قبيل ثبوت الجزء المشاع. إذ عليه لا وجه لجعل التلف في الفرض من خصوص الزائد على النصاب لا غير ، لأنه ترجيح بلا مرجح. لكن الاحتمال المذكور ضعيف ، لظهور الأدلة في كون ثبوته من قبيل ثبوت الكلي في المعين. فلاحظ.

[٣] لأن الارتداد لا يقتضي سقوطها بوجه.

[٤] لما عرفت : من أنها عباده : تصح من الكافر. لكن في اقتضاء‌

١٠٢

انقطع الحول ، ولم تجب الزكاة ، واستأنف الورثة الحول [١] لأن تركته تنتقل إلى ورثته. وإن كان عن ملة لم ينقطع [٢] ووجبت بعد حول الحول. لكن المتولي الإمام (ع) أو نائبه إن لم يتب ، وإن تاب قبل الإخراج أخرجها بنفسه. وأما لو أخرجها بنفسه قبل التوبة لم تجز عنه [٣]. إلا إذا كانت العين باقية في يد الفقير فجدد النية ، أو كان الفقير القابض عالماً بالحال [٤] ،

______________________________________________________

ذلك تولي الإمام أو نائبه تأمل ، أو منع. إذ الإجماع على كونها عبادة لا يقتضي ذلك. وتولي الامام لا ينفع في تقرب الكافر ، بعد البناء على تعذره. ولا سيما مع قهر الامام له على الدفع.

وبالجملة : الدفع والتعيين وإن كانا عبادة ، كما تقدم في أوائل الكتاب لكن بعد تعذر الإتيان بهما على وجه العبادة من الكافر ، فاما أن يكون تعذرهما موجباً لسقوط وجوبهما فلا كلام ، ولا مجال لتولي الإمام أو نائبه. وإن كان لا يوجب سقوط وجوبهما ، كفى في سقوطه إيقاعهما ولو على غير وجه العبادة. ولا حاجة الى تولي الإمام ، لأن الولاية إنما تكون في ظرف تعذر صدور الفعل من المولى عليه ، والمفروض قدرته على الدفع أو التعيين غير العباديين ، وإقدامه على ذلك. فاللازم البناء على صحة دفعها من الكافر بعنوان كونه أداء لمال المسلم ، وإن لم يصح كونه عبادة ومقرباً له.

[١] لو كان حصة كل منهم تبلغ النصاب.

[٢] لبقاء ماله على ملكه. كسائر الكفار.

[٣] قد عرفت إشكاله.

[٤] إذ لو كان جاهلا بكونه كافراً لا يصح منه الدفع ، كان مغروراً‌

١٠٣

فإنه يجوز له الاحتساب [١] عليه ، لأنه مشغول الذمة بها ، إذا قبضها مع العلم بالحال وأتلفها ، أو تلفت في يده. وأما المرأة فلا ينقطع الحول بردتها مطلقا [٢].

( مسألة ١٢ ) : لو كان مالكاً للنصاب لا أزيد كأربعين شاة مثلا ـ فحال عليه أحوال ، فإن أخرج زكاته كل سنة من غيره تكررت [٣] ، لعدم نقصانه حينئذ عن النصاب. ولو أخرجها منه ، أو لم يخرج أصلا لم تجب إلا زكاة سنة واحدة ، لنقصانه حينئذ عنه [٤]. ولو كان عنده أزيد من النصاب ـ كأن كان عنده خمسون شاة ـ وحال عليه الأحوال لم يؤد زكاتها ، وجب عليه الزكاة بمقدار ما مضى من السنين إلى أن ينقص عن النصاب. فلو مضى عشر سنين ـ في المثال المفروض ـ وجب عشرة. ولو مضى أحد عشر سنة وجب‌

______________________________________________________

من قبله ، فلو كان ضامناً لما له لكان قرار الضمان عليه ، فلا أثر للضمان.

[١] بلا حاجة إلى الحاكم ، لانتفاء الولاية حينئذ ، لو قيل بثبوتها ، لأن المفروض كونه بعد التوبة. فما في بعض الحواشي : من كون الاحتساب بإذن الحاكم ، مبني على حمل العبارة على جواز احتساب الفقير ، وأنه قبل توبة المالك. لكنه خلاف ظاهر العبارة.

[٢] لأن ردتها لا توجب خروج مالها عن ملكها ، بل يبقى على ملكها.

[٣] لكن مبدأ الحول الثاني من حين الدفع. لأنه زمان ملك النصاب تاماً. أما قبله فإنه يملكه ناقصاً ، كما لو لم يدفع الزكاة إلى سنة أو سنين. وهو ظاهر.

[٤] هذا بناء على التعلق بالعين ، ولو بنحو تعلق الحق.

١٠٤

أحد عشر شاة ، وبعده لا يجب عليه شي‌ء ، لنقصانه عن الأربعين. ولو كان عنده ست وعشرون من الإبل ، ومضى عليه سنتان ، وجب عليه بنت مخاض للسنة الأولى ، وخمس شياه [١] للثانية. وإن مضى ثلاث سنوات وجب للثالثة أيضاً أربع شياه [٢]. وهكذا .. إلى أن ينقص من خمسة فلا تجب.

( مسألة ١٣ ) : إذا حصل لمالك النصاب في الأنعام ملك جديد ، إما بالنتاج ، وإما بالشراء ، أو الإرث ، أو نحوها. فان كان بعد تمام الحول [٣] السابق ، قبل الدخول في اللاحق فلا إشكال في ابتداء الحول للمجموع ، إن كمل بها النصاب اللاحق [٤]. وأما إن كان في أثناء الحول ، فاما أن يكون ما حصل بالملك الجديد بمقدار العفو ، ولم يكن نصاباً مستقلا ، ولا مكملا لنصاب آخر ، وإما أن يكون نصاباً مستقلا ، وإما أن يكون مكملا للنصاب.

أما في القسم الأول فلا شي‌ء عليه ، كما لو كان له هذا‌

______________________________________________________

[١] لأنه بتعلق بنت المخاض ينقص عن الست والعشرين. لكن وجوب الخمس شياه موقوف على كون قيمة بنت المخاض لا تزيد على الواحدة.

[٢] هذا إذا كانت بنت المخاض وأربع شياه أكثر من قيمة الواحدة منها. وإلا وجب عليه خمس شياه في الثانية ، لأنه ملك في السنة الثالثة خمساً وعشرين تامة.

[٣] التعبير بالبعدية والقبلية غير مناسب ، لاتصال الحولين ، فكان الأنسب : التعبير بمقارنة الملك لابتداء الحول الثاني.

[٤] كما لو ملك أربعين شاة ، وعند انتهاء حولها ملك اثنتين وثمانين‌

١٠٥

المقدار ابتداء. وذلك : كما لو كان عنده من الإبل خمسة ، فحصل له في أثناء الحول أربعة أخرى. أو كان عنده أربعون شاة ، ثمَّ حصل له أربعون [١] في أثناء الحول.

وأما في القسم الثاني فلا يضم الجديد إلى السابق [٢] ، بل يعتبر لكل منهما حول بانفراده ، كما لو كان عنده خمس من الإبل ، ثمَّ بعد ستة أشهر ملك خمسة أخرى ، فبعد تمام السنة الأولى يخرج شاة ، وبعد تمام السنة ـ للخمسة الجديدة‌

______________________________________________________

شاة ، أو ملك خمساً من الإبل ، وعند انتهاء حولها ملك خمسة أخرى ، فيخرج شاة واحدة في الحول الأول ، وشاتين في الحول الثاني.

[١] فإن الأربعين الثانية لما لم تكن موضوعاً للزكاة في حال الانضمام لم يترتب على ملكها في هذا الحال أثر. نعم عن المعتبر : احتمال وجوب الشاة لها عند تمام حولها ، وعن الدروس : أن له وجهاً ، لقوله (ع) : « في كل أربعين شاة شاة ». ولأنه نصاب كامل وجبت فيه الزكاة مع الانفراد ، فكذا مع الانضمام.

واستشكل عليه في الجواهر وغيرها : بأن المراد من الخبر النصاب المبتدأ ، والعموم فيه بلحاظ المالك أو الأحوال ، لا الأفراد. ولذا لا يجب على من ملك ثمانين شاتان إجماعاً. ودعوى : أن خروج ذلك بالإجماع لا يقتضي خروج المقام. فيها : أن الإجماع كاشف عن المراد من الخبر. ولا سيما بعد قوله (ع) في بعض الصحاح : « ليس في الغنم بعد الأربعين شي‌ء حتى تبلغ مائة وإحدى وعشرين » (١). ومن ذلك يظهر ما في قوله (ره) : « ولأنه نصاب كامل ».

[٢] بلا خلاف أجده. بل الإجماع في محكي الخلاف والمنتهى والانتصار‌

__________________

(١) هذا نقل بالمعنى لما تقدم من النصوص في النصاب الأول من نصب الغنم.

١٠٦

أيضاً ـ يخرج شاة. وهكذا ..

وأما في القسم الثالث فيستأنف حولا واحداً [١] ، بعد‌

______________________________________________________

وغيرها عليه ، كذا في الجواهر. ويقتضيه الأخذ بإطلاق دليل الزكاة بالنسبة إلى كل منهما ، من دون مانع عنه.

[١] كما استوجهه في الجواهر ، وحكاه عن الفخر والشهيدين وأبي العباس والمقداد والكركي والصيمري وسيد المدارك والخراساني والفاضل البهبهاني وأستاذه في كشفه والمولى في الرياض والمحدث البحراني. وعلله : بوجوب إخراج زكاة الأول عند تمام حوله ، لوجود المقتضي ـ وهو اندراجه في الأدلة ـ وانتفاء المانع. ومتى وجب إخراج زكاته منفرداً امتنع اعتباره منضماً إلى غيره في ذلك الحول ، لقوله (ع) : « لا ثنيا في صدقة » (١) ، وقوله (ع) : « لا يزكى المال من وجهين في عام واحد » (٢) ولظهور أدلة النصاب المتأخر في غير المفروض.

وقد يشكل ما ذكره : بأن تطبيق الدليل بالإضافة إلى الملك الأول ، عند انتهاء حوله ، ينافيه تطبيقه بالإضافة إلى المجموع عند انتهاء حول الضميمة ، بتوسط ما ذكره من قوله (ع) : « لا ثنيا في صدقة » ونحوه. ومع هذا التنافي لا وجه لترجيح الأول على الثاني ، لعدم المرجح. ومجرد التقدم في الزمان ليس من المرجحات ، لأن نسبة الدليل إلى كل من الفردين نسبة واحدة ، ولا تقصر إحداهما عن الأخرى ، ولا يرفع تطبيقه بالإضافة إلى أحدهما تطبيقه بالإضافة إلى الآخر ، إذ لا ورود ولا حكومة بين التطبيقين وكما يلزم من الأخذ بالتطبيق الثاني إلغاء التطبيق الأول ، كذلك يلزم من‌

__________________

(١) لم نعثر على هذا النص في مظانه. نعم في مستدرك الوسائل باب : ١٢ من أبواب زكاة الأنعام حديث : ٢ : « ونهى أن يثنى عليهم في عام مرتين ».

(٢) الوسائل باب : ٧ من أبواب من تجب عليه الزكاة حديث : ١.

١٠٧

______________________________________________________

الأخذ بالتطبيق الأول إلغاء التطبيق الثاني.

هذا لو لم يحرز المقتضي في كل منهما ، وكان المقام من باب التعارض أما لو أحرز فكان المقام من باب التزاحم فالمحقق في محله أيضاً التخيير في العمل بين المقتضيين ، مع تساويهما في الاهتمام ، ومع الاختلاف يعمل على مقتضى الأهم. والسبق الزماني لا أثر له في الترجيح ، وإن كان مختار جماعة من المحققين ذلك. لكنه غير واضح. ومن ذلك يظهر الاشكال فيما في المنتهى : من سقوط اعتبار النصاب الأول عند ملك الزائد ، بل يكون المجموع نصاباً واحداً ، وابتداء حوله من حين ملك الزائد.

اللهم إلا أن يقال : النصاب الأول عند انتهاء حوله ليس موضوعاً للزكاة ، لأن الأربعين إنما تكون موضوعاً في ظرف الانفراد ، لا مع ملك الضميمة التي تكون بها نصاباً ثانياً. وإذ لم تكن موضوعاً ، لا تجب فيه الزكاة ، وتجب عند انتهاء حول الضميمة ، لأن المجموع موضوع لها حال عليه الحول.

فان قلت : الأربعون من الغنم إنما لا تكون موضوعاً للزكاة إذا كانت الضميمة المكملة للنصاب الثاني قد حال عليها الحول ، لا إذا لم يحل عليها الحول. قلت : حولان الحول مأخوذ شرطاً زائداً على ذات الموضوع ، وهو إما الأربعون إذا انفردت ، أو المائة واحدى وعشرون إن لم تنفرد ، والمفروض في المقام الانضمام ، لا الانفراد.

لكن لو تمَّ ذلك لزم عدم وجوب الزكاة فيه لو تلف بعضه ، أو خرج عن ملكه قبل تمام الحول ، وأنه لو ملك ما يكمل النصاب اللاحق الثالث في أثناء حوله أن لا تجب فيه الزكاة. وهكذا .. والالتزام بذلك بعيد ، بل ممتنع.

والتحقيق : أن المعارضة بين الدليلين ، أو المزاحمة بين المقتضيين‌

١٠٨

______________________________________________________

تتوقف على تباين الحول بالإضافة إلى النصابين ، والمفروض عدمه. مثلا : إذا ملك أربعين شاة في أول محرم ، ثمَّ إحدى وثمانين في أول رجب ، ففي محرم الثاني يصدق حولان الحول بالإضافة إلى الأربعين ، وفي أول رجب يصدق حولان الحول على النصاب الثاني. لكن الحولين يشتركان في ستة أشهر ، ومع هذا الاشتراك يكون المدار عرفاً في التطبيق أو التأثير هو السابق لا غير ، فان كل نصاب يحول عليه الحول يمكن تطبيق ذلك عليه في كل شهر بعد الحول ، بل في كل ساعة ، ولا يتوهم التعارض أو التزاحم بين هذه التطبيقات. وعليه فلا مجال لتطبيق دليل الوجوب بالإضافة إلى النصاب الثاني ، عند انتهاء حوله. نعم بالنسبة إلى الضميمة يصدق حولان حول جديد ، لكنها ليست نصاباً مستقلا لتجب الزكاة فيها ، فاذا انتهى الحول الثاني للنصاب الأول ـ وهو أول محرم الثالث في الفرض المذكور ـ كان تطبيق دليل النصاب الثاني في محله بلا مزاحم فاذاً المتعين البناء على ما في المتن. ومنه يظهر ضعف ما في المنتهى ، مضافا إلى ما عرفت. وكأنه إلى ذلك أشار في الجواهر بقوله (ره) : « ولظهور أدلة النصاب المتأخر .. ».

ومن ذلك يظهر لك الاشكال فيما عن القواعد : من وجوب فريضة النصاب الأول بحلول حوله ، ووجوب جزء من فريضة النصاب الثاني عند حلول حوله أيضاً. فإذا تمَّ الحول الثاني للنصاب الأول أكمل فريضة النصاب الثاني. وهكذا .. مثلا : إذا ملك ثلاثاً وعشرين من الإبل في أول محرم ، وملك ثلاثا أخرى في أول رجب. ففي أول محرم الثاني يجب عليه أربع شياه فريضة العشرين ، وفي أول رجب الثاني بحب عليه ستة أجزاء من ستة وعشرين جزءاً من بنت مخاض ، وفي أول المحرم الثالث يجب عليه عشرون جزءاً من ستة وعشرين جزءاً من بنت مخاض. وهكذا.

١٠٩

انتهاء الحول الأول ، وليس على الملك الجديد في بقية الحول الأول شي‌ء. وذلك كما إذا كان عنده ثلاثون من البقر ، فملك في أثناء حولها أحد عشر ، أو كان عنده ثمانون من الغنم ، فملك في أثناء حولها اثنتين وأربعين. ويلحق بهذا القسم ـ على الأقوى ـ [١]

______________________________________________________

ووجه ضعفه ظاهر مما عرفت. مضافاً إلى أنه لا دليل على هذا التوزيع ، بل الأدلة تنفيه. إذ الستة الزائدة على العشرين إنما توجب ستة أجزاء من ستة وعشرين جزءاً من بنت مخاض إذا حال عليها الحول منضمة إلى عشرين ، لا ما إذا حال عليها الحول بنفسها. والا اقتضت شاة واحدة لا غير. وبالجملة : اقتضاء أجزاء النصاب لأجزاء الفريضة ارتباطي لا استقلالي.

وأضعف منها وجوب فريضة النصاب الأول عند حلول حوله ، ووجوب فريضة النصاب الثاني كذلك. ففي المثال يجب في أول محرم الثاني أربع شياه ، وفي أول رجب الثاني بنت مخاض. وهكذا .. فإنه ـ مع مخالفته لما عرفت ـ طرح لما دل على أنه لا يزكى المال الواحد من وجهين في عام واحد ، من غير وجه ظاهر.

[١] لما تقدم في القسم السابق. وفيه : أنه مخالف لما دل على وجوب الفريضة في النصاب الموجود في الضميمة إذا حال عليه الحول. مثلا : إذا ملك عشرين من الإبل في أول محرم ، وفي أول رجب ملك سبعاً ، فاذا جاء المحرم الثاني وجب عليه أربع شياه للعشرين ، فاذا جاء رجب الثاني يصدق : أنه ملك خمساً من الإبل قد حال عليها الحول عنده ، فتجب فيها شاة أيضاً. فالبناء على عدم وجوب شي‌ء عليه في رجب ـ لأن مبدأ حول الست والعشرين من أول محرم الثاني ، فينتظر في وجوب بنت مخاض عليه محرم الثالث ـ إلغاء لعموم وجوب شاة في كل خمس من الإبل حال عليها الحول ، من غير وجه.

١١٠

ما لو كان الملك الجديد نصاباً مستقلا ، ومكملا للنصاب اللاحق ، كما لو كان عنده من الإبل عشرون ، فملك في الأثناء ستة أخرى ، أو كان عنده خمسة ، ثمَّ ملك أحد وعشرين. ويحتمل إلحاقه بالقسم الثاني.

( مسألة ١٤ ) : لو أصدق زوجته نصاباً ، وحال عليه الحول وجب عليه الزكاة [١]. ولو طلقها بعد الحول قبل‌

______________________________________________________

وبذلك يفترق هذا القسم عما قبله ، ويتعين إلحاقه بالقسم الثاني ، كما اختاره في الجواهر قائلا : « إنه مقتضى إطلاق الأصحاب : أن لها حولا بانفرادها إذا كانت نصاباً مستقلا .. ». ومن العجيب أنه لم يذكر ما في المتن من جملة المحتملات وذكر غيره ، مثل : احتمال أن يسقط حكم العشرين من حين ملك الست ، فلا يجب حينئذ إلا بنت مخاض إذا حال حول السبع ، ومثل : أن يكون الواجب أولا في العشرين أربع شياه ، وفي السبع ستة أجزاء من ستة وعشرين جزءاً من بنت مخاض ، ثمَّ يجب في المجموع بنت مخاض ، ولكن بالتوزيع ، بأن يكون إذا كمل حول العشرين وجب عشرون جزءاً من بنت مخاض ، وإذا تمَّ حول السبع وجب ستة أجزاء منها ، ومثل : أن يكون الواجب ـ إذا تمَّ حول العشرين ـ أربع شياه ، ثمَّ إذا تمَّ حول الست بنت مخاض. إلا ما وقع بإزائه من الأربع شياه ، في الجزء من الحول الذي ملك فيه الثاني.

هذا وقد عرفت ضعف الاحتمال الأول منها : بأن في إلغاء حكم العشرين إلى حين ملك الضميمة إلغاء لدليل وجوب الفريضة فيها إذا حال الحول. كما عرفت ضعف التوزيع ـ بنحويه ـ بعدم مساعدة دليل عليه ، بل هو خروج عنه.

[١] بلا خلاف ولا إشكال فيه ، كما في الجواهر. لإطلاق الأدلة.

١١١

الدخول رجع نصفه إلى الزوج [١] ، ووجب عليها زكاة‌

______________________________________________________

ومجرد كونه في معرض رجوعه إلى الزوج بالطلاق غير مانع عن الوجوب لعدم الدليل عليه ، فينفيه إطلاق أدلة الوجوب.

[١] يعني : نصف تمام المهر ، بحيث يكون له مقاسمتها فيأخذ نصفاً تاماً منه ، لأن دليل تملكه للنصف التام بالطلاق لا ينافي دليل وجوب الزكاة ولو قيل بتعلقها بالعين على نحو تعلق الجزء المشاع ، فلا مانع من الأخذ بكل منهما ، فيكون للزوج نصف التمام ، وللفقراء جزء من أربعين جزءاً مثلا ، والباقي يكون لها.

هذا ، وعن المبسوط : أن له من العين نصف ما عدا مقدار الفريضة وتضمن له نصف مقدارها ، كما لو طلقها بعد الإخراج. وعن البيان والدروس والمسالك والمدارك : احتماله. وضعفه ظاهر مما ذكرنا. كوضوح الفرق بين الطلاق بعد الإخراج وقبله ، إذ الطلاق بعد الإخراج لما كان مقتضياً لملك نصف التمام ـ الذي بعضه تألف بالإخراج ـ يكون مقتضياً لملك نصف الباقي ونصف التالف. ولما كان نصف التالف مضموناً بمثله أو قيمته يكون الزوج بالطلاق مالكاً لنصف الموجود ونصف قيمة التالف أو مثله ، فليس له المطالبة بنصف التمام من الموجود.

وأما إذا كان الطلاق قبل الإخراج فالوجوب نفسه لما لم يوجب تلف جزء معين لم يكن مزاحماً للطلاق الموجب لملك نصف التمام ، فأمكن الجمع بينهما ، بالبناء على ملك الزوج نصف التمام من العين ، وعلى ملك الفقراء مقدار الفريضة ، وعلى ملك الزوجة المقدار الباقي. ويكون المقام نظير : ما لو باع مالك العين نصفها على زيد ، ثمَّ باع ربعها على عمرو ، ثمَّ باع ثمنها على بكر ، فان ذلك يوجب ملك زيد تمام العين وملك عمرو ربعه وملك بكر ثمنه ، والثمن الزائد يبقى للمالك. فلزيد المطالبة بنصفه من‌

١١٢

المجموع في نصفها. ولو تلف نصفها [١] يجب إخراج الزكاة من النصف الذي رجع الى الزوج [٢] ، ويرجع بعد الإخراج عليها بمقدار الزكاة. هذا إن كان التلف بتفريط منها. وأما‌

______________________________________________________

تمام العين ، ولعمرو المطالبة بربعه منه ، ولبكر المطالبة بثمنه منه ، كما للمالك أيضاً المطالبة بثمنه. والوجه في ذلك : أن العين لما كانت تجمع الكسور المذكورة ، ولم يكن بينها تضاد فيها لم يكن وجه لورود نقص على أحدها بطروء الآخر ، كما في سهام الفريضة عند عدم العول.

[١] يعني : بعد القسمة مع الزوج. إذ لا يمكن ورود التلف على نصفها دون نصف الزوج إلا بذلك. ثمَّ إنه ـ بناء على مذهب المصنف (ره) من كون تعلق الزكاة بالعين من قبيل الكلي في المعين ـ لا مانع من هذه القسمة قبل إخراج الزكاة ، لعدم منافاتها له.

وبالجملة : إذا قلنا بصحة التصرف غير المنافي فالقسمة منه ، وتتعين الزكاة في نصف الزوجة.

[٢] الظاهر أن المراد تعلق الزكاة بالنصف الذي عين للزوج بالقسمة لا وجوب الإخراج تكليفاً منه. إذ قد عرفت جواز الإخراج من غير العين ، بل من غير الجنس بالقيمة. وسيجي‌ء أيضاً في المسألة الأخيرة.

ثمَّ إن تعلق تمام الزكاة بنصف الزوج ـ بعد تلف النصف الراجع للزوجة ـ لا يناسب ما سبق : من صحة القسمة لأنه بعد القسمة تكون الزكاة في نصف الزوجة فإذا تلف فقد تلفت الزكاة ، وينتقل إلا بدلها ، لا أنها تنتقل إلى نصف الزوج. اللهم إلا أن نقول : صحة التصرف المذكور مراعى بأداء الزكاة ، فما لم تؤد الزكاة لا يصح التصرف. لكن على هذا فرض صحة القسمة ، وكون التالف نصف الزوجة غير ظاهر. ثمَّ إنه لو بني على تعلقها بنصف الزوج فليس له إلزام الزوجة بإخراج الزكاة من غير نصفه ، إذ لا دليل‌

١١٣

إن تلف عندها بلا تفريط ، فيخرج نصف الزكاة [١] من النصف الذي عند الزوج ، لعدم ضمان الزوجة حينئذ ، لعدم تفريطها. نعم يرجع الزوج حينئذ أيضاً عليها بمقدار ما أخرج.

( مسألة ١٥ ) : إذا قال رب المال : « لم يحل على مالي الحول » يسمع منه ، بلا بينة ، ولا يمين [٢]. وكذا لو ادعى الإخراج ، أو قال : « تلف مني ما أوجب النقص عن النصاب ».

( مسألة ١٦ ) : إذا اشترى نصاباً ، وكان للبائع الخيار فان فسخ قبل تمام الحول فلا شي‌ء على المشتري ، ويكون‌

______________________________________________________

على سلطنته عليها في ذلك ، بل لا وجه له بعد كون ذلك من توابع الحق الثابت في نصفه.

[١] الكلام فيه كما في الصورة السابقة. والفرق بينهما في تنصيف الزكاة بالتلف في الثاني ، وعدمه في الأول.

[٢] بلا خلاف فيه ظاهر. ويشهد له مصحح بريد بن معاوية : « سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : بعث أمير المؤمنين (ع) مصدقا .. ( إلى أن قال ) : ثمَّ قل لهم : يا عباد الله ، أرسلني إليكم وليّ الله ، لآخذ منكم حق الله تعالى في أموالكم ، فهل لله في أموالكم من حق فتؤدوه إلى وليه ، فان قال لك قائل لا فلا تراجعه » (١). وفي خبر غياث بن إبراهيم : « فإن ولى عنك فلا تراجعه » (٢). وإطلاقهما يقتضي شمول الصورة المذكورة وغيرها من صور دعوى فقد الشرط.

__________________

(١) الوسائل باب : ١٤ من أبواب زكاة الأنعام حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ١٤ من أبواب زكاة الأنعام حديث : ٥.

١١٤

ابتداء الحول بالنسبة إلى البائع من حين الفسخ [١]. وإن فسخ بعد تمام الحول عند المشتري وجب عليه الزكاة [٢]. وحينئذ فإن كان الفسخ بعد الإخراج من العين ضمن للبائع [٣] قيمة ما أخرج ، وإن أخرجها من مال آخر أخذ البائع تمام العين. وإن كان قبل الإخراج فللمشتري أن يخرجها من العين [٤] ويغرم للبائع ما أخرج ، وأن يخرجها من مال آخر ، ويرجع العين بتمامها إلى البائع.

فصل في زكاة النقدين

وهما : الذهب ، والفضة. ويشترط في وجوب الزكاة فيهما ـ مضافاً إلى ما مر من الشرائط العامة ـ أمور : الأول : النصاب [٥] ، ففي الذهب نصابان :

______________________________________________________

[١] لأنه زمان ملك البائع.

[٢] على ما تقدم في المسألة السادسة من مسائل مبحث الشرائط العامة.

[٣] لأن المبيع مضمون للبائع على المشتري بضمان المعاوضة كالثمن.

[٤] لعدم الدليل على سلطنة البائع في إسقاط الحق الثابت ، وإلزامه بإخراجها من مال آخر.

فصل في زكاة النقدين‌

[٥] بلا خلاف ولا إشكال ، كما ادعاه غير واحد ، بل عن بعض : أنه لا خلاف فيه بين المسلمين ، وعن آخر : أنه ضروري. ويشهد له‌

١١٥

الأول : عشرون دينارا [١] ، وفيه نصف دينار.

______________________________________________________

النصوص ، التي يأتي بعضها.

[١] فلا تجب فيما دونها بلا كلام. وعن جمع : نفي الخلاف فيه ، وعن آخرين : الإجماع عليه. ويشهد له النصوص الآتية. وتجب الزكاة فيه إذا بلغها على المشهور شهرة عظيمة ، بل عن جملة من الكتب : الإجماع عليه ، منها السرائر والتذكرة والمنتهى. ويشهد له صحيح الحسين بن بشار عن أبي الحسن (ع) : « قال : في الذهب في كل عشرين ديناراً نصف دينار ، فان نقص فلا زكاة فيه » (١) ، وموثق سماعة عن أبي عبد الله (ع) : « قال : ومن الذهب من كل عشرين ديناراً نصف دينار ، وإن نقص فليس عليك شي‌ء » (٢) ، وموثق علي بن عقبة وعدة من أصحابنا عن أبي جعفر (ع) وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا : « ليس فيما دون العشرين مثقالا من الذهب شي‌ء ، فإذا كملت عشرين مثقالا ففيها نصف مثقال ، إلى أربعة وعشرين ففيها ثلاثة أخماس دينار ، إلى ثمانية وعشرين ، فعلى هذا الحساب كلما زاد أربعة » (٣). ونحوها غيرها.

ونسب إلى ابني بابويه في الرسالة والمقنع ـ بل إلى جمع من أصحاب الحديث ، أو إلى جمع من أصحابنا ـ : أن النصاب الأول أربعون ، وفيها دينار. ويشهد له موثق محمد وأبي بصير وبريد والفضيل عن أبي جعفر (ع) وأبي عبد الله (ع) : قالا : « في الذهب في كل أربعين مثقالا مثقال .. ( إلى أن قال ) : وليس في أقل من أربعين مثقالا شي‌ء » (٤) ، وصحيح‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب زكاة الذهب والفضة حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ١ من أبواب زكاة الذهب والفضة حديث : ٤.

(٣) الوسائل باب : ١ من أبواب زكاة الذهب والفضة حديث : ٥.

(٤) الوسائل باب : ١ من أبواب زكاة الذهب والفضة حديث : ١٣.

١١٦

والدينار مثقال شرعي ، وهو ثلاثة أرباع الصيرفي [١]. فعلى هذا النصاب الأول ـ بالمثقال الصيرفي ـ : خمسة عشر مثقالا وزكاته ربع مثقال وثمنه.

والثاني : أربعة دنانير [٢] ،

______________________________________________________

زرارة : « قلت لأبي عبد الله (ع) : رجل عنده مائة درهم ، وتسعة وتسعون درهماً ، وتسعة وثلاثون دينارا ، أيزكيها؟ فقال (ع) : لا ، ليس عليه شي‌ء من الزكاة في الدراهم ، ولا في الدنانير حتى يتم أربعون ديناراً والدراهم مائتي درهم » (١).

هذا والجمع العرفي وان كان يقتضي الأخذ بظاهرهما ، وحمل ما سبق على الاستحباب. إلا أنه لا مجال له بعد إعراض الأصحاب عنهما ، فلا بد من طرحهما ، وإيكال العلم بهما إلى أهله. أو حملهما على بعض المحامل ـ كما صنعه غير واحد من الأصحاب ـ وإن بعد.

[١] أما أنه مثقال شرعي فتشهد به ملاحظة النصوص ، حيث اشتملت على التعبير بالدينار مرة ، وبالمثقال أخرى. وأما أن المثقال الشرعي ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي ، فقد نسبه في المستند إلى جماعة ، منهم صاحب الوافي ، والمحدث المجلسي في رسالته في الأوزان ، نافياً عنه الشك ، ووالده في حلية المتقين ، وابن الأثير في نهايته ، حيث قال : « المثقال يطلق في العرف على الدينار خاصة ، وهو الذهب الصنمي عن ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي .. ». لكن تقدم في كتاب الطهارة : وزن الدينار الذي عثرنا عليه. ولأجل ذلك يشكل ما ذكروه ، ولا يتسع المقام لتحقيق ذلك في هذه العجالة.

[٢] إجماعاً ، حكاه جماعة كثيرة ، وعن المختلف والتنقيح : نسبة‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب زكاة الذهب والفضة حديث : ١٤.

١١٧

وهي ثلاثة مثاقيل [١] صيرفية. وفيه : ربع العشر ، أي من أربعين واحد ، فيكون فيه قيراطان. إذ كل دينار عشرون قيراطاً [٢]. ثمَّ إذا زاد أربعة فكذلك [٣]. وليس قبل أن يبلغ عشرين ديناراً شي‌ء [٤]. كما أنه ليس بعد العشرين ـ قبل أن يزيد أربعة ـ شي‌ء. وكذلك ليس بعد هذه الأربعة شي‌ء. إلا إذا زاد أربعة أخرى. وهكذا ..

والحاصل : أن في العشرين ديناراً ربع العشر ، وهو نصف دينار. وكذا في الزائد إلى أن يبلغ أربعة وعشرين ، وفيها ربع عشره ، وهو نصف دينار وقيراطان. وكذا في‌

______________________________________________________

الخلاف هنا إلى علي بن بابويه ، فجعل النصاب الثاني أربعين مثقالا. والمعروف عندهم : أن خلافه إنما هو في النصاب الأول ، كما يقتضيه أيضاً الصحيحان المتقدمان ، المستدل بهما على مذهبه. وكيف كان فالنصوص وافية بإثبات المذهب المشهور. وإن ثبت خلاف ابن بابويه هنا فلا دليل له ظاهر. فراجع.

[١] تقدم وجهه.

[٢] حكي عليه الاتفاق. وقال في محكي النهاية الأثيرية : « القيراط جزء من أجزاء الدينار ، وهو نصف عشرة في أكثر البلاد. وأهل الشام يجعلونه جزء من أربعة وعشرين ».

[٣] بلا خلاف ولا إشكال. والنصوص به صريحة ، التي منها موثق علي بن عقبة المتقدم (١).

[٤] تقدم : نقل الإجماع ، ودلالة النصوص عليه. وكذا ما بعده.

__________________

(١) لاحظ النصاب الأول من نصابي الذهب.

١١٨

الزائد إلى أن يبلغ ثمانية وعشرين ، وفيها نصف دينار ، وأربع قيراطات. وهكذا .. وعلى هذا فإذا أخرج ـ بعد البلوغ إلى عشرين فما زاد ـ من كل أربعين واحداً فقد أدى ما عليه وفي بعض الأوقات [١] زاد على ما عليه بقليل ، فلا بأس باختيار هذا الوجه من جهة السهولة. وفي الفضة أيضاً نصابان : الأول : مائتا درهم ، وفيها خمسة دراهم [٢].

______________________________________________________

[١] وذلك إذا زاد على النصاب السابق ، ولم يبلغ النصاب اللاحق.

[٢] بلا خلاف ولا إشكال ، كما عن جماعة كثيرة ، بل عن جماعة : دعوى الإجماع عليه ، وعن آخرين : دعوى إجماع المسلمين عليه. وتشهد له النصوص ، منها : صحيح الحسين بن بشار : « سألت أبا الحسن (ع) : في كم وضع رسول الله (ص) الزكاة؟ فقال (ع) : في كل مائتي درهم خمسة دراهم ، وإن نقصت فلا زكاة فيها » (١) ، وموثق سماعة عن أبي عبد الله (ع) : « في كل مائتي درهم خمسة دراهم من الفضة ، وإن نقصت فليس عليك زكاة » (٢) ، وموثق الفضلاء عن أبي جعفر (ع) وأبي عبد الله (ع) قالا : « في الورق في كل مائتين خمسة دراهم ، ولا في أقل من مائتي درهم شي‌ء ، وليس في النيف شي‌ء ، حتى يتم أربعون ، فيكون فيه واحد » (٣) ، وموثق زرارة وبكير ابني أعين ، أنهما سمعا أبا جعفر (ع) يقول في الزكاة : « ليس في أقل من مائتي درهم شي‌ء ، فإذا بلغ مائتي درهم ففيها خمسة دراهم ، فما زاد فبحساب ذلك. وليس في مائتي درهم وأربعين درهماً غير درهم. إلا خمسة دراهم ، فاذا بلغت أربعين ومائتي‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب زكاة الذهب والفضة حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ٢ من أبواب زكاة الذهب والفضة حديث : ٤.

(٣) الوسائل باب : ٢ من أبواب زكاة الذهب والفضة حديث : ٧.

١١٩

الثاني : أربعون درهماً ، وفيها درهم [١]. والدرهم نصف المثقال الصيرفي وربع عشره [٢]. وعلى هذا فالنصاب الأول مائة وخمسة مثاقيل صيرفية ، والثاني أحد وعشرون مثقالا وليس فيما قبل النصاب الأول ، ولا فيما بين النصابين شي‌ء على ما مر. وفي الفضة أيضاً ـ بعد بلوغ النصاب ـ إذا أخرج من كل أربعين واحداً فقد أدى ما عليه ، وقد يكون زاد خيراً قليلا.

الثاني : أن يكونا مسكوكين [٣] بسكة المعاملة ، سواء‌

______________________________________________________

درهم ففيها ستة دراهم ، فاذا بلغت ثمانين ومائتين درهم ففيها سبعة دراهم وما زاد فعلى هذا الحساب. وكذلك الذهب » (١) .. إلى غير ذلك.

[١] بلا خلاف ولا إشكال. والإجماع ـ صريحاً وظاهراً ـ منقول عليه ، كما فيما قبله. والنصوص المتقدمة بعضها دالة عليه.

[٢] لا إشكال عندهم في أن الدرهم سبعة أعشار المثقال الشرعي ، وأن كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل شرعية ، كما نقله جماعة كثيرة ، وعن ظاهر الخلاف : دعوى إجماع الأمة عليه ، وعن رسالة المجلسي : أنه مما لا شك فيه ، ومما اتفقت عليه العامة والخاصة. فإذا كان المثقال الشرعي ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي ، يكون الدرهم نصف المثقال الصيرفي وربع عشره. مثلا : إذا كان المثقال الصيرفي أربعين جزءاً كان المثقال الشرعي ثلاثين جزءاً منها ، فاذا نقص منها ثلاثة أعشارها ـ وهو تسعة ـ كان الواحد والعشرون منها درهماً ، وهو نصف الأربعين ، وربع عشرها.

[٣] إجماعاً حكاه جماعة كثيرة. ويشهد له صحيح علي بن يقطين عن أبي إبراهيم (ع) : « قلت له : إنه يجتمع عندي الشي‌ء الكثير قيمته ،

__________________

(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب زكاة الذهب والفضة حديث : ١٠.

١٢٠