على حجّية خبر الواحد ، أعني العلم بصدور جملة ممّا بأيدينا من الأخبار.
وقد ذكرنا هناك (١) أنّ هذا الإشكال لو تمّ لتوجّه على التقريب الأوّل ، الراجع إلى انحلال العلم الاجمالي الكبير بالتكاليف الواقعية إلى العلم بالتكاليف الواقعية الموجودة فيما بأيدينا من الأخبار ، فإنّ تلك الأخبار بعد أن كانت الأُصول العقلائية منسدّة فيها ، كيف يمكننا أن نقول إنّ في جملة منها من التكاليف ما هو بمقدار المعلوم بالإجمال ، ليلزمنا العمل بها جميعاً ، وذلك لأنّ انسداد باب الأُصول المرادية فيها يوجب عدم التمكّن من العمل بها ، بل تكون حينئذ كلّها من المجملات.
ثمّ لا يخفى أنّه بناءً على هذا الإشكال يكون الأمر منحصراً بالظنّ بالواقع ، ولا يكون للظنّ بالطريق المجرّد عن الظنّ بالواقع أثر ، وحينئذ تبطل التسوية بين الظنّ بالواقع والظنّ بالطريق ، إلاّ إذا كان ذلك الطريق المظنون الحجّية موجباً للظنّ بالواقع ، فتأمّل جيّداً فإنّ مقتضى قوله : فإنّ هذه الآثار إنّما ترتّب على الطريق الواصل إلى المكلّف تفصيلاً لتجري فيه الأُصول اللفظية والجهتية ، بداهة أنّ الطريق ما لم يكن محرزاً لدى المكلّف وواصلاً إليه موضوعاً وحكماً ، لا يجري فيه الأصل اللفظي من أصالة إرادة الظهور ، والأصل الجهتي من أصالة كون صدوره لبيان حكم الله الواقعي لا لتقيّة الخ (٢) هو أنّ حجّية الخبر مثلاً منوطة بالعلم التفصيلي بها ، على وجه لا يمكننا الأخذ بأصالة الظهور فيه ونحوها ، وإن كان هو من أطراف علم إجمالاً بحجّية بعضها ، وحينئذ فلو ظننا بحجّية الخبر مثلاً ، ولكن لم يكن ذلك الخبر مفيداً للظنّ بالواقع ، فهل يمكننا العمل به ما لم نجر فيه
__________________
(١) في المجلّد السادس من هذا الكتاب ص ٥٠٣.
(٢) فوائد الأُصول ٣ : ٢٨٥ ـ ٢٨٦.