قوله : والطريق الذي يصحّ جعله في حال انسداد باب العلم والعلمي مع كونه واصلاً بنفسه ينحصر بالاحتياط ، فإنّه الطريق الواصل بنفسه لكونه محرزاً للواقع وموصلاً إليه ... الخ (١).
الظاهر أنّ كون الاحتياط محرزاً للواقع وموصلاً إليه لا يكون هو العلّة في كونه طريقاً واصلاً بنفسه ، فإنّ الظنّ يشاركه في ذلك ، نعم هو أرجح من الظنّ باعتبار كونه أقرب إيصالاً وأبعد عن الخطأ ، وإن تطرّقه الخطأ ، كما لو احتاط في ترك ما احتمل حرمته واتّفق في الواقع أنّه كان واجباً ، لكنّه مع ذلك أقرب إلى تحصيل الواقع من الظنّ.
والذي حرّرته عنه قدسسره في بيان كون الاحتياط طريقاً واصلاً بنفسه هذا لفظه : أنّ الطريق إن لم يتوقّف وصوله إلى المكلّف إلاّعلى مجرّد جعله من قبل الشارع نظير الاحتياط الشرعي المجعول للشارع ابتداء ، بحيث كان الواصل إلينا هو نفس الاحتياط ابتداءً ، كان ذلك الطريق واصلاً بنفسه. وإن كان وصول جعله إلينا بواسطة جعل آخر وقد استكشفنا جعله طريقاً من جعل آخر ، كان واصلاً بطريقه كما فيما نحن فيه ، حيث إنّ الواصل إلينا هو نفس المنع الشرعي عن إهمال التكاليف ، وقد استكشفنا من حكم الشارع بالمنع المذكور أنّه قد جعل لنا طريقاً منجّزاً لتلك التكاليف ، وحصرنا ذلك الطريق المنجّز بالظنّ ، فيكون هذا الطريق ـ أعني الظنّ ـ واصلاً إلينا بطريقه ، بمعنى أنّه واصل إلينا بواسطة وصول طريقه الذي استكشفناه منه ، وهو المنع الشرعي من إهمال التكاليف ، انتهى.
قلت : ولعلّ المراد هو أنّه بعد فرض الإجماع على عدم جواز الاهمال يكون الاحتياط الشرعي هو عبارة أُخرى عن هذا الحكم الشرعي ، أعني عدم
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٢٣٣.