يوجب انحلال العلم الاجمالي ، ولا يرفع بقية محاذير المقدّمة الثانية ، كما أنّ البناء على أصالة عدم ترتّب الأثر لا يوجب العسر والحرج ، سيّما بعد أن كان لنا إطلاقات كتابية لم يقع لنا ريب في حجّية ظهورها تقلّل من موارد الشكّ في المعاملات ، فيقتصر على ما هو المتيقّن صحّته ولو بواسطة تلك المطلقات ، فما أُفيد في هذا التحرير (١) من أنّه قد يفضي إلى العسر والحرج لعلّه محتاج إلى التأمّل.
قوله : فلو اضطرّ المكلّف إلى الاقتحام في بعض أطراف العلم الاجمالي ، كان الاضطرار موجباً عقلاً للترخيص فيما يدفع به الاضطرار ، سواء كان الاضطرار من جهة لزوم الضرر أو العسر والحرج ، أو غير ذلك من الأسباب ، وسواء كان الاضطرار إلى البعض المعيّن أو غير المعيّن ... الخ (٢).
باب كون الحكم الشرعي المعلوم بالاجمال ضررياً ، أو كون المكلّف مضطرّاً إلى مخالفته باب ، وباب العسر والحرج في الجمع بين محتملات التكليف وأطراف العلم الاجمالي باب آخر ، فإنّ ذلك الباب لو كان فيه أحد الأطراف ضررياً أو كان مضطرّاً إليه كان موجباً لسقوط التكليف في ذلك المعيّن.
ويلحق به ما لو كان المضطرّ إليه غير معيّن ، بدعوى أنّ التكليف الواقعي لو كان منطبقاً على هذا الطرف المعيّن أو على هذا الطرف الذي اختاره المكلّف لسدّ اضطراره ، لكان ذلك التكليف الواقعي مرتفعاً عنه ، لصدق الاضطرار أو الضرر عليه حينئذ.
أمّا باب العسر والحرج الناشئ عن الجمع بين محتملات التكليف وأطراف العلم الاجمالي فلا تتأتّى فيه تلك الطريقة ، ولا ينطبق على ذلك الطرف الذي
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٢٣٦.
(٢) فوائد الأُصول ٣ : ٢٥١ ـ ٢٥٢.