ثمّ لا يخفى أنّ ما يأتي من الأُصول والأمارات الجارية في بعض الأطراف الموجبة لانحلال العلم الاجمالي أو لعدم تأثيره ، ليست ممّا نحن فيه ، بل هي موجبة للخلل في العلم الاجمالي وإخراجه عن كونه علماً بتكليف فعلي منجّز على كلّ تقدير من طرفي العلم (١).
فائدة : أنّ من جملة الفروع المترتّبة على قاعدة انحلال العلم الاجمالي فيما لو جرى في أحد طرفيه المعيّن أصل مثبت للتكليف وفي الطرف الآخر أصل ناف للتكليف ، ما لو طلّق الرجل زوجته ثمّ بعد مدّة وبعد خروجها من العدّة تزوّج بأُخرى ، ثمّ علم إمّا بفساد كلا الأمرين من طلاق الأُولى وعقد النكاح على
__________________
(١) ثمّ إنّ موجبات سقوط العلم الاجمالي تارةً يكون هو العلم التفصيلي بنجاسة أحد الأطراف معيّناً ، ويلحق به ما قامت فيه الأمارة على ذلك ، بل يلحق به أيضاً ما كان مجرى لاستصحاب النجاسة. وتارةً يكون هو كون أحدهما المعيّن مجرى لأصالة الاحتياط ونحوه من الأُصول المثبتة للتكليف ، ويلحق به ما كان أحد الطرفين مورداً لعلم إجمالي آخر ، وجميع هذه لا تكون من قبيل إجراء الأصل النافي في أحد طرفي العلم الاجمالي ، بل إنّ الأصل النافي لا يجري إلاّعند انحلال العلم الاجمالي أو عند عدم تأثيره.
وينبغي أن يعلم أن العلم التفصيلي في بعض الأطراف ـ أعني العلم التفصيلي بنجاسة الأصغر من الإناءين ـ قد يكون سابقاً على العلم الاجمالي بنجاسة أحدهما ، وقد يكون متأخّراً عنه ، وقد يكون مقارناً له. والنجاسة المعلومة بالتفصيل في كلّ من هذه الصور الثلاثة قد تكون سابقة على النجاسة المعلومة بالاجمال ، وقد تكون متأخّرة عنها ، وقد تكون مقارنة لها فتكون الصور تسعاً. وهكذا الحال في العلم الاجمالي في قبال العلم الاجمالي الآخر ، كما لو علم بنجاسة أحد الاناءين الأصغر والأكبر ، ثمّ علم بنجاسة وقعت إمّا في الأكبر أو في الثالث المتوسّط ، فإنّ الصور فيه تسع كما ذكرناه في العلم التفصيلي ، فلاحظ وتدبّر [ منه قدسسره ].