الاستعارة ، هذه أُمور راجعة إلى فنّ البلاغة.
والأوّل بأن يكون التجوّز في نفس الرفع ، أو يكون التجوّز في نفس المرفوع ، بأن يراد من الشيء آثاره. والثاني بأن يقدّر الأثر ويقال رفع أثر ما لا يعلمون. والثالث بتنزيل الشيء الذي لا أثر له منزلة المرفوع والمعدوم. وإن كان الأخير هو الأرجح والأولى ، بل هو المتعيّن ، إلاّ أنّه على أيّ حال لا يخرج عن التسامح والتساهل ، بخلاف ما لو كان المرفوع حقيقة هو نفس ما ورد عليه الرفع ، مثل لا ضرر بناءً على جعله كناية عن الحكم الضرري ، بل إنّ هذا أيضاً محتاج إلى التسامح في إطلاق الضرر وإرادة سببه الذي هو الحكم الإلزامي.
نعم ، لو كان المرفوع في « ما لا يعلمون » هو نفس الحكم الواقعي ، لم يكن محتاجاً إلى شيء من التسامح ، لكنّه باطل لا يمكن الالتزام به كما عرفت تفصيله ، فتأمّل.
قوله : الأمر الثالث : قيل إنّ وحدة السياق تقتضي أن يكون المراد من الموصول في « ما لا يعلمون » ... الخ (١).
بعد أن عرفت أنّ « ما » في « ما لا يعلمون » عبارة عن الحكم الواقعي ، وأنّ المرفوع هو أثره الذي هو إيجاب الاحتياط ، تعرف أنّ الحديث شامل للشبهات الموضوعية والحكمية معاً ، بواسطة تعميم الحكم غير المعلوم إلى الحكم الكلّي والحكم الجزئي ، وليس في ذلك ـ أعني كون المراد من الموصول هو الحكم ـ مخالفة للسياق في « ما اضطرّوا إليه » و « ما أُكرهوا عليه » و « ما لا يطيقون » ، لأنّ الموصول عبارة عن الشيء المبهم ، وإنّما يتعرّف بواسطة صلته ، وهذا التنويع إنّما جاء من الصلة ، وإلاّ فالمراد بالموصول شيء واحد وهو عبارة عن الشيء ، فلا
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٣٤٤.