مدفوع بأنّ حكم العقل في المقام في مرتبة سابقة على الجعل وفي مقام الثبوت ، ومعه لا يبقى مجال للاطلاق والتقييد في مقام الاثبات الخ ، فإنّ الامتناع في مقام الثبوت إنّما هو من جهة الترخيص في المعصية لا من جهة نفس العلم الاجمالي ، ومع فرض انحصار المحذور المانع من الاطلاق ثبوتاً في استلزام الترخيص في المعصية ، يكون اللازم دفع ذلك المحذور ، وحيث إنّه إنّما نشأ من الاطلاق ثبوتاً ، يكون ذلك الاطلاق ثبوتاً هو الساقط ، وتكون النتيجة هي التقييد ثبوتاً أيضاً ، كما أنّها كانت كذلك إثباتاً على الطريقة الأُخرى المتقدّمة ، فلاحظ وتأمّل.
قوله : والخروج عن عهدته إمّا بالوجدان وإمّا بالتعبّد ، إلى آخر المبحث (١).
مع مراجعة قوله : إنّ الأُصول العملية إنّما تجري في الأطراف وكلّ واحد من الأطراف مجهول الحكم (٢) ، وهكذا بقية ما أفاده في هذه المباحث.
وبازائه ما أفاد الأُستاذ العراقي قدسسره في المقالة ، قال في المقالة : ثمّ إنّ الأغرب من التقريبين في وجه التفكيك بين الموافقة القطعية ومخالفته دعوى أُخرى ، وهي أنّ من البديهي أنّ العلم الاجمالي بالجامع لا يكاد يسري إلى الطرفين ، بل هو قائم بنفس الجامع ـ إلى قوله ـ ولازم ذلك عدم قصور لدى العقل في جواز ترك كلّ واحد ، لعدم تمامية البيان بالنسبة إليه. نعم لا يرخّص في تركهما ، لانتهائه إلى ترك الجامع الذي تمّ فيه البيان حسب الفرض ، ومرجع هذا التقريب إلى تجويز ترك الموافقة القطعية ولو لم يكن في البين ترخيص من قبل الشارع ،
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٣٣.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٢١.