نعم ، لو كان الأثر الزائد مختصّاً بخصوص أحد العنوانين ، كما لو كان الحكم في إحدى النجاستين هو الغسل مرّتين وفي الأُخرى هو الغسل ثلاثاً ، فإنّ العلم الاجمالي لا ينجّز الغسلة الثالثة ، وإن قلنا بلزومها من جهة استصحاب النجاسة ، لكن ذلك مستند إلى الاستصحاب المذكور لا إلى العلم الاجمالي.
ثمّ بعد الفراغ عن هذه الجهات ننقل الكلام إلى العلم الاجمالي المردّد بين إناءين ، فتارةً يعلم إجمالاً بأنّ كلاً من الاناءين إمّا نجس أو مغصوب ، وأُخرى يعلم إجمالاً بأنّ أحدهما لا بعينه إمّا نجس أو مغصوب ، وثالثة يعلم إجمالاً إمّا كون الصغير منهما نجساً أو كون الكبير منهما مغصوباً من دون عكس ، أمّا مع العكس فهو راجع إلى الصورة الثانية. وهذه الصور الثلاث تشترك في لزوم الاجتناب عن كلا الاناءين ، وذلك لا إشكال فيه.
وممّا يتفرّع على ما حرّرناه أوّلاً من تنجيز العلم الاجمالي المردّد بين نجاسة الاناء وغصبيته ، مسألة عدم جواز الوضوء منه كما هو الأقوى ، أو جواز ذلك كما ينقل عن المرحوم الشيخ محمّد طه نجف قدسسره ، وتبعه جملة من تلامذته ، ومنهم المرحوم الشيخ علي آل صاحب الجواهر قدسسره (١) ، ويظهر من المرحوم الشيخ أحمد كاشف الغطاء في حاشيته على العروة ، نظراً إلى أنّ حرمة الوضوء بالنجس غير ذاتية ، وأنّها تشريعية ، والحرمة التشريعية لا تجري في صورة الشكّ بالاقدام على الوضوء لاحتمال كونه طاهراً في الواقع ، فلم يبق إلاّحرمة التصرّف في المغصوب ، وحيث إنّها منفية بأصالة البراءة ، فلا مانع من جواز الوضوء به مع إجراء استصحاب الطهارة أو قاعدتها في أعضاء الوضوء.
وفيه أوّلاً : المنع من عدم تأتّي الحرمة التشريعية ، وذلك للعلم بأنّ هذا
__________________
(١) العروة الوثقى ( مع تعليقات عدّة من الفقهاء ) ١ : ١١٣ مسألة (٤).