غير المحصورة ، بأن يقال إنّه لا أثر له في الأوّل دون الثاني ، فتأمّل.
وكيف كان ، فإنّ هذا المعنى أعني عدم اعتناء العقلاء بالعلم الاجمالي في الأطراف الكثيرة ، لا يتأتّى فيما فرضه صاحب الكفاية من الاستصحابات المثبتة للتكليف ، فإنّها ليست بتلك الكثرة الموجبة لعدم اعتناء العقلاء بالعلم بكون بعضها على خلاف الواقع ، ولو كان الأمر كذلك لم يحتج إلى ما ذكره من عدم فعلية الشكّ بالنسبة إلى الاستصحابات اللاحقة ، فتأمّل.
قوله : وأمّا بطلان الاحتياط التام في جميع الوقائع المشتبهة ، فيدلّ عليه الإجماع وقاعدة نفي العسر والحرج ، بل اختلال النظام على ما سيأتي بيانه ، ولابدّ في المقام من زيادة بسط في الكلام ، فإنّ كثيراً من المباحث العلمية المذكورة في دليل الانسداد محلّها في هذا المقام ، ولأجل عدم خلط المباحث ينبغي تقديم أُمور ... الخ (١).
لا يخفى أنّ الذي تقدّم كلّه كان في الوظائف المقرّرة للجاهل ، وأمّا الاحتياط نفسه فقد بسط الكلام فيه شيخنا الأُستاذ قدسسره وأطال الكلام فيه في النقض والإبرام كما لا يخفى على من راجع التحارير على ما فيها من بعض الاختلاف ، ولكن خلاصة الجميع أو فهرسته هو : أنّك قد عرفت أنّ ملخّص المقدّمة الثانية هو أنّ القاعدة الأوّلية بعد فرض انسداد باب العلم والعلمي على ما أفاده قدسسره هو الاحتياط وعدم الاهمال ، وذلك الاحتياط إمّا أن يكون شرعياً إن كان الدليل على عدم جواز الاهمال هو الإجماع ، أو لزوم المخالفة الكثيرة والخروج من الدين ، وإمّا أن يكون عقلياً إن كان الدليل على ذلك هو العلم الاجمالي.
وأمّا الدليل على عدم الاحتياط فقد حلّله قدسسره إلى أحد وجوه ثلاثة ، الأوّل :
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٢٣٩.