الدعاء عند رؤية الهلال ، لكن لم يحصل الظنّ بالواقع من هذه الشهرة ، لكان اللازم على الفصول عدم الاعتناء بتلك الشهرة بناءً على طريقته من التقييد ، فإنّ القيد وإن كان مظنوناً وهو الطريق ، لكن المقيّد وهو الواقع لم يكن مظنوناً ، فلم يحصل حينئذ لنا ظنّ بالواقع المقيّد ، وهذا ما أشار إليه بقوله : والظنّ بالطريق ما لم يظن باصابته الواقع غير مجدٍ بناءً على التقييد الخ (١).
قلت : نعم ، إنّه يجدي بناءً على الصرف المجرّد الذي هو عبارة عن انقلاب الأحكام الواقعية وتبدّلها إلى مؤدّيات الطرق. ولا يخفى أنّه بناءً على التقييد لا يرد النقض الأوّل على صاحب الفصول وهو الزيادة الأُولى ، أعني ما لو احتمل وجوب الدعاء عند رؤية الهلال ، مع فرض الظنّ بأنّه مؤدّى طريق معتبر ، مع عدم حصول الظنّ بالوجوب ولا الظنّ بحجّية طريق ، ولو حمل على خصوص حصول الظنّ بالوجوب كان داخلاً في قوله : ومن الظنّ بالواقع ، بناءً على كونه ملازماً للظنّ بالطريق ، فتأمّل.
ثمّ إنّ الظاهر ممّا أفاده شيخنا قدسسره في هذا التحرير (٢) هو التعرّض للزيادة الأُولى والثانية ، لكنّه تعرّض في صدر الايراد الخامس إلى أنّ العلم الاجمالي بجعل الطرق لا يوجب انحلال العلم الاجمالي الكبير إلى مؤدّيات الطرق ، لأنّ مجرّد جعل الطريق ما لم يكن واصلاً تفصيلاً إلى المكلّف لا يترتّب عليه أثر الحجّية من التنجيز والمعذورية ، ولا يمكن إجراء الأُصول المرادية فيه من أصالة الظهور وجهة الصدور وغير ذلك ممّا يرجع إلى الأُصول المرادية ، وهذا الإشكال قد أشكله قدسسره على التقريب الثاني للاستدلال الأوّل من الأدلّة العقلية التي أقاموها
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٣١٨.
(٢) فوائد الأُصول ٣ : ٢٨٦ ـ ٢٨٧.