وقاعدة الفراغ في الركوع لمّا كانت قاضية بعدم الاعادة ، كانت منقّحة لموضوع وجوب السجدة. لكن في تحرير الشيخ محمّد تقي البروجردي (١) فسّره بمسألة الدين ووجوب الحج.
وعلى كلّ حال ، نحن مع قطع النظر عن كلّ ما قدّمناه ، ومع تسليم أنّ أصالة البراءة أو قاعدة الفراغ في الركن توجب الإثبات في الطرف الآخر ، لم يكن ذلك مبرّراً لجريان البراءة ولا لقاعدة الفراغ في الركن ، لأنّ أقصى ما في البين هو إجراء الأصل النافي في أحد الطرفين مع كون الطرف الآخر مجرى للأصل المثبت ، وينبغي ملاحظة المستمسك ج ٥ ص ٣٩٩ (٢).
قوله : أمّا انتفاء الشاهد من ناحية الدليل فهو ممّا لا يكاد يخفى ، فإنّ دليل اعتبار كلّ أصل من الأُصول العملية إنّما يقتضي جريانه عيناً ... الخ (٣).
غاية ما يمكن أن يوجّه به الفرق بين ما نحن فيه وبين ما تقدّم من المثال ، أعني قول المولى : أكرم العلماء ، مع قوله : لا تكرم زيداً ولا تكرم عمراً ، هو أنّه في المثال يوجد لنا دليل مجمل ، وهو الدليل الخاصّ الذي أخرج زيداً وعمراً عن العموم ، لتردّد الأمر فيه بين كون إخراج زيد وعمرو إخراجاً مطلقاً ، أو أنّ إخراج كلّ منهما مقيّد بعدم إكرام الآخر ، وهذه الجهة مفقودة فيما نحن فيه ، لأنّ المخرج لكلّ من طرفي العلم الاجمالي عن عموم الأصل النافي هو حكم العقل بالمنع عن المخالفة القطعية ، وهذا الحكم العقلي لا تردّد فيه بين الوجهين المذكورين.
__________________
(١) نهاية الأفكار ٣ : ٣١٥.
(٢) مستمسك العروة الوثقى ٧ : ٦٢٢ ـ ٦٢٣.
(٣) فوائد الأُصول ٤ : ٣١.