كلّ من الاستحقاق والفعلية إلاّبالعفو ، وقبل الأوّل دون الثاني ـ [ وهو ] فرض لا واقعية له ـ لا استحقاق ولا فعلية ، وقبل الثاني دون الأوّل لا استحقاق ولا فعلية.
وأمّا الكلام فيها بالنظر إلى كونها دليلاً على البراءة ، فإن كان الرسول هو الظاهر فقبله لا مورد للبراءة قطعاً ، وبعده يترتّب العقاب ، وتكون الآية من أدلّة الاحتياط ، إلاّ أن نجيب عنها بأنّ دليل البراءة حاكم على مقتضى الاحتياط.
وإن كان المراد الأعمّ من الحجّة ، فقبلهما لا مورد للبراءة لعدم الرسول ، وبعدهما يتعيّن الاستحقاق وفعلية العقاب ، لأنّ قاعدة الملازمة دليل قطعي على التكليف ، كما أنّه لا مورد للبراءة قبل الرسول مع فرض الحجّة. أمّا العكس يعني بعد الرسول ولم تقم الحجّة لعدم إدراك العقل قبح الفعل الفلاني ، فلا استحقاق ولا فعلية ، وتكون الآية دالّة على البراءة في هذه [ الصورة ] ، فأين يتحقّق الاستحقاق دون الفعلية.
قوله : الأوّل : لا يصحّ استعمال الرفع وكذا الدفع إلاّبعد تحقّق مقتضي الوجود ، بحيث لو لم يرد الرفع أو الدفع على الشيء لكان موجوداً في وعائه المناسب له ... الخ (١).
قد يتأمّل فيما أُفيد من إرجاع الرافع إلى الدافع الذي هو عبارة أُخرى عن المانع ، بأن يقال : إنّ ذلك إنّما يمكن تسليمه في التكوينيات ، بناءً على ما أفاده قدسسره من احتياج الممكن في بقائه إلى العلّة كأصل حدوثه ، على أنّ تلك الدقّة العقلية ممّا يقطع بعدم ابتناء المحاورات والاستعمالات عليها.
أمّا الأُمور الشرعية فحيث إنّها لا تتوقّف في أصل تحقّقها في عالمها ولا في بقائها على أزيد من الجعل الشرعي إمضاءً أو تأسيساً ، فينبغي القول بتحقّق الرفع
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٣٣٦.