قوله : ويظهر من الشيخ قدسسره أنّ الدفع من أوّل الأمر ورد على إيجاب الاحتياط ـ إلى قوله ـ وورود الرفع على الأحكام الواقعية على وجه ينتج عدم إيجاب الاحتياط لا يمكن إلاّبأن يراد دفع الأحكام الواقعية عن تأثير مقتضياتها في إيجاب الاحتياط ، وتكون النتيجة الترخيص الظاهري في ارتكاب الشبهة والاقتحام فيها ... الخ (١).
ظاهر ما أفاده الشيخ قدسسره (٢) من كون الرفع متوجّهاً ابتداءً إلى نفس إيجاب الاحتياط ربما كان لا يساعد عليه ظاهر الفقرة الشريفة ، بناءً على كون المراد من الموصول فيها هو نفس الحكم الواقعي. أمّا ما أفاده شيخنا قدسسره من أنّ الرفع متوجّه إلى اقتضاء الحكم الواقعي إيجاب الاحتياط فيمكن التأمّل فيه ، بأنّه إن أراد به نفس المقتضى ـ بالفتح ـ كان ذلك عبارة أُخرى عمّا أفاده الشيخ قدسسره ، وإن كان المراد به هو نفس الاقتضاء توجّه عليه أنّه غير قابل للرفع الشرعي ، سواء قلنا إنّ المقتضي للاحتياط هو عين مقتضي الحكم الواقعي ، أو قلنا إنّ المقتضي له هو نفس الحكم الواقعي ، فإنّ صفة الاقتضاء للشيء ليست شرعية لتكون قابلة لورود الرفع عليها ، سواء جعلناه رفعاً حقيقياً ، أو جعلناه من مقولة الدفع الراجع إلى مجرّد عدم الجعل مع فرض ثبوت المقتضي له. وكيف كان ، فلا يكون رفع الاحتياط أو رفع اقتضاء الاحتياط إلاّرفعاً واقعياً ، ولا يكون الترخيص الملازم له إلاّ ترخيصاً واقعياً ، هذا.
ولكن يمكن أن يوجّه ما أفاداه قدسسرهما بما هو خلاف ما يتراءى من ظاهر كلامهما قدسسرهما ، وذلك بأن يقال : إنّ الشيء المفروض الوجود واقعاً لو تسلّط عليه
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٣٣٨ ـ ٣٣٩.
(٢) فرائد الأُصول ٢ : ٣٤.