الاحتياط عقلياً ناشئاً عن هذا الحكم الشرعي ، لكن لمّا قام الإجماع على عدم وجوب الاحتياط أو على بطلانه وجب المصير إلى دعوى منجّز آخر.
قوله : ومن ذلك يظهر الخلل فيما أفاده المحقّق الخراساني قدسسره في المقام ، من دعوى انحلال العلم الاجمالي بالأحكام الثابتة في الشريعة ببركة جريان الأُصول المثبتة بضميمة ما علم تفصيلاً من الأحكام ... الخ (١).
المتحصّل من الخلاف بين شيخنا الأُستاذ قدسسره وبين صاحب الكفاية قدسسره في هذه المسألة ، أعني مسألة جريان الاستصحابات المثبتة فيما نحن فيه ، هو أنّ الخلاف في ذلك بينهما قدسسرهما يكون من جهات ثلاث :
الأُولى : أنّ صاحب الكفاية قدسسره (٢) اقتصر في توجيه المنع من جريان الاستصحاب في أطراف العلم الاجمالي على ما نقله من لزوم التناقض بين الصدر والذيل ، وشيخنا قدسسره لا يرى أنّ ذلك هو المانع ، لأنّ اليقين الحاصل من العلم الاجمالي لم يكن متعلّقاً بنفس ما تعلّق به الشكّ الذي هو كلّ واحد بعينه من الأطراف ، بل إنّ اليقين في باب العلم الاجمالي لم يتعلّق إلاّبعنوان أحد الأطراف ، فلا يكون داخلاً في قوله عليهالسلام : « ولكن تنقضه بيقين آخر » (٣) بل إنّ المانع عند شيخنا قدسسره من جريان الاستصحاب في أطراف العلم الاجمالي هو كونه من الأُصول الاحرازية ، وهي غير جارية في أطراف العلم الاجمالي كما حقّقه قدسسره (٤)
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٢٣٦.
(٢) كفاية الأُصول : ٣١٣ ـ ٣١٤.
(٣) وسائل الشيعة ١ : ٢٤٥ / أبواب نواقض الوضوء ب ١ ح ١ ( مع اختلاف يسير ).
(٤) فوائد الأُصول ٤ : ١٤ ، ٦٩٣ ـ ٦٩٤.