ليس إلاّللخصوصيات اللسانية البيانية ، وإن كان المؤدّى الواقعي واحداً.
إذا عرفت ذلك فنقول : إنّه قد سبق إلى النظر القاصر قياس ما نحن فيه من حديث الرفع (١) على الأمثلة المزبورة ، فيقال : إنّه ليس المراد بالرفع في هذا الحديث الشريف في جميع التسعة إلاّمعنى واحداً ، وهو مجرّد عدم الجعل ، غايته أنّه يكون واقعياً فيما عدا « ما لا يعلمون » ، وفي خصوص « ما لا يعلمون » لا يكون الرفع الذي هو عبارة عن عدم الجعل إلاّظاهرياً ، وذلك الاختلاف لا يوجب اختلافاً في معنى الرفع لغة واستعمالاً ، بل لا يكون الرفع في الجميع إلاّ بمعنى واحد ، وهو عبارة عن عدم الجعل ، وخصوصية كونه ظاهرياً أو واقعياً إنّما يكون في المنسوب إليه الرفع وهو المرفوع ، فحيث كان موضوعه في « ما لا يعلمون » هو عدم العلم بالحكم الواقعي ، وكان الرفع وارداً في طريق ذلك الحكم الواقعي ، لم يكن رفع ذلك الحكم الذي هو عبارة عن عدم جعله إلاّحكماً ظاهرياً ، بخلاف باقي التسعة ، والقرينة الموجبة لحمل التصرّف في « ما لا يعلمون » على الحكم الظاهري هي ما أقمناه من الأدلّة القطعية العقلية والنقلية على مشاركة العالم والجاهل في الأحكام الواقعية الشرعية ، فإنّ تلك الأدلّة تكون من قبيل القرينة القطعية الموجبة لعدم حمل الرفع المسند إلى « ما لا يعلمون » على الرفع الحقيقي الواقعي ، فلابدّ حينئذ من التنزّل إلى حمله على الرفع الظاهري.
هذا حاصل ما وقع في الذهن القاصر من توجيه الرفع في الحديث الشريف ، ومجمله : حمل الرفع في جميع فقراته على مجرّد عدم الجعل ، مع فرض كون المورد في جميع هذه الفقرات التسع قابلاً للجعل الشرعي ، ويكون
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٥ : ٣٦٩ / أبواب جهاد النفس ب ٥٦ ح ١.