[ أصالة التخيير ]
قوله : وتنقيح البحث عنها يستدعي رسم أُمور : الأوّل ... الخ (١).
لا يخفى أنّ الأُصول المعروفة أربعة : الاحتياط والتخيير والبراءة والاستصحاب ، والثلاثة الأُول تكون شرعية وعقلية ، والمدّعى أنّ ما نحن فيه من الدوران بين المحذورين لا تجري فيه هذه الأُصول بأسرها عقليّها وشرعيّها. أمّا الاحتياط العقلي والشرعي فواضح ، لعدم القدرة عليه في المقام ، لأنّ المفروض فيه هو عدم التمكّن من الموافقة القطعية كعدم التمكّن من المخالفة القطعية.
نعم ، يمكن الأمر بالاحتياط في أحد الطرفين ، بأن يرى الشارع أنّ دفع المفسدة المحتملة أولى بالرعاية من جلب المصلحة المحتملة ، فيلزم بالاحتياط بالترك. كما أنّه من الممكن أن يرى الشارع أنّ جلب المصلحة المحتملة أولى بالرعاية من دفع المفسدة المحتملة ، فيأمر بالاحتياط بالفعل. ويمكن اختلاف الموارد ، نظراً إلى إمكان اختلاف المفاسد والمصالح ، ففي بعضها يقدّم الأوّل وفي بعضها يقدّم الثاني ويكون الاحتياط في ذلك شرعياً.
ويمكن حينئذ فرضه عقلياً وذلك مع فرض عدم صدور الأمر بالاحتياط من جانب الشارع في أحد الطريقين ، فإن احتملنا تقدّم إحدى الجهتين على الأُخرى دون العكس ، دخلت المسألة في الدوران بين التعيين والتخيير ، واللازم عقلاً الالتزام بجانب التعيين. نعم لو قطعنا بالعدم ، أو جرى الاحتمال في كلّ من
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٤٤٢.