قوله : فيكون حاصل مفاد قوله عليهالسلام : « الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة » (١) ، هو أنّ ترك التعرّض للشبهة التي يحتمل انطباق التكليف عليها خير من الوقوع في عقاب مخالفة التكليف إذا صادفت الشبهة متعلّق التكليف ، فعلى هذا يكون الأمر بالتوقّف للارشاد وهو تابع للمرشد إليه ... الخ (٢).
وإن شئت فقل : إنّ موارد احتمال التكليف الجاري فيها أدلّة البراءة الشرعية من مثل حديث الرفع (٣) ومثل « كلّ شيء لك حلال » (٤) ونحوه ، تكون خارجة موضوعاً عن الشبهة في قوله عليهالسلام « قف عند الشبهات » (٥) وحينئذ تكون أخبار البراءة حاكمة أو واردة على ما دلّ على وجوب التوقّف عند الشبهة ، ومع قطع النظر عن هذه الحكومة أو الورود فلا أقل من طريقة التخصيص ، فإنّ أدلّة الترخيص في الشبهة وإن قوبلت بأدلّة التوقّف فيها ، إلاّ أنّه قد خرج عن الأُولى الشبهات في أطراف العلم الاجمالي والشبهات قبل الفحص ، وبعد ذلك تكون أخبار الترخيص أخصّ من أخبار التوقّف ، فتقدّم عليها لكونها حينئذ أخصّ منها. على أنّا لا نحتاج إلى ذلك كلّه ، فإنّ الشبهة في أخبار التوقّف مقيّدة باحتمال العقاب ، وأخبار الترخيص رافعة لهذا القيد.
ومن ذلك يظهر لك الحال في قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، فإنّها وإن لم
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٥٤ / أبواب صفات القاضي ب ١٢ ح ٢ ، ٩ ، ١٣ ، ١٥ ، ٥٧.
(٢) فوائد الأُصول ٣ : ٣٧٤.
(٣) وسائل الشيعة ١٥ : ٣٦٩ / أبواب جهاد النفس ب ٥٦ ح ١.
(٤) وسائل الشيعة ١٧ : ٨٩ / أبواب ما يكتسب به ب ٤ ح ٤.
(٥) نفس المصدر المتقدّم في الهامش (١) لكن مع اختلاف في اللفظ.