المنكشف أعني الحكم النفس الأمري ، لتوجّه عليه ما أُفيد من أنّ إطلاق الكاشف يكشف عن إمكان الاطلاق في المنكشف ، أعني الحكم الواقعي المجعول في نفس الأمر والواقع ، أمّا لو استند المدّعي المذكور إلى الشكّ في صحّة الكاشف ، لما ذكرناه من عدم صدق المنع بالنسبة إلى من لا يتمكّن من الفعل عادة ، لكان سقوط الاطلاق في مقام الشكّ من أوضح الواضحات. وهذا هو الحجر الأساسي في عدم إمكان التمسّك بالاطلاق في هذا المقام.
وإن شئت فقل : إنّ الشكّ في صحّة المنكشف ـ أعني الحكم الواقعي النفس الأمري ـ من جهة الشكّ في حسنه وعدم استهجانه لدى العقلاء ، وهذه الجهة من الشكّ ليست براجعة إلى الشارع كي يستدلّ على نفي الاستهجان فيها باطلاق الكاشف ، بل هي راجعة إلى أمر آخر وهو إمكان الابتلاء به وعدمه ، وهذا الأمر ليس براجع إلى الشارع بناءً على ما تقدّم (١) في توجيه خروج ما هو خارج عن الابتلاء عن مفاد النهي ، والسرّ في ذلك هو أنّه بناءً على ذلك الوجه يكون خروج ما لم يتمكّن فيه عادة من الفعل عن أدلّة التحريم ملحقاً بالخروج التخصّصي ، بل هو هو بعينه. نعم خروج ما هو غير مقدور عقلاً على تركه في المحرّمات وعلى فعله في الواجبات لعلّه من باب التخصيص والخروج الحكمي ، وإن أمكن فيه أيضاً القول بأنّه من قبيل التخصّص والخروج الموضوعي ، لكن لو قلنا بأنّه من قبيل التخصيص والخروج الحكمي ، فلو كانت الشبهة مفهومية لا مانع من التمسّك باطلاق الأدلّة اللفظية بناءً على كون حكم العقل بخروج غير المقدور من قبيل الأحكام النظرية ، لكن الشبهة هناك غالباً مصداقية ، فلا يكون التمسّك بالاطلاق فيها ممكناً أيضاً على ما حرّرناه فيما تقدّم.
__________________
(١) في الصفحة : ٥٥٤ وما بعدها.