الملاك المؤثّر ، وهو مورد للحكم العقلي الطريقي. اللهمّ إلاّ أن يلتزم بعدم البراءة العقلية في ذلك ، ويستند إلى البراءة الشرعية ، إلاّ أنّ هذا بحث تقدّم الكلام فيه مفصّلاً عند الاستدلال على لزوم الاحتياط بقاعدة دفع الضرر المحتمل (١) ، وتقدّم إسقاط هذا الاستدلال بما لا مزيد عليه ، وما أدري كيف عاد هنا بنفسه لكن بشكل آخر ، فتأمّل.
لا يقال : ليس مراده أنّ العقل يلزم بالملاك مع قطع النظر عن الحكم الشرعي على طبقه ، لكي يرجع إلى قاعدة لزوم دفع الضرر المحتمل بمعنى المفسدة ، بل المراد أنّ العقل إنّما يلزم بالملاك إذا حكم الشارع على طبقه ، كما قال : والعقل يستقلّ بلزوم رعاية الملاك وعدم تفويته مهما أمكن إذا كان للمولى حكم على طبقه ، غايته أنّه عند العلم بعدم القدرة على استيفاء الملاك بكلا قسميها ، العقل لا يلزم برعاية الملاك ، للعلم بأنّه ليس للمولى حكم على طبقه ، وأمّا مع الشكّ في القدرة فالعقل يلزم برعاية الاحتمال ، تخلّصاً عن الوقوع في مخالفة الواقع ، كما هو الشأن في جميع المستقلاّت العقلية الخ (٢).
لأنّا نقول : إذا كان حكم العقل بلزوم تحصيل الملاك مقيّداً بحكم المولى على طبقه ، كان ذلك عبارة عن حكمه بلزوم الاطاعة ، ومن الواضح أنّها ليست من الأحكام العقلية التي يكون العقل حاكماً بلزوم رعايتها عند الشكّ حكماً طريقياً.
ثمّ إنّه قد علّق في هذه العبارة سقوط الالزام على العلم بعدم القدرة بكلا قسميها ، مع أنّه لو سقطت القدرة العادية وبقيت القدرة العقلية كما في موارد
__________________
(١) لعلّه قدسسره يشير بذلك إلى ما تقدّم في المجلّد السادس من هذا الكتاب ، الصفحة : ٥١٢ وما بعدها.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٥٥.