الدليل يكون مخصّصاً لدليل العسر والحرج ، وهذا بخلاف التكليف الشخصي باجتنابه فإنّه قبيح لدى العقلاء.
والحاصل : أنّ الفرد إذا كان ارتكابه غير ممكن عادة ، كان خارجاً بنظر العقلاء عن حيّز عمومات الأوامر والنواهي ، لكونه في نظرهم ملحقاً بالمعدوم. أمّا التكليف الشخصي الثابت بالدليل الخاص ، فإن كان وجوبياً لم يكن عدم التمكّن العادي مانعاً منه بعد فرض كونه مقدوراً عقلاً ، والسرّ في ذلك هو أنّ ذلك التكليف الشخصي المتعلّق بلزوم ارتكاب ذلك الفرد المفروض عدم التمكّن من ارتكابه عادة ينحل إلى التكليف النفسي بمقدّماته ، بخلاف ما إذا كان تحريمياً ، فإنّ عدم التمكّن العادي وإلحاقه في نظر العقلاء بالمعدوم يوجب قبح التكليف بالاجتناب عنه. هذا غاية توضيح توجيه سقوط العلم الاجمالي من الناحية التي أشرنا إليها ، أعني ناحية إلحاق ما كان ارتكابه غير ممكن عادة بالمعدوم ، وأنّه غير صالح للدخول في حيّز العمومات التكليفية حتّى الايجاب.
وفيه تأمّل ، فإنّه بناءً على هذا الوجه يشكل الفرق بين الوجوب الثابت بالأدلّة العامّة ، والوجوب الشخصي الثابت بالدليل الخاصّ. ولو سلّمنا إرجاع الوجوب الشخصي إلى الوجوب النفسي للمقدّمات ، أشكل الفرق بينه وبين التحريم الشخصي ، فأيّ فرق بين قوله : اكسر تلك الآنية الفضّة ، المفروض خروجها عن ابتلائه ، وبين قوله : لا تشرب منها. ولو أرجعنا قوله : « اكسرها » إلى الايجاب النفسي المتعلّق بمقدّمات الحصول عليها ، فمضافاً إلى خروجه حينئذ عمّا هو محلّ الكلام ، أنّه يمكن أن يوجّه قوله « لا تشرب منها » بارجاعه إلى النهي عن مقدّمات الحصول عليها.
ثمّ فيه أيضاً : أنّا لو وجّهنا قبح النهي عمّا هو خارج عن الابتلاء ممّا يكون