كانت إرادة المكلّف للارتكاب ممكنة عادة ، والمفروض أنّ تعلّق الارادة به غير ممكن عادة.
وإن شئت قلت : إنّ العادة لمّا جرت على عدم ارتكابه ، كانت جارية على عدم إرادة ارتكابه ، وإذا جرت العادة بعدم إرادة ارتكابه لم يكن إرادة ارتكابه ممكناً بحسب العادة ، فيكون حاله حال ما لو كان ارتكابه غير ممكن عادة في أنّ كلاً منهما يكون إرادة ارتكابه غير ممكن عادة ، وإذا كانت الارادة غير ممكنة عادة كان الخطاب بالاجتناب قبيحاً ، وقد حقّقنا وأوضحنا ذلك في الشرح المشار إليه (١).
ثمّ إنّا قد بيّنا هناك أخيراً أنّه يمكن أن يكون الملاك في عدم تنجّز العلم الاجمالي في الفرض المذكور ، هو أنّ العقلاء يرون ما لا يمكن عادة ارتكابه أو ما لم تجر العادة بارتكابه من الأطراف ، ملحقاً بالمعدوم بالقياس إلى ذلك المكلّف ، بحيث إنّهم لا يرونه صالحاً لأن يكون متعلّقاً للتحريم ، بل لا يكون ذلك الطرف صالحاً في نظرهم للحكم عليه بالاباحة فضلاً عن التحريم ، بل يمكن القول بأنّ القسم الأوّل منه ـ وهو ما كان ارتكابه غير ممكن عادة ـ خارج عن الصلاحية للدخول تحت عموم كل تكليف حتّى الاستحباب والوجوب ، من دون حاجة في ذلك إلى التمسّك بنفي العسر والحرج.
نعم ، يمكن أن يتعلّق به بشخصه الايجاب إذا ثبت وجوبه شخصياً بدليل خاصّ ، لكن التحريم حتّى الشخصي منه لا يمكن تعلّقه به ، والفرق بينهما أنّ الفرد إذا كان ملحقاً بنظر العقلاء بالمعدوم ، لكون ارتكابه غير ممكن عادة ، يمكن للشارع أن يكلّفنا بارتكابه شخصياً إذا دلّ عليه دليل بالخصوص ، غايته أنّ ذلك
__________________
(١) الظاهر أنّ مراده قدسسره بذلك هو شرح الوسيلة المخطوط الذي تقدّمت الاشارة إليه في الصفحة : ٥٤٠.