حرّرناه فيما علّقناه (١) على ما أفاده شيخنا قدسسره وتأمّل.
ولكن هذا على ما فيه من الإشكال في استصحاب مقتضى قاعدة الطهارة ، من جهة كونه من قبيل الاحراز التعبّدي لما هو محرز بالوجدان ، ومن جهة أنّه بعد سقوطه يكون المرجع قاعدة الطهارة غير القاعدة السابقة ، أنّه إنّما يتأتّى فيما لو كان المكلّف ملتفتاً إلى الإناءين قبل طروّ العلم الاجمالي ، وكان أحدهما المعيّن متيقّن الطهارة ، وكان الآخر مشكوكها ، ثمّ حدث العلم الاجمالي بوقوع النجاسة في أحدهما الموجبة لرفع إحدى الطهارتين اليقينية والظاهرية. أمّا لو كان المكلّف غافلاً ، ولم يكن إلاّ أنّه رأى النجاسة وقعت في إحداهما ، ولمّا التفت إلى ذلك علم بأنّ الكبير كان طاهراً قبل وقوع هذه النجاسة ، أمّا الصغير فلم يعلم حالته السابقة ما هي ، فهو الآن شاكّ في حالته السابقة ، ويحتمل أيضاً وقوع تلك النجاسة فيه ، ولا يكون له حينئذ إلاّحكم واحد وهو الطهارة بقاعدة الطهارة ، من دون أن يكون مسبوقاً بحكم ظاهري كي يجري فيه استصحاب ذلك الحكم ، فلمّا لم يكن ذلك الصغير مسبوقاً بالشكّ لم يكن قبل العلم الاجمالي مورداً لحكم قاعدة الطهارة قبل العلم ، بل إنّما يكون مورداً لها بعد العلم الاجمالي ، فتكون هي المعارضة للاستصحاب الجاري بعد العلم المذكور في الطرف الآخر ، فيسقطان معاً ، ولا يبقى موردها وهو الصغير محلاً لشيء من الأُصول.
إلاّ أن يقال : إنّه مجرى لأصالة البراءة من حرمة الشرب ، لكن بعد التعارض مع قاعدة الطهارة في الآخر يبقى الآخر مجرى للبراءة من حرمة شربه بلا معارض ، فإنّ البراءة من حرمة شربه محكومة فيه لقاعدة الطهارة ، فيبقى المحذور بحاله.
__________________
(١) راجع المجلّد التاسع من هذا الكتاب ، الصفحة : ٢١٠ وما بعدها.