قوله : سواء قلنا إنّ التخيير في باب التزاحم لأجل تقييد الاطلاق ، أو لأجل سقوط الخطابين المتزاحمين واستكشاف العقل حكماً تخييرياً ... الخ (١).
قال قدسسره فيما حرّرته عنه : إنّ هذا الاستكشاف العقلي ليس من قبيل قاعدة الملازمة ، بل هو من قبيل الأحكام الشرعية التي يستكشفها العقل بالملازمات ، نظير كون إيجاب الشيء موجباً للنهي عن ضدّه أو إيجاب مقدّمته ، وعلى كلّ حال أنّ هذا الوجوب الشرعي بناءً على الوجه الثاني يكون من قبيل الوجوب التخييري الناشئ عن ملاكين متزاحمين ، بحيث إنّه يكون لنا وجوبان تخييريان ، كلّ واحد منهما مشروط بعدم الاتيان بالآخر ، بخلافه على الوجه الأوّل فإنّه عليه لا ينقلب الوجوب عن كونه تعيينياً إلى كونه تخييرياً ، بل يبقى على ما هو عليه من التعيين ، غايته أنّ العقل يحكم بكون أحدهما مقيّداً بعدم امتثال الآخر ، هذا كلّه على تقدير تساوي الفعلين.
ولو كان أحدهما أهم ، فبناءً على الأوّل يكون الأمر بالأهمّ باقياً بحاله مع تحقّق الأمر بالمهمّ ، غايته أنّ الأمر بالمهمّ يكون مقيّداً عقلاً بعدم امتثال الأمر بالأهمّ ، وبناءً على الثاني يكون الأمر بالمهمّ ساقطاً بالمرّة ، ولا يكون في البين إلاّ أمر واحد وهو الأمر بالأهمّ.
ثمّ قال : ولو كان أحدهما محتمل الأهمية ، فبناءً على الوجه الأوّل لا ينبغي الإشكال في الحكم بتعيّنه ، لا من جهة الشكّ في بقاء إطلاق أمره كي يكون الأصل لفظياً ، إذ ليس التقييد المذكور على تقدير التساوي من قبيل التقييد اللفظي كي ينفى بأصالة الاطلاق ، بل هو تقييد عقلي لاحق لواقع التكليف لا لما يدلّ عليه ،
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٤٣٢.