ولأجل ذلك نقول بذلك التقييد حتّى لو كان دليل الأمر لبّياً مثل الإجماع ونحوه ، بل من جهة إحراز توجّه الأمر بذلك المحتمل الأهميّة ، وكون الاتيان بالطرف الآخر مسقطاً له مشكوك.
ثمّ إنّه قدسسره أفاد أنّه بناءً على الوجه الثاني يكون المرجع هو الاشتغال. ثمّ استشكل في ذلك بأنّ محتمل الأهمية لمّا كان يحتمل فيه المساواة كان من المحتمل اشتراطه بعدم الآخر ، ثمّ أجاب عنه بأنّ سقوطه بالآخر لو كانا متساويين إنّما يكون من ناحية عدم القدرة ، وإذا رجع إلى الشكّ في القدرة وجب الاحتياط ، ثمّ استشكل في كون المقام من قبيل الشكّ في القدرة ، بل هو على تقدير التساوي من قبيل عدم تمامية الملاك بالنسبة إلى محتمل الأهمية ، لأنّه على تقدير التساوي يكون الاتيان بالآخر مسقطاً لملاكه. ثمّ أفاد أنّ هذا كلّه من قبيل الفرض والتقدير وإلاّ فالحقّ والمختار هو صحّة الترتّب الذي هو أساس الوجه الأوّل.
قلت : لا ينبغي الإشكال في أنّ محتمل الأهمية لو كان مساوياً في الواقع لكان التكليف به مشروطاً بعدم الآخر ، والمفروض إنّما هو قبل الاتيان بأحد الطرفين ، فيكون محتمل الأهمية محقّق الفعلية حينئذ ، ويكون الشكّ راجعاً إلى الشكّ في سقوطه بفعل الآخر ، سواء قلنا بصحّة الترتّب الذي هو مبنى الوجه الأوّل ، أو قلنا بعدمه الذي هو مبنى الوجه الثاني.
لكن لا يخفى أنّه بعد الاتيان بالآخر لا يبقى مجال للتشبّث بأصالة الاشتغال في محتمل الأهمية ، لسقوطه على كلّ حال ، وإنّما عمدة الكلام هو في جواز الإقدام على الاتيان بالطرف الآخر مع فرض احتمال كونه مفوّتاً للأهمية المحتملة في الطرف الذي يريد تركه ، وقد مضى البحث عن ذلك في الأمر السابع ، فراجع (١)
__________________
(١) تقدّم الأمر السابع في الصفحة : ٣١٠ وما بعدها.