المنفرد ـ لم يتّضح للنظر القاصر تمام الاتضاح ، فإنّه بعد البناء على التخيير بين صلاة الجماعة وصلاة الفرادى بجميع مراتبها ، سواء كان التخيير شرعياً أو كان عقلياً ، لا يكون إلاّبين نوعين أو فردين ، يكون كلّ منهما مختصّاً بأحكام ، منها عدم وجوب القراءة في الأوّل ووجوبها في الثاني ، فلا يبقى محل للتكلّم في أنّه عند تعذّر القراءة أو عند تعذّر أوّل مرتبة منها هل تتعيّن الجماعة أو لا تتعيّن ، إذ لا تكون القراءة حينئذ واقعة في عرض صلاة الجماعة كي يتكلّم في تعيّن الجماعة عند تعذّرها ، بل الذي يكون واقعاً في عرض صلاة الجماعة هو صلاة الفرادى بجميع مراتبها ، وعليه يتعيّن كون الجماعة من باب المسقط للقراءة ، بل إنّ التعبير بالاسقاط لا يخلو من مسامحة ، فإنّه بناءً على التخيير المزبور لا تكون القراءة واجبة أوّلاً وبالذات في مطلق الصلاة لتكون الجماعة مسقطة لها ، بل إن كان التخيير بين النحوين عقلياً يكون الواجب من أوّل الأمر هو القدر المشترك بين الفرد الذي لا تجب فيه القراءة والفرد الذي تجب فيه ، وإن كان التخيير شرعياً كان الواجب الأصلي مخيّراً بين النوع الذي لا تجب فيه القراءة والنوع الذي تجب فيه ، وعلى أيّ حال لا يكون هناك وجوب للقراءة ابتداءً وتكون الجماعة مسقطة له ، فضلاً عن كون الجماعة في عرض القراءة ، فتأمّل.
نعم ، يمكن توجيه هذا البحث ، بأنّ التخيير الثابت بين الفرادى والجماعة سواء كان عقلياً أو كان شرعياً ، هل هو بين الجماعة والفرادى بجميع مراتبها ، أو أنّه بين الجماعة والفرادى المشتملة على القراءة الصحيحة ، وعلى الأوّل لو لم يتمكّن من القراءة الصحيحة أو لم يتمكّن من أصل القراءة لا يتعيّن عليه الجماعة ، وعلى الثاني يتعيّن عليه الجماعة ، فتأمّل.