في الوجوب الوارد على الصيام المردّد بين كونه تعيينياً وكونه تخييرياً بينه وبين الاطعام ، فإنّ الاتيان بالصيام يكون محصّلاً للموافقة القطعية ، وترك الثاني بترك كلا الأمرين محصّل للمخالفة القطعية.
فالظاهر أنّ المتنجّز من هذا العلم هو الطرف الثاني دون الطرف الأوّل ، حيث إنّ الطرف الثاني لمّا لم يمكن فيه إجراء البراءة لما عرفت من أنّها موجبة للمخالفة القطعية ، بقي الطرف الأوّل مجرى للبراءة بلا معارض. ففي مثال الرضاع لا يجوز له الجمع بينهما لكونه موجباً للوقوع في الحرام ، إمّا من جهة ذات هند وإمّا من جهة الجمع بينهما ، وحينئذ لا يمكن جريان البراءة في هذا الطرف أعني حرمة الجمع ، لكن لا مانع من تزوّجه بهند وحدها ، لجريان البراءة فيه بلا معارض.
وينبغي أن يكون الأمر كذلك في البواقي ، فلا يجوز ترك العام ، لكن لا مانع من ترك الخاص لجريان البراءة فيه بلا معارض لها من ناحية وجوب العام. ولا يجوز له ترك الأقل ، لكن لا مانع من ترك الأكثر. ولا يجوز له ترك العدلين ، لكن لا مانع من تركه الصيام. إلاّ أن يكون في البين أصالة الاشتغال فيلزمه حينئذ الاتيان بالخاصّ والاتيان بالصيام ، وفي خصوص مسألة الأقل والأكثر لمّا كانت البراءة جارية في الزائد على الأقل ، كانت حاكمة على أصالة الاشتغال القاضية بلزوم الاتيان بالأكثر.
قال سيّدنا الأُستاذ المرحوم السيّد أبو الحسن قدسسره فيما حرّرته عنه في مباحث الأقل والأكثر الارتباطيين ما هذا لفظ ما حرّرته عنه :
لا يخفى أنّه يمكن أن يوجّه الرجوع إلى البراءة في الشكّ بين العام والخاصّ ، بأن يقال إنّه حيث قد تقرّر فيما تقدّم أنّ العلم الاجمالي علّة تامّة لعدم