انحلّ أيضاً العلم الاجمالي المردّد بين كون الحرام هو ترك خصوص الصيام وبين كون الحرام هو الجمع بين تركه وترك الاطعام.
لأنّا نقول : هذه البراءة لا تجري في هذا المقام وإن جرت في المقام الأوّل ، لأنّ مجراها في المقام الأوّل هو نفس وجوب الاستعاذة أو التعمّم ، وهذا المجرى خارج عن طرفي العلم الاجمالي ، فلا مانع من جريانها فيه ، وهو موجب لانحلال العلم الاجمالي ، بخلاف المقام الثاني فإنّ مجراها فيه هو حرمة ترك الصيام بخصوصه عند وجود الاطعام ، وذلك بنفسه طرف للعلم الاجمالي المردّد بين كون المحرّم هو ترك الصيام بخصوصه أو الجمع بينه وبين ترك الاطعام ، فلا يمكن جريانها فيه لكونه بنفسه طرفاً للعلم الاجمالي. اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ إجراء البراءة في الوجوب الوارد على الاستعاذة مرجعه إلى إجراء البراءة في حرمة ترك الصلاة المشتملة على الاستعاذة عند الاتيان بالصلاة الفاقدة للاستعاذة.
والتحقيق هو أن يقال : إنّ هذا العلم الاجمالي من قبيل العلم الاجمالي المردّد بين طرفين يكون الجري على طبق أحدهما محصّلاً للموافقة القطعية ومخالفة الطرف الآخر محصّلاً للمخالفة القطعية ، فإنّ العلم المردّد بين تحريم ذات هند وتحريم الجمع بينها وبين عاتكة مع فرض عدم الحرمة الذاتية لكلّ منهما ، يكون الجري على الأوّل موجباً للموافقة القطعية ، ومخالفة الطرف الثاني محصّلاً للمخالفة القطعية. وهكذا الحال في الوجوب المردّد بين الخاص والعام ، فإنّ الجري على طبق الأوّل وهو الاتيان بالخاص يكون محصّلاً للموافقة القطعية ، ومخالفة الطرف الثاني أعني ترك العام يكون محصّلاً للمخالفة القطعية. وهكذا الحال في الوجوب المردّد بين الأكثر والأقل ، فإنّ الاتيان بالأكثر يوجب الموافقة القطعية ، ومخالفة الثاني يعني ترك الأقل محصّل للمخالفة القطعية. وهكذا الحال