العدلين وإن لم نعرفه بنفسه ، فإنّ معرفته بما أنّه مؤثّر في تحقّق الملاك الواحد كافٍ في تصحيح الأمر به ، غايته أنّه في مقام الاثبات يكون التعبير عنه بأحد الأمرين كافياً في إيصال الأمر به إلى المكلّف وإن لم يعرفه بنفسه ، هذا كلّه لو أحرزنا كون الملاك واحداً.
ولو احتملنا تعدّد الملاك في الواجبات التخييرية ، بحيث كان لازمه توجّه التكليف بكلّ من العدلين مشروطاً في مرحلة البقاء بعدم الاتيان بالعدل الآخر ، على وجه يكون وجوب كلّ منهما فعلياً قبل الشروع في أحدهما ، لكانت أطراف العلم الاجمالي حينئذ ثلاثة ، أحدها : وجوب العتق بنفسه وجوباً مطلقاً. ثانيها : وجوب أحد الأمرين منه ومن الصيام أو الجامع بينهما. ثالثها : وجوب كلّ منهما مشروطاً في مرحلة البقاء بعدم الاتيان بالعدل الآخر. ولا يتوجّه على هذا العلم الاجمالي أنّه لا جامع بين أطرافه ، لوضوح الجامع بينها وهو التكليف الايجابي الالزامي ، غايته أنّ الواجب كان مردّداً بين الأمرين أو الأُمور الثلاثة.
والحاصل : أنّه يكون من العلم بالتكليف مع تردّد المكلّف به بين أمرين أو ثلاثة ، وليس ما نحن فيه من قبيل الدوران بين المحذورين في عدم الجامع بينهما. مضافاً إلى منع عدم الجامع حتّى في تلك المسألة ، لإمكان كون الجامع هو التكليف الالزامي ، غايته أنّه مردّد بين كون الملزم به هو الفعل أو الترك ، غايته أنّه لا يمكن الاحتياط فيه. على أنّ في النفس شيئاً من أصل هذه المسألة ، أعني مسألة مدخلية إمكان الجامع في تنجيز العلم الاجمالي ، لإمكان القول بعدم مدخليته ، وإن كان وجوده ضرورياً في كلّ علم إجمالي. وأمّا عدم منجّزية العلم الاجمالي في مسألة الدوران بين المحذورين ، فإنّما هو لأجل عدم التمكّن من كلّ من المخالفة القطعية والموافقة القطعية.