لكن ذلك مبني على تركّب الوجوب التخييري من طلب الشيء مع جعل العدل له ، أمّا بناءً على بساطته وأنّه سنخ من الطلب ، وأنّ متعلّقه هو أحد الأمرين ، فقد عرفت أنّه لا محصّل فيه للرجوع إلى أصالة الاشتغال فيما قد علم وجوبه وتردّد بين التعيين والتخيير بينه وبين شيء آخر ، كالعتق بالنسبة إلى الصوم إذا فرض العلم بوجوب الأوّل وشكّ في كونه على التعيين أو أنّه على نحو التخيير بينه وبين الصيام ، إذ لا محصّل في ذلك للقول بأنّه عند الاتيان بالصيام يحصل الشكّ في كونه مسقطاً لوجوب العتق.
نعم ، يمكننا تغيير هذه العبارة وننسب الشكّ في السقوط إلى الواجب الواقعي الذي اشتغلت به الذمّة ، سواء كان هو نفس العتق أو كان هو أحد الأمرين منه ومن الصيام أو كان هو القدر الجامع بينهما ، ونقول إنّه عند الاتيان بالصيام نشكّ في سقوط ذلك الواجب الواقعي ، كما أنّه عند تعذّر العتق يحصل لنا أيضاً الشكّ في سقوط ذلك الواجب الواقعي.
ولو أغضينا النظر عن ذلك لم يكن لنا بدّ من التمسّك بأذيال العلم الاجمالي ، الذي يكون أحد طرفيه هو وجوب العتق بعينه وطرفه الآخر هو وجوب أحد الأمرين منه ومن الصيام ، بناءً على أنّ الواجب التخييري هو أحد العدلين كما هو صريح ما أفاده شيخنا قدسسره في هذا المقام وفي مبحث الواجب التخييري (١) ، ولو منعنا من ذلك بدعوى أنّ أحد الأمرين لا واقعية له ، كما ربما يظهر ممّا أفاده قدسسره في مبحث بيع الصاع من الصبرة من مباحث البيع (٢) ، فلا محيص لنا عن القول بأنّ الطرف الآخر للعلم الاجمالي المذكور هو القدر الجامع بين
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢٦٥ وما بعدها ، فوائد الأُصول ١ ـ ٢ : ٢٣٥.
(٢) منية الطالب ٢ : ٣٨١ وما بعدها ( الوجه الثاني ).