الوجوب التعييني والوجوب التخييري ، بل إنّ محصّل وجوب الشيء تعييناً هو تعلّق الطلب به مع عدم جعل العدل له ، فليست الجهة الفارقة بين الوجوب التعييني والوجوب التخييري إلاّتلك الجهة العدمية في طرف الوجوب التعييني ، وهي عبارة عن عدم جعل البدل ، وهذه الجهة يمكن إحرازها في مقام الاثبات بالأصل اللفظي المعبّر عنه بالاطلاق ، كما حقّق في محلّه (١) من أنّ إطلاق الصيغة يقتضي التعيين.
وإن لم يكن في البين ذلك الأصل اللفظي ، وبقينا نحن ومقام الثبوت ، كان لنا إحرازها بالأصل العملي أعني أصالة عدم جعل البدل ، فإذا أحرزنا جعل الوجوب للعتق ، وشككنا في جعل الصيام بدلاً عنه ، وأجرينا أصالة العدم في جعل الصيام بدلاً عنه ، كان ذلك عبارة أُخرى عن إحراز كون وجوب العتق تعيينياً ، ويكون إحراز التعيينية بهذا الطريق من قبيل ما يحرز منه أحد الجزأين بالأصل والآخر بالوجدان.
وأصرح العبارات في هذا المطلب عبارة السيّد سلّمه الله فإنّه قال في تقريب أصالة التعيين ما نصّه : إذ الواجب التعييني غير محتاج في عالم الثبوت إلاّ إلى قيد عدمي ، بأن لا يكون له عدل في مرحلة الطلب ، كما أنّه في عالم الاثبات كذلك ، بل إثبات التعيينية في عالم الاثبات بعدم التقييد بمثل العطف بكلمة « أو » إنّما هو لكشفه عن العدم في عالم الثبوت ، فإذا كان أصل الوجوب معلوماً وشكّ في تخييريته من جهة احتمال تقيّده بوجود العِدل له ، فلا محالة يحكم بالتعيينية بمقتضى ضمّ الوجدان إلى الأصل ، لعدم ثبوت التقييد ، مع حكم العقل بلزوم
__________________
(١) لم نعثر عليه في هذا الكتاب.