كلّ منهما تعييناً ، فالظاهر أنّها غير جارية ، فإنّ المسألة في تلك المرتبة وإن دارت بين تكليف واحد وهو العتق وتكليفين وهما العتق والصدقة ، لكن لمّا لم يكن التكليفان يقتضيان الجمع بين المتعلّقين ، لم تكن البراءة جارية في الثاني منهما وذلك واضح ، وحينئذ يكون المتعيّن عند الاتيان بالصدقة هو الاشتغال للعلم الاجمالي.
ولا يخفى أنّا لو فتحنا باب البراءة على أساس الملاكين ، لكان من الواضح جريانها في وجوب العتق على تقدير الاطعام ، بمعنى أنّ العتق لو كان وجوبه تخييرياً بينه وبين الصدقة من باب تعدّد الملاك ، لكان وجوبه مشروطاً بعدم الصدقة ، بخلاف ما لو كان وجوبه تعيينياً ، فإنّ وجوبه يكون شاملاً لوجود الصدقة وعدمها ، وحينئذ يكون التردّد بين كونه تخييرياً وكونه تعيينياً موجباً للشكّ في وجوبه عند وجود الصدقة ، فتجري فيه البراءة.
وهكذا الحال في ناحية الصدقة ، فإنّها لو وجبت تخييرياً يكون حاصله هو تحقّق وجوبها عند عدم العتق ، فيكون الشكّ في وجوبها التخييري عبارة أُخرى عن الشكّ في وجوبها عند عدم العتق ، فتجري فيه البراءة. ولكن كلّ ذلك مبني على كون الوجوب التخييري ناشئاً عن ملاكين ، وهو غير معلوم ، لاحتمال كونه عن ملاك واحد ، على وجه لا يكون من قبيل الوجوب المشروط بعدم الآخر ، هذا.
مضافاً إلى ما عرفت من الإشكال في البراءة في الشكّ الثاني ، أعني وجوب الصدقة عند عدم العتق ، في قبال وجوب العتق عند عدم الصدقة ، من أنّ هذا النحو من الوجوبين لا يرجع إلى الجمع ، فإنّ الوجوب المشروط لا ينقلب إلى الاطلاق عند تحقّق شرطه ، فلا يكون فيه كلفة زائدة ، بمعنى أنّه لا ينحلّ إلى العلم