وأمّا ما أفاده قدسسره من دفع هذا العلم الاجمالي بأنّه قد انحلّ قبل التعذّر ، فيمكن التأمّل فيه ، إذ لم ينحلّ هذا العلم الاجمالي بلزوم الاتيان بالعتق ، بل كان لزومه هو عين تأثيره ، وفي الحقيقة يكون ذلك أشبه شيء بالأقل والأكثر ، وقد حكم قدسسره بعدم الانحلال فيه. نعم لو قلنا بتعدّد الملاك في الوجوب التخييري ، ليكون وجوب كلّ واحد من العدلين مشروطاً ولو في مرحلة البقاء بعدم الاتيان بالآخر ، بحيث إنّه كان قد تحقّق التكليف بكلّ من العدلين في ظرف عدم الاتيان بهما الذي هو قبل الشروع في أحدهما ، لكانت دعوى الانحلال بوجوب العتق مثلاً والشكّ في وجوب الصيام في محلّها ، لأنّه إن كان الوجوب تخييرياً كان كلّ منهما واجباً تعيينياً في تلك المرحلة ، وإن كان الوجوب تعيينياً كان الواجب معيّناً في تلك المرحلة هو خصوص العتق ، فلو فرض تعذّر العتق بعد ذلك ، لم يخرج الصيام عمّا كان عليه قبل التعذّر من كون المرجع في الشكّ في وجوبه التعييني هو البراءة.
ولكن لا يخلو ذلك عن تأمّل ، فإنّ وجوب الصيام عند انعدام العتق لا يكون أثر البراءة فيه إلاّعدم الاكتفاء بالصيام عن العتق ، فيكون جريانها منافياً للامتنان ، وإنّما قلنا بعدم الاكتفاء لما تقدّم من أصالة الاشتغال ، وحينئذ لا تكون البراءة جارية ونافعة فيما نحن فيه بعد عروض التعذّر على العتق ، المفروض أنّه ـ أعني التعذّر ـ كان بعد توجّه الخطاب. وبالجملة : على الظاهر أنّه لا محيص عن الاحتياط بالاتيان بالصيام بعد تعذّر العتق ، استناداً إلى العلم الاجمالي المردّد بين التعيين والتخيير ، الموجب لكون المرجع هو أصالة الاشتغال.
وأمّا البراءة في المرحلة الأُولى ، أعني عند تحقّق الافطار الموجب للعتق مع احتمال التخيير بينه وبين الصدقة في ظرف عدم كلّ منهما الموجب لوجوب