قلت : لو كان ملاك الإشكال هو التمسّك بالاستصحاب فهو كما أفاده قدسسره من كونه مثبتاً. ويمكن القول بأنّه لا جامع بين الوجوبين كي يكون هو المستصحب ، وحينئذ تكون المسألة من قبيل الفرد المردّد بين مقطوع البقاء ومقطوع الارتفاع. أمّا لو كان ملاكه هو التمسّك بقاعدة الاشتغال ، كان الجواب عنه هو ما أفاده فيما نقلناه عنه قدسسره في الدورة السابقة.
ولكن ذلك محلّ تأمّل ، أمّا أوّلاً : فللنقض بأصالة الاشتغال فيما لو تردّد وجوب العتق بين التعيين والتخيير بينه وبين الصيام ، فإنّه أفاد أنّه بعد الاتيان بالصيام يكون المرجع هو أصالة الاشتغال ، مع أنّه يتوجّه عليه ما أفاده قدسسره من أنّه ليس بين الخطاب التعييني المتعلّق بالعتق والخطاب التخييري بينه وبين الصيام قدر جامع ، كي يتمسّك بأصالة الاشتغال بذلك القدر الجامع ، التي هي العمدة في لزوم الاتيان بالعتق بعد الإقدام على الصيام.
وأمّا ثانياً : فلأنّ من يدّعي الرجوع إلى أصالة الاشتغال لا يريد بها أصالة الاشتغال بالعتق ، ليتوجّه عليه ما أفاده قدسسره من أنّه لا جامع بين طرفي وجوبه المردّد بين كونه تخييرياً أو تعيينياً ، بل يقول إنّ المرجع هو مقتضى العلم الاجمالي المردّد بين وجوب خصوص العتق أو وجوب أحد الفعلين منه ومن الصيام ، فإنّ هذا المكلّف يعلم بأنّه قد اشتغلت ذمّته إمّا بخصوص العتق أو بأحد الفعلين منه ومن الصيام ، وهذا العلم الاجمالي بعد تنجّزه لا يسقطه تعذّر العتق ، لأنّه من قبيل التعذّر الطارئ ، فيكون من هذه الجهة من قبيل الشكّ في كون هذا التعذّر مسقطاً لما اشتغلت به ذمّته ، لأنّه إن كان الوجوب متعلّقاً بخصوص العتق فقد سقط بتعذّره ، وإن كان متعلّقاً بأحد الأمرين منه ومن الصيام لم يكن تعذّر العتق مسقطاً له.