قوله : لأنّ صفة التعيينيّة المشكوكة ليست من الأُمور الوجودية المجعولة شرعاً ولو بالتبع ، بل إنّما هي عبارة عن عدم جعل العدل والبدل ، بداهة أنّ نحو تعلّق الخطاب لا يختلف ، تعييناً كان أو تخييرياً ... الخ (١).
وهذا الفرق نظير ما هو الفارق بين الطلب الوجوبي والاستحبابي ، بأنّ الطلب فيهما واحد ، غير أنّه في الاستحبابي محتاج إلى جعل الترخيص في الترك ، بخلاف الايجابي فإنّه يكفي فيه مجرّد جعل الطلب.
ولكن هذا الوجه من الفرق بين التعييني والتخييري لم يذكره قدسسره في مبحث الوجوب التخييري ، فلاحظ التحريرات عنه قدسسره في ذلك المبحث ، خصوصاً ما حرّره عنه المرحوم الشيخ محمّد علي (٢) فإنّه قد ذكر فيه وجوهاً أربعة ، الأوّل : كون الوجوب متعلّقاً بعنوان « أحدهما » الانتزاعي. الثاني : كون الوجوب في كلّ منهما مشروطاً بعدم الآخر. الثالث : كون الوجوب متعلّقاً بالقدر الجامع بينهما. الرابع : كون الواجب هو كلّ واحد منهما على البدل. وقد اختار قدسسره هذا الوجه الرابع الذي هو مبني على الاختلاف بين الوجوبين بالهوية.
وهذا هو الذي أفاده في التحريرات المطبوعة في صيدا بقوله : وهذا بخلاف ما إذا كان هناك مصلحة واحدة مترتّبة على كلّ من الفعلين ، فإنّه لا يوجب إلاّ إيجاب أحدهما تخييراً ، فلابدّ من تقييد الاطلاق بأداة العطف ، وهذا سنخ من الوجوب يعبّر عنه بالوجوب التخييري ، فالواجب في الحقيقة هو أحدهما المردّد القابل للانطباق على كلّ من الفعلين الخ (٣)
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٤٢٧ ـ ٤٢٨.
(٢) فوائد الأُصول ١ ـ ٢ : ٢٣٢ ـ ٢٣٥.
(٣) أجود التقريرات ٣ : ٣٨٠ ـ ٣٨١.