فأشكّ في كون شربه علّة لترك ذلك الواجب ونقضه ، فأشكّ في حرمتها من هذه الجهة ، فأُجري البراءة فيه من هذه الجهة ، ولا يبقى عليَّ إلاّ إحراز المطلوب الذي هو الاتّصاف أو إخلاء صفحة الوجود ، ويكفيني في إحراز ذلك الاستصحاب المذكور.
ومنه يظهر لك أنّه لابدّ من الجمع بين البراءة والاستصحاب ، وما ذلك إلاّ من قبيل من أُمر بحفظ هذه الآنية الزجاجية من الكسر ، ويريد رميها بحجر مثلاً ويحتمل أنّه يكسرها ، فيقدم على ذلك اعتماداً على استصحاب سلامتها إلى ما بعد الرمي ، من دون اعتماد على أصالة البراءة من حرمة ذلك الرمي باعتبار احتمال علّيته في كسرها.
وهذا المعنى ـ أعني إجراء البراءة في المشكوك ـ لا يتأتّى في مثل الأفعال الوضوئية بناءً على أنّ الواجب هو المسبّب عنها ، فيما لو شكّ في مدخلية المضمضة مثلاً ، فإنّه لا يمكنه أن يقول : إنّ تركها لعلّه علّة في عدم حصول ذلك المسبّب ، فأُجري البراءة في حرمة تركها ، إذ لا ينفعه ذلك وحده ، لأنّه يبقى شاكّاً في حصول ذلك الواجب البسيط ، وليس لديه ما يحرزه به.
فظهر لك من هذا كلّه أنّه إذا كان المورد ممّا تجري فيه البراءة والاستصحاب ، صحّ الإقدام فيه على المشكوك استناداً إليهما ، فبالبراءة يسوغ له الإقدام ، وبالاستصحاب يحرز ذلك العنوان البسيط الذي هو متعلّق الطلب ، سواء قلنا إنّه هو الاتّصاف ، أو قلنا إنّه عبارة عن خلوّ صفحة الوجود عن تلك الطبيعة وفي المورد الذي لا يجري فيه الاستصحاب لا تكون البراءة فيه وحدها نافعة ، كما في الشكّ عند ترك المضمضة عند احتمال مدخليتها في الطهارة ، وكما في مورد الشكّ في حصول التعظيم الواجب عند القيام مع عدم التعمّم ، كما أنّه في