صرف الطبيعة الذي عرفت أنّه راجع إلى كون المطلوب معنى بسيطاً متولّداً من ترك صرف الطبيعة.
وكيف كان ، فإنّ الصورة التي هي مورد إمكان إجراء الاستصحاب في كلام شيخنا قدسسره ، وهي صورة كون المطلوب هو اتّصاف المكلّف بالأعدام ، وكذلك الصورة التي ذكرها صاحب الكفاية وهي صورة كون المطلوب هو إعدام الطبيعة وإخلاء صفحة الوجود منها ، إن كانت تلك الجهة الوجودية شرطاً في عبادة كما مثّل به شيخنا قدسسره في مسألة اللباس المشكوك (١) ، أعني اتّصاف المكلّف بعدم لباس ما لا يؤكل لحمه ، أو اتّصاف صلاته بذلك ، فلا إشكال في كون الاستصحاب نافعاً في إحراز ذلك الشرط.
أمّا مع قطع النظر عن كونه شرطاً في عبادة ، بل كان من باب التكليف الاستقلالي ، بأن يكون المكلّف متّصفاً بترك شرب الخمر ، أو من باب التكليف باخلاء صفحة الوجود منها ، نقول : إنّ المكلّف قبل أن يرتكب ذلك المشكوك كان متّصفاً بتلك الصفة أو كانت صفحة الوجود خالية منها ، وأقصى ما عند المكلّف هو الحكم ببقاء ذلك المطلوب وسحبه إلى حال الارتكاب وما بعده ، ولكن مع ذلك يبقى شكّه في جواز الاقدام على الارتكاب ، فإنّ مجرّد جرّه ذلك المطلوب من الآن إلى حال الارتكاب وما بعده ، لا يخوّله الاقدام على ذلك المشكوك إلاّباجراء البراءة في ذلك المشكوك ، ولو بأن يقول إنّ هذا المايع لو كان خمراً لكان شربه علّة تامّة في تركه لذلك الواجب ونقضه ، وما يكون علّة في ترك الواجب يكون ممنوعاً عنه شرعاً ، لأنّ المقدّمة التي تكون علّة في فعل الحرام أو في ترك الواجب تكون محرّمة ، فحيث إنّي أشكّ في كونه خمراً ،
__________________
(١) رسالة الصلاة في المشكوك : ٤٧٣ وما بعدها.