أمر وجودي بسيط ، وهو خلوّ صفحة الوجود عن طبيعة شرب الخمر ، ويكون حال هذه الصورة حال ما أفاده الأُستاذ قدسسره من الموجبة المعدولة المحمول ، وليس ذلك من قبيل العموم المجموعي في التروك ، بأن يكون المطلوب هو الترك الواحد المنبسط على تمام أفراد الطبيعة ، بأن يلاحظ المجموعية في أفراد الطبيعة ويتعلّق الطلب بتركها جميعاً ، ويكون المطلوب هو تركاً واحداً منبسطاً على تمام ومجموع تلك الأفراد ، أو أن يلاحظ التروك المتعدّدة حسب تعدّد أفراد الطبيعة ويتعلّق الطلب بكلّ واحد من هاتيك التروك مقيّداً بعضها بالبعض الآخر ، لتكون من قبيل الواجبات الارتباطية ، وهذا هو الذي ذكره شيخنا الأُستاذ قدسسره في قبال العموم الانحلالي.
أمّا صاحب الكفاية قدسسره فلم يذكر هذا القسم ـ أعني العموم المجموعي ـ بهذا المعنى في قبال العموم الانحلالي ، وإنّما ذكر مقابله ذلك المعنى الذي عبّرنا عنه باخلاء صفحة الوجود عن الطبيعة ، فيكون كلّ منهما قدسسرهما قد أغفل بعض الصور العقلية التي تتصوّر عقلاً في النواهي ، فشيخنا قدسسره قد أغفل ما ذكره صاحب الكفاية وهو ما عبّرنا عنه بكون المطلوب فيه هو إخلاء صفحة الوجود عن الطبيعة ، وصاحب الكفاية قدسسره قد أغفل صورة العموم المجموعي الذي هو عبارة عن كون المطلوب تركاً واحداً منبسطاً على تمام الأفراد ، أو تروكاً متعدّدة حسب تعدّد الأفراد مقيّداً كلّ ترك منها بالترك الآخر.
ومن ذلك يظهر لك أنّ ما أفاده في المقالة من الايراد على ما في الكفاية بقوله : كما أنّه بالبيان المزبور الخ (١) ، غير متوجّه على ما في الكفاية بعد أن كان مراد الكفاية ما عرفت ، من كون المطلوب بالنواهي هو إخلاء صفحة الوجود من
__________________
(١) مقالات الأُصول ٢ : ٢١٧.