يختلف سعة وضيقاً بقلّة أفراد الطبيعة أو كثرتها ، فلو كان هذا الفرد المشكوك كونه خمراً فرداً من أفراد تلك الطبيعة ، لم يكن ذلك موجباً لزيادة في المكلّف به أعني انعدام مجموع الأفراد عن صفحة الوجود وخلوّها عنها ، إذ العدم أمر واحد بسيط لا يختلف سعة وضيقاً بكثرة ما يضاف إليه وبقلّته ، فلا يرجع الشكّ في كون هذا المايع خمراً إلى الشكّ في الأقل والأكثر في ناحية المكلّف به ، بل يرجع الشكّ المذكور إلى الشكّ في حصول ما هو المطلوب ، أعني خلوّ الصفحة عن مجموع الأفراد عند الاقدام على شرب ذلك المشكوك ، فيلزم الاحتياط بالاجتناب عنه.
وفي الحقيقة أنّ انعدام مجموع الأفراد وخلوّ صفحة الوجود عنها ، يكون أمراً بسيطاً وجودياً مسبّباً عن ترك كلّ واحد من أفراد الطبيعة ، وعند الإقدام على شرب ذلك المشكوك يكون حصول ذلك الأمر البسيط مشكوكاً ، فيكون ذلك من قبيل الشكّ في المحصّل ، فإن كان في البين استصحاب ، بأن كانت الصفحة قبل الاقدام على ذلك المشكوك خالية من تلك الأفراد ، لم يكن بالاقدام على ذلك المشكوك بأس ، لاستصحاب بقاء خلوّ الصفحة الذي هو المطلوب ، وهذا الاستصحاب مزيل للشكّ في حصول ذلك المطلوب عند الاقدام على ذلك المشكوك ، بخلاف ما لو لم يكن الاستصحاب المذكور جارياً ، فإنّ المرجع حينئذ هو الاحتياط في تحصيل ذلك المطلوب بالاجتناب عن ذلك المشكوك ، لا لأجل احتمال التكليف بتركه ، بل لأجل أنّ الاقدام عليه موجب لاحتمال عدم تحقّق ذلك الأمر البسيط الذي هو المطلوب ، وهو خلوّ صفحة الوجود عن تلك الطبيعة.
ومن ذلك يظهر أنّ الطلب حينئذ يكون من قبيل الأمر ، وأنّ المأمور به هو