ذكرها في ذيل البراءة ما حاصله هو الرجوع إلى الاستصحاب المذكور فيما أُخذ العموم فيه مجموعياً وهو الصورة الثانية ، وإلى البراءة فيما أُخذ العموم فيه انحلالياً وهو الصورة الثالثة ، فلم يجمع بين الاستصحاب والبراءة في صورة واحدة. نعم في حاشية منه على هامش حاشيته على الرسائل (١) في مسألة الشبهة المفهومية وإجمال النصّ ، ذكر ما محصّله الجمع بين الرجوع إلى الاستصحاب وأصالة البراءة. لكنّه لا دخل له بما نحن فيه ، لأنّ ذلك في الشبهة المفهومية الناشئة عن إجمال النصّ ، وما نحن فيه إنّما هو الشبهة الموضوعية الناشئة عن اشتباه الأُمور الخارجية.
وتوضيح ما أفاده في الكفاية : أنّ الظاهر منه قدسسره أنّه يفرّق بين العام المجموعي في الأوامر والعام المجموعي في النواهي ، وحاصل ما يمكن أن يفرّق به بين البابين هو أن يقال : إنّ الآمر إذا أمر باكرام كلّ عالم على نحو العموم المجموعي كان هناك وجوب واحد منبسط على المجموع ، وكان ذلك الحكم ـ أعني وجوب الاكرام ـ مختلفاً سعة وضيقاً باعتبار كثرة أفراد العلماء وقلّتها ، فلو فرض أنّ هذا الشخص المشكوك كونه عالماً لم يكن عالماً في الواقع ، كان ذلك التكليف ـ أعني وجوب الاكرام ـ أقلّ منه على تقدير كون الشخص المذكور عالماً في الواقع ، فيرجع الشكّ حينئذ إلى الشكّ في الأقل والأكثر في ناحية المكلّف به ، بخلاف ما لو قال : لا تشرب الخمر ، على نحو العموم المجموعي ، فإنّه لا يكون المطلوب به إلاّترك تمام أفراد طبيعة الخمر ، بحيث كان المطلوب هو انعدام هذه الطبيعة بتمام أفرادها عن صفحة الوجود ، وهذا المعنى أعني انعدام الطبيعة عن صفحة الوجود المعبّر عنه بخلوّ صفحة الوجود عن مجموع أفراد طبيعة الخمر ، لا
__________________
(١) حاشية كتاب فرائد الأُصول : ١٣٢.