يمكنه بعد ذلك الاتيان به ، لفوات وقته مثلاً ، ونحو ذلك ممّا يوجب عدم التمكّن بعد ذلك من الفعل ، لا مانع من كون ذلك الترك مشمولاً لحديث الرفع ، إذ لا فرق فيما هو موضوع وسبب للأثر الشرعي بين كونه فعلاً أو تركاً ، من دون توقّف على تنزيل ذلك العدم منزلة الوجود ، ليشكل بأنّ شأن الرفع تنزيل الموجود منزلة المعدوم لا تنزيل المعدوم منزلة الموجود ، هذا.
مضافاً إلى إمكان كون المرفوع في مثل ذلك هو مخالفة النذر ، وتنزيل هذه المخالفة منزلة العدم. نعم لو كان يمكنه الفعل بعد ذلك الترك الاكراهي أو الاضطراري أو النسياني ، لم يترتّب على ذلك الترك السابق أثر المخالفة حتّى لو صدر منه باختياره ، لا باكراه ولا باضطرار ولا بنسيان.
وهذا الإشكال الذي أفاده قدسسره لا ينحصر بما يكون المطلوب هو صرف الوجود ، بل لو كان المطلوب هو مطلق الوجود ، كما لو نذر أن يسلّم على زيد كلّما مرّ عليه ، وقد مرّ عليه وترك السلام عليه إكراهاً أو اضطراراً أو نسياناً ، فإنّه بناءً على ما أفاده من أنّ التروك لا تدخل في حديث الرفع ينبغي أن يقال بعدم سقوط الكفّارة في ذلك ، ولا أظنّه قدسسره يلتزم بذلك. وكذلك الحال فيما لو نذر إكرام كلّ عالم وقد ترك إكرام بعضهم إكراهاً أو اضطراراً أو نسياناً ، على وجه لا يمكنه التلافي بعد ارتفاع أحد هذه العناوين.
وبالجملة : أنّ ظاهر شيخنا قدسسره هو التفرقة بين كون المطلوب بالواجب المتروك بأحد هذه العناوين هو صرف الوجود ، فلا يجري فيه حديث [ الرفع ] ، وكون المطلوب به هو مطلق الوجود فيجري فيه حديث [ الرفع ] ، لكن لا لأجل أنّ الحديث لا يتضمّن تنزيل المعدوم منزلة الموجود كي يتوجّه عليه بأنّه مشترك بين الموردين ، بل لما أشرنا إليه من بقاء فرصة الامتثال بعد ارتفاع هذه العناوين ،