وإلى ذلك أشار في هذا التحرير بقوله : فإنّه لا يصدق نسيان المأمور به عند نسيان الجزء في جزء من الوقت الخ (١).
وصرّح بذلك في تحريرات السيّد فإنّه قال : وأمّا إذا كان الحكم التكليفي متعلّقاً بصرف الوجود ، فالحقّ عدم شمول حديث الرفع لمثل ذلك أبداً ، لما عرفت من أنّ شمول حديث الرفع يتوقّف على كون المرفوع في عالم التشريع ذا أثر شرعي ، حتّى يكون المرفوع في الحقيقة ذاك الأثر المترتّب عليه أو المتعلّق به ، فإذا فرضنا تعلّق الحكم بصرف الوجود ، وكان فرد واحد من الطبيعة المأمور بها متعلّقاً للنسيان أو الاكراه ، فلا يعقل شمول حديث الرفع له أصلاً ، إذ المفروض أنّ ما هو متعلّق الحكم وهو صرف الوجود لم يتعلّق به النسيان أو الاكراه ، وما تعلّق به النسيان أو الاكراه وهو الفرد الخاصّ الخارجي لم يتعلّق به الحكم حتّى يكون رفعه في عالم التشريع رفعاً لحكمه (٢).
ولكن لا يخفى أنّ الوجه في عدم شمول الحديث لمثل ذلك إنّما هو لأنّه لم يتحقّق الترك بالنسبة إلى ما هو المطلوب الذي هو صرف الطبيعة حتّى لو كان الترك عن عمد واختيار كما عرفت ، وهذا هو الذي يعطيه ذيل الكلام ، لا أنّه تعلّق به الترك لكنّه ليس بمشمول لحديث الرفع ، لتوقّف الشمول على كون المرفوع في عالم التشريع ذا أثر شرعي ، وليس هو في المقام ذا أثر شرعي كما يفيد صدر الكلام. نعم لو لم يتمكّن بعد ذلك من الامتثال كان ترك ذلك الفرد محقّقاً لترك ما هو المطلوب الذي هو صرف الطبيعة ، فإن كان ذلك الفعل منذوراً كان ذلك الترك الاكراهي مشمولاً لحديث الرفع ، وإلاّ فليس في البين إلاّ العقوبة ، وهي غير داخلة
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٣٥٥.
(٢) أجود التقريرات ٣ : ٣٠٣ ـ ٣٠٤.