والقطعيات بمقدار ذلك المعلوم الاجمالي ، فعلى المجتهد أن يعمل قواعد الانسداد إلى أن يحصل له ذلك المقدار ، ولعلّه أشار إلى ذلك بقوله : ومن الواضح أنّه يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال (١) ، بأن يكون مراده بالأحوال حالة الشخص في أوائل الاستنباط وحالته في أواخر الاستنباط ، فتأمّل.
وليس له قدسسره أن يقول : إنّ المجتهد فعلاً يعلم بأنّه سوف يستنبط من الأحكام بواسطة تلك الاستصحابات ما هو بذلك المقدار ، وذلك كاف في الانحلال والرجوع إلى البراءة فعلاً ، وإن لم تحصل له تلك الأحكام فعلاً ، فيكون ذلك نظير الانحلال على القول بالانفتاح من جهة ثبوت حجّية الأخبار ، فإنّ القائل بالانفتاح يرجع إلى البراءة في أوائل استنباطاته غايته أنّه بعد الفحص ، ومن الواضح أنّ ذلك ـ أعني رجوعه إلى البراءة ـ قبل أن يحصل من تلك الأخبار ما هو الكافي للانحلال.
لأنّه يقال له قدسسره : إنّ مجرّد علم الشخص بأنّ الشارع قد جعل خبر الواحد حجّة وأنّه واف بمعظم الفقه ، يوجب انحلال العلم الاجمالي إلى ما في بأيدينا من الأخبار ، غايته أنّه في المسائل التي يبتلى بها في أوائل استنباطاته ممّا هو في حدّ نفسه مجرى للبراءة ، يحتمل قيام بعض تلك الأخبار على ثبوت التكليف في تلك المسائل ، فيلزمه الفحص فيما بأيدينا من الأخبار ، وبعد الفحص وعدم العثور يرجع في تلك المسائل إلى البراءة على ما قرّر في محلّه (٢) في وجوب الفحص الناشئ عن العلم الاجمالي.
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٣١٤.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٢٧٨ ـ ٢٨٠ ، وستأتي حواشي المصنّف قدسسره على ذلك البحث في المجلّد الثامن من هذا الكتاب الصفحة : ٥١٢ وما بعدها.